كنت أستمع الى أنشودة جميلة يقول مطلعها :
تاجي حجابي ذوالجمال السّاحر
أشذو به بسعادة وتفاخر
فسافرت معها الى بداية الثمانينات حيث كان الحجاب في بداية انتشاره ببلدي.
كان عمري لا يتجاوز الثامنة عشر ، أدرس بثانوية للبنات بالعاصمة.
هوايتي كانت و لازالت المطالعة امتازت مطالعتي بالتّنوع والنقد وابداء الرأي عن كلّ موضوع أنهي قراءته .
لم تكن الكتب أنذاك سهلة المنال مثلما هي اليوم ، من أجل الحصول على المواضيع التي تريد قرائتها عليك أن تدخل في رحلة بحث طويلة عن الكتاب .
لم يتوقف الأمر عند المطالعة فقط بل تجاوزته الى حضور النّدوات و المحاضرات التي كانت تقام من حين لآخربثانويتنا .
من بين المواضيع المطروحة أنذاك وبالحاح مشروعية الحجاب .
ومن حينها بدأت رحلة الاستكشاف عن الحجاب ومشروعيته في الاسلام ، كنت أنتقل بين الكتب كالنّحلة بين الأزهار تمتصّ رحيقها .
في أحد الأيام عدت من ثانويتي الى البيت و اختليت بنفسي ، فتبلورت لدي مجموعة من الأفكار و استخرجت النتائج ثمّ أخذت قراري بلبس الحجاب .
في صباح اليوم التالي ذهبت الى السّوق واشتريت قطعة قماش وذهبت بها الى الخياطة طالبة منها أن تصنع لي حجابا .
بعد مرور ثلاثة أيام كان حجابي جاهزا ،لبسته واتجهت به الى الثانوية .
قد يتسائل البعض عن دور الوالدين الكريمين في هذا القرار ، في الحقيقة وكما هو حال المجتمع أنذاك لم يكن أمر الحجاب يثير اهتمامهما فارتداءه من عدمه لايغير من الأمر شيئا .
في الثانوية كانت المفاجأة لأني الوحيدة في صفي التي ترتدي حجابا ،لكني لم أكن كذلك في ثانويتي .
جلست في صفي كالمعتاد، وبدأت ردود الفعل تصلني من الطالبات والأساتذة، بين مؤيد ومعارض .
منهم من بارك، و منهم من اكتفى بالمشاهدة و الصمت، ومنهم من أمطرني بمجموعة من الأسئلة أذكر منها على سبيل المثال سؤال أستاذة اللّغة الفرنسية الذي كان مركبا من سؤالين :
الأستاذة : لمذا ارتديت الحجاب هل أرغمك أهلك على ذلك ؟
قلت : لا،لبسته بمحظ ارادتي .
لكنني علمت من تقاسيم وجهها أنّ ما فعلته لم يعجبها .
وشيئا فشيئا بدأ الكل يعتاد على مظهري الجديد .
كان الأمر سهلا بالنسبة لي في محيطي الدّراسي وكذا العائلي .
في العائلة أذكر يوما زارتنا اختي الكبرى وزوجها ،عند انتهاء الزيارة طلب منّي زوج أختي مرافقتهما الى بيتهما ، فطلبت منه الانتظار حتى أرتدي حجابي ،
فأجابني : تعالي كما أنت لا داعي لهذا الحجاب .
قلت : لايمكنني ،فالحجاب عهد بيني و بين ربّي .
وكان ما أردت ولم أرافقهما الاّ وأنا مرتدية حجابي .
فهو بالنسبة لي عقيدة قبل أن يكون قطعة قماش أرتديها .
لكن الصعوبة كانت في الشارع الذي يجمع كلّ أمزجة البشر ، في كلّ مرّة أخرج فيها من البيت متجهة الى الثانوية أو العكس أتلقى وابل من السّباب والشّتائم .
وفيما اذكر تلك الكلمة المشهورة والتي تطلق باللّغة الفرنسية على كلّ متحجبة ،وهي (404 باشي) بمعنى : 404 هو رمز لسيارة نقل البضائع
باشي: كلمة فرنسية تعني نوع من أنواع القماش خشن الملمس
فالمتحجبة تشبّه بهذه السيارة القبيحة المغطاة بقماش خشن .
كلّ هذه الكلمات هانت أمام ما حدث لي ذات مرّة ،وأنا في طريقي الى البيت عائدة من ثانويتي في الخامسة مساءا .
أخرج رجل يقارب الخمسين من عمره رأسه من نافذة سيارته ،ونظر الي بازدراء ثمّ بصق على الأرض (أكرمكم الله) وقال حاقدا : أم.......أصحاب الحجاب وتمتم بكلمات اخرى لم أفهمها .
كان لهذه الواقعة أثر كبير على نفسيتي ،حزنت حزنا شديدا وبكيت بحرقة،والذي زادني ألما قلة حيلتي لصغر سنّي.
ان الرّياح العاصفة التي أرادت اقتلاع حجابي من على جسدي لم تزدني الاّ تمسكا به.
كان طريقي شديد الحفر، أمشي تارة و أتعثر تارة أخرى ،ولم يزدني تعثري الّا اصرارا .
فالحجاب بالنسبة لي تربية وخلق قبل أن يكون قطعة قماش ارتديها .
كم أنت عظيمة أيّتها القطعة من القماش ،تحديت أكبر أطباء النفس بعلمك لخبايا النّفس البشرية ،لقد استطعتي أن تنفذي في أعماق أشباه البشر وتستخرجي أمراضهم،وتظهريها للعلن.
بعد مرور عدّة سنوات بات الحجاب في بلدي من المسلمات لا ينقصه سوى بعض التقويم.
وأصبحت المرأة تخرج لقضاء حوائجها مرتدية حجاب العز والفخر ،وهي تلقى كلّ الاحترام والتقدير .
فانتبهت واذا بالأنشودة قد شارفت على الانتهاء ،وحمدت الله على نعمه الكثيرة.
هذه قصتي الواقعية عشت تفاصيلها في الثمانينات نقلتها لكم بأمانة وصدق .
م-----------------------------ل-------------------------------ك
تاجي حجابي ذوالجمال السّاحر
أشذو به بسعادة وتفاخر
فسافرت معها الى بداية الثمانينات حيث كان الحجاب في بداية انتشاره ببلدي.
كان عمري لا يتجاوز الثامنة عشر ، أدرس بثانوية للبنات بالعاصمة.
هوايتي كانت و لازالت المطالعة امتازت مطالعتي بالتّنوع والنقد وابداء الرأي عن كلّ موضوع أنهي قراءته .
لم تكن الكتب أنذاك سهلة المنال مثلما هي اليوم ، من أجل الحصول على المواضيع التي تريد قرائتها عليك أن تدخل في رحلة بحث طويلة عن الكتاب .
لم يتوقف الأمر عند المطالعة فقط بل تجاوزته الى حضور النّدوات و المحاضرات التي كانت تقام من حين لآخربثانويتنا .
من بين المواضيع المطروحة أنذاك وبالحاح مشروعية الحجاب .
ومن حينها بدأت رحلة الاستكشاف عن الحجاب ومشروعيته في الاسلام ، كنت أنتقل بين الكتب كالنّحلة بين الأزهار تمتصّ رحيقها .
في أحد الأيام عدت من ثانويتي الى البيت و اختليت بنفسي ، فتبلورت لدي مجموعة من الأفكار و استخرجت النتائج ثمّ أخذت قراري بلبس الحجاب .
في صباح اليوم التالي ذهبت الى السّوق واشتريت قطعة قماش وذهبت بها الى الخياطة طالبة منها أن تصنع لي حجابا .
بعد مرور ثلاثة أيام كان حجابي جاهزا ،لبسته واتجهت به الى الثانوية .
قد يتسائل البعض عن دور الوالدين الكريمين في هذا القرار ، في الحقيقة وكما هو حال المجتمع أنذاك لم يكن أمر الحجاب يثير اهتمامهما فارتداءه من عدمه لايغير من الأمر شيئا .
في الثانوية كانت المفاجأة لأني الوحيدة في صفي التي ترتدي حجابا ،لكني لم أكن كذلك في ثانويتي .
جلست في صفي كالمعتاد، وبدأت ردود الفعل تصلني من الطالبات والأساتذة، بين مؤيد ومعارض .
منهم من بارك، و منهم من اكتفى بالمشاهدة و الصمت، ومنهم من أمطرني بمجموعة من الأسئلة أذكر منها على سبيل المثال سؤال أستاذة اللّغة الفرنسية الذي كان مركبا من سؤالين :
الأستاذة : لمذا ارتديت الحجاب هل أرغمك أهلك على ذلك ؟
قلت : لا،لبسته بمحظ ارادتي .
لكنني علمت من تقاسيم وجهها أنّ ما فعلته لم يعجبها .
وشيئا فشيئا بدأ الكل يعتاد على مظهري الجديد .
كان الأمر سهلا بالنسبة لي في محيطي الدّراسي وكذا العائلي .
في العائلة أذكر يوما زارتنا اختي الكبرى وزوجها ،عند انتهاء الزيارة طلب منّي زوج أختي مرافقتهما الى بيتهما ، فطلبت منه الانتظار حتى أرتدي حجابي ،
فأجابني : تعالي كما أنت لا داعي لهذا الحجاب .
قلت : لايمكنني ،فالحجاب عهد بيني و بين ربّي .
وكان ما أردت ولم أرافقهما الاّ وأنا مرتدية حجابي .
فهو بالنسبة لي عقيدة قبل أن يكون قطعة قماش أرتديها .
لكن الصعوبة كانت في الشارع الذي يجمع كلّ أمزجة البشر ، في كلّ مرّة أخرج فيها من البيت متجهة الى الثانوية أو العكس أتلقى وابل من السّباب والشّتائم .
وفيما اذكر تلك الكلمة المشهورة والتي تطلق باللّغة الفرنسية على كلّ متحجبة ،وهي (404 باشي) بمعنى : 404 هو رمز لسيارة نقل البضائع
باشي: كلمة فرنسية تعني نوع من أنواع القماش خشن الملمس
فالمتحجبة تشبّه بهذه السيارة القبيحة المغطاة بقماش خشن .
كلّ هذه الكلمات هانت أمام ما حدث لي ذات مرّة ،وأنا في طريقي الى البيت عائدة من ثانويتي في الخامسة مساءا .
أخرج رجل يقارب الخمسين من عمره رأسه من نافذة سيارته ،ونظر الي بازدراء ثمّ بصق على الأرض (أكرمكم الله) وقال حاقدا : أم.......أصحاب الحجاب وتمتم بكلمات اخرى لم أفهمها .
كان لهذه الواقعة أثر كبير على نفسيتي ،حزنت حزنا شديدا وبكيت بحرقة،والذي زادني ألما قلة حيلتي لصغر سنّي.
ان الرّياح العاصفة التي أرادت اقتلاع حجابي من على جسدي لم تزدني الاّ تمسكا به.
كان طريقي شديد الحفر، أمشي تارة و أتعثر تارة أخرى ،ولم يزدني تعثري الّا اصرارا .
فالحجاب بالنسبة لي تربية وخلق قبل أن يكون قطعة قماش ارتديها .
كم أنت عظيمة أيّتها القطعة من القماش ،تحديت أكبر أطباء النفس بعلمك لخبايا النّفس البشرية ،لقد استطعتي أن تنفذي في أعماق أشباه البشر وتستخرجي أمراضهم،وتظهريها للعلن.
بعد مرور عدّة سنوات بات الحجاب في بلدي من المسلمات لا ينقصه سوى بعض التقويم.
وأصبحت المرأة تخرج لقضاء حوائجها مرتدية حجاب العز والفخر ،وهي تلقى كلّ الاحترام والتقدير .
فانتبهت واذا بالأنشودة قد شارفت على الانتهاء ،وحمدت الله على نعمه الكثيرة.
هذه قصتي الواقعية عشت تفاصيلها في الثمانينات نقلتها لكم بأمانة وصدق .
م-----------------------------ل-------------------------------ك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق