الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال اللهُ تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 104]، فقد جَعَلَ اللهُ تعالى الاستماعَ والإنصاتَ للتِّلاوة مَناطَ الرَّحمة؛ لِيُعلم أنَّ اللَّغو عند قراءته والجَلَبةَ والضَّوضاءَ من موانع الرَّحمة، وهو يتنافى مع آداب الاستماع الذي يُحبُّه الله تعالى ويرضى عنه، ومن أهم آداب استماع القرآن:
1- تعظيم المتكلِّم:
فينبغي لسامِع القرآن أنْ يُحضِرَ في قلبه عظمةَ المتكلِّم، فهو ربُّ الأرباب، مالِكُ كلِّ شيءٍ، قيُّوم السَّماوات والأرض، ويستحضر صفات الكمال والجَمال والجَلال في قلبه، وهو يستمع إلى كلام ربِّ العزَّة، ويعلم أنَّ ما يُتلى ليس من كلام البشر، وكما أنَّ ظاهر غلاف المصحف وورقه محفوظٌ عن بشرة اللاَّمس إلاَّ إذا كان مُتطهِّراً، فكذلك معاني القرآن محجوبة عن قلب الإنسان إلاَّ إذا كان مُتطهِّراً من كلِّ رِجس، ومُستنيراً بنور التَّعظيم والتَّوقير.
2- استشعار عظمةِ الكلام وعلوِّه:
فيستشعر عظمةَ القرآن، وأنَّ هذه العظمة هي من عظمة المتكلِّم به سبحانه، فهو يعلو ولا يُعلى عليه، وهو مُحْكَم النَّظْم، دقيقُ المعنى، لا تعارض فيه، ولا اختلاف، والسَّعيدُ مَنْ وُفِّقَ إلى فهم واستشعار معانيه، وعلى مُستمعه أنْ يتأمَّل لُطْفَ اللهِ تعالى بخلقه، حيث خاطبهم بهذا الكلام العظيم الشَّريف، وتكفَّل بتيسير إفهامهم إيَّاه. ولولا ذلك لعجزت أفهامهم عن إدراك كلام الله الذي تجلَّى في شكل كلماتٍ وحروفٍ منطوقة ومسموعة أو مكتوبة. ولولا تثبيت اللهِ لموسى - عليه السلام - لَمَا أطاقَ سماعَ كلامِه، كما لم يُطق الجبلُ تجلِّي ذي العرش فصار دكًّا، وغيره من البشر من باب أَولى.
3- حضورُ القلبِ عند السَّماع:
بأنْ يكون القلبُ متأهِّباً في شَوقٍ إلى تلقِّي ما تسمعه الأُذن لا ينصرف عنه، فقد تكون الأذنُ سامعةً والقلبُ مشغولاً بهمومٍ أو خواطر، فينبغي على مستمع القرآن أنْ يطرد حديث النَّفس أثناء استماعه، ويتولَّد هذا من التَّعظيم، فإنَّ المُعظِّم لكلام الله يستبشر به، ويأنس له، ولا يغفل عنه.
4- تدبُّر المسموع:
وهو وراء حضور القلب مباشرة، فإنَّه ربَّما لا يتفكَّر في غير القرآن، ولكنَّه يقتصر على سماعه دون تدبُّر، والمقصود الأعظم من القراءة والسَّماعِ هو التَّدبر، واللهُ تعالى ما أمَرَ القارئَ بالتَّرتيل إلاَّ ليحصل التدبُّر له وللمستمع في الباطن.
وذَكَر ابنُ القيِّم - رحمه الله - حالَ النَّاس عند سماعهم للقرآن العظيم وانتفاعهم به - مُسترشِداً ومُهتدِياً بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]؛ فقال: «النَّاسُ ثلاثةٌ: الأوَّل: رجل قلبه ميِّت، فذلك الذي لا قلبَ له، فهذا ليست الآيةُ ذِكرى في حقِّه. الثَّاني: رجل له قلبٌ حَيٌّ مستعدٌّ، لكنَّه غير مُستمِع للآيات المتلوَّة... وقلبُه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضراً، فهذا أيضاً لا تحصل له الذِّكرى، مع استعداده ووجودِ قلبه. والثَّالث: رجلٌ حَيُّ القلبِ مُستعدٌّ، تُلِيتْ عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السَّمعَ وأحضرَ قلبَه، ولم يَشْغَلْهُ بغير فَهم ما يسمعه، فهو شاهِدُ القلب، مُلْقِي السَّمعَ، فهذا القِسْم هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة. فالأوَّل: بمنزِلة الأعمى الذي لا يُبصر.
والثَّاني: بمنزِلة البصيرِ الطَّامح ببصره إلى غيرِ جهةِ المنظور إليه، فكِلاهما لا يراه. والثَّالث: بمنزِلة البصيرِ الذي قد حدَّقَ إلى جهة المنظور، وأتبعه بصرَه، وقابله على توسُّطٍ من البُعد والقُرْب، فهذا هو الذي يراه».
5- تفهُّم الآياتِ المسموعة:
فيتأمَّلْ معانيَ أسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله؛ ليستدلَّ بعظمة الفعل على عظمة الفاعل، ويتأسَّى بأحوال الأنبياء والصِّدِّيقين والأولياء والصَّالحين والمتَّقين، ويعتبر بأحوال الكافرين والمكذِّبين والظَّالمين والمنافقين والمتكبِّرين. قال ابن القيم - رحمه الله: «فإذا حصل المُؤثِّر، وهو القرآن؛ والمَحَلُّ القابل، وهو القلب الحيُّ؛ ووُجد الشَّرط، وهو الإصغاء؛ وانتفى المانع، وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر - حصل الأثَرُ، وهو الانتفاع والتَّذكُّر».
قال اللهُ تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 104]، فقد جَعَلَ اللهُ تعالى الاستماعَ والإنصاتَ للتِّلاوة مَناطَ الرَّحمة؛ لِيُعلم أنَّ اللَّغو عند قراءته والجَلَبةَ والضَّوضاءَ من موانع الرَّحمة، وهو يتنافى مع آداب الاستماع الذي يُحبُّه الله تعالى ويرضى عنه، ومن أهم آداب استماع القرآن:
1- تعظيم المتكلِّم:
فينبغي لسامِع القرآن أنْ يُحضِرَ في قلبه عظمةَ المتكلِّم، فهو ربُّ الأرباب، مالِكُ كلِّ شيءٍ، قيُّوم السَّماوات والأرض، ويستحضر صفات الكمال والجَمال والجَلال في قلبه، وهو يستمع إلى كلام ربِّ العزَّة، ويعلم أنَّ ما يُتلى ليس من كلام البشر، وكما أنَّ ظاهر غلاف المصحف وورقه محفوظٌ عن بشرة اللاَّمس إلاَّ إذا كان مُتطهِّراً، فكذلك معاني القرآن محجوبة عن قلب الإنسان إلاَّ إذا كان مُتطهِّراً من كلِّ رِجس، ومُستنيراً بنور التَّعظيم والتَّوقير.
2- استشعار عظمةِ الكلام وعلوِّه:
فيستشعر عظمةَ القرآن، وأنَّ هذه العظمة هي من عظمة المتكلِّم به سبحانه، فهو يعلو ولا يُعلى عليه، وهو مُحْكَم النَّظْم، دقيقُ المعنى، لا تعارض فيه، ولا اختلاف، والسَّعيدُ مَنْ وُفِّقَ إلى فهم واستشعار معانيه، وعلى مُستمعه أنْ يتأمَّل لُطْفَ اللهِ تعالى بخلقه، حيث خاطبهم بهذا الكلام العظيم الشَّريف، وتكفَّل بتيسير إفهامهم إيَّاه. ولولا ذلك لعجزت أفهامهم عن إدراك كلام الله الذي تجلَّى في شكل كلماتٍ وحروفٍ منطوقة ومسموعة أو مكتوبة. ولولا تثبيت اللهِ لموسى - عليه السلام - لَمَا أطاقَ سماعَ كلامِه، كما لم يُطق الجبلُ تجلِّي ذي العرش فصار دكًّا، وغيره من البشر من باب أَولى.
3- حضورُ القلبِ عند السَّماع:
بأنْ يكون القلبُ متأهِّباً في شَوقٍ إلى تلقِّي ما تسمعه الأُذن لا ينصرف عنه، فقد تكون الأذنُ سامعةً والقلبُ مشغولاً بهمومٍ أو خواطر، فينبغي على مستمع القرآن أنْ يطرد حديث النَّفس أثناء استماعه، ويتولَّد هذا من التَّعظيم، فإنَّ المُعظِّم لكلام الله يستبشر به، ويأنس له، ولا يغفل عنه.
4- تدبُّر المسموع:
وهو وراء حضور القلب مباشرة، فإنَّه ربَّما لا يتفكَّر في غير القرآن، ولكنَّه يقتصر على سماعه دون تدبُّر، والمقصود الأعظم من القراءة والسَّماعِ هو التَّدبر، واللهُ تعالى ما أمَرَ القارئَ بالتَّرتيل إلاَّ ليحصل التدبُّر له وللمستمع في الباطن.
وذَكَر ابنُ القيِّم - رحمه الله - حالَ النَّاس عند سماعهم للقرآن العظيم وانتفاعهم به - مُسترشِداً ومُهتدِياً بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]؛ فقال: «النَّاسُ ثلاثةٌ: الأوَّل: رجل قلبه ميِّت، فذلك الذي لا قلبَ له، فهذا ليست الآيةُ ذِكرى في حقِّه. الثَّاني: رجل له قلبٌ حَيٌّ مستعدٌّ، لكنَّه غير مُستمِع للآيات المتلوَّة... وقلبُه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضراً، فهذا أيضاً لا تحصل له الذِّكرى، مع استعداده ووجودِ قلبه. والثَّالث: رجلٌ حَيُّ القلبِ مُستعدٌّ، تُلِيتْ عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السَّمعَ وأحضرَ قلبَه، ولم يَشْغَلْهُ بغير فَهم ما يسمعه، فهو شاهِدُ القلب، مُلْقِي السَّمعَ، فهذا القِسْم هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة. فالأوَّل: بمنزِلة الأعمى الذي لا يُبصر.
والثَّاني: بمنزِلة البصيرِ الطَّامح ببصره إلى غيرِ جهةِ المنظور إليه، فكِلاهما لا يراه. والثَّالث: بمنزِلة البصيرِ الذي قد حدَّقَ إلى جهة المنظور، وأتبعه بصرَه، وقابله على توسُّطٍ من البُعد والقُرْب، فهذا هو الذي يراه».
5- تفهُّم الآياتِ المسموعة:
فيتأمَّلْ معانيَ أسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله؛ ليستدلَّ بعظمة الفعل على عظمة الفاعل، ويتأسَّى بأحوال الأنبياء والصِّدِّيقين والأولياء والصَّالحين والمتَّقين، ويعتبر بأحوال الكافرين والمكذِّبين والظَّالمين والمنافقين والمتكبِّرين. قال ابن القيم - رحمه الله: «فإذا حصل المُؤثِّر، وهو القرآن؛ والمَحَلُّ القابل، وهو القلب الحيُّ؛ ووُجد الشَّرط، وهو الإصغاء؛ وانتفى المانع، وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر - حصل الأثَرُ، وهو الانتفاع والتَّذكُّر».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق