الأحد، 16 يوليو 2017

قصة سليمان وداود عليهما السلام

من وحى كتاب الأحكام

للإمام المحدث الحافظ أبي محمد علي بن أحمد بن سعيدالأندلسي القرطبي
قصة سليمان وداود عليهما السلام

(بتصرف)

إعداد

دكتور كامل محمد محمد عامر

قال تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 78، 79]
قال عليبنأحمد: إن داود عليه السلام حكم بظاهر الأمر، مثل ما لو حكمنا نحن بشهادة شاهدين عدلين عندنا، وهما في علم الله عز وجل المغيب عنا مغفلان، فأطلع الله تعالى على غيب تلك المسألة سليمان عليه السلام. فأوحى إليه بيقين من هو صاحب الحق فيها.
فهذا وجه تلك الآية الذي لا يجوز خلافه، لبطلان كل تأويل غيره، ولقوله تعالى في الآية نفسها: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ }[الأنبياء: 79] فصح أن داود عليه السلام حكم بالحكم والعلم الذي آتاه الله تعالى في تلك المسألة، وأن سليمان عليه السلام حكم فيها بالحكم والعلم الذي آتاه الله تعالى فيها بالفهم الزائد لحقيقتها.
ادعاء المرأتين في الولد
وأما ادعاء المرأتين في الولد، ودعاء سليمان عليه السلام بالسكين ليشقه بينهما.
فإن سليمان عليه السلام إنما أراد اختبار صبرهما، ولم يهم قط بشق الصبي، وإنما دعا بالسكين موهماً لهما بذلك، وقد يكون الله تعالى أمره بذلك كما أمر إبراهيم عليه السلام بذبح إسماعيل عليه السلام، ولم يرد قط تعالى ذبحه، وإنما أراد اختبار صبر إبراهيم عليه السلام، واختبار صبر المرأتين فقط، ثم نهاه عن شقه، إذ لاح أيتهما أمه. كما نهى إبراهيم عن ذبح إسماعيل فهذا أيضاً وجه ظاهر حسن، والله أعلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق