السبت، 1 أبريل 2017

عش تقياً تعش قوياً

كثيراً ما يطارد بعضَ الناس شبحُ الشيخوخة،وخاصة بعد التقاعد عن العمل ودخول عالم الفراغ حيث تطاردهم أوهام المرض والاكتئاب ووساوس الخوف من كابوس مرعب يسمى بـ: »خريف العمر «.
وتجد كثيراً منهم يرسل آهاته مترنماً بهذه الكلمات:
ألا ليت الشباب يعود يوماً
فأخبره بما فعل المشيب.
وفي الحقيقة أن هذه الظاهرة أصبحت مصدر قلق لدى علماء الصحة النفسية والباحثين مما دفعهم للقيام بدراسات نظرية وتجريبية حول هذه الظاهرة حيث توصلت دراسة علمية غربية الى أهمية التدين والتقوى في تعزيز الصحة العقلية والنفسية، مما دفع الأطباء لاعادة تأهيل وعلاج المرضى النفسيين من خلال تنمية الوازع الديني لديهم.
ونحن ندرك هذه الحقيقة يقيناً اذ نجد معناها في قول النبي |: »احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك« صححه الألباني.
وان من حفظ الله لك أن يحفظ عقلك وجوارحك التي سلكت بها طريق التقوى والايمان.
ولنا وقفة هنا مع ذلك الشيخ التسعيني الذي أبهر تلامذته بنضارة وجهه وجمال أسنانه وقوة بدنه وسلامة عقله، فقال له أحدهم: يا شيخنا، كيف حفظت صحتك حتى هذا العمر؟
فقال يا بني : حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر ؛من عاش تقياً عاش قوياً.
نعم. حفظها الله لأنها أعضاء ركعت وسجدت لله.
انها أعضاء عفت عن محارم الله.
فذلك الظهر انحنى في طاعة الله،و ذلك اللسان تحرك ابتغاء مرضاة الله.
انها التقوى : منهج حياة ودرس ميداني في حياة المسلم، يعيشها في صلاته فيخشع وإلى ربه يرغب، ويعيشها في تلاوته لكتاب ربه فيوجل قلبه ويزداد ايمانه، ويعيشها في بيته فيرعى حق الله في أهله وولده.
والتقوى مدرسة روحانية تهيئ القلوب لتعرج الى بارئها، وتسمو بالجوارح الى مقام الطاعة والامتثال لأمر الله، وتحرر النفوس من قيود الوهن والكسل.
من عاش التقوى حقيقة وجد القوة في ايمانه وفي بدنه وفي عقله، ومن فقدها عاش مريض القلب.
منهك القوى.
فكم أثقلت المعاصي ظهور الشباب فانحنت؟
وكم أطفأت نظرات الحرام بريق وجوه فأظلمت؟
كم اسودت قلوب وطبعت بالران من أثر الخطايا والآثام
انها سنة الله في الخلق فالجزاء من جنس العمل.
يقول ابن القيم رحمه الله:» تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل «.
اذاً فلينظر كل واحد منا كيف استعمل جوارحه؟ أفي طاعة أم معصية؟
فلقد رأينا من اعتاد الفواحش وارتكب الحرام وقد عوقب بأشد الأمراض ومنها :»الايدز« أو نقص المناعة المكتسبة.
ومن أدمن المخدرات والمسكرات فقد ابتلي بعقله وأعصابه، وضيع أسرته وحياته.
كذلك فان من يكتسب أمواله من رباً أو كسب حرام، فلينتظر محق بركة المال والابتلاء بالهموم والأكدار.
وان من يتتبع عورات الناس ويتجسس عليهم ليهتك سترهم، يفضحه الله وهو في عقر داره.
نعم ان لكل عمل جزاء ولكل معصية عقوبة ما لم يتب صاحبها ولكل طاعة بركة ونوراً.
حقاً ما أجملها من قاعدة » عش تقياً تعش قوياً«.
فما أحوجنا لأن نتقي الله ونحيا حياة المتقين، في كل لحظات عمرنا ؛ في الشباب وعند الكبر،وفي الضيق وعند الفرج.
اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم : »أَلا اِنَّ أَوْلِيـَاءَ اللَّهِ لا خـَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ »62« الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُون« »63« »سورة يونس«.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق