السبت، 1 نوفمبر 2014

هذا الجبل !! فكيف بقلبك يا عبد الله


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :

فهذه فائدة عظيمة للشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه للعقيدة الواسطية ، هذه الفائدة لا بد لنا من الوقوف عندها بالتأمل و التدبر .

أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى و صفاته العلى أن يعيننا على تدبر وفهم كلامه و العمل به و اتباع سنة رسوله صلى الله عليه و آله وسل
م .



قال الشيخ رحمه الله تعالى في شرح العقيدة الواسطية :

إثبات أن القرآن منزل من الله تعالى
" الآية الثانية : قوله تعالى : " لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله " ( الحشر :21)

الجبل من أقسى ما يكون ، و الحجارة التي منها تتكون الجبال هي مضرب المثل في القساوة ، قال الله تعالى : " ثمّ قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة " ( البقرة :74) ولو نزّل هذا القرآن على جبل ، لرأيت هذا الجبل خاشعا متصدعا من خشية الله " خاشعا " ، أي ذليلا . ومن شدة خشيته لله يكون " متصدّعا " يتفلق و يتفتق وهو ينزل على قلوبنا ، و قلوبنا ـ إلاّ أن يشاء الله ـ تضمر و تقسو لا تتفتح و تتقبل .

فالذين ءامنوا إذا أنزلت عليهم الآيات ، زادتهم إيمانا ، و الذين في قلوبهم مرض ، تزيدهم رجسا إلى رجسهم ، نعوذ بالله من ذلك ! و هذا القرآن لو أنزل على جبل ، لتصدّع الجبل و خشع ، لعظمة ما أنزل عليه من كلام الله .

وفي هذا دليل على أن للجبل إحساسا ، لأنّه يخشع و يتصدّع ، والأمر كذلك ، قال النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم في أحد : " هذا أحد جبل يحبنا و نحبه " رواه البخاري و مسلم

وبهذا الحديث نعرف الرد على المثبتين للمجاز في القرآن ، و الذين يرفعون دائما علمهم مستدلين بهذه الآية : " فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقضّ" ( الكهف :77) يقول : كيف يريد الجدار ؟!

فنقول : يا سبحان الله ! العليم الخبير يقول : " يريد أن ينقضّ " ، و أنت تقول لا يريد ! أهذا معقول ؟ فليس من حقك بعد هذا أن تقول : كيف يريد ؟!

وهذا يجعلنا نسأل أنفسنا : هل نحن أوتينا علم كل شيء ؟

فنجيب بالقول بأننا ما أوتينا من العلم إلاّ قليلا .

فقول من يعلم الغيب و الشهادة : "يريد أن ينقضّ" : لا يسوغ لنا أن نعترض عليه ، فنقول : لا إرادة للجدار ! و لا يريد أن ينقض !

وهذا من مفاسد المجاز ، لأنه لا يلزم منه نفي ما أثبته القرآن .

أليس الله تعالى يقول : "تسبّح له السموات السّبع و الأرض ومن فيهنّ و إن من شيء إلاّ يسبّح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم " ( الإسراء: 44) ، هل تسبّح بلا إرادة ؟ !

يقول : " تسبّح له " : اللام للتخصيص ، إذا ، هي مخلصة ، وهل يتصور اخلاص بلا إرادة ؟!

إذا ، هي تريد ، وكل شيء يريد ، لأن الله يقول : " وإن من شيء إلاّ يسبّح " ، و أظنّه لا يخفى علينا جميعا أن هذا من صيغ العموم ، ف(إن) : نافية بمعنى (ما) ، و " من شيء": نكرة في سياق النفي ، " إلاّ يسبّح بحمده " فيعم كل شيء .

فيا أخي المسلم ! إذا رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن ، فاتهم نفسك ، لأنّ الله أخبر أن هذا القرآن لو نزل على جبل لتصدع ، و قلبك يتلى عليه القرآن و لا يتأثر . أسأل الله أن يعينني و إيّاكم ."



انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

و الله المستعان





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق