تعريف الخوف:
الخوف هو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهو فرض على كل مكلف، والوجل، والخوف والرهبة ألفاظ متقاربة غير مترادفة وللعلامة ابن القيم - رحمه الله - كلام جميل في كتابه مدارج السالكين:
قال أبو حفص: الخوف سوط الله، يقوم به الشاردين عن بابه، وقال: الخوف سراج في القلب به يبصر ما فيه من الخير والشر وكل أحد إذا خفته هربت من إلا الله فإنك إذا خفته هربت إليه، فالخائف هارب من ربه إلى ربه وقال أبو سليمان، ما فارق الخوف قلباً إلا خرب.
وقال إبراهيم بن سفيان إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها وطرد الدنيا عنها.
وقال ذو النون: الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف فإذا زال عنهم الخوف ضلوا الطريق، وقال حاتم الأصم: لا تغتر بمكان صالح، فلا مكان أصلح من الجنة، ولقي فيها آدم ما لقي، ولا تغتر بكثرة العبادة فإن إبليس بعد طول العبادة لقي ما لقي ولا تغتر بكثرة العلم فإن بالعام بن باعوورا لقي ما لقي وكان يعرف الاسم الأعظم، ولا تغتر بلقاء الصالحين ورؤيتهم فلا شخص أصلح من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينتفع بلقائه أعداؤه المنافقون ".
والخوف ليس مقصوداً لذاته بل هو مقصود لغيره قصد الوسائل، ولهذا يزول بزوال المخوف، فإن أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ".
العنصر الثاني فضل الخوف من الله وثمراته:
واعلم علمني الله وإياك: أن للخوف من الله تعالى ثمرات يانعة و فوائد ماتعة نذكر منها:
أولا: أن الخوف شرط شرطه الله للإيمان به فقال سبحانه وتعالى ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44].
وقال سبحانه ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175].
وفي ذلك يقول ابن القيم - رحمه الله -: والمقصود أن الخوف من لوزام الإيمان وموجباته فلا يختلف عنه وقال تعالى ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44] وقد أثنى عليهم ومدحهم ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90].
فالرغب الرجاء، والرغبة والرهب الخوف والخشية، وقال عن ملائكته الذين قد أمنهم من عذابه ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 50] وفي الصحيح عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إني أعلمكم بالله وأشدكم له خشية " أخرجه البخاري.
وقد قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28] فكلما كان العبد بالله أعلم كان أخوف قال ابن مسعود " كفى بخشية الله علماً " ونقصان الخوف من الله إنما هو لنقصان معرفة العبد بربه، فأعرف الناس أخشاهم لله، ومن عرف الله اشتد حياؤه منه وخوفه له وحبه له، وكلما ازداد معرفة ازداد حياء وخوفا وحبا، فالخوف من أجل منازل الطريق، وخوف الخاصة أعظم من خوف العامة، وهم إليه أحوج، وهو بهم أليق ولهم ألزم، فإن العبد إما أن يكون مستقيماً أو مائلاً عن الاستقامة، فإن كان مائلاً عن استقامة فخوفه من العقوبة على ميله، ولا يصح الإيمان إلا بهذا الخوف.
ثانيا: - إن الجنة مأوى الخائفين يقول سبحانه ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41].
يقول ابن كثير رحمه الله " إلى خاف القيام بين يدي الله عز وجل وخاف حكم الله فيه ونهى نفسه عن هواها إلي طاعة مولاه ﴿ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 41] أي متقلبة ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء ".
بل إن الله ضاعف له الجزاء وأكرم له المثوبة فاعد له من الجنة جنتان وفضلهما عن غيرهما بأمور كثيرة يقول سبحانه وتعالى ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46].
فهاتان الجنتين تفضلان غيرهما بفضائل ومميزات أعد الله تلك الفضائل لمن خاف مقام ربه عز وجل بل إن الجزاء أعظم وأكبر أن يعده عَاد يقول سبحانه ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16، 17].
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله تعالى " أعدت لعبادي الصالحين ما لا عبن رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ أخرجه البخاري.
ثالثا: أن تكون في ظل عرش الرحمن: فان الخائف، دائم الدمعة لا قرار له إلا في دار القرار فان غزارة الدمع تطفئ حرارة الشهوات وتكف المرء عن معصية ربه، لذا كان جزاؤه أن يكون في ظل عرش الرحمن قال النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " وذكر منها " ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " أخرجه البخاري.
رابعا:- ومن فوائد الخوف والوجل والخشية الأمان من عذاب الله عن ابن عباس رضي الله عنهما " قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - " عينان لا تمسهما النار - عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله ".
يقول المناوي - رحمه الله - (عينان لا تمسهما النار أبدا عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله) قال الطيبي: قوله عين بكت إلخ كناية عن العالم العابد المجاهد مع نفسه لقوله تعالى ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28] حيث حصر الخشية فيهم غير متجاوزة عنهم فحملت النسبة بين العينين عين مجاهدة مع النفس والشيطان وعين مجاهدة مع الكفار والخوف والخشية مترادفا).
إن عينا ذرفت الدمع خشية من الله، لهى ناجية ولو كان هذا الدمع طفرة ثم ولت، أو مره في العام ثم أدبرت. قال سفيان الثوري رحمه الله " البكاء عشرة أجزاء فواحد منها لله والتسعة كلها رياء، فإذا جاء ذلك الجزء الذي لله تعالى في السنة مرة واحدة، نجا صاحبه من النار إن شاء الله.
خامسا:- ومن فوائد الخوف من الله تعالى أن الله لا يبقي في النار أحد ممن خافه في يوم من الأيام:
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " فيما يروى عن ربه عز وجل أنه قال " وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ".
فالعاقل من خشي ربه في السر والعلن وخافه في الدنيا حتى يؤمنه في الآخرة ويفر إليه في دار المفر حتى يسكنه غداً دار المستقر ويكون حاله في خوفه ووجله كما وصف الله عباده بقوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون 57: 61] فهم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ولكنهم قد ملأ الخوف قلوبهم فهم خائفون ألا يتقبل الله منهم.
العنصر الثالث خوف الملائكة والأنبياء:
نقف مع الملائكة الأبرار والأنبياء الأخيار لنرى شدة خوفهم من الله - عز وجل - مع أنهم معصون من الخطأ والزلل إلا أن داعي الوجل والخوف يزداد كلما ارتقى العبد في سلم الإيمان وازداد في معرفة العزيز الجبار ازداد خوفه ووجله.
فها هم الملائكة الذين وصفهم بذلك الوصف الجميل بقوله ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6] على الرغم من هذا فهذا حالهم خوف وخشية ورهبة ورغبة يقول سبحانه ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 49، 50] ووصف حالهم بقوله ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " إذا قضى الله الأمر من السماء ضربت الملائكة بأجنحتها حُضْعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان " قال علِيُّ وغير صفوان ينفذهم ذلك، فإذا فُزع عن قلوبهم، قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير ".
وفي معجم الطبراني الأوسط بإسناد حسن عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " مررت ليلة أسرى بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس البالي من خشية الله " " والحلس: كساء يبسط في أرض البيت " ولكن لماذا يخاف الملائكة وهم معصوم وكذا الأنبياء ؟.
خوف الأنبياء والرسل:
أما السادة الغرر المصطفين الأخيار الذين أختصهم الله واصطفاهم على العالمين، فإنهم أعلم الناس بالله وبماله من صفات وأسماء، وبما عنده من وعد ووعيد لذا كانوا من أشد الناس لله خوفاً وخشية ورهبة... وهيا لنرى شدة خوفهم من ربهم كما جاء في حيث الشفاعة....
وهكذا يكون خوف العارفين والله تعالى قص علينا تضرعهم وابتهالهم وطلبهم المغفرة فقال في آدم - عليه السلام ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23].
وقال في نوح - عليه السلام - ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [هود: 47].
وقال في إبراهيم - عليه السلام ﴿ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾} [الشعراء: 82]، وقال في موسى - عليه السلام - ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [القصص: 16]
وقال في يوسف - عليه السلام - ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23].
وقال في زكريا ويحيى - عليهما السلام - ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 89، 90].
أما سيد الأولين وإمام المتقين من عبد ربه حتى أتاه اليقين فكان سيد العارفين الخاشعين المشفقين, هيا لنره - صلى الله عليه وسلم - وهو يصف معرفته بربه وشدة خشيته له.
يقول القاضي عياض - رحمه الله - وأما خوفه ربه وطاعته له وشدة عبادته له فعلى قدر علمه بربه ولذلك قال...
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - كان يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ".
وها هو - صلى الله عليه وسلم - يبكي عند سماع القرآن، قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه قال:لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقرأ على القرآن، قال: فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال " إني أشتهي أن أسمعه من غيري فقرأت النساء حتى إذا بلغت: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41] رفعت رأسي، أو قال غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل " وأخرج البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال أبو بكر - رضي الله عنه - يا رسول الله أراك شبت، فقال: شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ".
خوف العلماء والأولياء والصحابة والتابعين:
قال الله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 107 - 109] فهؤلاء علماء أهل الكتاب حين سمعوا القرآن استولى عليهم الخوف من الله تعالى فسقطوا على الأرض ساجدين من شدة الوله والخشية".
وهيا لنرى أحوال الخائفين المخبتين الوجلين...
♦ خوف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وخوفه من ربه: عن مسروق قال: قال رجل عند عبد الله، ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين، أكون من المقربين أحب إلي فقال عبد الله: لكن هاهنا رجل ود انه إذا مات لا يبعث يعنى نفسه، وعن الحسن قال: قال عبد الله بن مسعود: لو وقفت بين الجنة والنار فقيل لي اختر نخيرك من أيها تكون أحب إليك أو تكون رمادا ؟ لا حببت أن كون رمادا.
♦ خوف عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عبد الله بن عامر بن ريبعة رأيت عمر بن الخطاب آخذ تبنه من الأرض فقال يا ليتني هذه النبتة، وليتني لم أكن شيئا، ليت أُمي لم تلدني كنت نسيا منسيا.
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كان راس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه فقال لي: ضع رأسي، قال فوضعته على الأرض فقال: ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي.
وقال المسور بن مخرمة: لما طعن عمر قال: لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه.
♦ خوف أبى هريرة: وبكى أبو هريرة في مرضه فقيل له: ما يبكيك ؟، فقال: أما إني لا أبكى على دنياكم هذه، ولكن أبكى على بعد سفري وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدرى إلى أيتها يؤخذ بي.
♦ خوف عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: عن سمير الرياحي عن أبيه قال: شرب عبد الله بن عمر ماء مبردا فبكى، فاشتد بكاؤه، فقيل له: ما يبكيك ؟، ذكرت آية في كتاب الله عز وجل ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ [سبأ: 54].
فعرفت إن أهل النار لا يشتهون شيئا، وشهواتهم الماء، وقد قال الله عز وجل ﴿ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 50].
إخترت هذا الموضوع بالتحديد لأن في عصرنا هذا قل الخوف من الجليل و أصبح الناس يتجرؤون على معصية الخالق و يجاهرون بذلك نسأل الله العافية