صابون القلوب
دواء مجاني لعلاج كثير من الخلافات، وفيه وقاية لكثير من النزاعات، وبه
نمنع تأزُّم كثير من المشكلات، ونُوقِف استمرار كثير من الخصومات.
أرأيتم ما أكثر فوائده، وتعدّد علاجاته؛ ورغم هذا كله ورغم أنه مجّانيّ،
فإن الناس ينصرفون عنه، ويزهدون فيه !
تريدون معرفة اسم هذا الدواء؟
إنه: (الاعتذار)، قالوا عنه (صابون القلوب)، وسمّاه آخرون
(مُطفئ نيران الأحقاد)، وهو مع هذا وذاك خُلُق جميل.
ونحتاج جميعاً إلى هذا الخُلُق، وليس لأحد أن يقول: أنا ل لا أحتاج إليه، فهذا
لا يُمكن؛ لأن مَن لا يحتاج إليه هو الذي لا يُخطئ، ولا يوجد إنسان لا يُخطئً
(كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون). أحمد والترمذي
وابن ماجة والحاكم.
رغم هذا فإن كثيراً من الناس لايعتذرون، إما لأنهم لايروْن أنفسهم مخطئين،
أو لأنهم لم يتربّوا على ذلك، أو لأنهم لايستطيعون....
قد تكون كلمة الأسف والاعتذار صعبة على كثيرين، فهل يبقى هؤلاء
مُكابرين لأنهم لايستطيعون النُطق بكلمة الاعتذار الصريحة الواضحة؟
هناك أساليب أخرى للاعتذار تُغنيهم عن كلمة (آسف)
أو ( أعتذر) أو سواهما من الكلمات.
من هذه الأساليب بيان المعتذر أنه كان مُخطئاً في تصرّفه الذي صدر عنه،
أو في كلمته التي نطق بها، وأنه لم يكن مُصيباً في هذه الكلمة
أو ذاك التصرّف.
في هذا الأسلوب دفعٌ بالتي هي أحسن، وقلبُ العداوة مودّة،
كما قال الله سبحانه:
"ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"
فُصّلت (34).
من الأساليب غير المباشرة أيضاً إعلان المعتذر أنه سيقوم بإصلاح ما أخطأ
فيه، وأنه المسؤول عن ذاك الذي أخطأ فيه من تصرف أو قول، ويُبادر
إلى ذلك فوراً دون تأجيل.
ومثل هذا أن يقوم رجل مزّق ثوب زوجته وهو غاضب باصطحابها
إلى السوق ليشتري لها آخر أفضل منه وأجمل.
أو يقول كلاماً جميلاً لها ينفي ما أسمعها إياه من كلام مؤذٍ أو قاسٍ.
ومن تلك الأساليب أيضاً قَسَم المعتذِر صادقاً أنه لم يكن يقصد مافهمه الطرف
الآخر من تصرّفه أو كلامه، وأنه كان يعني شيئاً آخر، ويوضّحه ويُظهِره.
ولا شك في أن هذا الاعتذار خاص بعدم فهم المُعتذَر إليه القصد الحقيقي من
فِعل المُعتذِر أو كلامه، فيكون توضيحه لقصده تأكيداً لحُسن نيّته وتصحيحاً
لخطأ فهم المُعتَذَر إليه.
ومن الأعمال التي يمكن أن تقوم مقام الاعتذار:
مبادرة المُخطئ إلى دعوة
من أخطأ بحقّه إلى تناولهما وجبة معاً في مطعم، أو إلى قيامهما بنزهة
مشتركة، أو تقديم هديّة له.
وقد لايقبل المُعتذَر إليه أيّاً من تلك الأساليب غير المباشرة للاعتذار؛ فيحسُن
هنا بالمُعتذِر أن لا يضيق، ولا يغضب، وليُقدِّر الحزن الذي ملأ قلب من أخطأ
في حقِّه، بل إن عليه أن يكرر المحاولة، ويؤكِّد على صدق اعتذاره وأسفه
وندمه؛ بأسلوب رفيق، وكلام ليِّن، وحرص كبير.
ولابد من كلمة إلى المُعتذَر إليه نحُثُّه فيها على قبول اعتذار صاحبه، سواء
أكان زوجاً أم أباً أم أخاً أم أختاً أم صديقاً....، فقبول الاعتذار من الكَرَم
وحُسن الخُلُق ولِين الطَبع، وكلها مستحبة محمودة في الإسلام.
لاتتردّدوا في الاعتذار، وابتغوا فيه رضا الله سبحانه، وأخلِصوا نيّتكم فيه،
واختاروا له الوقت والحال المناسبين، وانتقوا الألفاظ والعبارات اللطيفة
الرفيقة، ولاتؤخّروه زمناً طويلاً بعد وقوع ماتريدون الاعتذار عنه.
وفقكم الله، وأصلح بينكم.
منقوول كما ارسلها لي الأخ / رضا ريحان...جزاه الله خيرا .
تحياتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق