قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر ص:303
" من الابتلاء العظيم إقامة الرجل في غير مقامه. مثل أن يحوج الرجل الصالح إلى مداراة الظالم والتردد إليه، وإلى مخالطة من لا يصلح، وإلى أعمال لا تليق به، أو إلى أمور تقطع عليه مراده الذي يؤثره، مثل أن يقال للعام: تردد إلى الأمير؛ وإلا خفنا عليك سطوته! فيتردد، فيرى ما لا يصلح له، ولا يمكنه أن ينكر.
أو يحتاج إلى شيء من الدنيا -وقد منع حقه- فيحتاج إلى أن يعرض بذكر ذلك، أو يصرح لينال بعض حقه، ويحتاج إلى مداراة من تصعب مداراته، بل يتشتت همه لتلك الضرورات.
وكذلك يفتقر إلى الدخول في أمور لا تليق به، مثل أن يحتاج إلى الكسب، فيتردد إلى السوق، أو يخدم من يعطيه أجرته! وهذا لا يحتمله قلب المراقب لله سبحانه، لأجل ما يخالطه من الأكدار، أو يكون له عائلة وهو فقير، فيتفكر في إغنائهم، فيدخل في مداخل كلها عنده عظيمة.
- وقد يبتلى بفقد من يحب، أو ببلاء في بدنه، أو بعكس أغراضه، وتسليط معاديه عليه، فيرى الفاسق يقهره، والظالم يذله! وكل هذه الأشياء تكدر عليه العيش، وتكاد تزلزل القلب.
وليس في الابتلاء بقوة الأشياء إلا التسليم، واللجأ إلى المقدر في الفرج، فيرى الرجل المؤمن الحازم يثبت لهذه العظائم، ولا يتغير قلبه، ولا ينطق بالشكوى لسانه.
أوليس الرسول صلى الله عليه وسلم يحتاج أن يقول: "من يؤويني؟ من ينصرني؟ " 1، ويفتقر إلى أن يدخل مكة في جوار كافر2، ويلقى السلى على ظهره3، ويقتل أصحابه، ويداري المؤلفة، ويشتد جوعه، وهو ساكن لا يتغير؟! وما ذاك إلا أنه علم أن الدنيا دار ابتلاء، لينظر الله فيها كيف تعملون؟
ومما يهون هذه الأشياء علم العبد بالأجر، وأن ذلك مراد الحق.
................................. ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم4 "
-----------
" من الابتلاء العظيم إقامة الرجل في غير مقامه. مثل أن يحوج الرجل الصالح إلى مداراة الظالم والتردد إليه، وإلى مخالطة من لا يصلح، وإلى أعمال لا تليق به، أو إلى أمور تقطع عليه مراده الذي يؤثره، مثل أن يقال للعام: تردد إلى الأمير؛ وإلا خفنا عليك سطوته! فيتردد، فيرى ما لا يصلح له، ولا يمكنه أن ينكر.
أو يحتاج إلى شيء من الدنيا -وقد منع حقه- فيحتاج إلى أن يعرض بذكر ذلك، أو يصرح لينال بعض حقه، ويحتاج إلى مداراة من تصعب مداراته، بل يتشتت همه لتلك الضرورات.
وكذلك يفتقر إلى الدخول في أمور لا تليق به، مثل أن يحتاج إلى الكسب، فيتردد إلى السوق، أو يخدم من يعطيه أجرته! وهذا لا يحتمله قلب المراقب لله سبحانه، لأجل ما يخالطه من الأكدار، أو يكون له عائلة وهو فقير، فيتفكر في إغنائهم، فيدخل في مداخل كلها عنده عظيمة.
- وقد يبتلى بفقد من يحب، أو ببلاء في بدنه، أو بعكس أغراضه، وتسليط معاديه عليه، فيرى الفاسق يقهره، والظالم يذله! وكل هذه الأشياء تكدر عليه العيش، وتكاد تزلزل القلب.
وليس في الابتلاء بقوة الأشياء إلا التسليم، واللجأ إلى المقدر في الفرج، فيرى الرجل المؤمن الحازم يثبت لهذه العظائم، ولا يتغير قلبه، ولا ينطق بالشكوى لسانه.
أوليس الرسول صلى الله عليه وسلم يحتاج أن يقول: "من يؤويني؟ من ينصرني؟ " 1، ويفتقر إلى أن يدخل مكة في جوار كافر2، ويلقى السلى على ظهره3، ويقتل أصحابه، ويداري المؤلفة، ويشتد جوعه، وهو ساكن لا يتغير؟! وما ذاك إلا أنه علم أن الدنيا دار ابتلاء، لينظر الله فيها كيف تعملون؟
ومما يهون هذه الأشياء علم العبد بالأجر، وأن ذلك مراد الحق.
................................. ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم4 "
-----------
1 رواه أبو داود "4734"، والترمذي "2925"، وابن ماجه "201" عن جابر رضي الله عنه.
2 بجوار المطعم بن عدي.
3 رواه البخاري "3854"، ومسلم "1794" عن ابن مسعود رضي الله عنه، و "السلى" جلدة رقيقة يخرج المولود ملفوفًا به.
4 عجز بيت لأبي الطيب المتنبي، وصدره: "إن كان سركم ما قال حاسدنَا"، ديوانه ص "324".
2 بجوار المطعم بن عدي.
3 رواه البخاري "3854"، ومسلم "1794" عن ابن مسعود رضي الله عنه، و "السلى" جلدة رقيقة يخرج المولود ملفوفًا به.
4 عجز بيت لأبي الطيب المتنبي، وصدره: "إن كان سركم ما قال حاسدنَا"، ديوانه ص "324".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق