باب لا يقول فلان شهيد قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله
2742 حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقال ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار فقال رجل من القوم أنا صاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة
الحاشية رقم: 1
[ ص: 106 ] قوله : ( باب لا يقال فلان شهيد ) أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي ، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال " تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدا ، ولعله قد يكون قد أوقر راحلته ، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين ، عن أبي العجفاء بفتح المهملة وسكون الجيم ثم فاء عن عمر ، وله شاهد في حديث مرفوع أخرجه أبو نعيم من طريق عبد الله بن الصلت عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعدون الشهيد ؟ قالوا : من أصابه السلاح قال : كم من أصابه السلاح وليس بشهيد ولا حميد وكم من مات على فراشه حتف أنفه عند الله صديق وشهيد وفي إسناده نظر ، فإنه من رواية عبد الله بن خبيق بالمعجمة والموحدة والقاف مصغر عن يوسف بن أسباط الزاهد المشهور ، وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال .
قوله : ( قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله ) أي يجرح ، وهذا طرف من حديث تقدم في أوائل الجهاد من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة باللفظ الأول ، ومن طريق الأعرج عنه باللفظ الثاني ، ووجه أخذ الترجمة منه يظهر من حديث أبي موسى الماضي " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " ولا يطلع على ذلك إلا بالوحي ، فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطي حكم الشهادة ، فقوله " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " أي فلا يعلم ذلك إلا من أعلمه الله ، فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله .
ثم ذكر المصنف حديث سهل بن سعد في قصة الذي بالغ في القتال حتى قال المسلمون : ما أجزأ أحد ما أجزأ ، ثم كان آخر أمره أن قتل نفسه ، وسيأتي شرحه مستوفى في المغازي حيث ذكره المصنف ، ووجه أخذ الترجمة منه أنهم شهدوا رجحانه في أمر الجهاد ، فلو كان قتل لم يمتنع أن يشهدوا له بالشهادة ، وقد ظهر منه أنه لم يقاتل لله وإنما قاتل غضبا لقومه ، فلا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد لاحتمال أن يكون مثل هذا ، وإن كان مع ذلك يعطى حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة ، ولذلك أطبق السلف على تسمية المقتولين في بدر وأحد وغيرهما شهداء ، والمراد بذلك الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب والله أعلم . وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد قال " لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك قال : لا يخرج معنا إلا مقوى فخرج رجل على بكر ضعيف فوقص فمات ، فقال الناس : الشهيد الشهيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال ناد إن الجنة لا يدخلها عاص " وفيه إشارة إلى أن الشهيد لا يدخل النار لأنه صلى الله عليه وسلم قال : إنه من أهل النار ، ولم يتبين منه إلا قتل نفسه وهو بذلك عاص لا كافر ، لكن يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 107 ] اطلع على كفره في الباطن أو أنه استحل قتل نفسه ، وقد يتعجب من المهلب حيث قال : إن حديث الباب ضد ما ترجم به البخاري لأنه قال " لا يقال فلان شهيد " والحديث فيه ضد الشهادة ، وكأنه لم يتأمل مراد البخاري ، وهو ظاهر كما قررته بحمد الله تعالى .
فتح الباري شرح صحيح البخاري
الله الله في تقسيم الشهادة
2742 حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه فقال ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار فقال رجل من القوم أنا صاحبه قال فخرج معه كلما وقف وقف معه وإذا أسرع أسرع معه قال فجرح الرجل جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد أنك رسول الله قال وما ذاك قال الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت أنا لكم به فخرجت في طلبه ثم جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة
الحاشية رقم: 1
[ ص: 106 ] قوله : ( باب لا يقال فلان شهيد ) أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي ، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال " تقولون في مغازيكم فلان شهيد ومات فلان شهيدا ، ولعله قد يكون قد أوقر راحلته ، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين ، عن أبي العجفاء بفتح المهملة وسكون الجيم ثم فاء عن عمر ، وله شاهد في حديث مرفوع أخرجه أبو نعيم من طريق عبد الله بن الصلت عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعدون الشهيد ؟ قالوا : من أصابه السلاح قال : كم من أصابه السلاح وليس بشهيد ولا حميد وكم من مات على فراشه حتف أنفه عند الله صديق وشهيد وفي إسناده نظر ، فإنه من رواية عبد الله بن خبيق بالمعجمة والموحدة والقاف مصغر عن يوسف بن أسباط الزاهد المشهور ، وعلى هذا فالمراد النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال .
قوله : ( قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : الله أعلم بمن يجاهد في سبيله والله أعلم بمن يكلم في سبيله ) أي يجرح ، وهذا طرف من حديث تقدم في أوائل الجهاد من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة باللفظ الأول ، ومن طريق الأعرج عنه باللفظ الثاني ، ووجه أخذ الترجمة منه يظهر من حديث أبي موسى الماضي " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " ولا يطلع على ذلك إلا بالوحي ، فمن ثبت أنه في سبيل الله أعطي حكم الشهادة ، فقوله " والله أعلم بمن يكلم في سبيله " أي فلا يعلم ذلك إلا من أعلمه الله ، فلا ينبغي إطلاق كون كل مقتول في الجهاد أنه في سبيل الله .
ثم ذكر المصنف حديث سهل بن سعد في قصة الذي بالغ في القتال حتى قال المسلمون : ما أجزأ أحد ما أجزأ ، ثم كان آخر أمره أن قتل نفسه ، وسيأتي شرحه مستوفى في المغازي حيث ذكره المصنف ، ووجه أخذ الترجمة منه أنهم شهدوا رجحانه في أمر الجهاد ، فلو كان قتل لم يمتنع أن يشهدوا له بالشهادة ، وقد ظهر منه أنه لم يقاتل لله وإنما قاتل غضبا لقومه ، فلا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد لاحتمال أن يكون مثل هذا ، وإن كان مع ذلك يعطى حكم الشهداء في الأحكام الظاهرة ، ولذلك أطبق السلف على تسمية المقتولين في بدر وأحد وغيرهما شهداء ، والمراد بذلك الحكم الظاهر المبني على الظن الغالب والله أعلم . وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن مجاهد قال " لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك قال : لا يخرج معنا إلا مقوى فخرج رجل على بكر ضعيف فوقص فمات ، فقال الناس : الشهيد الشهيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال ناد إن الجنة لا يدخلها عاص " وفيه إشارة إلى أن الشهيد لا يدخل النار لأنه صلى الله عليه وسلم قال : إنه من أهل النار ، ولم يتبين منه إلا قتل نفسه وهو بذلك عاص لا كافر ، لكن يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 107 ] اطلع على كفره في الباطن أو أنه استحل قتل نفسه ، وقد يتعجب من المهلب حيث قال : إن حديث الباب ضد ما ترجم به البخاري لأنه قال " لا يقال فلان شهيد " والحديث فيه ضد الشهادة ، وكأنه لم يتأمل مراد البخاري ، وهو ظاهر كما قررته بحمد الله تعالى .
فتح الباري شرح صحيح البخاري
الله الله في تقسيم الشهادة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق