يحتفل المسلمون غدًا، في شتى بقاع الأرض، بمناسبة ذكرى ليلة النصف من شعبان لعام 1440 هجريًا، التي يُكن لها المسلمون حول العالم منزلة خاصة، لا سيما أنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة، استجابة لرغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليلة النصف من شعبان، وهي الليلة التي تسبق يوم 15 شعبان، وتبدأ من بعد صلاة المغرب وحتى دخول صلاة فجر اليوم التالي.
من أسمائها..
ويطلق على هذه الليلة «ليلة البراءة وليلة الدعاء وليلة القِسمة وليلة الإجابة وكذلك الليلة المباركة وليلة الشفاعة وليلة الغفران والعتق من النيران».
حادث تحويل القبلة
ولهذه الليلة أهمية خاصة في الإسلام؛ لأنه تم فيها تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة، وذلك في العام الثاني من الهجرة على أرجح الآراء، بعد أن صلى المسلمين قرابة 16 شهرًا تقريبًا تجاه المسجد الأقصى.
وجاء تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام استجابة لرغبة الرسول، حيث كان يقلب وجهه في السماء، متمنيًا تحويلها، فأنزل الله عليه قوله تعالي «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره»، وقد كان ذلك في صلاة العصر على الأرجح، إذ صلى الرسول الركعتين الأوليين تجاه بيت المقدس، ثم اتجه في الركعتين الأخريين إلى المسجد الحرام.
فعن البراء بن عازب، قال: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده -أو قال أخواله- من الأنصار وأنه -صلى الله عليه وسلم- صلى قِبَل بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم».
فضل تلك الليلة
وورد في فضل وأهمية ليلة النصف من شعبان، أحاديث نبوية كثيرة، منها ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه»، وكذلك ما ورد عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن»، وقد قال عطاء بن يسار: «ما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل من ليلة النصف من شعبان، يتنزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيغفر لعباده كلهم، إلا لمشرك أو مشاجر أو قاطع رحم».
دعاء مأثور
وقد اشتهر دعاء مأثور في هذه الليلة أخرجه ابن أبى شيبة ف المصنف وابن أبى الدنيا في الدعاء عن ابن مسعود رضي الله عنه, وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «ما دعا قط عبد بهذه الدعوات إلا وسع الله عليه في معيشته: يا ذا المن ولا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام, يا ذا الطول والإنعام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين ومأمن الخائفين, إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيًا، فامح عنى اسم الشقاء وأثبتني عندك سعيدًا موفقًا للخير, وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محرومًا أو مقترًا على في الرزق، فامح حرماني ويسر رزقي وأثبتني عندك سعيدًا موفقًا للخير فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت «يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب».
وبينما يفتي بعض العلماء بجواز صيام ذلك اليوم، يرى آخرون، أن ما ورد عن فضل تلك الليلة لا يعني أن يخصص هذا اليوم بصيام أو أنه تخصص ليلته بقيام بل يكون المسلم في هذا اليوم كغيره من الأيام لا يحدث فيه عبادة أو ذكرًا مخصوصًا.
المفتي
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن ذكرى ليلة النصف من شعبان وهي ذكرى تحويل القبلة إلى بيت الله الحرام، مصداقًا لقول المولى عز وجل في سورة البقرة «قد نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ».
وأكد في بيان له، أن هذه الذكرى تبعث برسالة وحدة الصف والتكاتف بين أبناء الأمة الإسلامية والعربية، لمواجهة التحديات والمخاطر والمؤامرات التي تحيط بالأمة في وقتنا الراهن، مصداقًا لقول المولى عز وجل: «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، وقوله تعالى أيضًا «واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق