بسم الله الرحمن الرحيم
#هدية#هدية#هديةالمشـي فــوق حافــة الســيوف !!
نجرم حين نضحك على عمالقة السحب والغيوم .. تلك الغيوم التي تسبح في الفضاء .. نقلل من شأنها لبعدها عنا .. وأعيننا تراها كالعهن المنفوش .. واهنة هينة لا تملك البطش والمقدار .. كيف لعمالقة مهيبة مثلها أن تمتطي متن الرياح ؟.. وعقولنا تحسب أن وزنها يماثل وزن البالون في كف الصغار .. حيث البالون الذي تتلاعب به الأنامل الغضة كيف تشاء .. والأكثر عجباً أن تلك الغيوم تتوارى خجلاً خلف بعضها البعض ثم تدور في دوائر مفرغة .. وهي في سلوكها كالأنعام الوجلة المضطربة التي تحس برائحة الذئاب المتربصة .. حيث تضع رؤوسها تحت أقدام بعضها وتتقي بعمق الحظيرة .. سحب وغيوم نحسبها لا تملك جرأة المواجهة .. كما نحسب أن آثارها مجرد زمجرة بالرعود وتهديد بالبروق .. فإذا بها تمثل ذلك الوحش الكاسر حين تجثو على الأرض بمخالبها .. عملاقة تحمل من الأثقال ما لا يخطر في عقل إنسان !.. فيض من آلاف وآلاف الأطنان من المياه العذبة .. وعند ذلك يقف عقل الإنسان عاجزاَ وحائراً وهو يقول : ( كيف لهذه الأثقال المهولة من المياه كانت تسبح في الفضاء فوق رؤوسنا دون أن تنهار ثقلاً ؟؟؟) .. وسبحان الله رب العرش العظيم !! .. مياه عذبة ليست بأجاج .. وهي تروي كل ظامئ فوق الروابي .. كما تروي كل ظامئ متربص تحت الركام .. فكم من مخلوق في البوادي والصحاري والسهول والرمال يتربص الحياة بجرعة الماء !! .. رحمة واسعة من كريم رحيم .. وعطاء المزن نعمة تحيي اليابس والميت والناشف والجدب والقحط .. كما أنه قد يوجد أنهاراً فوق وجه البسيطة .. وعند ذلك تتجلى قدرة الخالق الرازق البديع .. كما أن عطاء المزن قد تكون نقمة في بعض الأحيان .. حيث ِأنها قد تقتل وتهلك وتفتك وتجرف كيف تشاء .. وهنا نعود ونقول أن تجربة الغيوم برمتها تعلم الإنسان في الحياة بأن لا يستهين بالمظاهر .. وهي السجية التي يتخذها الإنسان درساً في حياته .. ويدرك بأن عدم الاعتبار والنظرة من الغيوم للإنسان لا يعني عدم قدرتها وإمكانياتها !.. إنما تؤكد أنها لا ترى لوجودنا أثراً يستحق الوقفة .. فهي تتفادى النظرة إلينا تقليلاً وتحقيراً لشأننا .. ونحن نظن في أنفسنا بأنها تتهرب منا ضعفاً ووهناً وخوفاَ .. ثم تصدق أحكامها فينا بينما تفشل أحكامنا فيها !.. وتلك حالة تلخص بأننا نشكل مجرد أصوات بغير هياكل تمثل القوة .. وهي تشكل هياكل بكامل قوتها وجبروتها .. وشتان بين شأن وشأن !.. ورب نائم غافل يحسبه الجاهل سهل المنال .. فإذا بالنائم هو ذلك الصائد المتربص للصياد !.. ورب جواد عطوف يبذل دون منن أو أذى فيحسبه الجاهل أنه يبذل خوفاً وضعفاّ .. فإذا أمسك الباذل عن البذل بكى الضعيف عقلاً وتقديرا وعجزاً .. فالاغترار بالمظاهر قد يقتل حالما وجاهلاً .. والإرباك في الحسابات قد يهلك محاسباً ماهراً .. والحكمة تقتضي ألف وقفة ووقفة قبل الإقدام في كل خطوة .. والمتمكن الذي يقبض الخنجر في كفه عليه أن لا يعجل الخطوة نحو الحنجرة !.. فقد تتبدل الأدوار في لحظة .. حيث يصبح الذبيح هو ذلك الذابح ّ.. وقد ترتد القذيفة نحو طالقها !.. وعليه الحرص ثم الحرص في كل الأحوال .. والفطن اللبيب هو من يهرب من الأسد حتى ولو كان ميتاً .. وهذا الزمن يقول أن الأمن والأمان والسلامة تعد مكسباً .. حتى ولو كانت تلك الصفات مقرونة بشوائب الجبن والتخاذل .. كما يقول أن التهور والحماقة تعد مهلكة حتى ولو كانت تلك الصفات مقرونة بالمدح والثناء .. وعباقرة الحكمة اليوم يقولون : ( الخروج بيوم عفة وسلامة في الحياة خير من ألف أوسمة في القبور !! ) .
ـــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد احمد
ـــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد احمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق