[
إن النفس والشيطان رفيقان حميمان لا يفترقان الا عند الموت والنفس هي العدو الخفي الثاني بعد الشيطان وإنهما تعاهدا على إضلال الانسان في الدنيا وهلاكه في الآخرة .
قال الله تعالى:(( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ (22)) إبراهيم :22هذا هو رفيق الدنيا يتبرأ اليوم من رفيقه الذي أغواه وأضله وزين له المعاصي في الدنيا يتبرأ منه ويقول له لاتلمني ولم نفسك فحينها لا ينفع الندم ولا اللوم فسارع الى توبة قبل ان يفوت الأوان.
ينظر الإسلام إلى نفس الانسان على أنها مستودع قوى والمؤمن الذى يطيع ربه يكون ربانياً فالله هو الذى يقول للشىء كن فيكون وطاعة الله واجبة لقوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (11)) الرعد: 11 ويعني هذا أن على الانسان إتباع أوامر الله و اجتناب نواهيه حتى ينال رضا الله وييسر له أموره.
لقد فسر القرآن الكريم أحوال النفس البشرية بما يتصل بها من الخواطر و الوساوس والهواجس والأحاسيس من فرح وحزن ووحشة وانقباض وانبساط وارتجاف وقلق واضطراب وغير ذلك مما سجله العلماء بعد طول معاناة ودراسة و تأمل وفي القرآن معلومات كثيرة وشاملة عن النفس البشرية لأن مهمته الأولى هى التربية والتوجيه فهو كتاب يخاطب النفس ويوجهها لقوله تعالى:(( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) )) النازعات:40،41 ، ولقوله تعالى : (اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ (31))) هود:31وقوله تعالى : ( نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ (19)) الحشر:19 .
الله سبحانه وتعالى يقول: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) )طه:2 ويقول أيضاً :(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)) النحل:97 فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً إن معناهاهو :حياة مطمئنة وسعادتها في اطمئنانها .
العلاج النفسي في الإسلام :
إن العلاج النفسي في الإسلام يقوم على البناء العقائدي للإنسان فالإسلام هو عقيدة التوحيد التَامة وهو الإستسلام لله تعالى الواحد الأحد والعقيدة الإسلامية قوامها ألوهية الله تعالى المطلقة وربوبيته المطلقة .
وأول مايتوجب على الإنسان أن يربط وجوده ومصيره كله بالله تعالى أن يجعل الصلة قائمة ومتجددة فيما بينه وبين خالقه دون واسطة من أحد لأن صلاح النفوس وطهارة القلوب وصفاء العقول كلها متوقفة على معرفة حقيقة وجود الله تعالى والإيمان المطلق بألوهيته وربوبيته والعمل بكل إخلاص ونية صادقة في سبيل
الله تعالى ومرضاته إن ذلك يجعل قلب المؤمن ممتلئاً بحب الله تعالى وحب رسوله الكريم ويدفعه إلى عبادة ربه والإستدامة على ذكره وخشيته والإلتجاء إليه في السراء والضراء والتوكل عليه في كل أمر.
النفس وأنواعها فى القرآن:
النفس المطمئنة:
والنفس المطمئنة هى النفس الراضية المرضية المتزنة هى النفس الإنسانية المؤمنة فى أعلى مراتب النضج والكمال الإنسانى هى النفس التى يسودها الاطمئنان ويكون من أبرز مميزاتها الاستقرار النفسي والطمأنينة قال الله تعالى :( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) )) الفجر: 28،27،29،30
قال الله تعالى :(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) ) السجدة:17وقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)) الأنفطار:13
في حديث عن النبي (ص):( إن الله يقول :أعددت لعبادي الصالحين ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)(1).
النفس اللوامة :
وهى النفس التى تتجاذبها الأهواء المادية ولكن بعد فترة يستيقظ الضمير ويبدأ الشعور بضعف الإرادة والانقياد وراء الشهوات. وتبدأ النفس فى الشعور بالذنب ويلوم الإنسان نفسه على ما بدر منها حيث يبدأ الندم ثم التوبة والرجوع للحق قال الله تعالى:(( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)) القيامة :1،2قال الله تعالى:( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)) النحل :110
قال رسول الله(ص):((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ))(2) .
وأول ندم صدر من الإنسان كان من أبوينا آدم وحواء(عليهما السلام )عندما أزلهما الشيطان وأكلا من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عن الإقتراب منها وعندما شعرا بالندم توجها إلى الله تعالى بهذه الضراعة : (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) )الأعراف :23
النفس الأمارة بالسوء :
وهى النفس التى تنحرف نحو الجانب المادى وتنساق وراء الملذات الدنيوية وشهواتها وأهوائها وتؤدى بصاحبها إلى الهلاك والتهلكة وعدم النضج النفسي والاضطراب النفسى فينساق الإنسان وراء نفسه وشهواتها حيث تنحرف به عن كل القيم الأخلاقية والدينية قال الله تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ) يوسف:53 ، قال الله تعالى: وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) الشمس :10
وقال الله تعالى:) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ(56)) الزمر:56 وقال الله تعالى:
(كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ(167))البقرة :167
وقد دل على وجوب محاسبة النفس قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ (18)) الحشر:18.
يقول إبن القيم في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان :النفوس ثلاثة نفس مطمئنة إلى ربها وهي أشرف النفوس وأزكاها ونفس مجاهدة صابرة ونفس مفتونة بالشهوات والهوى وهي النفس الشقية التي خطها الألم والعذاب والبعد عن الله تعالى والحجاب .
وقد جاءت تحذيرات القرآن المتكررة من الشياطين في آيات لكن لابد أن يعلم المسلم أن الشيطان عدوه:(( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)) الإسراء:53 وقال الله تعالى:( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا (6)) فاطر:6 ورسالة الشيطان هي: (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) ) فاطر:6.
الشيطان كوصف عام معناه كل من يبعد الناس عن طاعة الله وعن منطق الحق وكل من يغري بالمعصية ويحاول أن يدفع الإنسان الى الشر كل واحد من هؤلاء هو شيطان وهناك شياطين من الجن وشياطين من الإنس شياطين الجن هم العصاة من الجن الذين يصدون عن الحق ويدعون الى الكفروشياطين الإنس يقومون بنفس المهمة فكل من دعا إلى الكفر والشرك والعصيان هو شيطان.هناك شيطان جني وهناك شيطان إنسي استناداً إلى قول الباري جل وعلا: (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)) الناس:5،6 حتى قال بعض أهل العلم: بأن الشيطان الإنسي أخطر من الشيطان الجني وأكثر ضرراًوأشد فتكاً.
قال عليه الصلاة والسلام"إن الشيطان ليضع خطمه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس وإذا نسي عاد فالتقم قلبه" فالوسوسة ليست شيء دائم إنما تنقطع بذكر الله وبالاستعاذة به قال الله تعالى :(( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)) الأعراف:200
هذا هو علاج شياطين الجن تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أما علاج شياطين الإنس قول الله تعالى:
( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) ) فصلت :34،35
قال الله تعالى:( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199))الأعراف :199
والرسول (ص) يسأل الصحابة قائلاً:((ألا أنبئكم بما يشرف البنيان ويرفع الدرجات؟))قالوا نعم يا رسول الله؟ قال (ص):((تحلم عمن جهل عليك وتعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك ))(3)(( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) المائدة :67
وليردد الإنسان دائماً قول الله تعالى :(( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) ) المؤمنون:97، 98
اسلوب الشيطان مع الإنسان:
إنه يستخدم:
1- أسلوب التخويف مع الجبناء:{ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) آل عمران:175 .
2- وأسلوب التزيين:قال الله تعالى:( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ))الأنفال :48و قال الله تعالى : (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) ) الحجر:39 .
3- وأحياناً يستحوذ على الإنسان:قال الله تعالى: ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ) المجادلة :19
4- وأحياناً يوقع العداوة والبغضاء:قال الله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ) المائدة :91 .
5- الكفرقال الله تعالى: ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)) الحشر:16.
6-العري قال الله تعالى:( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا (20)) الأعراف:20
الفرق بين الشيطان والنفس الأمارة بالسوء:
الأول:من اوجه التشابه ان لكل منهما أشكال مختلفة وهيئات متعددة
الثاني :من اوجه الاختلاف ان الصوت النفسي يبعث من الداخل اما الصوت الشيطاني فيكون من الخارج
الثالث:إن عمل الشيطان هو الوسوسة والتسويس والإغواء قال تعالى ((قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ(71)) الأنعام :71 اما عمل النفس فهو إصدار الأوامر قال تعالى بحق عمل النفس الأمارة بالسوء: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) يوسف:53
الرابع:يمكن للإنسان ان ينهي عمل الشيطان بطرق متعددة فتحها الله لذلك منها الترقي بالكمال اما بالنسبة الى النفس فلا يمكن له ذلك الا بشق الأنفس .
الخامس:ان القضاء على الشيطان يكون من خلال المخالفة اما النفس فلا يمكن ذلك الا بأسلوب القهر وهو اشد صعوبة
السادس:إن اكبر فائدة للشيطان هو الاختبارية من الله تعالى للبشر أما النفس فان أهم فائدة لها هو تسريع الكمال الإنساني
السابع:يمكن تصور الشيطان وتخيله اما النفس فلا
الثامن :قال الله تعالى بحق النفس الإمارة بالسوء:((فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)) القصص :50 قال تعالى ناقلا عن الشيطان: ((لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ (17)) الأعراف :16،17
إن النفس من أشد أعداء الإنسان الداخليين لأنها تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا وسائر أمراض القلب إنما تنشأ من جانبها ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من شرها كثيراً كما في خطبة الحاجة(4) وكما في حديث أبي هريرة عند ابن أبي حاتم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ "فألهمها فجورها وتقواها" فقال: "اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها" وفي المسند والترمذي أنه صلى الله عليه وسلم علم حصين بن عبيد أن يقول "اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي".
يقول الغزالي رحمه الله :
اعلم أن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك وقد خلقت أمارة بالسوء مبالغة في الشر فرارة من الخيروأمرت بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها وخالقها ومنعها عن شهواتها وفطامها عن لذاتها فإن أهملتها جمحت وشردت ولم تظفر بها بعد ذلك(5).
وقول الرسول (ص):" اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وشبابك قبل هرمك و فراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك " (6) وعلم النفس يهتم بمراحل النمو وهنا حدثنا الرسول الكريم عن اغتنام مرحلة الشباب قبل الهرم فيما يفيدنا ويفيد ديننا .
يقول إبن سيرين رحمه الله:إذا أراد الله بعبد خيراً جعل له واعظاً من قلبه يأمره وينهاه .
قال الشاعر:
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا
واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا
اما ترين المنايا قد تلقطنا
لقطا فتلحق اخرانا بأولانا
ففي كل يوم لنا ميت نشيعه
نرى بمصرعه آثار موتانا
ولما كان من أصعب أنواع الجهاد جهاد النفس فهذا يدل على مدى أهمية النفس فى الإسلام والعاقل يعلم أن حياته الصحيحة هى التوبة والرجوع إلى الله سبحانه ومحبته واغتنام الفرص للعبادة وهذا من أهم أساليب العلاج النفسي وقد سئل النبي عن أفضل الناس فقال : كل مخموم القلب صدوق اللسان فقالوا له صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب فقال هو التقى النقي لاإثم فيه ولا ولا غل ولا حسد .
قال تعالى : ((وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)) النور :40 إن فى الهدى النبوى البلسم الشافى للقلوب الضامئة إلى الحق والنفوس الطالبة لليقين والعقول الراشدة أو الرشيدة التى تنمو فى الصدق و الإخلاص فى العلم والعمل والنفس فى الهدى النبوى إذا صلحت انصلح أمر الجسم وإذا فسدت فسد أمر الجسم فعلاجها أولى وأهم من علاج البدن فالمقصود من هذا أن كثيراً من الأمراض العضوية يكون سببها المباشر أو غير المباشر نفسى أى نتيجة اضطراب الحالة النفسية .
قام الرسول صلي الله عليه وسلم بتشخيص الأمراض البدنية التي ألمت ببعض أصحابه ووصف العلاجات المناسبة لها وربط صلوات الله عليه بين العلاج البدني والعلاج النفسي فنصح بعض أصحابه ممن يعانون منهم بألم فى بطنه أو ألام فى رأسه بالصلاة أوالإستعاذه أو باستخدام الرقية أو بذكر بعض الآيات القرآنية كالمعوذتين و آية الكرسي وغير ذلك من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة.
يقول سيد قطب رحمه الله : إن هذا الكائن مخلوق مزدوج الطبيعة، مزدوج الاستعداد مزدوج الاتجاه، بمعنى أنه في طبيعة تكوينه : من طين الأرض، ومن نفخة الله فيه من روحه، وهو لذلك مزود باستعدادات متساوية للخير والشر، والهدى والضلال، فهو قادر على التمييز بين ما هو خير وما هو شر، كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى أيهما أراد، وهذه قدرة كامنة في كيانه يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ويعبر عنها بالهداية تارة " وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " وإلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان هي التي تناط بها التبعة، فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعدادات الخير فيها وتغليبها على استعدادات الشر فقد أفلح، ومن أظلم هذه القوة وخبأها وأضعفها فقد خاب " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ".
قصيدة " النفس تبكي على الدنيا"
أبيات لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه :
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السعادة فيها ترك ما فيـــــهـا
لا دار للمرءِ بعد الموت يسكنـــهـا *** إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيـــــها
فإن بناها بخير طاب مسكـنـــــــه *** وإن بناها بشر خاب بانيـــــــــها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُهـــــــا *** ودورنا لخراب الدهر نبنيــــــــهـا
أين الملـــــوك التي كانت متسلطنة *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيــــهـا
فكم مدائن في الآفاق قـــد بنــــــيت *** أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليـــهـا
لا تركِـنَنَّ إلى الدنيا وما فيهــــــــا *** فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيـــــــها
لكل نفسٍ وإن كانت على وجــــــلٍ *** من المـَنـيَّةِ آمـــالٌ تقويــــــــــــهـا
المرء يبسطها والدهر يقبضُهـــــا *** والنفس تنشرها والموت يطويـــــهـا
إنما المكارم أخلاقٌ مطهـــــــــرةٌ *** الـدّين أولها والعقل ثانيهـــــــــــا
والعلم ثالثـــــــها والحلم رابعــــــهـا *** والجود خامســــها والفضل سادســــــها
والبرّ سابعــــــها والشكر ثامنــــــهـا *** والصبر تاسعــــــها واللّين باقيــــــهـا
والنفس تعلم أني لا أصادقــــــهـا *** ولست أرشدُ إلا حين أعصيــــهـا
واعمل لدارِغداً رضوانُ خازنــــها *** والجــار أحمد والرحمن ناشيـــــهـا
قصورها ذهب والمسك طينتـــهـا *** والزعفـران حشيشٌ نابتٌ فيــــهـا
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عســـلٍ *** والخمر يجري رحيقاً في مجاريـــــها
والطير تجري على الأغصان عاكفةً *** تسبّـحُ الله جهراً في مغانيــــهـا
من يشتري الدارفي الفردوس يعمرها *** بركعةٍ في ظلام الليل يحييــــهـا
طرق الوصول إلى النفس المطمئنة :
1- التوبة:
فهي أول مقامات منازل العبودية عند السالكين وبها يذوق الإنسان حلاوة الانتقال من التخلية إلى التحلية قال الله عز وجل منوها بشأنها: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)) النور:31 وقال سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ (8)) التحريم:8 قال الله تعالى:( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) ) الزمر: 53 فالتوبة الخالصة التوبة النصوح هي سبيلنا إلى الخلاص من الذنوب والمعاصي وهي أحد سبل النجاة من أمراض نفوسنا لأنها تخلص النفس من التوتر والقلق ومن الشعور الدائم بالذنب وقال رسول الله (ص ): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له))7 .(وعمل حسنات كثيرة توصلك إلى النفس المطمئنة قال الله تعالى :(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)) هود :114 .
2- محاسبة النفس :
وقد دل على وجوب محاسبة النفس قول الله تعالى: قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ (18)) الحشر:18 وقوله صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) (8) دان نفسه: أي حاسبها.
وأخرج الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبواوزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) الحاقة:18 .
3- العلم:
اهتم الإسلام بالعلم حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة وأول كلمة نزلت من القرآن هي :اقرأ وقوله تعالى:( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ(11) ) المجادلة :11أي يرفع الله مكانة المؤمنين المخلصين منكم ويرفع مكانة أهل العلم درجات كثيرة في الثواب.
4- الإكثار من ذكر الله :
قال الله تعالى:( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)) الرعد:28 وقول الله عز وجل: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)) الزخرف :36 وقوله تعالى:(( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)) الأعراف:201وقوله تعالى:( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) البقرة :152والرسول (ص)يقول: (عليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله فإنه نور في الأرض وذكر لك في السماء )(9).
5- الإكثارمن الإستغفار:
أكثروا من الإستغفار فمعه الرزق والفرج والذرية والعلم النافع وحط الخطايا .قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ (135)) آل عمران:135وقال تعالى:( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)) النساء:110 وقال تعالى: ((وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)) آل عمران :17. لقد كان نوح يأمر قومه بالاستغفار فكان يقول لهم ويكرّر: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) )نوح :11،10،12وهذا يدلّ على أنه من يستغفر الله فإن الله سيعطيه أشياء كثيرة منها: أن الله تعالى سيغفر له ذنوبه وسوف يرزقه الله المطر لكي ينبت الزرع والثمار والنبات ويرزقه الله الأموال والأولاد وهذه هي نتيجة الاستغفار فهل نستغفر الله تعالى ونقول كما علّمنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «أستغفر الله العظيم»؟
6- المحافظة على الفرائض:
لأنها أفضل طاعة يتقرب بها العبد إلى مولاه "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه".
والإكثار من النوافل لقول الله عز وجل: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه"(10) وأعظمها تأثيراً في تزكية النفوس هو ما كان منها أكثر مذلة وخضوعاً لله عز وجل.
7- تدبر القرآن:
فهو جلاء القلوب وإذا صفى القلب زكت النفس ففي الحديث : ((إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد قيل وما جلاؤها قال : تلاوة القرآن وذكر الموت))(11) وقد قال الله عز وجل: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ(29 )) ص :29 وقال سبحانه وتعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ (24)) محمد:24وقال الله تعالى :(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (82))الإسراء:82
محبة النبي(ص): 8-
عن أنس قال رسول الله(ص): (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين)( 12).
وعن أنس بن مالك أن النبي (ص) قال: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطّ عنه بها عشر سيئات ورفعه بها عشر درجات)(13).
إتباع الرسول (ص)من تمام المحبة الذي يدعي محبة الله تعالى ومحبة رسوله(ص) فعليه بالإتباع وتطبيق ماجاء في الكتاب والسنة .
قال الله تعالى :( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) )آل عمران:31
إن حب الرسول في إتباع نوره (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28))الحديد:28
9- الإكثار من السجود:
أن تكثرمن السجود سجدة صلاة طويلة سجدة شكر بعد كل صلاة إن السجود يزيل الشحنات الموجبة في الجسم لأن شحنات الأرض سالبة قال النبي (ص):أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجدوقال الله تعالى: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)) العلق:19
10- عدم اليأس من رحمة الله:
انظروا قصة سيدنا يعقوب بعدما فقد ابنيه يوسف وأخاه، فلم ييأس من رحمة الله وانظروا كيف خاطب أبناءه: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف: 87 إنها آية مفعمة بالرحمة ومليئة بالتفاؤل وعدم اليأس انظروا كيف اعتبر القرآن أن اليأس هو كفر بالله تعالى.
11- صحبة الصالحين:
قال الله تعالى:(( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي (29))) الفرقان:27،28،29وقوله تعالى:( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) الزخرف :67. أمرنا الله تعالى أن نجتمع على ذكر الله وتلاوة القرآن لنتمتع بالحياة السعيدة المطمئنة يقول الله تعالى): وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (28)) الكهف :28وأن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة والأعياد والحج وتعلم العلم والجهاد والنصيحة.
12- العلاج بالفرح:
قال الله تعالى:(( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) )يونس :58 فهذه الآية تخبرنا بأن المؤمن يفرح برحمة الله تعالى هذا الفرح هو نوع من أنواع السلوك الإيجابي وهو نوع من أنواع التفاؤل الذي يمنح المؤمن السعادة وطول العمر ويزيد من مناعة جسده ضد الأمراض. أصعب الظروف التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار: ((إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40)) التوبة :40انظروا كيف علَّم النبي سيدنا أبا بكر رضي الله عنه ألا يحزن والله إن هذا الكلام لا يصدر إلا من نبي صادق يعلم أنه مرسل من خالق الكون سبحانه وتعالى.وقوله تعالى : ((وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139 ((عمران: 139إنها آية تحث المؤمن على السلوك الإيجابي في عدم الوهن وعدم الحزن.
13- لا تغضب :
عندما ينفعل الإنسان تحصل في جسمه تغيرات أهمها إفراز هرمون الأدرينالين وهذا يؤثر على ضربات القلب واضطراب استهلاك الأوكسجين وارتفاع ضغط الدم هذه الأعراض تزداد حدة عندما يكون الإنسان واقفاً لأن عضلات جسمه تكون مشدودة وهذا يزيد من إفراز الأدرينالين وإذا ما غضب فجلس أو اضطجع فإن نسبة هذا الهرمون تنخفض هذا العلاج الطبي الناجح تحدث عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)(14).جاء رجل إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال له: أوصني، قال: (لا تغضب) فردد مراراً قال: (لا تغضب)(15).
14- سكينة النفس:
قال الله تعالى:(( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)))سورة المعارج: 23,22,21,20,19
15- سعادة الآخرة:
قال الله تعالى :((وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)) العنكبوت:64إن الدار الإخرة لهي الحياة الحقيقية الدائمة التي لا موت فيها .
16- التحلي بالصبر واليقين :
فبالصبر ينتصر على شهوات نفسه فيحجزها عن المحرمات ويحبسها على الطاعات، فجانبي التزكية : التخلي والتحلي لا يمكن الحصول عليهما إلا عن طريق الصبر(( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) ) الزمر:10((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) )البقرة:153 قال الله تعالى :( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ(177)) البقرة :177. وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (46) آل عمران:46 .
وأما اليقين فإنه يقضي به على ثبات النفس التي يُوسوسها بها الشيطان ولذلك كان من حصل على هذين المقامين يعد من أئمة الهدى في هذا الدين قال سفيان : بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين قال الله عز وجل: ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)) السجدة:24.
17- الدعاء:
فهو سلاح المؤمن بأن يلجأ الإنسان إلى الله دائماً أن يقيه شر نفسه وأن يعينه على طاعة الله فقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام: ((اللهم اجبرني وانعشني واهدني لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها ولا يصرف سيئها إلا أنت.
دعاء الكرب :
عن إبن عباس أن رسول الله كان يقول عند الكرب:
" لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم" .
" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "
دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح إلي شأني كله لا إله إلا أنت .
ويقول الله تعالى:((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا(69))) العنكبوت:69 فجاهد نفسك وحاسبها ولا تطلق لها العنان ولا تقتلها باتباع وساوس الشيطان فقد قال الفضيل بن عياض(رحمه الله):(لا تغفلوا عن انفسكم فمن غفل عن نفسه فقد قتلها) .
لو عرفت نفسك وجعلتها مطمئنة ستتذوق سعادة لم تعرفها من قبل وستعيش سعيداً مع الإيمان قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) سورة طه:123،124.
اللهُمَّ إني أسألُك نفسًا بك مطمئنَّة، تؤمن بلقائِك، وترضى بقضائِك، وتقنع بعطائك
اللهم امين
ذكره مجمع البيان وروح المعاني والقرطبي والبخاري ومسلم .
صحيح الترغيب والترهيب (3139).
رواه البخاري (37) .
هي قوله صلى الله عليه وسلم : (الحمد لله نحمده ونستعينه...) أخرجه أبو داود والترمذي وصححه والحاكم والبيهقي.
إحياء علوم الدين ج 4 ص 382.
أخرجه الحاكم في المستدرك رقم ( 7846 ) 4 / 341 وفي صحيح الترغيب والترهيب رقم : 3355
رواه ابن ماجه، صحيح الجامع 3008.
رواه أحمد وغيره.
رواه أحمد 47 .
رواه البخاري (6502) .
مسند الشهاب .
رواه البخاري ومسلم .
صحيح الترغيب (1657)المشكاة (922) فضل الصلاة (12211) .
رواه أحمد .
رواه البخاري.
إن النفس والشيطان رفيقان حميمان لا يفترقان الا عند الموت والنفس هي العدو الخفي الثاني بعد الشيطان وإنهما تعاهدا على إضلال الانسان في الدنيا وهلاكه في الآخرة .
قال الله تعالى:(( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ (22)) إبراهيم :22هذا هو رفيق الدنيا يتبرأ اليوم من رفيقه الذي أغواه وأضله وزين له المعاصي في الدنيا يتبرأ منه ويقول له لاتلمني ولم نفسك فحينها لا ينفع الندم ولا اللوم فسارع الى توبة قبل ان يفوت الأوان.
ينظر الإسلام إلى نفس الانسان على أنها مستودع قوى والمؤمن الذى يطيع ربه يكون ربانياً فالله هو الذى يقول للشىء كن فيكون وطاعة الله واجبة لقوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ (11)) الرعد: 11 ويعني هذا أن على الانسان إتباع أوامر الله و اجتناب نواهيه حتى ينال رضا الله وييسر له أموره.
لقد فسر القرآن الكريم أحوال النفس البشرية بما يتصل بها من الخواطر و الوساوس والهواجس والأحاسيس من فرح وحزن ووحشة وانقباض وانبساط وارتجاف وقلق واضطراب وغير ذلك مما سجله العلماء بعد طول معاناة ودراسة و تأمل وفي القرآن معلومات كثيرة وشاملة عن النفس البشرية لأن مهمته الأولى هى التربية والتوجيه فهو كتاب يخاطب النفس ويوجهها لقوله تعالى:(( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) )) النازعات:40،41 ، ولقوله تعالى : (اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ (31))) هود:31وقوله تعالى : ( نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ (19)) الحشر:19 .
الله سبحانه وتعالى يقول: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) )طه:2 ويقول أيضاً :(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)) النحل:97 فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً إن معناهاهو :حياة مطمئنة وسعادتها في اطمئنانها .
العلاج النفسي في الإسلام :
إن العلاج النفسي في الإسلام يقوم على البناء العقائدي للإنسان فالإسلام هو عقيدة التوحيد التَامة وهو الإستسلام لله تعالى الواحد الأحد والعقيدة الإسلامية قوامها ألوهية الله تعالى المطلقة وربوبيته المطلقة .
وأول مايتوجب على الإنسان أن يربط وجوده ومصيره كله بالله تعالى أن يجعل الصلة قائمة ومتجددة فيما بينه وبين خالقه دون واسطة من أحد لأن صلاح النفوس وطهارة القلوب وصفاء العقول كلها متوقفة على معرفة حقيقة وجود الله تعالى والإيمان المطلق بألوهيته وربوبيته والعمل بكل إخلاص ونية صادقة في سبيل
الله تعالى ومرضاته إن ذلك يجعل قلب المؤمن ممتلئاً بحب الله تعالى وحب رسوله الكريم ويدفعه إلى عبادة ربه والإستدامة على ذكره وخشيته والإلتجاء إليه في السراء والضراء والتوكل عليه في كل أمر.
النفس وأنواعها فى القرآن:
النفس المطمئنة:
والنفس المطمئنة هى النفس الراضية المرضية المتزنة هى النفس الإنسانية المؤمنة فى أعلى مراتب النضج والكمال الإنسانى هى النفس التى يسودها الاطمئنان ويكون من أبرز مميزاتها الاستقرار النفسي والطمأنينة قال الله تعالى :( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) )) الفجر: 28،27،29،30
قال الله تعالى :(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) ) السجدة:17وقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13)) الأنفطار:13
في حديث عن النبي (ص):( إن الله يقول :أعددت لعبادي الصالحين ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)(1).
النفس اللوامة :
وهى النفس التى تتجاذبها الأهواء المادية ولكن بعد فترة يستيقظ الضمير ويبدأ الشعور بضعف الإرادة والانقياد وراء الشهوات. وتبدأ النفس فى الشعور بالذنب ويلوم الإنسان نفسه على ما بدر منها حيث يبدأ الندم ثم التوبة والرجوع للحق قال الله تعالى:(( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)) القيامة :1،2قال الله تعالى:( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110)) النحل :110
قال رسول الله(ص):((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ))(2) .
وأول ندم صدر من الإنسان كان من أبوينا آدم وحواء(عليهما السلام )عندما أزلهما الشيطان وأكلا من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عن الإقتراب منها وعندما شعرا بالندم توجها إلى الله تعالى بهذه الضراعة : (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) )الأعراف :23
النفس الأمارة بالسوء :
وهى النفس التى تنحرف نحو الجانب المادى وتنساق وراء الملذات الدنيوية وشهواتها وأهوائها وتؤدى بصاحبها إلى الهلاك والتهلكة وعدم النضج النفسي والاضطراب النفسى فينساق الإنسان وراء نفسه وشهواتها حيث تنحرف به عن كل القيم الأخلاقية والدينية قال الله تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ) يوسف:53 ، قال الله تعالى: وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) الشمس :10
وقال الله تعالى:) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ(56)) الزمر:56 وقال الله تعالى:
(كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ(167))البقرة :167
وقد دل على وجوب محاسبة النفس قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ (18)) الحشر:18.
يقول إبن القيم في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان :النفوس ثلاثة نفس مطمئنة إلى ربها وهي أشرف النفوس وأزكاها ونفس مجاهدة صابرة ونفس مفتونة بالشهوات والهوى وهي النفس الشقية التي خطها الألم والعذاب والبعد عن الله تعالى والحجاب .
وقد جاءت تحذيرات القرآن المتكررة من الشياطين في آيات لكن لابد أن يعلم المسلم أن الشيطان عدوه:(( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)) الإسراء:53 وقال الله تعالى:( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا (6)) فاطر:6 ورسالة الشيطان هي: (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) ) فاطر:6.
الشيطان كوصف عام معناه كل من يبعد الناس عن طاعة الله وعن منطق الحق وكل من يغري بالمعصية ويحاول أن يدفع الإنسان الى الشر كل واحد من هؤلاء هو شيطان وهناك شياطين من الجن وشياطين من الإنس شياطين الجن هم العصاة من الجن الذين يصدون عن الحق ويدعون الى الكفروشياطين الإنس يقومون بنفس المهمة فكل من دعا إلى الكفر والشرك والعصيان هو شيطان.هناك شيطان جني وهناك شيطان إنسي استناداً إلى قول الباري جل وعلا: (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)) الناس:5،6 حتى قال بعض أهل العلم: بأن الشيطان الإنسي أخطر من الشيطان الجني وأكثر ضرراًوأشد فتكاً.
قال عليه الصلاة والسلام"إن الشيطان ليضع خطمه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس وإذا نسي عاد فالتقم قلبه" فالوسوسة ليست شيء دائم إنما تنقطع بذكر الله وبالاستعاذة به قال الله تعالى :(( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)) الأعراف:200
هذا هو علاج شياطين الجن تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أما علاج شياطين الإنس قول الله تعالى:
( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) ) فصلت :34،35
قال الله تعالى:( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199))الأعراف :199
والرسول (ص) يسأل الصحابة قائلاً:((ألا أنبئكم بما يشرف البنيان ويرفع الدرجات؟))قالوا نعم يا رسول الله؟ قال (ص):((تحلم عمن جهل عليك وتعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك ))(3)(( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )) المائدة :67
وليردد الإنسان دائماً قول الله تعالى :(( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) ) المؤمنون:97، 98
اسلوب الشيطان مع الإنسان:
إنه يستخدم:
1- أسلوب التخويف مع الجبناء:{ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) آل عمران:175 .
2- وأسلوب التزيين:قال الله تعالى:( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ))الأنفال :48و قال الله تعالى : (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) ) الحجر:39 .
3- وأحياناً يستحوذ على الإنسان:قال الله تعالى: ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ) المجادلة :19
4- وأحياناً يوقع العداوة والبغضاء:قال الله تعالى :( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ) المائدة :91 .
5- الكفرقال الله تعالى: ( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16)) الحشر:16.
6-العري قال الله تعالى:( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا (20)) الأعراف:20
الفرق بين الشيطان والنفس الأمارة بالسوء:
الأول:من اوجه التشابه ان لكل منهما أشكال مختلفة وهيئات متعددة
الثاني :من اوجه الاختلاف ان الصوت النفسي يبعث من الداخل اما الصوت الشيطاني فيكون من الخارج
الثالث:إن عمل الشيطان هو الوسوسة والتسويس والإغواء قال تعالى ((قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ(71)) الأنعام :71 اما عمل النفس فهو إصدار الأوامر قال تعالى بحق عمل النفس الأمارة بالسوء: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) يوسف:53
الرابع:يمكن للإنسان ان ينهي عمل الشيطان بطرق متعددة فتحها الله لذلك منها الترقي بالكمال اما بالنسبة الى النفس فلا يمكن له ذلك الا بشق الأنفس .
الخامس:ان القضاء على الشيطان يكون من خلال المخالفة اما النفس فلا يمكن ذلك الا بأسلوب القهر وهو اشد صعوبة
السادس:إن اكبر فائدة للشيطان هو الاختبارية من الله تعالى للبشر أما النفس فان أهم فائدة لها هو تسريع الكمال الإنساني
السابع:يمكن تصور الشيطان وتخيله اما النفس فلا
الثامن :قال الله تعالى بحق النفس الإمارة بالسوء:((فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)) القصص :50 قال تعالى ناقلا عن الشيطان: ((لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ (17)) الأعراف :16،17
إن النفس من أشد أعداء الإنسان الداخليين لأنها تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا وسائر أمراض القلب إنما تنشأ من جانبها ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من شرها كثيراً كما في خطبة الحاجة(4) وكما في حديث أبي هريرة عند ابن أبي حاتم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ "فألهمها فجورها وتقواها" فقال: "اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها" وفي المسند والترمذي أنه صلى الله عليه وسلم علم حصين بن عبيد أن يقول "اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي".
يقول الغزالي رحمه الله :
اعلم أن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك وقد خلقت أمارة بالسوء مبالغة في الشر فرارة من الخيروأمرت بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربها وخالقها ومنعها عن شهواتها وفطامها عن لذاتها فإن أهملتها جمحت وشردت ولم تظفر بها بعد ذلك(5).
وقول الرسول (ص):" اغتنم خمساً قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وشبابك قبل هرمك و فراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك " (6) وعلم النفس يهتم بمراحل النمو وهنا حدثنا الرسول الكريم عن اغتنام مرحلة الشباب قبل الهرم فيما يفيدنا ويفيد ديننا .
يقول إبن سيرين رحمه الله:إذا أراد الله بعبد خيراً جعل له واعظاً من قلبه يأمره وينهاه .
قال الشاعر:
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا
واعصي الهوى فالهوى مازال فتانا
اما ترين المنايا قد تلقطنا
لقطا فتلحق اخرانا بأولانا
ففي كل يوم لنا ميت نشيعه
نرى بمصرعه آثار موتانا
ولما كان من أصعب أنواع الجهاد جهاد النفس فهذا يدل على مدى أهمية النفس فى الإسلام والعاقل يعلم أن حياته الصحيحة هى التوبة والرجوع إلى الله سبحانه ومحبته واغتنام الفرص للعبادة وهذا من أهم أساليب العلاج النفسي وقد سئل النبي عن أفضل الناس فقال : كل مخموم القلب صدوق اللسان فقالوا له صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب فقال هو التقى النقي لاإثم فيه ولا ولا غل ولا حسد .
قال تعالى : ((وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)) النور :40 إن فى الهدى النبوى البلسم الشافى للقلوب الضامئة إلى الحق والنفوس الطالبة لليقين والعقول الراشدة أو الرشيدة التى تنمو فى الصدق و الإخلاص فى العلم والعمل والنفس فى الهدى النبوى إذا صلحت انصلح أمر الجسم وإذا فسدت فسد أمر الجسم فعلاجها أولى وأهم من علاج البدن فالمقصود من هذا أن كثيراً من الأمراض العضوية يكون سببها المباشر أو غير المباشر نفسى أى نتيجة اضطراب الحالة النفسية .
قام الرسول صلي الله عليه وسلم بتشخيص الأمراض البدنية التي ألمت ببعض أصحابه ووصف العلاجات المناسبة لها وربط صلوات الله عليه بين العلاج البدني والعلاج النفسي فنصح بعض أصحابه ممن يعانون منهم بألم فى بطنه أو ألام فى رأسه بالصلاة أوالإستعاذه أو باستخدام الرقية أو بذكر بعض الآيات القرآنية كالمعوذتين و آية الكرسي وغير ذلك من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة.
يقول سيد قطب رحمه الله : إن هذا الكائن مخلوق مزدوج الطبيعة، مزدوج الاستعداد مزدوج الاتجاه، بمعنى أنه في طبيعة تكوينه : من طين الأرض، ومن نفخة الله فيه من روحه، وهو لذلك مزود باستعدادات متساوية للخير والشر، والهدى والضلال، فهو قادر على التمييز بين ما هو خير وما هو شر، كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى أيهما أراد، وهذه قدرة كامنة في كيانه يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ويعبر عنها بالهداية تارة " وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " وإلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان هي التي تناط بها التبعة، فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعدادات الخير فيها وتغليبها على استعدادات الشر فقد أفلح، ومن أظلم هذه القوة وخبأها وأضعفها فقد خاب " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ".
قصيدة " النفس تبكي على الدنيا"
أبيات لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه :
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السعادة فيها ترك ما فيـــــهـا
لا دار للمرءِ بعد الموت يسكنـــهـا *** إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيـــــها
فإن بناها بخير طاب مسكـنـــــــه *** وإن بناها بشر خاب بانيـــــــــها
أموالنا لذوي الميراث نجمعُهـــــــا *** ودورنا لخراب الدهر نبنيــــــــهـا
أين الملـــــوك التي كانت متسلطنة *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيــــهـا
فكم مدائن في الآفاق قـــد بنــــــيت *** أمست خرابا وأفنى الموتُ أهليـــهـا
لا تركِـنَنَّ إلى الدنيا وما فيهــــــــا *** فالموت لا شك يُفنينا ويُفنيـــــــها
لكل نفسٍ وإن كانت على وجــــــلٍ *** من المـَنـيَّةِ آمـــالٌ تقويــــــــــــهـا
المرء يبسطها والدهر يقبضُهـــــا *** والنفس تنشرها والموت يطويـــــهـا
إنما المكارم أخلاقٌ مطهـــــــــرةٌ *** الـدّين أولها والعقل ثانيهـــــــــــا
والعلم ثالثـــــــها والحلم رابعــــــهـا *** والجود خامســــها والفضل سادســــــها
والبرّ سابعــــــها والشكر ثامنــــــهـا *** والصبر تاسعــــــها واللّين باقيــــــهـا
والنفس تعلم أني لا أصادقــــــهـا *** ولست أرشدُ إلا حين أعصيــــهـا
واعمل لدارِغداً رضوانُ خازنــــها *** والجــار أحمد والرحمن ناشيـــــهـا
قصورها ذهب والمسك طينتـــهـا *** والزعفـران حشيشٌ نابتٌ فيــــهـا
أنهارها لبنٌ محضٌ ومن عســـلٍ *** والخمر يجري رحيقاً في مجاريـــــها
والطير تجري على الأغصان عاكفةً *** تسبّـحُ الله جهراً في مغانيــــهـا
من يشتري الدارفي الفردوس يعمرها *** بركعةٍ في ظلام الليل يحييــــهـا
طرق الوصول إلى النفس المطمئنة :
1- التوبة:
فهي أول مقامات منازل العبودية عند السالكين وبها يذوق الإنسان حلاوة الانتقال من التخلية إلى التحلية قال الله عز وجل منوها بشأنها: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)) النور:31 وقال سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ (8)) التحريم:8 قال الله تعالى:( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) ) الزمر: 53 فالتوبة الخالصة التوبة النصوح هي سبيلنا إلى الخلاص من الذنوب والمعاصي وهي أحد سبل النجاة من أمراض نفوسنا لأنها تخلص النفس من التوتر والقلق ومن الشعور الدائم بالذنب وقال رسول الله (ص ): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له))7 .(وعمل حسنات كثيرة توصلك إلى النفس المطمئنة قال الله تعالى :(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)) هود :114 .
2- محاسبة النفس :
وقد دل على وجوب محاسبة النفس قول الله تعالى: قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ (18)) الحشر:18 وقوله صلى الله عليه وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) (8) دان نفسه: أي حاسبها.
وأخرج الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبواوزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) الحاقة:18 .
3- العلم:
اهتم الإسلام بالعلم حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة وأول كلمة نزلت من القرآن هي :اقرأ وقوله تعالى:( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ(11) ) المجادلة :11أي يرفع الله مكانة المؤمنين المخلصين منكم ويرفع مكانة أهل العلم درجات كثيرة في الثواب.
4- الإكثار من ذكر الله :
قال الله تعالى:( الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)) الرعد:28 وقول الله عز وجل: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)) الزخرف :36 وقوله تعالى:(( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)) الأعراف:201وقوله تعالى:( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) البقرة :152والرسول (ص)يقول: (عليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله فإنه نور في الأرض وذكر لك في السماء )(9).
5- الإكثارمن الإستغفار:
أكثروا من الإستغفار فمعه الرزق والفرج والذرية والعلم النافع وحط الخطايا .قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ (135)) آل عمران:135وقال تعالى:( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)) النساء:110 وقال تعالى: ((وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17)) آل عمران :17. لقد كان نوح يأمر قومه بالاستغفار فكان يقول لهم ويكرّر: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) )نوح :11،10،12وهذا يدلّ على أنه من يستغفر الله فإن الله سيعطيه أشياء كثيرة منها: أن الله تعالى سيغفر له ذنوبه وسوف يرزقه الله المطر لكي ينبت الزرع والثمار والنبات ويرزقه الله الأموال والأولاد وهذه هي نتيجة الاستغفار فهل نستغفر الله تعالى ونقول كما علّمنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «أستغفر الله العظيم»؟
6- المحافظة على الفرائض:
لأنها أفضل طاعة يتقرب بها العبد إلى مولاه "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه".
والإكثار من النوافل لقول الله عز وجل: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه"(10) وأعظمها تأثيراً في تزكية النفوس هو ما كان منها أكثر مذلة وخضوعاً لله عز وجل.
7- تدبر القرآن:
فهو جلاء القلوب وإذا صفى القلب زكت النفس ففي الحديث : ((إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد قيل وما جلاؤها قال : تلاوة القرآن وذكر الموت))(11) وقد قال الله عز وجل: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ(29 )) ص :29 وقال سبحانه وتعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ (24)) محمد:24وقال الله تعالى :(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (82))الإسراء:82
محبة النبي(ص): 8-
عن أنس قال رسول الله(ص): (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين)( 12).
وعن أنس بن مالك أن النبي (ص) قال: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطّ عنه بها عشر سيئات ورفعه بها عشر درجات)(13).
إتباع الرسول (ص)من تمام المحبة الذي يدعي محبة الله تعالى ومحبة رسوله(ص) فعليه بالإتباع وتطبيق ماجاء في الكتاب والسنة .
قال الله تعالى :( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) )آل عمران:31
إن حب الرسول في إتباع نوره (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28))الحديد:28
9- الإكثار من السجود:
أن تكثرمن السجود سجدة صلاة طويلة سجدة شكر بعد كل صلاة إن السجود يزيل الشحنات الموجبة في الجسم لأن شحنات الأرض سالبة قال النبي (ص):أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجدوقال الله تعالى: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)) العلق:19
10- عدم اليأس من رحمة الله:
انظروا قصة سيدنا يعقوب بعدما فقد ابنيه يوسف وأخاه، فلم ييأس من رحمة الله وانظروا كيف خاطب أبناءه: (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) يوسف: 87 إنها آية مفعمة بالرحمة ومليئة بالتفاؤل وعدم اليأس انظروا كيف اعتبر القرآن أن اليأس هو كفر بالله تعالى.
11- صحبة الصالحين:
قال الله تعالى:(( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي (29))) الفرقان:27،28،29وقوله تعالى:( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) الزخرف :67. أمرنا الله تعالى أن نجتمع على ذكر الله وتلاوة القرآن لنتمتع بالحياة السعيدة المطمئنة يقول الله تعالى): وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (28)) الكهف :28وأن يخالط الناس في الخير كالجمعة والجماعة والأعياد والحج وتعلم العلم والجهاد والنصيحة.
12- العلاج بالفرح:
قال الله تعالى:(( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) )يونس :58 فهذه الآية تخبرنا بأن المؤمن يفرح برحمة الله تعالى هذا الفرح هو نوع من أنواع السلوك الإيجابي وهو نوع من أنواع التفاؤل الذي يمنح المؤمن السعادة وطول العمر ويزيد من مناعة جسده ضد الأمراض. أصعب الظروف التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار: ((إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40)) التوبة :40انظروا كيف علَّم النبي سيدنا أبا بكر رضي الله عنه ألا يحزن والله إن هذا الكلام لا يصدر إلا من نبي صادق يعلم أنه مرسل من خالق الكون سبحانه وتعالى.وقوله تعالى : ((وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139 ((عمران: 139إنها آية تحث المؤمن على السلوك الإيجابي في عدم الوهن وعدم الحزن.
13- لا تغضب :
عندما ينفعل الإنسان تحصل في جسمه تغيرات أهمها إفراز هرمون الأدرينالين وهذا يؤثر على ضربات القلب واضطراب استهلاك الأوكسجين وارتفاع ضغط الدم هذه الأعراض تزداد حدة عندما يكون الإنسان واقفاً لأن عضلات جسمه تكون مشدودة وهذا يزيد من إفراز الأدرينالين وإذا ما غضب فجلس أو اضطجع فإن نسبة هذا الهرمون تنخفض هذا العلاج الطبي الناجح تحدث عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع)(14).جاء رجل إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال له: أوصني، قال: (لا تغضب) فردد مراراً قال: (لا تغضب)(15).
14- سكينة النفس:
قال الله تعالى:(( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23)))سورة المعارج: 23,22,21,20,19
15- سعادة الآخرة:
قال الله تعالى :((وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)) العنكبوت:64إن الدار الإخرة لهي الحياة الحقيقية الدائمة التي لا موت فيها .
16- التحلي بالصبر واليقين :
فبالصبر ينتصر على شهوات نفسه فيحجزها عن المحرمات ويحبسها على الطاعات، فجانبي التزكية : التخلي والتحلي لا يمكن الحصول عليهما إلا عن طريق الصبر(( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) ) الزمر:10((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) )البقرة:153 قال الله تعالى :( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ(177)) البقرة :177. وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (46) آل عمران:46 .
وأما اليقين فإنه يقضي به على ثبات النفس التي يُوسوسها بها الشيطان ولذلك كان من حصل على هذين المقامين يعد من أئمة الهدى في هذا الدين قال سفيان : بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين قال الله عز وجل: ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)) السجدة:24.
17- الدعاء:
فهو سلاح المؤمن بأن يلجأ الإنسان إلى الله دائماً أن يقيه شر نفسه وأن يعينه على طاعة الله فقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام: ((اللهم اجبرني وانعشني واهدني لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها ولا يصرف سيئها إلا أنت.
دعاء الكرب :
عن إبن عباس أن رسول الله كان يقول عند الكرب:
" لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم" .
" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "
دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح إلي شأني كله لا إله إلا أنت .
ويقول الله تعالى:((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا(69))) العنكبوت:69 فجاهد نفسك وحاسبها ولا تطلق لها العنان ولا تقتلها باتباع وساوس الشيطان فقد قال الفضيل بن عياض(رحمه الله):(لا تغفلوا عن انفسكم فمن غفل عن نفسه فقد قتلها) .
لو عرفت نفسك وجعلتها مطمئنة ستتذوق سعادة لم تعرفها من قبل وستعيش سعيداً مع الإيمان قال الله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) سورة طه:123،124.
اللهُمَّ إني أسألُك نفسًا بك مطمئنَّة، تؤمن بلقائِك، وترضى بقضائِك، وتقنع بعطائك
اللهم امين
ذكره مجمع البيان وروح المعاني والقرطبي والبخاري ومسلم .
صحيح الترغيب والترهيب (3139).
رواه البخاري (37) .
هي قوله صلى الله عليه وسلم : (الحمد لله نحمده ونستعينه...) أخرجه أبو داود والترمذي وصححه والحاكم والبيهقي.
إحياء علوم الدين ج 4 ص 382.
أخرجه الحاكم في المستدرك رقم ( 7846 ) 4 / 341 وفي صحيح الترغيب والترهيب رقم : 3355
رواه ابن ماجه، صحيح الجامع 3008.
رواه أحمد وغيره.
رواه أحمد 47 .
رواه البخاري (6502) .
مسند الشهاب .
رواه البخاري ومسلم .
صحيح الترغيب (1657)المشكاة (922) فضل الصلاة (12211) .
رواه أحمد .
رواه البخاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق