حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار في العشر الأوائل من ذي الحجة
كثير من الناس يسألون في هذه الأيام عن حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار في العشر الأوائل من ذي الحجة هل هو حرام أو مكروه؟
الجواب وبالله التوفيق:
الحكم يختلف باختلاف الناس؛ بالنسبة لمن لا أضحية له يجوز له أن يأخذ من شعره وأظفاره متى شاء باتفاق الجمهور. أما بالنسبة لمن يريد أن يضحي فقد اختلف الفقهاء فيه بين الحرمة والكراهة والإباحة:
في طرف؛ الحنابلة وبعض الشافعية قالوا بأنه حرام.
وفي طرف آخر؛ الحنفية قالوا بأنه مباح.
وفي الوسط المالكية والشافعية قالوا بأنه مكروه، وترك الحلق والتقليم مندوب وليس بواجب(1).
والأصل في ذلك ما روى الإمام مسلم عن أم سلمة -رضي اللَّه عنها- أنَّ النبيَّﷺ قال: «إذا رأيتم هلاَلَ ذي الحجة، وأرادَ أحَدُكم أَنْ يَضَحِّيَ فَلْيُمْسكْ عن شَعرِه وأظْفَارهِ»، وفي رواية: «فَلاَ يَأْخُذَنَّ شَعرا وَلاَ يَقْلِمَنَّ ظُفرا»(2).
وهذا نهي؛ والنهي إذا لم يقتض التحريم حمل على الكراهة(3)؛ قال الشيخ خليل: "و(ندب) ترك حلق وقلمٍ لِمُضَحٍّ عشرَ ذي الحجة"، وإنما ندب للتشبه بالحاج(4).
واستدل المالكية والشافعية على أن النهي للكراهة وليس للتحريم بما روى الإمام مالك والشيخان عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: «أنا فَتَلْتُ قلائد بُدْنِ رسول اللهﷺ بِيَدَىَّ، ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حِلاًّ»، وفي رواية: «ثم بعث بهاﷺ مع أبي»؛ أي مع أبي بكر رضي الله عنه في السنة التاسعة من الهجرة(5).
ومعناه: فما حرم عليه شيء من محظورات الإحرام؛ من النساء، والطيب، وإزالة الشعث، وحلق الشعر، وتقليم الأظفار، وغير ذلك مما أحله الله...
الخلاصة: أن من أراد أن يضحي يستحب له أن يترك حلق شعره وتقليم أظفاره حتى يذبح أضحيته؛ اقتداء بما روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها من سنة رسول اللهﷺ القولية، ومن خالف ارتكب مكروها وترك الأفضل والأولى؛ أخذا بما حكته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من سنة رسول اللهﷺ الفعليه؛ والخطب هنا سهل، فلا ينكر على هذا ولا على ذاك ولله الحمد. والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الهامـــــــش:
(1) التاج والإكليل للمواق: (3/ 244)، وبلغة السالك للصاوي: (2/ 90)، والمجموع للنووي: (8/ 391)، والمغني لابن قدامة: (11/ 96).
(2) صحيح مسلم: كتاب الأضاحي: باب نَهْىِ مَنْ دخل عليه عَشْرُ ذي الحجة وهو مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ أن يأخذ من شعره وأظفاره شيئا: (6/ 83).
(3) مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل للحطاب: (4/ 372).
(4) الشرح الكبير لمختصر خليل للدردير: (2/ 121).
(5) الموطأ: كتاب الحج: باب ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي: (1/ 340)، وصحيح البخاري: كتاب الحج: باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم: (2/ 608)، وصحيح مسلم: كتاب الحج: باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه: (4/ 90): رقم 1321.
عبدالله بنطاهر
1 ذو الحجة 1437هـ 3 / 9 / 2016م.
مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق أكادير المغرب.
كثير من الناس يسألون في هذه الأيام عن حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار في العشر الأوائل من ذي الحجة هل هو حرام أو مكروه؟
الجواب وبالله التوفيق:
الحكم يختلف باختلاف الناس؛ بالنسبة لمن لا أضحية له يجوز له أن يأخذ من شعره وأظفاره متى شاء باتفاق الجمهور. أما بالنسبة لمن يريد أن يضحي فقد اختلف الفقهاء فيه بين الحرمة والكراهة والإباحة:
في طرف؛ الحنابلة وبعض الشافعية قالوا بأنه حرام.
وفي طرف آخر؛ الحنفية قالوا بأنه مباح.
وفي الوسط المالكية والشافعية قالوا بأنه مكروه، وترك الحلق والتقليم مندوب وليس بواجب(1).
والأصل في ذلك ما روى الإمام مسلم عن أم سلمة -رضي اللَّه عنها- أنَّ النبيَّﷺ قال: «إذا رأيتم هلاَلَ ذي الحجة، وأرادَ أحَدُكم أَنْ يَضَحِّيَ فَلْيُمْسكْ عن شَعرِه وأظْفَارهِ»، وفي رواية: «فَلاَ يَأْخُذَنَّ شَعرا وَلاَ يَقْلِمَنَّ ظُفرا»(2).
وهذا نهي؛ والنهي إذا لم يقتض التحريم حمل على الكراهة(3)؛ قال الشيخ خليل: "و(ندب) ترك حلق وقلمٍ لِمُضَحٍّ عشرَ ذي الحجة"، وإنما ندب للتشبه بالحاج(4).
واستدل المالكية والشافعية على أن النهي للكراهة وليس للتحريم بما روى الإمام مالك والشيخان عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: «أنا فَتَلْتُ قلائد بُدْنِ رسول اللهﷺ بِيَدَىَّ، ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حِلاًّ»، وفي رواية: «ثم بعث بهاﷺ مع أبي»؛ أي مع أبي بكر رضي الله عنه في السنة التاسعة من الهجرة(5).
ومعناه: فما حرم عليه شيء من محظورات الإحرام؛ من النساء، والطيب، وإزالة الشعث، وحلق الشعر، وتقليم الأظفار، وغير ذلك مما أحله الله...
الخلاصة: أن من أراد أن يضحي يستحب له أن يترك حلق شعره وتقليم أظفاره حتى يذبح أضحيته؛ اقتداء بما روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها من سنة رسول اللهﷺ القولية، ومن خالف ارتكب مكروها وترك الأفضل والأولى؛ أخذا بما حكته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من سنة رسول اللهﷺ الفعليه؛ والخطب هنا سهل، فلا ينكر على هذا ولا على ذاك ولله الحمد. والله أعلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الهامـــــــش:
(1) التاج والإكليل للمواق: (3/ 244)، وبلغة السالك للصاوي: (2/ 90)، والمجموع للنووي: (8/ 391)، والمغني لابن قدامة: (11/ 96).
(2) صحيح مسلم: كتاب الأضاحي: باب نَهْىِ مَنْ دخل عليه عَشْرُ ذي الحجة وهو مُرِيدُ التَّضْحِيَةِ أن يأخذ من شعره وأظفاره شيئا: (6/ 83).
(3) مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل للحطاب: (4/ 372).
(4) الشرح الكبير لمختصر خليل للدردير: (2/ 121).
(5) الموطأ: كتاب الحج: باب ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي: (1/ 340)، وصحيح البخاري: كتاب الحج: باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم: (2/ 608)، وصحيح مسلم: كتاب الحج: باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه: (4/ 90): رقم 1321.
عبدالله بنطاهر
1 ذو الحجة 1437هـ 3 / 9 / 2016م.
مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق أكادير المغرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق