السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
تأثير استماع القرآن في المؤمنين
تحبُّ الملائكة الكرام استماع القرآن الكريم، وتحفُّ مجالسه، وتنزل أحياناً لاستماعه وللإنصات له
قال الله تعالى: ﴿ أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78].
والمقصود بقوله: ﴿ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78] صلاةَ الفجر
انظر: صحيح البخاري، (3/ 1461).
أي: أنَّ القرآن الذي يتلوه الإمام في صلاة الفجر تشهده وتحضره الملائكة: ملائكة اللَّيل، وملائكة النَّهار
انظر: تفسير ابن كثير، (3/ 55)
تفسير القرطبي، (2/ 298).
وإنَّما عبَّر عن صلاة الصُّبح بقرآن الفجر
لأنَّ القرآن يقرأ فيها أكثر من غيرها
وهذا هو هَدْي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في إطالة القراءة في صلاة الفجر أكثر من غيرها في سائر الصَّلوات المفروضة، فكان يقرأ فيها ما بين الستِّين إلى المائة آية
انظر: التسهيل لعلوم التنزيل، (2/ 177).
أيها الإخوة الكرام..
ومن أثر استماع القرآن في الملائكة الكرام استغراقهم في السَّماع حتَّى كادوا يَظهرون للنَّاس
وذلك عندما تنزَّلت ودنت من الصَّحابي الجليل أُسيد بن حُضير رضي الله عنه وهو يقرأ في صلاة اللَّيل
والشَّاهد من الحديث: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال له - بعد أن أخبره أُسيدٌ رضي الله عنه بما حصل له تلك اللَّيلة: «تِلْكَ المَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأتَ؛ لأَصْبَحْتَ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لا تَتَوَارَى مِنْهُمْ»
رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: نزول السَّكينة والملائكة عند قراءة القرآن (3/ 1617)، (ح 5018).
ومن فوائد الحديث: فضيلة الجهر بقراءة القرآن في صلاة اللَّيل، وأنَّها سبب لحضور الملائكة ودنوِّها من القارئ.
وأشار قولُه صلّى الله عليه وسلّم: «لا تَتَوَارَى مِنْهُمْ» إلى أنَّ الملائكة - لاستغراقهم في الاستماع - كادوا يظهرون للناس على خلاف جبلَّتهم من الاختفاء، الذي هو من شأنهم
انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، (9/ 81).
ويقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ العَبْدَ إذا تَسَوَّكَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَامَ المَلَكُ خَلْفَهُ، فَيَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِه، فَيَدْنُو منه حتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيْهِ، فَمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيْهِ شَيءٌ مِنَ القُرآنِ إِلاَّ صَارَ في جَوْفِ المَلَكِ
فَطَهِّرُوا أَفْوَاهَكُم لِلقُرآنِ»
رواه المنذري في «التَّرغيب»، واللَّفظ له، (1/ 102) (ح 215)
والبيهقي في «السُّنن الكبرى»، (1/ 38) (ح 161)
وصحَّحه الألباني في «صحيح التَّرغيب والترهيب»: (1/ 204) (ح 215).
ومن أثر استماع القرآن في الملائكة كذلك، أنَّها تحفُّ مجالس القرآن لتستمع وتنصت، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، يَتْلُونَ كِتَابَ الله، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ
(حفَّتْهُم الملائِكَةُ): أي دارت حولهم.
وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيْمَنْ عِنْدَهُ»
رواه مسلم، (4/ 2074) (ح 2700).
معشر الفضلاء.
. كان النبَّيُّ صلّى الله عليه وسلّم يحبُّ استماع القرآن العظيم؛ وتطيب نفسه حين استماعه له، ويظهر أثر الاستماع عليه بالتَّأثُّر والخشوع والبكاء.
ولا عجب من ذلك فهو أرقُّ النَّاس قلباً، وأسرعهم دمعة، وأعظمهم تأثُّراً بالقرآن الكريم، فقد كان أعرفَ الخلق بالله، وأشدَّهم له خشية. ومن هذه المواقف المباركة:
1- عن ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقْرَأْ عَلَيَّ» قالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟
قالَ: «إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي». قَالَ: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]. قالَ لِي: «كُفَّ، أَوْ أَمْسِكْ» فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ[
رواه البخاري (3/ 1627) (ح 5055).
2- قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لأبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ
قوله: (لو رَأَيْتَنِي وأَنَا أَسْتَمِعُ) الواو فيه للحال. وجواب لو محذوف، أي: لأعْجَبَكَ ذلك.
لِقِراءَتِكَ البَارِحَةَ! لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْماراً
المراد بالمزمار هنا: الصَّوت الحَسَن.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي، (6/ 80).
مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»
رواه مسلم، (1/ 546) (ح 793).
3- عن عائشةَ، زَوْجِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، قالت: أبطأتُ على عهدِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم ليلةً بعد العِشَاءِ. ثُمَّ جِئْت فقال: «أيْنَ كُنْتِ؟».
قلتُ: كنتُ أستَمِعُ قراءةَ رجلٍ مِنْ أصحابِك لَمْ أسمَعْ مِثلَ قراءتِه وَصَوتِهِ مِنْ أحدٍ. قالتْ: فَقَامَ وقُمْتُ معه حتَّى اسْتَمَعَ له. ثمَّ الْتَفَتَ إليَّ فقال: «هَذاَ سَالِمٌ، مَوْلَى أبي حُذَيْفَةَ. الحَمْدُ لله الَّذي جَعَلَ في أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا»[
رواه ابن ماجه، (1/ 425) (ح 1338)؛ وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (1/ 223) (ح 1100).
4- ولا أدلَّ على محبَّة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لاستماع القرآن الكريم من قول فاطمة رضي الله عنها: أَسَرَّ إلَيَّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
«أَنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي بِالقُرآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي»
رواه البخاري، (2/ 713)، (ح 3667).
قال ابن حجر رحمه الله:
«والمُعارضة: مفاعلة من الجانبين، كأنَّ كلاً منهما كان تارة يقرأ والآخر يستمع»
فتح الباري شرح صحيح البخاري، (9/ 55).
تأثير استماع القرآن في المؤمنين
تحبُّ الملائكة الكرام استماع القرآن الكريم، وتحفُّ مجالسه، وتنزل أحياناً لاستماعه وللإنصات له
قال الله تعالى: ﴿ أَقِمْ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78].
والمقصود بقوله: ﴿ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78] صلاةَ الفجر
انظر: صحيح البخاري، (3/ 1461).
أي: أنَّ القرآن الذي يتلوه الإمام في صلاة الفجر تشهده وتحضره الملائكة: ملائكة اللَّيل، وملائكة النَّهار
انظر: تفسير ابن كثير، (3/ 55)
تفسير القرطبي، (2/ 298).
وإنَّما عبَّر عن صلاة الصُّبح بقرآن الفجر
لأنَّ القرآن يقرأ فيها أكثر من غيرها
وهذا هو هَدْي النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في إطالة القراءة في صلاة الفجر أكثر من غيرها في سائر الصَّلوات المفروضة، فكان يقرأ فيها ما بين الستِّين إلى المائة آية
انظر: التسهيل لعلوم التنزيل، (2/ 177).
أيها الإخوة الكرام..
ومن أثر استماع القرآن في الملائكة الكرام استغراقهم في السَّماع حتَّى كادوا يَظهرون للنَّاس
وذلك عندما تنزَّلت ودنت من الصَّحابي الجليل أُسيد بن حُضير رضي الله عنه وهو يقرأ في صلاة اللَّيل
والشَّاهد من الحديث: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال له - بعد أن أخبره أُسيدٌ رضي الله عنه بما حصل له تلك اللَّيلة: «تِلْكَ المَلائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأتَ؛ لأَصْبَحْتَ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لا تَتَوَارَى مِنْهُمْ»
رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: نزول السَّكينة والملائكة عند قراءة القرآن (3/ 1617)، (ح 5018).
ومن فوائد الحديث: فضيلة الجهر بقراءة القرآن في صلاة اللَّيل، وأنَّها سبب لحضور الملائكة ودنوِّها من القارئ.
وأشار قولُه صلّى الله عليه وسلّم: «لا تَتَوَارَى مِنْهُمْ» إلى أنَّ الملائكة - لاستغراقهم في الاستماع - كادوا يظهرون للناس على خلاف جبلَّتهم من الاختفاء، الذي هو من شأنهم
انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، (9/ 81).
ويقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ العَبْدَ إذا تَسَوَّكَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَامَ المَلَكُ خَلْفَهُ، فَيَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِه، فَيَدْنُو منه حتَّى يَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيْهِ، فَمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيْهِ شَيءٌ مِنَ القُرآنِ إِلاَّ صَارَ في جَوْفِ المَلَكِ
فَطَهِّرُوا أَفْوَاهَكُم لِلقُرآنِ»
رواه المنذري في «التَّرغيب»، واللَّفظ له، (1/ 102) (ح 215)
والبيهقي في «السُّنن الكبرى»، (1/ 38) (ح 161)
وصحَّحه الألباني في «صحيح التَّرغيب والترهيب»: (1/ 204) (ح 215).
ومن أثر استماع القرآن في الملائكة كذلك، أنَّها تحفُّ مجالس القرآن لتستمع وتنصت، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله، يَتْلُونَ كِتَابَ الله، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ
(حفَّتْهُم الملائِكَةُ): أي دارت حولهم.
وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيْمَنْ عِنْدَهُ»
رواه مسلم، (4/ 2074) (ح 2700).
معشر الفضلاء.
. كان النبَّيُّ صلّى الله عليه وسلّم يحبُّ استماع القرآن العظيم؛ وتطيب نفسه حين استماعه له، ويظهر أثر الاستماع عليه بالتَّأثُّر والخشوع والبكاء.
ولا عجب من ذلك فهو أرقُّ النَّاس قلباً، وأسرعهم دمعة، وأعظمهم تأثُّراً بالقرآن الكريم، فقد كان أعرفَ الخلق بالله، وأشدَّهم له خشية. ومن هذه المواقف المباركة:
1- عن ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقْرَأْ عَلَيَّ» قالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟
قالَ: «إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي». قَالَ: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]. قالَ لِي: «كُفَّ، أَوْ أَمْسِكْ» فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ[
رواه البخاري (3/ 1627) (ح 5055).
2- قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لأبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ
قوله: (لو رَأَيْتَنِي وأَنَا أَسْتَمِعُ) الواو فيه للحال. وجواب لو محذوف، أي: لأعْجَبَكَ ذلك.
لِقِراءَتِكَ البَارِحَةَ! لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْماراً
المراد بالمزمار هنا: الصَّوت الحَسَن.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي، (6/ 80).
مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»
رواه مسلم، (1/ 546) (ح 793).
3- عن عائشةَ، زَوْجِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، قالت: أبطأتُ على عهدِ رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم ليلةً بعد العِشَاءِ. ثُمَّ جِئْت فقال: «أيْنَ كُنْتِ؟».
قلتُ: كنتُ أستَمِعُ قراءةَ رجلٍ مِنْ أصحابِك لَمْ أسمَعْ مِثلَ قراءتِه وَصَوتِهِ مِنْ أحدٍ. قالتْ: فَقَامَ وقُمْتُ معه حتَّى اسْتَمَعَ له. ثمَّ الْتَفَتَ إليَّ فقال: «هَذاَ سَالِمٌ، مَوْلَى أبي حُذَيْفَةَ. الحَمْدُ لله الَّذي جَعَلَ في أُمَّتِي مِثْلَ هَذَا»[
رواه ابن ماجه، (1/ 425) (ح 1338)؛ وصحَّحه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (1/ 223) (ح 1100).
4- ولا أدلَّ على محبَّة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لاستماع القرآن الكريم من قول فاطمة رضي الله عنها: أَسَرَّ إلَيَّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
«أَنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي بِالقُرآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي»
رواه البخاري، (2/ 713)، (ح 3667).
قال ابن حجر رحمه الله:
«والمُعارضة: مفاعلة من الجانبين، كأنَّ كلاً منهما كان تارة يقرأ والآخر يستمع»
فتح الباري شرح صحيح البخاري، (9/ 55).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق