" تأملت حرص النفس على ما منعت منه، فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع.
ورأيت في السرب1 الأول: أن آدم عليه السلام لما نهي عن الشجرة، حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها.
وفي الأمثال: المرء حريص على ما منع، وتوافق إلى ما لم ينل، ويقال: لو أمر الناس بالجوع، لصبروا، ولو نهوا عن تفتيت البعر؛ لرغبوا فيه، وقالوا: ما نهينا عنه إلا لشيء. وقد قيل:
......................أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الإِنْسَانِ مَا مُنِعَا
فلما بحثت عن سبب ذلك، وجدت سببين:
أحدهما: أن النفس لا تصبر على الحصر؛ فإنه يكفي حصرها في صورة البدن1، فإذا حصرت في المعنى بمنع، زاد طيشها، ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهرًا، لم يصعب عليه، ولو قيل له: لا تخرج من بيتك يومًا، طال عليه.
والثاني: أنها يشق عليها الدخول تحت حكم، ولهذا تستلذ الحرام، ولا تكاد تستطيب المباح، ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى وتُؤثِر، لا على ما يُؤثَر. "
*******
1 السرب: يقصد المؤلف به القرن أو الجيل من الناس.
صيد الخاطر ص 54
أحدهما: أن النفس لا تصبر على الحصر؛ فإنه يكفي حصرها في صورة البدن1، فإذا حصرت في المعنى بمنع، زاد طيشها، ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهرًا، لم يصعب عليه، ولو قيل له: لا تخرج من بيتك يومًا، طال عليه.
والثاني: أنها يشق عليها الدخول تحت حكم، ولهذا تستلذ الحرام، ولا تكاد تستطيب المباح، ولذلك يسهل عليها التعبد على ما ترى وتُؤثِر، لا على ما يُؤثَر. "
*******
1 السرب: يقصد المؤلف به القرن أو الجيل من الناس.
صيد الخاطر ص 54
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق