ضوابط في معرفة البدعة المكفرة والمفسقة
الضابط الأول:- كل بدعة تتضمن صرف شيء من التعبدات لغير الله تعالى فإنها بدعة مكفرة .
الضابط الثاني:- كل بدعة تتضمن إنكار معلوم من الدين بالضرورة فهي مكفرة .
الضابط الثالث:- كل بدعة تتضمن خرق الإجماع القطعي فهي مكفرة .
الضابط الرابع:- كل بدعة تعود على أصل الشرع بالإبطال فهي مكفرة .
الضابط الخامس:- كل بدعة نص أئمة أهل السنة عليها بأنها مكفرة فهي كذلك
وغيرذلك فهي بدع مفسّقة، صاحبها فاسق ببدعته، والبدع متفاوتة؛ وإثمها يتفاوت بتفاوت نكارتها وأثرها وانتشارها؛ فمن الناس من يبتدع بدعة منكرة فتنتشر في الناس انتشار النار في الهشيم فتعظم أوزاره من وجهين:
1. لنكارة بدعته وشناعتها.
2. ولكثرة من يعمل ببدعته ويدعو إليها، والعياذ بالله.
فلا يستوي هو ومن يتبدع بدعة قاصرة على نفسه في أمر من الأمور العلمية أو العملية بما يكون له به نوع عذر.
ولذلك قسّم العلماء البدع إلى بدع مغلّظة وبدعة مخفّفة، وبعضهم يقسّمها إلى بدع كبرى وبدع صغرى، والمراد من ذلك بيان تفاوت البدع وأنّها ليست على درجة واحدة.
والبدع المفسّقة كثيرة؛ منها: بدعة الموالد النبوية، وبدعة الدعاء الجماعي بعد الصلاة، وبدعة التلفظ بالنيّة، وبدعة التشيّع الخفيف وهو تفضيل عليّ على عثمان رضي الله عنهما، وأمثلة البدع العلمية والعملية التي من هذا النوع كثيرة جداً وقد جمع بعض العلماء ما اشتهر من البدع في أبواب الاعتقاد وأبواب العبادات كالطهارة والصلاة والحج والتلاوة والأذكار وغيرها.
وكلّ بدعة تُبتدع في دين الله فهي ضلالة ، وهي مردودة على صاحبها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ). متفق عليه.
والفسق اسم عامّ لكل معصية ؛ لأن كل معصية هي خروج عن طاعة الله تعالى، وحقيقة الفسق هي الخروج عن طاعة الله تعالى؛ فكلّ معصية فسق؛ لكن هل يصحّ أن يقال لكل من ارتكب معصية هو فاسق؟
الجواب: أن منهج أهل السنة والجماعة أنه لا يطلق وصف الفسق إلا على من وقع في أمر من أمور الفسق الظاهرة، أو كثرت أعمال فسقه؛ فيصحّ أن يوصف بالفاسق إما لكثرة فسقه أو لشناعة فسقه، فهو وصف دالّ على كثرة الفسق أو شدّته.
وأما من وقع في معاص غير ظاهرة وهو غير مصرّ عليها، وقد عرف بالصلاح والاستقامة فلا يوصف بالفاسق؛ لأمرين:
الأمر الأول: أن اللقب المتعلّق بالعمل لا يستحقّه من قام بشيء يسير منه؛ فكما أنّ من علم مسألة أو مسألتين لا يسمّى عالماً، ومن باع سلعة أو سلعتين لا يسمّى تاجراً، ومن أصاب في وصف دواء لمريض يشكو من علّة على وجه الندرة لا يسمّى طبيباً، فكذلك لا يوصف بهذا اللقب إلا من عُرف به.
والأمر الآخر: أنه لو وصف بالفسق كل من وقع في معصية من المعاصي لم يسلم من وصف الفسق أحد من الناس، ولجاز أن يوصف الصديقون والصالحون بذلك، لأجل ما وقع منهم على وجه القلّة والندرة من المعاصي، وهذا لا قائل به.
ومما ينبغي أن يعلم أم الفسق منه أكبر وأصغر:
1. فالفسق الأكبر هو ما يوصف به الكفار والمنافقون؛ لأن خروجهم عن طاعة الله تعالى أعظم، وهم أولى بوصف الفسق، وهو المذكور في قول الله تعالى: {ولقد أنزلنا إليك آيات بيّنات وما يكفر بها إلا الفاسقون} ، وقوله: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم . منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}، وقوله: {إن المنافقين هم الفاسقون}، وقوله: {ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون} وقوله: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقاً لا يستوون . أما الذين آمنوا وعلموا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون . وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون}.
2. والفسق الأصغر، هو ما لا يتضمّن ناقضا من نواقض الإسلام، وهو المذكور في قوله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} ، وقوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم}، وقوله: {وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان} ، وقوله: {ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان}.
وإذا أطلق وصف الفسق في مقابل وصف الكفر في كلام العلماء ؛ فالمراد به الفسق الأصغر، وهو المراد في تقسيمهم البدع إلى بدع مكفّرة وبدع مفسّقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق