السبت، 1 مارس 2014

صنّاع الوسواس مرة أخرى.





في ظل ما نعيشه من بعدٍ عن ديننا، وانشغالٍ بأمور دنيانا، ظهرت في أمتنا أمراض نفسية عديدة، تحت مسميات مختلفة، منبعها كلها اللهث وراء رونق الدنيا و الإعراض عن دين الله و البعد عن العقيدة الصحيحة.

و في خضم هذا كله، خرج علينا خلق كثير امتهنوا أكل أموال الناس بالباطل بدعوى الرقية، فصاروا بحق دجالين برتبة رقاة، كثير من هؤلاء ذاع صيتهم محليا، و منهم من وصل خبره إلى الأفاق، بعدما روجت له بعض وسائل الإعلام، كمثل ذاك الدجال، الذي ظهر على قناة الغروب، و صوّر على أنه المنقذ من كل الشرور،تفننوا في تزكيته حتى ظننا أنه شيخ زمانه،و الرجل مسكين يخلط بين السنة و البدعة، و يحدّث الجّان و يتّخذ منهم الصحبة، ظل في باب الرقية، حتى جعل الماء المرقي في حقنة، يحقن به السقيم المسكين مقابل دراهم معدودة، و من أمثال هذا الجاهل شرذمة كثيرة، تفرغوا للرقية زعموا، و للمجالس تصدروا، و في صناعة "الوسواس" تخصصوا، فهذا به عين حارة، و أخر سكنه فريق لكرة اليد، يخبر السقيم أنه أخرج منه الحارس و المدافعين و لم يبقى سوى التخلص من المهاجمين، و ثالث به سحر مدفون في قبر أبيه المرحوم، و هلم جر من عجائب ما نسمع في هذا الزمان و الله المستعان،

من يسمع كلامهم يعتقد أن الكل أصابه السحر، أو تلبس به الجني المارد، حتى أردى ذهنه شاردا، و لفعلهم هذا تفسيران: إما أنهم ضلوا في باب الرقية فصيروا المعروف منكرا و المنكر معروفا، فيذكرون أّنّه من سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم، وضع اليد اليمنى على السقيم حين الرقية، و لكنهم لم يفرقوا في ذلك بين الرجل و المرأة، ونسوا أن جزاء مسها أسوأ من أن يطعن رأس أحدهم بمخيط من حديد، و من ضلالاتهم، استعانتهم بالجن المسلم زعموا، و نسوا أو تناسوا أنه مارد مجهول الحال، لا يعلم صلاحه من عدمه، بالله عليكم نحن نخالط بني البشر سنين عديدة، و يخفى عنا حالهم فما بالكم بالمردة و الشياطين، ثم ألم يسمعوا لقول العزيز الحكيم "َوأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا"، و أما التفسير الثاني لصناعتهم "الوسواس" لدى عامة الناس، هو سعيهم لكسبٍ من الدنيا قليل و ذالك بتكثير سواد المرضى، و امتلاء قاعات انتظار عياداتهم المزعومة، و بالتالي تكثير عائداتهم التي يجنونها باستعمال كلام الله المطهر و العياذ بالله "فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُون ".

و لو أنهم أناروا درب العامة بتعليمهم العقيدة الصحيحة و نهيهم عن الشرك صغيره و كبيره و دعوتهم لترك البدع و الالتزام بالسنة و المحافظة على الصلاة و الذكر و تلاوة القران لخلت "عياداتهم" من المرضى و معها تخلوا حساباتهم البنكية، إذ أن الشفاء كله في الاعتصام بالله و حده، و هو حسبي و نعم الوكيل و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق