وقفات قبل شهر الحصاد
الأمة الإسلاميَّة - بل الكون كله - ينتظر شهر رمضان؛ وذلك لما يَحمِله لنا هذا الشهر من نفحات مُعطّرة في ظلال الصيام والتقوى، وقراءة القرآن والقيام والدعاء، والجود والكرم وكثرة الصدقات، ولكي يستفيدَ المسلمُ من كلِّ هذه النفحات؛ فلا بد له من وقفاتٍ قبل دخول رمضان عليه، بل يحتاج إلى هذه الوقفات في كل يوم.
الوقفة الأولى: التدريب العملي على الصيام وأعمال رمضان:
التدريب والتهيئة للطاعة أمرٌ نبوي، فما من عبادة إلا ولها مُقدِّمات، فأي صلاة مفروضة لها نوافل قبليَّة، وكذلك الزكاة المفروضة لها نوافل الصدقات المُطلَقة، والحج نَستعِدُّ له بالعمرة وهكذا، وشهر رمضان نتهيَّأ له بكثرة الصيام والقيام والأعمال الصالحة، وهذا هو هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- أخرج الشيخان - رحمهما الله تعالى - من حديث عائشة - رضي الله عنها وعن أبيها - قالت: "ما رأيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيامَ شهر قط إلا رمضان، وما رأيتُه في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان"، وفي رواية عند البخاري: "كان يصوم شعبان كلَّه"، وفي رواية عند مسلم: "كان يصوم شعبان إلا قليلاً"، وروى الإمام أحمد، والنَّسائي بإسناد جوَّده بعضُ أهل العلم من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لم أرك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذاك شهر يَغفُل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين - عز وجل - فأُحِب أن يُرفَع عملي وأنا صائم)).
قال ابن رجب - رحمه الله -: "وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقَّة وكلفة، بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوةَ الصيام ولذَّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط".
وكان السلف الصالح - رحمهم الله - يَجِدَّون في شعبان، ويتهيؤون فيه لرمضان.
قال سلمة بن كهيل: "كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته، وتَفرَّغ لقراءة القرآن، ويروى عن بعض السلف - رضي الله عنهم - أنهم باعوا جاريةً لهم فاشتراها أناسٌ، فلما أقبل رمضان بدؤوا يتهيَّؤون بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال شهر رمضان - كما يصنع الناس في هذا الزمان - فقالت لهم: لماذا تصنعون هذا؟ قالوا: نصنعه لاستقبال رمضان، قالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟! والله لقد جئتُ من عند قوم السَّنةُ عندهم كلها رمضان، لا حاجة لي إليكم، ردُّوني إليهم.
ويُروى أن الحسن بن صالح - رحمه الله - باع أَمةً له فلما انتصف الليل عند سيدها الجديد قامت في وسط الدار وصاحت: يا قوم، الصلاة الصلاة، فقاموا فزِعين، وقالوا: هل طلع الفجر؟ قالت: وأنتم لا تُصلَّون إلا المكتوبة؟! فلما أصبحت رجعت إلى سيدها، وقالت: لقد بعتني على قوم سوء، بعتني على قوم لا يُصلُّون إلا الفريضة، ولا يصومون إلا الفريضة، لا حاجة لي إليهم، ردُّوني ردوني.
فلا بد أن تزرع وتتعهَّد زرعَك إن أردتَ الحصاد، فلا حصاد بغير زرع، يقول أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع.
الوقفة الثانية: التوبة الصادقة ورد المظالم:
إذا أرد الزارع حصادًا طيِّبًا في رمضان، فلا بد أن يُطهِّر أرضه من الآفات، فيستحيل أن تُثمِر أرض مليئة بالأفاعي والحيَّات، وكذلك أنت لا تستطيع أن تدخُل على رمضان إلا بتوبة نصوح تَغسِل بها ما في قلبك، ولا تَظنّ أن التوبة لها عمر؛ فهي دائمة عبر الزمان والمكان، تتجدَّد كل يوم؛ وذلك لأن الإنسان لا يخلو من معصية، فبادر بتوبة يرضى الله بها عنك.
الوقفة الثالثة: موائد القرآن وموائد الرحمن:
ابدأ الآن في تجهيز موائد القرآن وتجميع المصاحف وتوزيعها على المسلمين بجانب موائد الرحمن، فلا تهتموا ببطون الناس وتنسوا قلوبَهم، فحياة القلب أهم وأعظم من حياة البدن، ونريد ختمات للقرآن بتدبر، نريد ختمة: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109]، نريد صحوة قرآنيَّة تُوقِظ الإيمان في القلوب، وتُحدِث تَلاحمًا بين صفوف الأمة الإسلاميَّة لاستعادة الخيريَّة مرة أخرى، ونَسترِدُّ بها المقدَّسات، ونرفع بها راية الإسلام.
الوقفة الرابعة: ضع خُطَّة مُحكَمة واسْعِ في تطبيقها:
الإنسان بدون منهج وخُطَّة حياتيَّة تُصبِح أعماله كلها عشوائيَّة، وعيب علينا أن يكون لأهل الباطل خُطَّة عامة وخاصة، حتى إبليس له خطة ذات مدى طويل! وقد بيَّن لنا ذلك القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر: 39، 40]، وأما خُطَّته على المدى البعيد، فتتمّ بالمتابعة المستمرة مع الإنسان، واتفاقه هو وجنوده على إيقاع الناس في المعاصي، فيُخرجه من معصية إلى أخرى، ولا ييئَس من ذلك؛ لأنه يريد تحقيقَ خطته الإغوائية.
والمسلم لا بد له من خُطة قبل وأثناء وبعد رمضان؛ بل في حياته كلها، فعليك أخي المسلم من الآن تحديد عدد الأجزاء التي ستقرؤها، وكذلك المسجد الذي يختم القرآن في رمضان لعرْضه على قلبك، كما كان يُعرَض على قلب نبينا -صلى الله عليه وسلم- ومكان الاعتكاف، وتجهيز البيت للعبادة، بحدوث حالة استنفارٍ حقيقيَّة في البيت، والاهتمام بدعوة الآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تترك بابَ طاعةٍ إلا وتدلو بدلوك فيه، لعل الله يرضى عنك ويتقبَّل منك!
الأمة الإسلاميَّة - بل الكون كله - ينتظر شهر رمضان؛ وذلك لما يَحمِله لنا هذا الشهر من نفحات مُعطّرة في ظلال الصيام والتقوى، وقراءة القرآن والقيام والدعاء، والجود والكرم وكثرة الصدقات، ولكي يستفيدَ المسلمُ من كلِّ هذه النفحات؛ فلا بد له من وقفاتٍ قبل دخول رمضان عليه، بل يحتاج إلى هذه الوقفات في كل يوم.
الوقفة الأولى: التدريب العملي على الصيام وأعمال رمضان:
التدريب والتهيئة للطاعة أمرٌ نبوي، فما من عبادة إلا ولها مُقدِّمات، فأي صلاة مفروضة لها نوافل قبليَّة، وكذلك الزكاة المفروضة لها نوافل الصدقات المُطلَقة، والحج نَستعِدُّ له بالعمرة وهكذا، وشهر رمضان نتهيَّأ له بكثرة الصيام والقيام والأعمال الصالحة، وهذا هو هدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- أخرج الشيخان - رحمهما الله تعالى - من حديث عائشة - رضي الله عنها وعن أبيها - قالت: "ما رأيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيامَ شهر قط إلا رمضان، وما رأيتُه في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان"، وفي رواية عند البخاري: "كان يصوم شعبان كلَّه"، وفي رواية عند مسلم: "كان يصوم شعبان إلا قليلاً"، وروى الإمام أحمد، والنَّسائي بإسناد جوَّده بعضُ أهل العلم من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لم أرك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذاك شهر يَغفُل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين - عز وجل - فأُحِب أن يُرفَع عملي وأنا صائم)).
قال ابن رجب - رحمه الله -: "وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقَّة وكلفة، بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوةَ الصيام ولذَّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط".
وكان السلف الصالح - رحمهم الله - يَجِدَّون في شعبان، ويتهيؤون فيه لرمضان.
قال سلمة بن كهيل: "كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته، وتَفرَّغ لقراءة القرآن، ويروى عن بعض السلف - رضي الله عنهم - أنهم باعوا جاريةً لهم فاشتراها أناسٌ، فلما أقبل رمضان بدؤوا يتهيَّؤون بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال شهر رمضان - كما يصنع الناس في هذا الزمان - فقالت لهم: لماذا تصنعون هذا؟ قالوا: نصنعه لاستقبال رمضان، قالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟! والله لقد جئتُ من عند قوم السَّنةُ عندهم كلها رمضان، لا حاجة لي إليكم، ردُّوني إليهم.
ويُروى أن الحسن بن صالح - رحمه الله - باع أَمةً له فلما انتصف الليل عند سيدها الجديد قامت في وسط الدار وصاحت: يا قوم، الصلاة الصلاة، فقاموا فزِعين، وقالوا: هل طلع الفجر؟ قالت: وأنتم لا تُصلَّون إلا المكتوبة؟! فلما أصبحت رجعت إلى سيدها، وقالت: لقد بعتني على قوم سوء، بعتني على قوم لا يُصلُّون إلا الفريضة، ولا يصومون إلا الفريضة، لا حاجة لي إليهم، ردُّوني ردوني.
فلا بد أن تزرع وتتعهَّد زرعَك إن أردتَ الحصاد، فلا حصاد بغير زرع، يقول أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع.
الوقفة الثانية: التوبة الصادقة ورد المظالم:
إذا أرد الزارع حصادًا طيِّبًا في رمضان، فلا بد أن يُطهِّر أرضه من الآفات، فيستحيل أن تُثمِر أرض مليئة بالأفاعي والحيَّات، وكذلك أنت لا تستطيع أن تدخُل على رمضان إلا بتوبة نصوح تَغسِل بها ما في قلبك، ولا تَظنّ أن التوبة لها عمر؛ فهي دائمة عبر الزمان والمكان، تتجدَّد كل يوم؛ وذلك لأن الإنسان لا يخلو من معصية، فبادر بتوبة يرضى الله بها عنك.
الوقفة الثالثة: موائد القرآن وموائد الرحمن:
ابدأ الآن في تجهيز موائد القرآن وتجميع المصاحف وتوزيعها على المسلمين بجانب موائد الرحمن، فلا تهتموا ببطون الناس وتنسوا قلوبَهم، فحياة القلب أهم وأعظم من حياة البدن، ونريد ختمات للقرآن بتدبر، نريد ختمة: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109]، نريد صحوة قرآنيَّة تُوقِظ الإيمان في القلوب، وتُحدِث تَلاحمًا بين صفوف الأمة الإسلاميَّة لاستعادة الخيريَّة مرة أخرى، ونَسترِدُّ بها المقدَّسات، ونرفع بها راية الإسلام.
الوقفة الرابعة: ضع خُطَّة مُحكَمة واسْعِ في تطبيقها:
الإنسان بدون منهج وخُطَّة حياتيَّة تُصبِح أعماله كلها عشوائيَّة، وعيب علينا أن يكون لأهل الباطل خُطَّة عامة وخاصة، حتى إبليس له خطة ذات مدى طويل! وقد بيَّن لنا ذلك القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر: 39، 40]، وأما خُطَّته على المدى البعيد، فتتمّ بالمتابعة المستمرة مع الإنسان، واتفاقه هو وجنوده على إيقاع الناس في المعاصي، فيُخرجه من معصية إلى أخرى، ولا ييئَس من ذلك؛ لأنه يريد تحقيقَ خطته الإغوائية.
والمسلم لا بد له من خُطة قبل وأثناء وبعد رمضان؛ بل في حياته كلها، فعليك أخي المسلم من الآن تحديد عدد الأجزاء التي ستقرؤها، وكذلك المسجد الذي يختم القرآن في رمضان لعرْضه على قلبك، كما كان يُعرَض على قلب نبينا -صلى الله عليه وسلم- ومكان الاعتكاف، وتجهيز البيت للعبادة، بحدوث حالة استنفارٍ حقيقيَّة في البيت، والاهتمام بدعوة الآخرين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تترك بابَ طاعةٍ إلا وتدلو بدلوك فيه، لعل الله يرضى عنك ويتقبَّل منك!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق