فإني قريب
د. أسماء محمد عبدالستار
د. أسماء محمد عبدالستار
تجلس وحدك شريدًا تفكر فيما يحدث لك، فقد تلاطمت بك أمواج الابتلاءات، وحاصرتك الهموم من كل جانب، تبحث هنا وهناك عمن يشعر بك، يخفف عنك أو يداوي جرحك، فإذا بك وقد أظلمت الدنيا في عينيك، وضاقت عليك الأرض بما رحُبت.
لكن في وسط هذا الظلام، هناك من بعيد تجد هذا الشعاع من النور يلوح لك في الأفق.
هذا النور الذي ينبعث من تلك الآية التي سمعتها فجأة، وكأنها رسالة وصلت إليك في وقتها.
ذلك النور الذي يخترق روحك حتى يستقر في داخلك، فتطمئن به نفسك، ويربط به الله سبحانه وتعالى على قلبك.
إنه نور قوله تعالي : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )[البقرة: 186].
تدرك وقتها أنك لستَ وحدك حتى وإن غاب كل الناس عنك.
تتيقن وقتها أنه سبحانه يعلم كل شيء : ألمك، همك، حزنك، دموعك؛ فهو تعالى قريب منك قربًا لا يدركه عقلك أو جوارحك، لكن تشعر به روحك، شعورٌ غريب تحسُّ معه بالأمان والطمأنينة، وأنه سبحانه وتعالى سيدبر لك أمرك.
فما عليك سوى أن تفعل ما خاطبتْكَ به تلك الآية؛ أن يلهج لسانك بالدعاء له وأن تؤمن به تمام الإيمان، وتتيقن أنه تعالى قادر تمام القدرة وكمالها على تفريج ما بك من هموم وبلاءات.
حينها فقط ستجد الإجابة من خالق الأرض والسماوات : ( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) [البقرة: 186]، وإن تأخرت تلك الإجابة فقل : ( أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) [البقرة: 214].