زمن الرويبضة والحيرة في السبيل!
محمد نصر ليله
محمد نصر ليله
كلٌّ منا بسبيلٍ عليه أبواب يطرقها؛ يطلب من هذا ضيافة، ومن الذي يليه إقامة، ومن الذي بعده سكن، وغيره عمل، وربما يقرع بابًا للزواج، وآخر لحل المشكلات.
ولكن ليست كلُّ الأبواب تُفتح، فربما تملك القدرة على قرع الجرس، أو طرق الباب، وقد يُفتَح بابٌ لك، ولكن ليس كلُّ باب تدخله ستحقق فيه مآربَك؛ فقد تجد بباب العمل عملًا لكنك لا تطيقه، وبباب الضيافة تجد ضيافةً تضع منزلتك، وبباب السكن تجد سكنًا يؤرق مضجعك، وبباب الزواج تجد جفاء يلحقك، وبباب حل المشكلات تجد آفاتٍ تؤذيك، فلا تجزع، واعلم أن الله خلق لكل شيء قدرًا.
ومآرب الناس مختلفة؛ فمنهم من ينشُدُ سبيلًا ماديًّا بحتاً، وآخر ينشد سبيلًا روحيًّا، وثالثًا ينشد سبيلًا دينيًّا، وأعقل الناس من ينشد سبيلًا يجمع الخير كله.
وللناس في سُبُلِها مسالكٌ، فالناس كالسبل؛ منها المستقيم ومنها الملتوي، وأشد السبل وعورة وأسوؤها الملتوي، وكذا من الناس المتلون الملتوي، وأزكى السبل المستقيمُ اللين الممهَّد، فلا يرهق دابة ولا يُتعِب سالكًا، وكذا من الناس السمح الصريح المباشر الذي لا يتلون بغير وجه واحد، وأوسط تلك السبل المستقيمُ الذي فيه بعضُ الوِهاد وثلَّةٌ من النجاد مع التواء فيه تارة واستقامة تارة، فهذا حَسَنٌ وإن لم يكن كاملًا، وأكثر من ينشد الصلاح من الناس كذلك، يستقيم ويحيد، يعلو ويهبط، ولكنه في الغالب سمح لين.
والناس في سبلهم يستوحشون الطريق، يبغون رفيقًا يؤنسهم، صاحبًا يدفع عنهم الأذى إن غفلوا، أخًا يحتمون به إذا خافوا، زوجًا يسكنون إليه، ابنًا يستندون عليه إن عجزوا، عصبة تعصبهم إن ضعفوا.
ولكن ليس كلُّ رفيقٍ يؤنس، ولا كل صاحب يدفع الأذى، ولا كل أخ يُحتمى به، ولا كل زوجٍ يُسكن إليه، ولا كل ابن يُستنَد عليه، ولا كل عصبة يُتكَل عليها؛ فالزمان قد استدار، والأيام دول، والوجوه تنقلب؛ فالطاعن قد يكون رفيقًا مؤتمنًا، أو أخًا من أبيك وأمك، أو ابنًا من صلبك، أو عصبة من دمك، أو صاحبَ عمرك، أو زوجًا ضحيتَ لأجلها، فلا عجب؛ فالغدر صار نهرًا يتجرع الناس منه في زمن الرويبضة.
صُدِّق الكاذب، وكُذِّب الصادق، واؤتُمن الخائن، وخُوِّن الأمين، ووُسِّد الأمر إلى غير أهله، فصار الحق باطلًا، والباطل حقًّا، وكذب البعضُ شمسَ النهار وزعموا أنه الليل، واختلط الحق بالباطل فما صِرْتَ تعلم أنَّى لك النجاة.
أصبحت شَغَفُ الجبال جنَّةً لك مع غنمك، وزهرة الدنيا مع راحلتك، وأمست نوادي الأصحاب كربة، ومحافل الأحباب غُصَّة، ومجامع الخلق خديعة.
صرتَ تبحث عن السكون، عن الحقيقة، عن الرفيق الصادق، ولكن ازاد الضباب، وثقُل الدَّخَنُ على القلوب، وكأن النهار أضحى ليلًا، والليل لا ينجلي، وأنت بسبيلك لا تدري : هل أنت حقًّا على السبيل الصحيح؟ تُنشِدُ : ألا فلْتَنْجَلِ يا ليلُ ... ولا مجيب.
ولكن ليست كلُّ الأبواب تُفتح، فربما تملك القدرة على قرع الجرس، أو طرق الباب، وقد يُفتَح بابٌ لك، ولكن ليس كلُّ باب تدخله ستحقق فيه مآربَك؛ فقد تجد بباب العمل عملًا لكنك لا تطيقه، وبباب الضيافة تجد ضيافةً تضع منزلتك، وبباب السكن تجد سكنًا يؤرق مضجعك، وبباب الزواج تجد جفاء يلحقك، وبباب حل المشكلات تجد آفاتٍ تؤذيك، فلا تجزع، واعلم أن الله خلق لكل شيء قدرًا.
ومآرب الناس مختلفة؛ فمنهم من ينشُدُ سبيلًا ماديًّا بحتاً، وآخر ينشد سبيلًا روحيًّا، وثالثًا ينشد سبيلًا دينيًّا، وأعقل الناس من ينشد سبيلًا يجمع الخير كله.
وللناس في سُبُلِها مسالكٌ، فالناس كالسبل؛ منها المستقيم ومنها الملتوي، وأشد السبل وعورة وأسوؤها الملتوي، وكذا من الناس المتلون الملتوي، وأزكى السبل المستقيمُ اللين الممهَّد، فلا يرهق دابة ولا يُتعِب سالكًا، وكذا من الناس السمح الصريح المباشر الذي لا يتلون بغير وجه واحد، وأوسط تلك السبل المستقيمُ الذي فيه بعضُ الوِهاد وثلَّةٌ من النجاد مع التواء فيه تارة واستقامة تارة، فهذا حَسَنٌ وإن لم يكن كاملًا، وأكثر من ينشد الصلاح من الناس كذلك، يستقيم ويحيد، يعلو ويهبط، ولكنه في الغالب سمح لين.
والناس في سبلهم يستوحشون الطريق، يبغون رفيقًا يؤنسهم، صاحبًا يدفع عنهم الأذى إن غفلوا، أخًا يحتمون به إذا خافوا، زوجًا يسكنون إليه، ابنًا يستندون عليه إن عجزوا، عصبة تعصبهم إن ضعفوا.
ولكن ليس كلُّ رفيقٍ يؤنس، ولا كل صاحب يدفع الأذى، ولا كل أخ يُحتمى به، ولا كل زوجٍ يُسكن إليه، ولا كل ابن يُستنَد عليه، ولا كل عصبة يُتكَل عليها؛ فالزمان قد استدار، والأيام دول، والوجوه تنقلب؛ فالطاعن قد يكون رفيقًا مؤتمنًا، أو أخًا من أبيك وأمك، أو ابنًا من صلبك، أو عصبة من دمك، أو صاحبَ عمرك، أو زوجًا ضحيتَ لأجلها، فلا عجب؛ فالغدر صار نهرًا يتجرع الناس منه في زمن الرويبضة.
صُدِّق الكاذب، وكُذِّب الصادق، واؤتُمن الخائن، وخُوِّن الأمين، ووُسِّد الأمر إلى غير أهله، فصار الحق باطلًا، والباطل حقًّا، وكذب البعضُ شمسَ النهار وزعموا أنه الليل، واختلط الحق بالباطل فما صِرْتَ تعلم أنَّى لك النجاة.
أصبحت شَغَفُ الجبال جنَّةً لك مع غنمك، وزهرة الدنيا مع راحلتك، وأمست نوادي الأصحاب كربة، ومحافل الأحباب غُصَّة، ومجامع الخلق خديعة.
صرتَ تبحث عن السكون، عن الحقيقة، عن الرفيق الصادق، ولكن ازاد الضباب، وثقُل الدَّخَنُ على القلوب، وكأن النهار أضحى ليلًا، والليل لا ينجلي، وأنت بسبيلك لا تدري : هل أنت حقًّا على السبيل الصحيح؟ تُنشِدُ : ألا فلْتَنْجَلِ يا ليلُ ... ولا مجيب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق