فضائل صلاة الفجر جماعة في المسجد
الحمدُ لله، حمداً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه , والصلاة والسلام على نبينا محمد , الذي بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيرًا , وداعياً إلى الله تعالى بإذنه وسراجاً منيراً . أما بعد :فإن الكثير من المسلمين قد تهاون في إقامة صلاة الفجر جماعة في المساجد، أو حتى في البيوت، وهذا أمر خطير، يدل على ضعف الإيمان، من أجل ذلك أحببت أن أُذكر نفسي وإخواني الكرام بفضائل صلاة الفجر ووسائل المحافظة عليها .، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أولاً: فضل صلاة الفجر
ذكر أهل العلم فضائل كثيرة لصلاة الفجر، نوجزها فيما يلي:
(1) قسم اللهُ تعالى بالفجر:
قال الله تعالى وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) (الفجر:5:1)
أقسم اللهُ تعالى بالفجر، وهذا دليلٌ على شرف هذا الوقت ومنزلته العالية عند الله تعالى.
قال ابنُ جرير الطبري(رحمه الله): هذا قسمٌ، أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفجر، وهو فجر الصبح.
(تفسير الطبري جـ 27صـ 365)
روى ابنُ جرير الطبري عن ابن عباس، قوله وَالْفَجْرِ ) يعني: صلاة الفجر. (تفسير الطبري جـ 27صـ 366)
(2)صلاة الفجر تشهدها الملائكة:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:َتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )(مسلم حديث:649)
(3)المحافظة على صلاة الفجر سبيل الجنة:
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. (البخاري حديث574/مسلم حديث635)
البردان: صلاة الفجر والعصر.
قال الخطابي(رحمه الله): سُميتا بردين لأنهما تُصَليان في بردى النهار، وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سَوْرَة الحر. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ64)
(4) المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المساجد أمان للمسلم من عذاب النار.
روى مسلمٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لَنْ يَلِجَ(يدخل) النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا.) يَعْنِي: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ.(مسلم حديث:634)
(5) الله تعالى يباهي بالمحافظين على صلاة الفجر الملائكة:
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ. (البخاري حديث555/مسلم حديث632)
قال ابنُ حجر العسقلاني(رحمه الله): الحكمة في سؤال الله تعالى للملائكة، وهو أعلم، استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم وذلك لإظهار الحكمة في خلق نوع الإنسان في مقابلة مَن قال مِن الملائكة أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30) أي وقد وُجِدَ فيهم من يسبح ويقدس مثلكم بنص شهادتكم. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ45:44)
وقال ابنُ حجر العسقلاني(رحمه الله):في هذا الحديث: إشارة إلى عظم هاتين الصلاتين لكونهما تجتمع فيهما الطائفتان وفي غيرهما طائفة واحدة وإشارة إلى شرف الوقتين المذكورين، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح وأن الأعمال ترفع آخر النهار فمن كان حينئذ في طاعة بورك في رزقه وفي عمله. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ45)
(6) الجلوس من بعد صلاة الفجر حتى الشروق يعدِل ثواب حجة و عمرة:
روى الترمذيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 480 )
(7) صلاة الفجر حِصنٌ للمسلم من كل شيء:
روى مسلمٌ عَنْ جُنْدَبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. (مسلم حديث:657)
ذمة الله:حفْظه ورعايته لعبده المسلم.
(8) المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المساجد براءة للمسلم من بعض صفات المنافقين:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ. (مسلم حديث:651)
(9) صلاة الفجر تجعل للمسلم نصيباً من قيام الليل:
روى مسلمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ.(مسلم حديث:656)
(10) المحافظة على صلاة الفجر من أسباب سِعة الأرزاق:
روى الترمذيُّ عن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا قَالَ: وَكَانَ(النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ . (حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 968)
روى ابنُ ماجه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.
( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 753)
(11) سُّنة الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها:
روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. (مسلم حديث:725)
اعلم، أخي المسلم الكريم، أن من سُّنة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تخفيف ركعتي سُّنة الفجر.
روى مسلمٌ عَائِشَةَ قَالَتْ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ وَيُخَفِّفُهُمَا. (مسلم حديث:724)
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )(وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). (مسلم حديث:726)
(12) الاستيقاظ لصلاة الفجر يجعلك تدرك وقت دعاء مُستجاب:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ.(مسلم حديث:758)
(13) صلاة الفجر من أسباب النصر على الأعداء :
روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ. (البخاري حديث:610)
ومعلوم أن النهار يبدأ من الفجر، فإذا أدى الجنود صلاة الفجر جماعة ودعواْ الله بالنصر على أعدائهم، استجاب الله لهم.
روى الترمذيُّ عن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا. قَالَ: وَكَانَ(النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 968)
(14) صلاة الفجر تضيء وجوه المؤمنين يوم القيامة:
روى أبو داودَ عَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 525)
قال شمس الحق العظيم أبادي (رحمه الله):
قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ) جمع المشاء وهو كثير المشي (فِي الظُّلَمِ) جمع ظلمة (بِالنُّورِ ) متعلق ببشر (التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قال الطيبي: في وصف النور بالتام وتقييده بيوم القيامة تلميح إلى وجه المؤمنين يوم القيامة في قوله تعالى(نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا) (التحريم:8)وإلى وجه المنافقين في قوله تعالى (انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) (الحديد:13) (عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ2صـ188)
(15) المحافظة على صلاة الفجر من أسباب رؤية الله تعالى يوم القيامة:
روى الشيخانِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً يَعْنِي الْبَدْرَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا. ثُمَّ قَرَأَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ )(طه:130) (البخاري حديث 554/مسلم حديث633)
ثانياً:وسائل المحافظة على صلاة الفجر
ذكر بعض أهل العلم وسائل يمكن أن تساعد المسلم على المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المساجد، يمكن أن نوجزها فيما يلي:
(1)إخلاص النية لله تعالى وحده:
يجب على المسلم أن يعزم النية بقلبه على الاستيقاظ لصلاة الفجر ابتغاء وجه الله تعالى وحده، وليس طلباً لمدح الناس.
قال اللهُ تعالى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5)
روى البخاريُّ عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . ( البخاري حديث: 1 )
(2) الابتعاد عن السهر والتبكير بالنوم:
ينبغي لمن يريد أن يحافظ على صلاة الفجر أن يتجنب السهر بعد صلاة العشاء، إلا لأمر فيه مصلحة، كدراسة العلوم الشرعية أو الدنيوية، التي تعود بالنفع على المسلم، أو أمور دنيوية مباحة، كالحديث مع أفراد أسرته، أو السمر مع الضيوف، أو ما شابه ذلك.
روى البخاريُّ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا.(البخاري حديث:568)
قال ابنُ حجر العسقلاني(رحمه الله): لأن النوم قبلها قد يؤدي إلى اخراجها عن وقتها مطلقا أو عن الوقت المختار والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن الصبح أو عن وقتها المختار أو عن قيام الليل وكان عمر بن الخطاب يضرب الناس على ذلك ويقول أسمرا أول الليل ونوما آخره. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ87)
(3) استخدام وسائل التنبه الحديثة التي تساعد على الاستيقاظ :
إذا كنا نحرص على الذهاب إلى العمل في الوقت المحدد، خشية العتاب أو التعرض للعقوبة من المسئول عن العمل، ونأخذ بكل الوسائل التي تجعلنا نذهب إلى العمل مبكرين، إن الاستيقاظ لحضور صلاة الفجر جماعة في المساجد، أحق من حرصنا على العمل.يستطيع المسلم أن يستخدم المنبه، أو هاتفه المحمول، أو أي وسيلة أخرى لمساعدته على الاستيقاظ لصلاة الفجر.
(4) الاستعانة ببعض أهل الخير على الاستيقاظ لصلاة الفجر.
ينبغي على المسلم أن يوصي أهل بيته، أو من يسكن بجواره، أو أحد من أصدقائه الصالحين، بإيقاظه لصلاة الفجر.وهذا من باب التعاون على الخير.
قال الله تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة:2)
وقال سبحانه وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر1)
(5) نضح قليل من الماء برفق في وجه النائم:
إذا كان المسلم ثقيل النوم، نضحنا برفق في وجهه قليلاً من الماء، مع مراعاة ألا يترتب على ذلك منكر. وهذه طريقة فعالةٌ لطرد النوم، وقد أرشدنا إليها نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سُّنته المباركة.
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ. ( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث: 1287)
قال شمس الحق العظيم أبادي (رحمه الله):
قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (نَضَحَ)أي رش(فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ) والمراد التلطف معها والسعي في قيامها لطاعة ربها مهما أمكن. قال تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة:2) (عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ4صـ228)
(6) ذِكر الله تعالى عقب الاستيقاظ مباشرة:
ينبغي على المسلم أن يذكر الله تعالى و يقول دعاء الاستيقاظ الثابت عن نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فإن هذا من أفضل وسائل التغلب على النوم.
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ. (البخاري حديث1142/مسلم حديث776)
روى البخاريُّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ:كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ. (البخاري حديث:6312)
روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدُ فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ. ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2757)
(7) عدم الإكثار من تناول الطعام قبل النوم:
كثرة تناول الطعام قبل النوم من أسباب النوم الثقيل، ولذا ينبغي على المسلم أن يقتصد عند تناول طعامه قبل النوم، فتستريح معدته، ويسهل عليه الاستيقاظ لصلاة الفجر جماعة في المسجد. وأرشدنا نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ذلك في سُّنته المباركة.
روى الترمذيُّ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 1939 )
(8) اجتناب المعاصي والحرص على الطاعات، وتجديد التوبة:
الحرص على الطاعات من أهم الأسباب التي تساعد المسلم على المحافظة على صلاة الفجر.
إن العبد قد يحرمه اللهُ تعالى من التوفيق إلى الطاعة بسبب ذنوبه من غير توبة نصوح.
* قال رجلٌ للحسن البصري: يا أبا سعيد :إني أبيت معافى(في صحة جيدة) وأحب قيام الليل وأعُد طهوري فما بالي لا أقوم؟ فقال الحسن: ذنوبك قيدتك. (إحياء علوم الدين للغزالي جـ 1صـ 356)
* قال سفيانُ الثورى(رحمه الله): حُرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته. قيل وما ذاك الذنب؟ قال: رأيت رجلاً يبكي، فقلت في نفسي: هذا مراء.
(إحياء علوم الدين للغزالي جـ 1صـ 356)
* قال أبو سليمان الداراني(رحمه الله): لا تفوت أحداً صلاة الجماعة إلا بذنب
(إحياء علوم الدين للغزالي جـ 1صـ 356)
(9) الحرص على الوضوء وقراءة أذكار النوم الثابتة عن نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
(10) تذَكُّر ثواب صلاة الفجر وأن ذلك يُثقِل ميزان حسنات المؤمن يوم القيامة.
أسألُ اللَه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين.وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الحمدُ لله، حمداً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه , والصلاة والسلام على نبينا محمد , الذي بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيرًا , وداعياً إلى الله تعالى بإذنه وسراجاً منيراً . أما بعد :فإن الكثير من المسلمين قد تهاون في إقامة صلاة الفجر جماعة في المساجد، أو حتى في البيوت، وهذا أمر خطير، يدل على ضعف الإيمان، من أجل ذلك أحببت أن أُذكر نفسي وإخواني الكرام بفضائل صلاة الفجر ووسائل المحافظة عليها .، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أولاً: فضل صلاة الفجر
ذكر أهل العلم فضائل كثيرة لصلاة الفجر، نوجزها فيما يلي:
(1) قسم اللهُ تعالى بالفجر:
قال الله تعالى وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) (الفجر:5:1)
أقسم اللهُ تعالى بالفجر، وهذا دليلٌ على شرف هذا الوقت ومنزلته العالية عند الله تعالى.
قال ابنُ جرير الطبري(رحمه الله): هذا قسمٌ، أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفجر، وهو فجر الصبح.
(تفسير الطبري جـ 27صـ 365)
روى ابنُ جرير الطبري عن ابن عباس، قوله وَالْفَجْرِ ) يعني: صلاة الفجر. (تفسير الطبري جـ 27صـ 366)
(2)صلاة الفجر تشهدها الملائكة:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:َتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )(مسلم حديث:649)
(3)المحافظة على صلاة الفجر سبيل الجنة:
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. (البخاري حديث574/مسلم حديث635)
البردان: صلاة الفجر والعصر.
قال الخطابي(رحمه الله): سُميتا بردين لأنهما تُصَليان في بردى النهار، وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سَوْرَة الحر. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ64)
(4) المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المساجد أمان للمسلم من عذاب النار.
روى مسلمٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لَنْ يَلِجَ(يدخل) النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا.) يَعْنِي: الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ.(مسلم حديث:634)
(5) الله تعالى يباهي بالمحافظين على صلاة الفجر الملائكة:
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ. (البخاري حديث555/مسلم حديث632)
قال ابنُ حجر العسقلاني(رحمه الله): الحكمة في سؤال الله تعالى للملائكة، وهو أعلم، استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم وذلك لإظهار الحكمة في خلق نوع الإنسان في مقابلة مَن قال مِن الملائكة أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30) أي وقد وُجِدَ فيهم من يسبح ويقدس مثلكم بنص شهادتكم. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ45:44)
وقال ابنُ حجر العسقلاني(رحمه الله):في هذا الحديث: إشارة إلى عظم هاتين الصلاتين لكونهما تجتمع فيهما الطائفتان وفي غيرهما طائفة واحدة وإشارة إلى شرف الوقتين المذكورين، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح وأن الأعمال ترفع آخر النهار فمن كان حينئذ في طاعة بورك في رزقه وفي عمله. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ45)
(6) الجلوس من بعد صلاة الفجر حتى الشروق يعدِل ثواب حجة و عمرة:
روى الترمذيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 480 )
(7) صلاة الفجر حِصنٌ للمسلم من كل شيء:
روى مسلمٌ عَنْ جُنْدَبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ مَنْ يَطْلُبْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ يُدْرِكْهُ ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. (مسلم حديث:657)
ذمة الله:حفْظه ورعايته لعبده المسلم.
(8) المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المساجد براءة للمسلم من بعض صفات المنافقين:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ. (مسلم حديث:651)
(9) صلاة الفجر تجعل للمسلم نصيباً من قيام الليل:
روى مسلمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ.(مسلم حديث:656)
(10) المحافظة على صلاة الفجر من أسباب سِعة الأرزاق:
روى الترمذيُّ عن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا قَالَ: وَكَانَ(النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ . (حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 968)
روى ابنُ ماجه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.
( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 753)
(11) سُّنة الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها:
روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. (مسلم حديث:725)
اعلم، أخي المسلم الكريم، أن من سُّنة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تخفيف ركعتي سُّنة الفجر.
روى مسلمٌ عَائِشَةَ قَالَتْ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ وَيُخَفِّفُهُمَا. (مسلم حديث:724)
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )(وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ). (مسلم حديث:726)
(12) الاستيقاظ لصلاة الفجر يجعلك تدرك وقت دعاء مُستجاب:
روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ.(مسلم حديث:758)
(13) صلاة الفجر من أسباب النصر على الأعداء :
روى البخاريُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ. (البخاري حديث:610)
ومعلوم أن النهار يبدأ من الفجر، فإذا أدى الجنود صلاة الفجر جماعة ودعواْ الله بالنصر على أعدائهم، استجاب الله لهم.
روى الترمذيُّ عن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا. قَالَ: وَكَانَ(النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 968)
(14) صلاة الفجر تضيء وجوه المؤمنين يوم القيامة:
روى أبو داودَ عَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 525)
قال شمس الحق العظيم أبادي (رحمه الله):
قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ) جمع المشاء وهو كثير المشي (فِي الظُّلَمِ) جمع ظلمة (بِالنُّورِ ) متعلق ببشر (التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قال الطيبي: في وصف النور بالتام وتقييده بيوم القيامة تلميح إلى وجه المؤمنين يوم القيامة في قوله تعالى(نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا) (التحريم:8)وإلى وجه المنافقين في قوله تعالى (انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) (الحديد:13) (عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ2صـ188)
(15) المحافظة على صلاة الفجر من أسباب رؤية الله تعالى يوم القيامة:
روى الشيخانِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً يَعْنِي الْبَدْرَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا. ثُمَّ قَرَأَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ )(طه:130) (البخاري حديث 554/مسلم حديث633)
ثانياً:وسائل المحافظة على صلاة الفجر
ذكر بعض أهل العلم وسائل يمكن أن تساعد المسلم على المحافظة على صلاة الفجر جماعة في المساجد، يمكن أن نوجزها فيما يلي:
(1)إخلاص النية لله تعالى وحده:
يجب على المسلم أن يعزم النية بقلبه على الاستيقاظ لصلاة الفجر ابتغاء وجه الله تعالى وحده، وليس طلباً لمدح الناس.
قال اللهُ تعالى وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5)
روى البخاريُّ عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . ( البخاري حديث: 1 )
(2) الابتعاد عن السهر والتبكير بالنوم:
ينبغي لمن يريد أن يحافظ على صلاة الفجر أن يتجنب السهر بعد صلاة العشاء، إلا لأمر فيه مصلحة، كدراسة العلوم الشرعية أو الدنيوية، التي تعود بالنفع على المسلم، أو أمور دنيوية مباحة، كالحديث مع أفراد أسرته، أو السمر مع الضيوف، أو ما شابه ذلك.
روى البخاريُّ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا.(البخاري حديث:568)
قال ابنُ حجر العسقلاني(رحمه الله): لأن النوم قبلها قد يؤدي إلى اخراجها عن وقتها مطلقا أو عن الوقت المختار والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن الصبح أو عن وقتها المختار أو عن قيام الليل وكان عمر بن الخطاب يضرب الناس على ذلك ويقول أسمرا أول الليل ونوما آخره. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ2صـ87)
(3) استخدام وسائل التنبه الحديثة التي تساعد على الاستيقاظ :
إذا كنا نحرص على الذهاب إلى العمل في الوقت المحدد، خشية العتاب أو التعرض للعقوبة من المسئول عن العمل، ونأخذ بكل الوسائل التي تجعلنا نذهب إلى العمل مبكرين، إن الاستيقاظ لحضور صلاة الفجر جماعة في المساجد، أحق من حرصنا على العمل.يستطيع المسلم أن يستخدم المنبه، أو هاتفه المحمول، أو أي وسيلة أخرى لمساعدته على الاستيقاظ لصلاة الفجر.
(4) الاستعانة ببعض أهل الخير على الاستيقاظ لصلاة الفجر.
ينبغي على المسلم أن يوصي أهل بيته، أو من يسكن بجواره، أو أحد من أصدقائه الصالحين، بإيقاظه لصلاة الفجر.وهذا من باب التعاون على الخير.
قال الله تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة:2)
وقال سبحانه وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر1)
(5) نضح قليل من الماء برفق في وجه النائم:
إذا كان المسلم ثقيل النوم، نضحنا برفق في وجهه قليلاً من الماء، مع مراعاة ألا يترتب على ذلك منكر. وهذه طريقة فعالةٌ لطرد النوم، وقد أرشدنا إليها نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سُّنته المباركة.
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ. ( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث: 1287)
قال شمس الحق العظيم أبادي (رحمه الله):
قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (نَضَحَ)أي رش(فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ) والمراد التلطف معها والسعي في قيامها لطاعة ربها مهما أمكن. قال تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة:2) (عون المعبود شرح سنن أبي داود جـ4صـ228)
(6) ذِكر الله تعالى عقب الاستيقاظ مباشرة:
ينبغي على المسلم أن يذكر الله تعالى و يقول دعاء الاستيقاظ الثابت عن نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فإن هذا من أفضل وسائل التغلب على النوم.
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ. (البخاري حديث1142/مسلم حديث776)
روى البخاريُّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ:كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ. (البخاري حديث:6312)
روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدُ فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ. ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2757)
(7) عدم الإكثار من تناول الطعام قبل النوم:
كثرة تناول الطعام قبل النوم من أسباب النوم الثقيل، ولذا ينبغي على المسلم أن يقتصد عند تناول طعامه قبل النوم، فتستريح معدته، ويسهل عليه الاستيقاظ لصلاة الفجر جماعة في المسجد. وأرشدنا نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ذلك في سُّنته المباركة.
روى الترمذيُّ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 1939 )
(8) اجتناب المعاصي والحرص على الطاعات، وتجديد التوبة:
الحرص على الطاعات من أهم الأسباب التي تساعد المسلم على المحافظة على صلاة الفجر.
إن العبد قد يحرمه اللهُ تعالى من التوفيق إلى الطاعة بسبب ذنوبه من غير توبة نصوح.
* قال رجلٌ للحسن البصري: يا أبا سعيد :إني أبيت معافى(في صحة جيدة) وأحب قيام الليل وأعُد طهوري فما بالي لا أقوم؟ فقال الحسن: ذنوبك قيدتك. (إحياء علوم الدين للغزالي جـ 1صـ 356)
* قال سفيانُ الثورى(رحمه الله): حُرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته. قيل وما ذاك الذنب؟ قال: رأيت رجلاً يبكي، فقلت في نفسي: هذا مراء.
(إحياء علوم الدين للغزالي جـ 1صـ 356)
* قال أبو سليمان الداراني(رحمه الله): لا تفوت أحداً صلاة الجماعة إلا بذنب
(إحياء علوم الدين للغزالي جـ 1صـ 356)
(9) الحرص على الوضوء وقراءة أذكار النوم الثابتة عن نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .
(10) تذَكُّر ثواب صلاة الفجر وأن ذلك يُثقِل ميزان حسنات المؤمن يوم القيامة.
أسألُ اللَه تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين.وآخرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى اللهُ وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله، وصحبه، والتابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق