الاثنين، 3 أغسطس 2015

طرق استغلال الأوقات

يعاني كثير من شبابنا من ضياع أوقاتهم هدرًا دون الاستفادة منها، يشكون الملل الشّديد، ويطلبون العون والإرشاد
في كيفية استغلال الوقت وملء الفراغ بما هو نافع لدينهم ودنياهم ووطنهم.

يقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من النّاس: الصِّحة والفراغ”، والعمر الّذي يعيشه المؤمن في هذا الكون مجهول لا يعرفه إلاّ الله سبحانه وتعالى، وفي هذه المهلة المجهولة تكون الدّائرة التي يشتغل الإنسان من خلالها، والزّمن الفعلي الّذي يحصل فيه الإنتاج قليل جدًّا بالنّسبة لإجمال المهلة المجهولة، ولذا ينبغي للمَرء العاقل أن يستغل من هذا الوقت القصير الّذي يحياه ويعمّر فيه ما ينفعه في دينه ودنياه وآخرته، وليكن الهدف الأسمى في هذا ابتغاء مرضاة الله ونيل رضاه.
فلا يوجد شيء يمكن للمؤمن أن يندم عليه يوم القيامة، إلاّ لحظة مرّت عليه في الدّنيا ولم يذكر الله فيها! ولا توجد لحظة تمرّ على المؤمن أسعد من أن يحقّق فيها عملاً يرضي الله تعالى، ويشعر معه برضا الله سبحانه وتعالى.

ولقد ذكر أهل العلم أمورًا مهمّة تعين المسلم على إدارة وقته، منها: أن تستشعر قيمة الوقت وأنّ له شأنًاَ عند الله فبه أقسم في غير ما آية من كتابه، والله إذا أقسم بشيء دلّ على عظمته بل إنّه أقسم بجميع أجزاء اليوم فأقسم بالنّهار وأجزائه الفجر والضُّحى والعصر وأقسم باللّيل. وأن تذكر قبل كلّ شيء أنّ أجلَك في الدّنيا محدود وقصير جدًّا، وانظر دائمًا إليها على أنّها مرحلة مؤقّتة ولكن لابدّ منها، وأنّها عبارة عن ساعة واحدة فقط، مقارنة بيوم القيامة الّذي سيمتد إلى خمسين ألف سنة. فينبغي عليك أن ترتّب أمورك بدقّة خلال هذه السّاعة، لأنّك ذاهب إلى حياة الخلود: إمّا الجنّة أو النّار. ويجب أن تستغل كلّ ثانية ودقيقة، وذلك لهدف نهائي واحد هو رضا الله تعالى، أي أنّ جميع أعمالك وأقوالك وتفكيرك سيكون ابتغاء مرضاة الله، وأنّه لن ينفعك أيّ عمل إذا لم تبتغِ به وجه الله. وأن تعلم أنّ هذا الوقت هو رأس مالك فإن ضيّعته ضاع رأس مالك وإن حفظته فالرِّبح حليفك. وأن تعلم أيضًا أنّ مفاتيح استغلال الوقت بيدك فلا تحتاج إلى شرائها ولا استئجارها فليس عليك سوى أن تشمّر عن ساعد الجدّ، فإنّ الوقت يمضي والعمر قصير. ويجب أن تعلم أنّ النّاس صنفان علماء وعامة، والّذي ميّز العلماء عن العامة هو استغلال العلماء لأوقاتهم، فإن كنتَ مضيِّعًا لأوقاتك فقد شاركتَ طلاب العلم في هيئتك ولباسك وفارقتهم في استغلالك لأوقاتك. وأنّه لن يكون لك تأثير في واقع أمّتك إلاّ بالعِلم والعمل ولن يتحقّقَا لعشاق الدّعة والكسل.
تأمّل سيرة سيّد الخلق المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، وكيف كان وقته، وكيف كان يستفيد من وقته، وأنّه صلّى الله عليه وسلّم ضرب أروع الأمثلة في الاستغلال من الأوقات، وأن تقرأ سير أصحاب الهمم العالية من الصّحابة والتّابعين والعلماء. واعلم أنّه مهما أنفقتَ من وقتك في ذكر الله تعالى فلن ينقص من وقتك شيء. ولا تترك يومًا يمرّ دون أن تتعلّم شيئًا جديدًا ونافعًا، ترقى به في العلم والأدب. ولا يومًا يمرّ إلاّ وتفعل عملاً مفيدًا، ونافعًا لك ولأمّتك.

تأمّل، أخي الكريم، حال المسلمين في واقعنا اليوم، وما صاروا إليه من إهمال الوقت وعدم الاهتمام به، وتأمّل حال أعدائهم، وما صاروا إليه من الاهتمام بالوقت واستغلاله، بل تفنّنوا فيه حتّى ألّفوا كتبًا كثيرة في مجال إدارة الوقت.
ولنتّق الله فيمن ولاّنا أمرهم، ولنحرص على تربيتهم والعناية بهم ودلالتهم على الخير، ورسم الخطّط المناسبة لهم في الإجازة لئلاّ تضيع عليهم دون فائدة، فنحن مسؤولون عنهم “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ”، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: “والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها”.
وتذكَّر أنّ آخر الإجازة حينما يرجع النّاس لأعمالهم ومدارسهم مدى الرِّبح والخسارة الّتي ستحصل لكلّ شخص حسب ما قدّم فيها، فاجتهد ما دُمت في أوّل الطّريق، ونافس وسابق، فالهمّة موجودة والعزيمة متوثبة، والسّلاح دعاء وصبر، والسّعيد مَن وُفِّق للصّالحات.


منقول


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق