[تنبيه مهم لمستخدمي الانترنت]: استبدال الذي هو الأدنى بالذي هو خير

بسم الله الرحمن الرحيم

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فهذا تنبيه مهمّ جدًا من الشيخ: أبي فريحان جمال بن فريحان الحارثي -حفظه الله- لمن استبدل مدارسة العلم ومجالس الذكر بالانترنت

استبدال الذي هو الأدنى بالذي هو خير؛
فاجعة

৴৲৴৴৲৴৴৲৴

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالذي دعاني للكتابة في هذا الموضوع هو ما رأيت وما سمعت وما بلغني وما لاحظت؛ من تقاعس بعض الإخوة هنا وهناك عن حضور مجالس العلم، ومجالس الذكر، ومجالس الخير، سواء في المساجد لحضور الدروس العلمية والمحاضرات الشرعية، أو في اجتماع الإخوة والأحبة للمذاكرة والمدارسة فيما بينهم في بيت أو داوانية أحدهم .

فلقد أخذ "النت" كـ( ـ المسنجر ـ سكاي بي ـ واتس أب ـ رسايل جوال ـ بلاك بيري ـ فايبر ـ تانقوا ـ وغيرها ) الكثير من الوقت على الإخوة، بل وجعلهم منعزلين عن بعضهم البعض ومبتعدين ومتفرقين، وهذا له أثره الكبير على الأرواح والقلوب، وهذا من أبلغ أضرار الابتعاد عن الاجتماع بالإخوة والصحبة الصالحة التي تُفيد وتستفيد، فقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة تفرقهم في المسجد ذات يوم، وهو في غير المسجد أولى للمسلمين، فعن جَابِرِ بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال:

"خَرَجَ عَلَيْنَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَآنَا حِلَقًا [ مُتَفَرِّقُونَ ] فقال: ( مَالِي أَرَاكُمْ عِزِينَ ) [ وَهُمْ قَعُودٌ ] ".

أخرجه أحمد (5/93، 107)، ومسلم (430).

۞ قال النووي:

" أي متفرقين جماعة جماعة، معناه النهي عن التفرق والأمر بالاجتماع ".

"شرح مسلم" (4/153).

۞ قال الألباني:

" أي : تجمعوا ولا تتفرقوا بأبدانكم، لا تتفرقوا بظواهركم ؛ فإن الظاهر عنوان الباطن، والظاهر يؤثر في الباطن صلاحا أو فسادا، فمن أدب مجالس العلم التقارب بالأبدان ، حتى يكون ذلك تفاؤلا حسنا وسببا شرعيا لتقارب القلوب ، التي قد يكون بينها شيء من التنافر والاختلاف ، وذلك مما ينهى الشارع الحكيم عنه، وجلوس الناس اليوم في حلق العلم متفرقين في المسجد غير متحلقين أيضاً من الشيطان ، فينبغي على طلبة العلم التحلق في مجالس العلم ". انتهى.

"سلسلة الهدى والنور".



৴৲৴৴৲৴৴৲৴



إن من بركة وفوائد اجتماع الأصحاب للمذاكرة ومدارسة العلم فيما بينهم حتى وإن لم يكن بينهم عالم؛ الآتي:

✔ نزول السكنة والطمأنية عليهم ـ وتغشاهم رحمة الله تعالى ـ وتحفهم ملائكة رب العالمين ـ ويذكرهم الله في الملاء الأعلى.

ففي الحديث أنّ أبا هُرَيْرَةَ وَأَبِا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهُمَا شَهِدَا على النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:

( لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عز وجل إلا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمْ الله فِيمَنْ عِنْدَهُ ).

أخرجه مسلم (2700).

ففي هذا الحديث كلمة القعود نكرة، بمعنى أي مجلس وأي مقعد كان، وفي أي مكان، سواء في المسجد أو غيره ما داموا يتذاكرون العلم ويتدارسونه فيما بينهم.

৴৲৴৴৲৴৴৲৴

✔ ومن البركة والفوائد في الاجتماع: إيواء الله تعالى لعبده ـ و استحيائه تعالى منه وغفرانه لذنوبه ورفع درجاته وحسناته.

ففي حديث خبر الثلاثة نفر، عن أبي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هو جَالِسٌ في الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ معه إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَهَبَ وَاحِدٌ قال: فَوَقَفَا على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً في الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فيها وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا فلما فَرَغَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:

( ألا أُخْبِرُكُمْ عن النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إلى اللَّهِ فَآوَاهُ الله وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا الله منه وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ الله عنه ).

أخرجه البخاري (66، 462)، ومسلم (2176).

۞ قال النووي:

" فيه استحباب القرب من كبير الحلقة ليسمع كلامه سماعا بينا ويتأدب بأدبه وأن قاصد الحلقة إن رأى فرجة دخل فيها وإلا جلس وراءهم".

"شرح مسلم" (14/158).

واحذر أيها المسلم والشاب وطالب العلم أن تكون كالنفر الثالث الذي أعرض عن مجالس العلم والذكر والخير وطلب العلم ومجالسة الأخيار؛ فعاقبه الله تعالى باحرمان.

۞ قال النووي:

" وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه، أي: لم يرحمه وقيل سخط عليه وهذا محمول على أنه ذهب معرضا لا لعذر وضرورة ".

۞ قال ابن عبد البر:

" وإعراضه عن من أعرض عنه فلم يوجب له حسنة ولا محا عنه سيئة ".

"الاستذكار" (8/469).

۞ وقال:

" وأما قوله في الثالث: فأعرض فأعرض الله عنه؛ فإنه والله أعلم، أراد: أعرض عن عمل البر فأعرض الله عنه بالثواب ".

"التمهيد" (1/317).

فكل هذه الصفات الحميدة والفوائد الغزيرة التي سببها اجتماع الأصحاب للمذاكرة وطلب العلم في أي مكان؛ قد خسرها وفقدها كل من اشغل نفسه وأضاع وقته في استخدام هذه التقنيات في المراسلات وهو قابع في بيته بين الجدان الأربعة، وقد حرم نفسه من البحث والتنقيب عن المسائل وتحقيقها مع إخوانه وهجر مجالسة إخوانه.

৴৲৴৴৲৴৴৲৴

وهنا فائدة مهمة في الخروج من البيت والاجتماع مع الأخوة والأصحاب للسبب أعلاه، ولا تقل أهميتها عمّا سبق من الفوائد، وربما غفل عنها الكثير والكثير من الشباب اليوم حتى من بعض من ينتسب إلى طلبة العلم، وهي:

في جلوس الرجل بالساعات الطوال في بيته وبالأيام لا يخرج منه ومكتفياً بالمراسلات العلمية عبر تقنية "النت"؛ ضرر على علاقته بزوجته، فجلوسه في البيت الساعات الطوال؛ يسبب له خلق المشاكل والمشاحنة بينه وبين زوجته، لأنه سيكثر الطلبات واللجاج والنقاش والمجادلة والانتقادات على كل صغيرة وكبيرة في البيت، فعندها يكون عش الزوجية جحيم.

وللعلم من الناحية الاجتماعية؛ طول الجلوس مع أي شخص والإكثار من مقابلته والكلام معه في مجالات كثيرة؛ يفضي إلى ملله والسآمة منه وربما يصل الحال إلى البغض والنفور.

لكن الخروج لمجالس الذكر ومجالسة الأصحاب الأخيار والمدارسة معهم؛ يعطي الرجل الاشتياق للزوجة عند رجوعه للبيت وهي كذلك وتزداد المودة بينهما، ويحصل التجديد منها في نفسها لزوجها والتجديد في البيت له.

وكما أن الإنسان في حال الغضب والمشاجرة بينه وبين زوجته؛ يُشرع له الخروج حتى يسكن ما به من غضب وترتاح نفسه فيعود بعد ذلك راغبا فيها وفي ذلك لنا دليل.

ففي الحديث عن سَهْلِ بن سَعْدٍ رضي الله عنه قال: جاء رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ فَاطِمَةَ فلم يَجِدْ عَلِيًّا في الْبَيْتِ فقال: " أَيْنَ بن عَمِّكِ ".

قالت: كان بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فلم يَقِلْ عِنْدِي.

فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

" لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هو فَجَاءَ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ هو في الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ ".

أخرجه البخاري (430).

۞ قال بن بطال:

" فيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه ".

۞ قال ابن حجر:

" قلت: ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله عنهما فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما ".

"فتح الباري" (10/588).

৴৲৴৴৲৴৴৲৴

واعلموا أيها الإخوة:

أن من آداب طلب العلم والتفقه ومدارسته؛ التزاحم بالركب عند المعلم والالتصاق والانضمام لبعض.

جاء عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:

" اللهم إن كنت تعلم أنى لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار ولا لغرس الشجر، ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر ".

أخرجه أحمد في "الزهد" (ص:181) .

۞ قال ابن عبد البر:

" ومعنى التزاحم بالركب في مجلس العالم الانضمام والالتصاق ينضم القوم بعضهم إلى بعض ".

"التمهيد" (1/316).

৴৲৴৴৲৴৴৲৴

فالله الله أيها الشباب، لا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.



৴৲৴৴৲৴৴৲৴



كتبه

أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي

الأحد 26/ 5 / 1434هـ.

م ن