مقدمة:
العبودية هي مفهوم امتلاك انسان لآخر، واعتباره من المال والمتاع، وسلبه معظم الحقوق التي كان يتمتع بها كحر. الاتجار بالعبيد كان مشروعا في العصور القديمة الى وقت قريب، فقد كانت معروفة عند الحضارات الغابرة فنجدها عند السومريين والاكاديين والمصريين القدماء، وعند الاغريق والرومان والفرس وغيرهم.
لمَّا أتى محمد بالديانة الجديدة، كانت العبودية مفهوماً راسخاً ومشروعاً لدى شعوب العالم كلها، فأخذ كل ما كان يتعلق بها من قوانين وأعراف وعادات وأدخلها ودمجها في شريعة الاسلام. رافقت العبودية الخلافة السلامية في جميع مراحلها، منذ نشأتها وحتى أواخر أيامها.
أما ما ورد في هذا الباب، في القرآن والسنة والآثار، فمعظمه كان يتعلق بالإماء، لما لهن من أحكام خاصة دون العبيد، وفيما يلي بعض هذه الأحكام:
وطئ ملك اليمين:
قوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون 5-6]
في تفسير الطبري: (لِفُرُوجِهم) عَنَى بِالْفُرُوجِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فُرُوجَ الرِّجَالِ. (حَافِظُونَ) يَحْفَظُونَهَا مِنْ إعْمَالِهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْفُرُوجِ. ) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) إِلَّا مِنْ أَزْوَاجِهِمُ اللَّاتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّهُ لِلرِّجَالِ بِالنِّكَاحِ. (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) يَعْنِي بِذَلِكَ إِمَاءَهُمْ.
في تفسير القرطبي: خَاطَبَ بِهَا الرِّجَالَ خَاصَّةً دُونَ الزَّوْجَاتِ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي الْآيَةِ فَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ يَطَأَهَا مَنْ تَمْلِكُهُ إِجْمَاعًا مِنَ الْعُلَمَاءِ.
في تفسير ابن كثير: أَيْ: وَالَّذِينَ قَدْ حَفِظُوا فُرُوجَهُمْ مِنَ الْحَرَامِ ، فَلَا يَقَعُونَ فِيمَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ زِنًا أَوْ لِوَاطٍ ، وَلَا يَقْرَبُونَ سِوَى أَزْوَاجَهُمُ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُمْ ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ مِنَ السَّرَارِيِّ.
(مَلَكَاتُ اليمين) و (الإمَاء) يعني الإناث من الرقيق. (السَّرَارِيِّ) هن المسبيات، اي النساء المسترقات من العدو، إذا ما إستحللن. (الجَوَارِي) هن الصغيرات من النساء، تطلق عادة على المملوكات.
ليس للمملوكة حقوق كالزوجة:
الأمة إن استحلت لا تعد بمثابة الزوجة، فوطئ ملك اليمين لا يكون بعقد زواج، وانما بحكم انها ملكٌ لسيدها. وعليه فليس لها حق في القَسَمِ مع زوجاته بالمأكل والمشرب والكسوة والمأوى وغيره. وبطبيعة الحال، الأمة لا ترث سيدها كما ترث الزوجة زوجها، بل تُوَرَّثُ لأهله بعد موته. كما انه ليس هناك في الشرع ما يمنع بيعَ الرجلِ أمةً وطئها مدة، الا أن تكون أم لولد له، فلا يحق له بيعها ولا تُوَرَّثُ.
الاماء لا يفرض عليهن الحجاب، كما سنوضح ونفصل لاحقا، وبالتالي تختلف الاماء عن الزوجات بان الزوجة تستتر وتحتجب من الرجال الاجانب بخلاف الاماء. وكان صحابة محمد يميزون زوجاته عن امائه بهذه الطريقة.
في الآية التالية من سورة النساء دلالة على استحلال وطئ الرجل لأمة يملكها، كما انها تبيين ان الامة لا قسمة لها.
قوله: وَإنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء 3]
في تفسير القرطبي: أَيْ إِنْ خَافَ أَلَّا يَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَلَّا حَقَّ لِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْوَطْءِ وَلَا الْقَسْمِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي الْقَسْمِ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَجَعَلَ مِلْكَ الْيَمِينِ كُلَّهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلْإِمَاءِ حَقٌّ فِي الْوَطْءِ أَوْ فِي الْقَسْمِ. إِلَّا أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ فِي الْعَدْلِ قَائِمٌ بِوُجُوبِ حُسْنِ الْمَلَكَةِ وَالرِّفْقِ بِالرَّقِيقِ.
في تفسير الطبري: قِيلَ: إِنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، إِمَّا مَثْنَى إِنْ أَمِنْتُمُ الْجَوْرَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فِيمَا يَجِبُ لَهُمَا عَلَيْكُمْ وَإِمَّا ثَلَاثٌ ، إِنْ لَمْ تَخَافُوا ذَلِكَ وَإِمَّا أَرْبَعٌ ، إِنْ أَمِنْتُمْ ذَلِكَ فِيهِنَّ .
يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً لِأَنَّ الْمَعْنَى: فَإِنْ خِفْتُمْ فِي الثِّنْتَيْنِ فَانْكِحُوا وَاحِدَةً . ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الْوَاحِدَةِ ، فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .
وَعَلَى النَّحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَنَذْكُرُ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ:
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: فَإِنْ خِفْتَ أَنْ لَا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ ، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ.
عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: السَّرَارِي.
عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: فَإِنْ خِفْتَ أَنْ لَا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ ، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ .
في تفسير ابن كثير: وَقَوْلُهُ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَيْ: فَإِنْ خَشِيتُمْ مِنْ تَعْدَادِ النِّسَاءِ أَلَّا تَعْدِلُوا بَيْنَهُنَّ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النِّسَاءِ 129]فَمَنْ خَافَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقْتَصِرُ عَلَى وَاحِدَةٍ ، أَوْ عَلَى الْجَوَارِي السَّرَارِي ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ قَسْمٌ بَيْنَهُنَّ.
سبي الذراري واستحلال السراري:
يحلل الإسلام إسترقاق ذراري الأعداء في الحرب، ويبيح وطئ المسبيات، وورد ذكر ذلك في القرآن، وقام بذلك محمد وصحبه، كما تبيِّن الأحاديث الواردة في هذا الباب.
قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب 50]
في تفسير القرطبي: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى السَّرَارِيَّ لِنَبِيِّهِ وَلِأُمَّتِهِ مُطْلَقًا ، وَأَحَلَّ الْأَزْوَاجُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُطْلَقًا ، وَأَحَلَّهُ لِلْخَلْقِ بِعَدَدٍ . وَقَوْلُهُ: مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَيْ رَدَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الْكُفَّارِ . وَالْغَنِيمَةُ قَدْ تُسَمَّى فَيْئًا ، أَيْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ النِّسَاءِ بِالْمَأْخُوذِ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ .
في تفسير الطبري: وَقَوْلُهُ: وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ يَقُولُ: وَأَحْلَلْنَا لَكَ إِمَاءَكَ اللَّوَاتِي سَبَيْتَهُنَّ، فَمَلَكْتَهُنَّ بِالسِّبَاءِ، وَصِرْنَ لَكَ بِفَتْحِ اللَّهِ عَلَيْكَ مِنَ الْفَيْءِ.
وَقَوْلُهُ : وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ، يَقُولُ: قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، فَإِنَّ جَمِيعَهُنَّ إِذَا كُنَّ مُؤْمِنَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ، لَهُمْ حَلَالٌ بِالسِّبَاءِ وَالتَّسَرِّي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ .
في تفسير ابن كثير: وَقَوْلُهُ: وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَيْ: وَأَبَاحَ لَكَ التَّسَرِّي مِمَّا أَخَذْتَ مِنَ الْمَغَانِمِ ، وَقَدْ مَلَكَ صَفِيَّة وَجُوَيْرِيَةَ فَأَعْتَقَهُمَا وَتَزَوَّجَهُمَا. وَمَلَكَ رَيْحَانَةَ بِنْتَ شَمْعُونٍ النَّضْرِيَّةَ ، وَمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ أُمَّ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَكَانَتَا مِنَ السَّرَارِي ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
ووردت عدَّت احاديث تُأكِّد أن محمد وأصحابه سبو نساء أعدائهم ومنها:
[2539] حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، ذَكَرَ عُرْوَةُ ، أَنَّ مَرْوَانَ ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ ؟ فَقَالَ : إِنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، إِمَّا الْمَالَ ، وَإِمَّا السَّبْيَ ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا . [صحيح البخاري، كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية]
[2541] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ ، " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ " . حَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. [صحيح البخاري، كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية]
(غارون) غافلون أي أخذهم على غرة وبغتة. (مقاتلتهم) البالغين الذين هم على استعداد للقتال. (سبى ذراريهم) أخذهم سبْيَاً ووزعهم على الغانمين بعد أن ضَرَبَ عليهم الرق. والذَّراري جمع ذرِّيَّة وهي ههنا النساء والأولاد غير البالغين. (أصاب يومئذ جويرية) أي كانت في السبي.
[2542] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَسَأَلْتُهُ ، فَقَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ. [صحيح البخاري، كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية]
(العزل) منع الماء عن أرحام النساء
[7409] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا مُوسَى هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا ، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلَا يَحْمِلْنَ فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ؟ ، فَقَالَ : مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ ، عَنْ قَزَعَةَ ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ ، فَقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا. [صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله هو الله الخالق البارئ المصور]
[1730] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَر،َ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ قَالَ يَحْيَى أَحْسِبُهُ قَالَ جُوَيْرِيَةَ أَوْ قَالَ الْبَتَّةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ، وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِي ذَاكَ الْجَيْشِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَقَالَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَلَمْ يَشُكَّ. [صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم الإعلام بالإغارة]
يقول النووي في شرحه: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ عَرَبٌ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
[1365] حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ ،عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ قَالَ فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْحَسَرَ الْإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ قَالَ وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً وَجُمِعَ السَّبْيُ فَجَاءَهُ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ فَقَالَ اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ قَالَ ادْعُوهُ بِهَا قَالَ فَجَاءَ بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذْ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ غَيْرَهَا قَالَ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنْ اللَّيْلِ فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرُوسًا فَقَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ قَالَ وَبَسَطَ نِطَعًا قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْأَقِطِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ فَحَاسُوا حَيْسًا فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها]
يقول النووي في شرحه: قَوْلُهُ: (مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ) هوَ الْجَيْشُ. سُمِّيَ خَمِيسًا لِأَنَّهُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ : مُقَدِّمَةٌ وَسَاقَةٌ وَمَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ وَقَلْبٌ. قَوْلُهُ: (وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً ) أَيْ قَهْرًا لَا صُلْحَاً.
[2235] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا ، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ ، فَبَنَى بِهَا ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ ، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ. [صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها]
(سد الروحاء) موضع قريب من المدينة. (حلت) طهرت من حيضتها. (فبنى بها) دخل بها والبناء الدخول بالزوجة والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج بإمرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها فيقال بنى الرجل على أهله. (الإستبراء) استبراء الرحم من الحمل ويكون ذلك بعد ان تحيض المرأة حيضة وتطهر.
[5159] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَأُلْقِيَ فِيهَا مِنْ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ. [صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب البناء في السفر]
[1365] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ ح وَحَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ حَيَّانَ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ: صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ فِي مَقْسَمِهِ وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيَقُولُونَ مَا رَأَيْنَا فِي السَّبْيِ مِثْلَهَا قَالَ فَبَعَثَ إِلَى دِحْيَةَ فَأَعْطَاهُ بِهَا مَا أَرَادَ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّي فَقَالَ أَصْلِحِيهَا قَالَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَحَتَّى إِذَا جَعَلَهَا فِي ظَهْرِهِ نَزَلَ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا الْقُبَّة. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها]
[1365] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ :كُنْتُ رِدْفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتْ الشَّمْسُ وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ وَخَرَجُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ وَمُرُورِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ قَالَ وَهَزَمَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصَنِّعُهَا لَهُ وَتُهَيِّئُهَا قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا وَهِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها]
[6838] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيُّ الْعَدْلُ ، ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَنْبَأَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ ، بَاتَ أَبُو أَيُّوبَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ ، وَمَعَ أَبِي أَيُّوبَ السَّيْفُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَانَتْ جَارِيَةً حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ ، وَكُنْتُ قَتَلْتُ أَبَاهَا ، وَأَخَاهَا ، وَزَوْجَهَا ، فَلَمْ آمَنْهَا عَلَيْكَ ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ لَهُ : "خَيْرًا". [المُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذِكْرُ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
وذكر في السيرة: وَلَمَّا بَنَى بِهَا بَاتَ أبو أيوب لَيْلَتَهُ قَائِمًا قَرِيبًا مِنْ قُبَّتِهِ، آخِذًا بِقَائِمِ السَّيْفِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أبو أيوب حِينَ رَآهُ قَدْ خَرَجَ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكَ يَا أبا أيوب؟ فَقَالَ لَهُ: أَرِقْتُ لَيْلَتِي هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا دَخَلْتَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ، ذَكَرْتُ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا وَزَوْجَهَا وَعَامَّةَ عَشِيرَتِهَا، فَخِفْتُ أَنْ تَغْتَالَكَ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ مَعْرُوفًا. [زاد المعاد في هدي خير العباد، مكتبة المنار الإسلامية – الكويت 1994، ج 3 ص 291]
وفي غزوة بني قريظة: وَوَقع للنَّبِي من سَبْيهمْ رَيْحَانَة بنت عَمْرو بْن خناقة إِحْدَى بني عَمْرو بْن قُرَيْظَة، فَلم تزل عِنْده إِلَى أَن مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [الدرر في اختصار المغازي والسير، دار المعارف، الطبعة الثانية، صفحة 182]
يجوز وطئ المسبية وإن كان لها زوج:
قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء 24]
في تفسير القرطبي: قوله: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ . وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ تَحَرُّجِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَنْ وَطْءِ الْمَسْبِيَّاتِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَوَابِهِمْ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ . وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
في تفسير الطبري: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ فَهِيَ عَلَيْكَ حَرَامٌ ، إِلَّا أَمَةً مَلَكْتَهَا وَلَهَا زَوْجٌ بِأَرْضِ الْحَرْبِ ، فَهِيَ لَكَ حَلَالٌ إِذَا اسْتَبْرَأْتَهَا .
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: إِذَا سَبَيْتَ الْمَرْأَةَ وَلَهَا زَوْجٌ فِي قَوْمِهَا ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَطَأَهَا .
عَنْ ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ مُحْصَنَةٍ لَهَا زَوْجٌ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ ، إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِنَ السَّبْيِ وَهِيَ مُحْصَنَةٌ لَهَا زَوْجٌ ، فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْكَ بِهِ. قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ.
في تفسير ابن كثير: وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَيْ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمُ الْأَجْنَبِيَّاتُ الْمُحْصَنَاتُ وَهُنَّ الْمُزَوَّجَاتُ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ يَعْنِي: إِلَّا مَا مَلَكْتُمُوهُنَّ بِالسَّبْيِ ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَكُمْ وَطْؤُهُنَّ إِذَا اسْتَبْرَأْتُمُوهُنَّ. انتهى.
(الإستبراء) استبراء الرحم من الحمل ويكون ذلك بعد ان تحيض المرأة حيضة وتطهر.
وأخرج مسلم في صحيحه:
[1456] حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ،عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ،عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاسَ فَلَقُوا عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا فَكَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ. [صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي]
يقول النووي في شرحه: قَوْلُهُ : (أَوْطَاسَ) مَوْضِعٌ عِنْدَ الطَّائِفِ. ( تَحَرَّجُوا ) خَافُوا الْحَرَجَ وَهُوَ الْإِثْمُ مِنْ غِشْيَانِهِنَّ أَيْ مِنْ وَطْئِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُنَّ زَوْجَاتٌ وَالْمُزَوَّجَةُ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِبَاحَتَهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا الْمُزَوَّجَاتُ ، وَمَعْنَاهُ وَالْمُزَوَّجَاتُ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ إِلَّا مَا مَلَكْتُمْ بِالسَّبْيِ ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجِهَا الْكَافِرِ وَتَحِلُّ لَكُمْ إِذَا انْقَضَى اسْتِبْرَاؤُهَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ أَيِ اسْتِبْرَاؤُهُنَّ ، وَهِيَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ عَنِ الْحَامِلِ ، وَبِحَيْضَةٍ مِنَ الْحَائِلِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ .
الأمة تكاد تشترى للوطئ فحسب:
قد يقول البعض أن الرقيق في السابق كانو أشبه بالعمال، وبما أن الاسلام يطالب الأسياد بالاحسان الى عبيدهم، يكون اطعامهم وإسكانهم بمثابة مقابل لهم على أعمالهم.
وعلى ذلك فهم يقولون أن السبب الرئيسي لشراء الاماء، هو الحاجة لهم للقيام باعمال المنزل ومساعدة الزوجة (او الزوجات). ولكن الحقيقة، أنهن وإن كن يقمن بذلك، كان السبب الرئيسي لشرائهن هو الاستمتاع بهن جنسيا. فلو قرأنا كتب الفقه، نرى أن قيمة الأمة تكاد تعتمد بشكل كلي على جمالها وصباها وصلاحها للمتعة.
من كتاب: المغني لابن قدامة:
كُلُّ تَدْلِيسٍ يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ، مِثْلُ أَنْ يُسَوِّدَ شَعْرَ الْجَارِيَةِ، أَوْ يُجَعِّدَهُ، أَوْ يُحَمِّرَ وَجْهَهَا، أَوْ يُضْمِرَ الْمَاءَ عَلَى الرَّحَا، وَيُرْسِلَهُ عِنْدَ عَرْضِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، يُثْبِتُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ بِمَا يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهِ فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ. [فَصْلٌ التَّدْلِيس فِي الْبَيْع]
إنْ كَانَ الْمَبِيعُ جَارِيَةً ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، فَلَهُ رَدُّهَا، وَلَيْسَ مَعَهَا شَيْءٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ.
[فَصْلٌ كَانَ الْمَبِيع جَارِيَة ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمه بِالْعَيْبِ]
وَالْوَاجِبُ رَدُّ مَا نَقَصَ قِيمَتَهَا بِالْوَطْءِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بِكْرًا عَشَرَةً، وَثَيِّبًا ثَمَانِيَةً، رَدَّ دِينَارَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِفَسْخِ الْعَقْدِ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، بِخِلَافِ أَرْشِ الْعَيْبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي.
[مَسْأَلَةٌ الْأَمَة الْبِكْر إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظُهْر عَلَى عَيْب فَرَدَّهَا]
وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً، فَحَمَلَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا، فَالْحَمْلُ عَيْبٌ فِي الْآدَمِيَّاتِ دُونَ غَيْرِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَيُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ. [فَصْلٌ كُلّ مَبِيع كَانَ مَعِيبًا ثُمَّ حَدَّثَ بِهِ عِنْد الْمُشْتَرِي عَيْب آخَر قَبْلَ عِلْمه بِالْأَوَّلِ]
نرى هنا النهى عن تجعيد شعر الجارية او تغيير لونه او تحمير وجهها بغرض تجميلها وتحسينها. ولم يكن التجار ليلجأو لذلك لولا علمهم بان الجمال في الجارية هو اهم ما يبحث عنه الشراة، فالمتعة الجنسية هي الحاجة الاساسية لهم بها. ونرى ايضا إشارة واضحة الى أن قيمة الثيب أقل من قيمة البكر. والحامل لا توطئ مدة حملها، لذلك تنقص قيمتها، لانه لا يُستفاد منها مدة الحمل، وفي ذلك تأكيد على ان المنفعة فيها تكاد تنحصر تماما بالوطئ.
يُحِلُ الإسلام الإستمتاع بالقاصرات:
قوله: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق 4]
في تفسير القرطبي: قَوْلُهُ تَعَالَى : وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ يَعْنِي الصَّغِيرَةَ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ.
في تفسير الطبري: وَجَعَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَيْضًا لِلَّتِي لَمْ تَحِضِ - الصَّغِيرَةِ - ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ .
وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ يَقُولُ: كَذَلِكَ عِدَدُ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ مِنَ الْجَوَارِي لِصِغَرٍ إِذَا طَلَّقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ بَعْدَ الدُّخُولِ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِه: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ يَقُولُ: الَّتِي قَدِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ قَالَ: الْجَوَارِي .
عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ هُنَّ الْأَبْكَارُ الَّتِي لَمْ يَحِضْنَ، فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. عَنْ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ: لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ، وَقَدْ مُسِسْنَ، عِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةٌ.
في تفسير ابن كثير: يَقُولُ تَعَالَى مُبَيِّنًا لِعِدَّةِ الْآيِسَةِ - وَهِيَ الَّتِي قَدِ انْقَطَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ لِكِبَرِهَا - : أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ، عِوَضًا عَنِ الثَّلَاثَةِ قُرُوءٍ فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ آيَةُ " الْبَقَرَةِ " وَكَذَا الصِّغَارُ اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ سِنَّ الْحَيْضِ أَنَّ عِدَّتَهُنَّ كَعِدَّةِ الْآيِسَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ; وَلِهَذَا قَالَ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ.
وفي صحيح الاحاديث:
[3896] حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَفَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. [صحيح البخاري، كتاب مناقب الانصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها]
[5133] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا. [صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب إنكاح الرجل ولده الصغار]
[1422] حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَلُعَبُهَا مَعَهَا وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة]
[3894] حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. [صحيح البخاري، كتاب مناقب الانصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها]
[1422] حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ قَالَتْ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَوُعِكْتُ شَهْرًا فَوَفَى شَعْرِي جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَأَنَا عَلَى أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَوْقَفَتْنِي عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ هَهْ هَهْ حَتَّى ذَهَبَ نَفَسِي فَأَدْخَلَتْنِي بَيْتًا فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَغَسَلْنَ رَأْسِي وَأَصْلَحْنَنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَأَسْلَمْنَنِي إِلَيْهِ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة]
يقول النووي في شرحه: هَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْأَبِ الصغيرة بغير اذنها لِأَنَّهُ لَا إِذْنَ لَهَا وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَنَا، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ تزويجه بنته الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِذَا بَلَغَتْ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي فَسْخِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ. وَأَمَّا وَقْتُ زِفَافِ الصَّغِيرَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَالدُّخُولُ بِهَا فَإِنِ اتَّفَقَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ عَلَى شَيْءٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الصَّغِيرَةِ عُمِلَ بِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ دُونَ غَيْرِهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ حَدُّ ذَلِكَ أَنْ تُطِيقَ الْجِمَاعَ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِهِنَّ وَلَا يُضْبَطُ بِسِنٍّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. انتهى كلامه.
لا يحل الزواج من الإماء الا للضرورة:
قوله: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء 25]
في تأويل هذه الآية كلام طويل، تجدون تفصيله عند القرطبي اختصره في ما يلي:
هذا الزواج يكون بأمة الغير، ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز له أن يتزوج أمة نفسه، ولكن يحق له وطئها. ولا يُفَضِّلُ الإسلام الزواج من المملوكة لأن ولدها يسترق، ولأن الأمة لا تفرغ للزوج على الدوام لأنها مشغولة بخدمة المولى.
المملوكة لا تُنْكَحُ إلا بإذن سيدها، ويدفع المهر له على قول الشافعي، ولها على قول مالك. والعبد أيضا لا يَنْكِحُ إلا بإذن سيده، لأن العبد لا أمر له، وبدنه كله مُسْتَغْرَقٌ. وهناك قول بأن للسيد الحق بطلاق امته من زوجها.
يُحِلُّ الإسلام الزواج بأمة للضَّرورة بشرطين: الأول عدم السعة، أي عدم القدرة على دفع مهر الحرة، والثاني الخوف من العَنَتَ (الزنى)، وهذا رأي الائمة الأربعة عدا أبو حنيفة، والذي يرى جواز النكاح وإن كان ميسور الحال، ولم يشترط خوف العنت إذا لم تكن تحته حرة. اذا توفر الشرطان له ان يتزوج بأربع إماء، على قول مالك وأبو حنيفة، وواحدة فقط على قول الشافعي وأحمد، لان شرط الخوف من العنت يزول بواحدة.
وهناك خلاف على الرجل يتزوج الحرة على الأمة، فقال بعضهم يثبت زواج الأمة، وقال آخرون للحرة الحق في فسخ زواجها، وهناك قول بأن الزواج يفسخ لأنه أمر أبيح للضرورة كالميتة ، فإذا ارتفعت الضرورة ارتفعت الإباحة.
عورة الأمة:
قوله: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الاحزاب 59]
في تفسير القرطبي: أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَهُنَّ بِإِرْخَاءِ الْجَلَابِيبِ عَلَيْهِنَّ إِذَا أَرَدْنَ الْخُرُوجَ إِلَى حَوَائِجِهِنَّ ، وَكُنَّ يَتَبَرَّزْنَ فِي الصَّحْرَاءِ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الْكُنُفُ - فَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ ، فَتُعْرَفُ الْحَرَائِرُ بِسِتْرِهِنَّ ، فَيَكُفُّ عَنْ مُعَارَضَتِهِنَّ مَنْ كَانَ عَزَبًا أَوْ شَابًّا .
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ أَيِ الْحَرَائِرُ ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالْإِمَاءِ ; فَإِذَا عُرِفْنَ لَمْ يُقَابَلْنَ بِأَدْنَى مِنَ الْمُعَارَضَةِ مُرَاقَبَةً لِرُتْبَةِ الْحُرِّيَّةِ ، فَتَنْقَطِعُ الْأَطْمَاعُ عَنْهُنَّ . وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تُعْرَفَ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُعْلَمَ مَنْ هِيَ . وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَى أَمَةً قَدْ تَقَنَّعَتْ ضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ ، مُحَافَظَةً عَلَى زِيِّ الْحَرَائِرِ.
في تفسير الطبري: لَا يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ فِي لِبَاسِهِنَّ إِذَا هُنَّ خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ لِحَاجَتِهِنَّ ، فَكَشَفْنَ شُعُورَهُنَّ وَوُجُوهَهُنَّ . وَلَكِنْ لِيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ; لِئَلَّا يَعْرِضَ لَهُنَّ فَاسْقٌ ، إِذَا عَلِمَ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ ، بِأَذًى مِنْ قَوْلٍ .عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْحُرَّةُ تَلْبَسُ لِبَاسَ الْأَمَةِ فَأَمَرَ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ . وَإِدْنَاءُ الْجِلْبَابِ : أَنْ تَقَنَّعَ وَتَشُدَّ عَلَى جَبِينِهَا.
وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ يَقُولُ: إِدْنَاؤُهُنَّ جَلَابِيبَهُنَّ إِذَا أَدْنَيْنَهَا عَلَيْهِنَّ أَقْرَبُ وَأَحْرَى أَنْ يُعْرَفْنَ مِمَّنْ مَرَرْنَ بِهِ، وَيَعْلَمُوا أَنَّهُنَّ لَسْنَ بِإِمَاءٍ فَيَتَنَكَّبُوا عَنْ أَذَاهُنَّ بِقَوْلٍ مَكْرُوهٍ ، أَوْ تَعَرُّضٍ بِرِيبَةٍ .
في تفسير ابن كثير: يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا ، أَنْ يَأْمُرَ النِّسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ - خَاصَّةً أَزْوَاجَهُ وَبَنَاتِهِ لِشَرَفِهِنَّ - بِأَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ، لِيَتَمَيَّزْنَ عَنْ سِمَاتِ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَسِمَاتِ الْإِمَاءِ .
عن يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : وَسَأَلْنَاهُ يَعْنِي : الزُّهْرِيَّ - : هَلْ عَلَى الْوَلِيدَةِ خِمَارٌ مُتَزَوِّجَةٌ أَوْ غَيْرُ مُتَزَوِّجَةٍ ؟ قَالَ : عَلَيْهَا الْخِمَارُ إِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً ، وَتُنْهَى عَنِ الْجِلْبَابِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُنَّ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ إِلَّا مُحَصَّنَاتٍ .
وَقَوْلُهُ : ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ أَيْ: إِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ عُرِفْنَ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ ، لَسْنَ بِإِمَاءٍ وَلَا عَوَاهِرَ.
[3589] حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمُزَنِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ ، فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ. [سنن ابي داود، كتاب اللباس، باب في قوله عز وجل وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن]
ممَّا ورد في كتب الفقه:
في المذهب الشافعي: "أَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَجَمِيعُ بَدَنِهَا عَوْرَةٌ إِلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ ؛ ظَهْرُهُمَا وَبَطْنُهُمَا إِلَى الْكُوعَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ بَعْضَهَا رَقِيقًا ، فَأَصَحُّ الأقْوَالِ أنَّ عَوْرَتُهَا كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ ". [روضة الطالبين وعمدة المفتين، كتاب الصلاة، الباب الخامس في شروط الصلاة والمنهي عنه فيها]
في المذهب الحنبلي: الشرط الثالث: سترالعورة بما لا يصف البشرة وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة. [العدة شرح العمدة، باب شروط الصلاة]
في المذهب المالكي: يقول الصاوي في الحاشية: وَعَلَى هَذَا فَيَرَى الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ - إذَا كَانَتْ أَمَةً - أَكْثَرَ مِمَّا تَرَى مِنْهُ لِأَنَّهَا تَرَى مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَقَطْ، وَهُوَ يَرَى مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، لِأَنَّ عَوْرَةَ الْأَمَةِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ . [الشرح الصغير على اقرب المسالك الى مذهب الامام مالك، باب الصلاة، فصل شروط الصلاة: عورة المرأة الأمة والرجل]
كما ورد في الآثار أن الصحابة كانو يكشفون عن الأمة في الأسواق لتَفَحُّصِهَا قبل أن يشتروا، نجد 12 أثر في مصنف عبد الرزاق من رقم 13198 الى 13209 نذكر منها:
[13202] عبد الرزاق عن معمر هن عمرو بن دينار عن مجاهد قال: مرَّ ابن عمر على قوم يبتاعون جارية، فلما رأوه وهم يقلبونها امسكو عن ذلك، فجاءهم ابن عمر فكشف عن ساقها، ثم دفع في صدرها، وقال: اشتروا، قال معمر: وأخبرني ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: وضع ابن عمر يده بين ثدييها، ثم هزَّها.
[13208] عبد الرزاق عن ابن جريح قال: اخبرني أصدق عمن قال علياً يسأل عن الأمة تباع، أينظر الى ساقها، وعجزها، والى بطنها؟ قال: لا بأس بذلك، لا حرمة لها، إنما وُقفت لنساومها.
[13209] عبد الرزاق عن الثوري عن عبيد المكتب عن ابراهيم عن بعض أصحاب عبد الله أنه قال في الأمة تباع: ما أبالي إياها مسست أو الحائط.
شراء وبيع وهبة الرقيق:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَبَاعَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَاشْتَرَى أَبُو الشَّحْمِ الْيَهُودِيُّ أَهْلَ بَيْتٍ، عَجُوزاً وَوَلَدَهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبَايَا أَثْلَاثًا، ثُلُثًا إلَى تِهَامَةَ وَثُلُثًا إلَى نَجْدٍ وَثُلُثًا إلَى طَرِيقِ الشَّامِ فَبِيعُوا بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالْإِبِلِ وَالْمَالِ. [الام للشافعي، كتاب اللقيط]
من يُسْئَلُ من المسلمين عن عدالة حكم سبي نساء واطفال بني قريظة، يقولون إن ذلك خيرٌ من الموت، وأنهم لَقَو معاملة حسنة من المسلمين، وربما أسلم الكثير منهم وعاشو حياة عزيزة بين المؤمنين.
حتى لو صح أن المسلمين كانو يحسنون معاملة عبيدهم، فهذا لا يبرر استرقاق نساء واطفال لم يكن لهم يد في خيانة محمد وصحبه، فالقرار ليس لهم، ولا بيدهم، بل حتى رجال القبيلة لم يكن جميعهم متواطئين بالخيانة، فالقرار يعود لثلة قليلة من اسياد العشيرة. وعلى ذلك فإن نحن قارنا بين القتل والسبي، فذلك يستدعي السؤال هل كان النساء والاطفال يستحقون القتل حتى نقول أن محمداً كان رفيقا بهم فسباهم؟
من هذه الرواية (وغيرها كثير في كتب السيرة) نرى أن سَبْيَ بني قريظة لم يظلوا عند المسلمين حتى يلقو المعاملة الحسنة المفترضة، بل بيعو مقابل المال والسلاح والعتاد، ولا يدري أحد كيف كانت المعاملة التي لَقَوها لدى أسيادهم الجدد. كما أن هذا يشير الى أن الحكم عليهم بالسبي بدل القتل إنما كان في مصلحة محمد والمسلمين معه حتى يستفيدوا من الإتجار بهم.هذا الأمر يدعونا للتساؤل عن الدافع الحقيقي حول النهي عن قتل النساء والأطفال في المعارك، أكان رفقاً بهم أم لأسباب أخرى؟
في وهب الرقيق ورد التالي:
[2592] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي قَالَ أَوَفَعَلْتِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ. [صحيح البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج]
[6873] حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْحَرْبِيُّ ، ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ: ثُمَّ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ مَارِيَةَ بِنْتَ شَمْعُونَ ، وَهِيَ الَّتِي أَهْدَاهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، وَأَهْدَى مَعَهَا أُخْتَهَا سِيرِينَ ، وَخَصِيًّا يُقَالُ لَهُ : مَأْبُورٌ ، فَوَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ سِيرِينَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ. [المُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذِكْرُ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
[6885] قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: وَكَانَتْ مِنْ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ سَمْعُونَ ، مِنْ بَنِي النَّضِيرِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَكَانَتْ تَكُونُ فِي النَّخْلِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ يَقِيلُ عِنْدَهَا أَحْيَانًا ، وَكَانَ سَبَاهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : وَهُنَّ أَرْبَعٌ : مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ ، وَرَيْحَانَةُ ، وَجُمَيْلَةُ أَصَابَهَا فِي السَّبْيِ ، فَكَادَتْ نِسَاؤُهُ خِفْنَ أَنْ تَغْلِبَهُنَّ عَلَيْهِ ، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ أُخْرَى نَفِيسَةً وَهَبَتْهَا لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ، وَقَدْ كَانَ هَجَرَهَا فِي شَأْنِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ ذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَصَفَرَ ، فَلَمَّا كَانَ شَهْرُ رَبِيعٍ الأَوَّلِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، رَضِيَ عَنْ زَيْنَبَ ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : مَا أَدْرِي مَا أُجْزِيكَ ، فَوَهَبَتْهَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ. [المُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذِكْرُ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
لا يقتص من الحر اذا قتل عبداً
لا يقتص من الحر إذا تعدَّى على عبد، فلا يقتل بقتله وإن كان عمدا، ولا يقطع طرفه بقطعه طرفه، بخلاف لو كان قد فعل ذلك بِحُرٍّ مثله. وأما الديَّة، فهي تقدَّر بقيمة العبد، على خلاف المعتاد في قيمة الديَّات في الاسلام والتي تحمل قيمة ثابتة، لا تختلف باختلاف الاشخاص، وانما يختلف قدرها بين مسلم وكتابي ومجوسي وذكر وانثى وغيره، فكانت هذه الديَّة -أي ديَّة العبد- أشبه ما تكون بتعويض مادي للسيد الذي خسر من ماله، فيدفع له بقيمة العبد.
في المغني لابن قدامة، كتاب الجراح، يقول ابن قدامة المقدسي:
فَصْل: (وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ) وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَلَنَا، مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْتَلَ حُرٌّ بِعَبْدٍ» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَلِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ بِطَرَفِهِ مَعَ التَّسَاوِي فِي السَّلَامَةِ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ، فَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ الْحُرُّ. وَلَا يُقْتَلُ السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
ويقول ابن قدامة في الحديث عن قَتَادَةُ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ: " فَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ، فَلَمْ يَثْبُتْ. قَالَ أَحْمَدُ: الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ، إنَّمَا هِيَ صَحِيفَةٌ.
وَقَالَ عَنْهُ أَحْمَدُ: إنَّمَا سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ سَمُرَةَ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ، لَيْسَ هَذَا مِنْهَا. وَلِأَنَّ الْحَسَنَ أَفْتَى بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ. "
ويقول: وَلَا يُقْطَعُ طَرَفُ الْحُرِّ بِطَرَفِ الْعَبْدِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ بَيْنهمْ، وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ، وَيُقْتَلُ بِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ بِمِثْلِهِ، فَبِمَنْ هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ أَوْلَى، مَعَ عُمُومِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
ويقول: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَدِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ بَلَغَتْ دِيَاتٌ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ فِي الْعَبْدِ، الَّذِي لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ دِيَةَ الْحُرِّ، قِيمَتَهُ. وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ دِيَةَ الْحُرِّ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا، فَذَهَبَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إلَى أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ بَلَغَتْ دِيَاتٍ، عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً.
هل سعى الاسلام الى الحد من الرق؟
يقول الشيخ الشعراوي: الاسلام جاء الى المنابع المتعددة للرق فوحدها والى المصرف الواحد فعدده، فحصر منابع الرق بالحرب المشروعة، وجاء الى المصرف الواحد وهو ارادة السيد فعدده. ويحتج بهذا ليقول أن الاسلام أتى مشرعا للعتق لا للرق وأتى لينهي العبودية ولكن بشكل تدريجي. (مصدر هذا القول على الأغلب هو سيد قطب من كتابه شبهات حول الاسلام)
على إعتبار أن الاسلام دين ربّاني، اتت تعاليمه من الله العليم الخبير، اذاً إن اتبع المسلمون نهجه فيما يتعلق بالرق، ستختفي العبودية من العالم الاسلامي وتندثر. ولكننا نرى أنَّ الإسلام، طوال أكثر من ثلاثة عشر قرناً، لم ينهي العبودية، ولم يخفف من وطئتها في بلاده، وعندما حُرِّمَت في عهد سلطان الدولة العثمانية عبد الحميد الثاني عام 1882م، لم يكن إلَّا بضغط كبير من بريطانيا العظمى، فأتى هذا التحريم كنتيجة جانبية للحركة الغربية، التي أتت في وقت كانت الدولة العثمانية ضعيفة هزيلة، ولم يكن لها الامر في ذلك. وبعد تفككها إستُعمرت بلادها فأخذت من الغرب قوانينهم، وأنشئت الدساتير على أعرافهم.
بدأت حركة تحرير العبيد الأخيرة، والتي أدت في نهايتها الى القضاء على الإستعباد عالميا بشكل كامل، في مطلع القرن الثامن عشر، الذي شهد مجموعة من الإجراءات والقوانين، منها ما حرَّم العبودية بالمطلق وحرر العبيد، واخرى كان الهدف منها الحد من العبودية والتدرج في محوها، فكان منها زيادة الضرائب على ملَّاك العبيد، وضع حد اقصى من العبيد الذي يحق لكل عائلة امتلاكه، تحرير اولاد العبيد (قوانين الارحام الحرة) ، تحريم الاتِّجار بالعبيد، وغيرها. كانت ابرز الدول اللتي قامت بهذه الاجراءات الدنمارك والنرويج، الولايات المتحدة المريكية، بريطانيا، روسيا والصين، بينما تأخرت في هذا المجال فرنسا التي حرَّمتها سنة 1794 ثم اعادها نابليون سنة 1802.
تمييزالقرن التاسع عشر بإنتشار واسع لهذه الإجراءات حتى شملت معظم دول أوروبا وشرق آسيا والأمريكيتين، وبدأت القوانين التي تحرّم الاسترقاق بأخذ مفعولها التام كما جرى في بريطانيا حيث حُرِّر اكثر من 760 الف مما تبقى من العبيد سنة 1834، بالإضافة الى قرارات عتق العبيد وأشهرها الأمر الرئاسي الذي أصدره رئيس الولايات المتحدة أبراهام لينكون سنة 1863، كما شهد العالم عدة معاهدات منها المعاهدة الخماسية سنة 1841 التي وقعتها بريطانيا، فرنسا، روسيا، بروسيا والنمسا.
بينما كان العالم يسعى بحثاثة إلى إنهاء العبودية، كانت الدولة العثمانية لا تزال متمسكة به، على أساس أن نصا صريحا بحرمته لم يوجد في القرآن أو السنة، ولم تتحرك إلا تحت ضغط من بريطانيا فكان أول إجراء لها على الإطلاق بهذا الخصوص سنة 1847 فأصدرت فرماناً بتحريم الإتِّجار بالزنج من إفريقيا، ولم يأتي ما يحرم العبودية بالمطلق حتى سنة 1882.
بغض النظر عن العوامل التي ادّت الى تلك الحركة المناهضة للعبودية، بكل ما قد تنطوي عليه من تفاصيل، تبقى الحقيقة الهامّة بما يخص موضوع بحثنا، هو أن الخلافة الإسلامية لم تسعى الى انهاء الرق.
إن كانت تعاليم الاسلام بالفعل تهدف الى انهاء العبودية او الحد منها، فقد فشلت فشلاً ذريعاً في ذلك. حال العالم اليوم، الذي يعتبر تحريم العبودية من المسلَّمات، ويعتبر إسترقاق البشر من أفظع الجرائم، لم يكن للإسلام أي دور فيه.
نخلص من هذا الى نتيجتين: إما أن الاسلام لم يهدف الى إنهاء العبودية أساساً، او أنه أراد ذلك ولكن فشل، وفي الحالتين هذا يعني أن شريعته ليست ربّانية.
قد يقول قال: المشكلة ليس بالاسلام وتعاليمه، المشكلة هي فشل المسلمين في تطبيقها. نقول إن هذا ليس عذرا ابداً. إن كان جميع المسلمين الذين عاشوا في دول اسلامية مختلفة على مر اكثر من 13 قرنا قد فشلوا في انهاء نظام الرق، اذاً كيف يقع اللوم عليهم؟ الم يعلم الله انهم لن يستطيعوا العمل بتعاليم دينه؟ ألَم يستطع اخبارهم بوضوح وصراحة ان استرقاق البشر عمل سيئ ويبيِّن أن من أهداف الاسلام نشر العدل والمساوات بين الناس، وعلى المسلمين السعي الى تحقيق تلك الغاية؟
على كل حال لنفترض جدلا أن المشكلة ليس بالشريعة نفسها. إن نظرنا الى الخطة المفترض بها التدرج في القضاء على العبودية، سنجد أنها اصلا لا تصلح لذلك، فالمنبع الوحيد الذي يدعيه الشعراوي (او سيد قطب) وهو الحرب المشروعة، هو أهم منبع على الاطلاق، فالحروب كانت تاتي بأعداد هائلة من الرقيق، ولا أجد من داع لذكر أمثلة فهي كثيرة جدا في كتب التاريخ، فكل حرب كانت ترجع على المنتصر بآلاف مؤلفة من العبيد. هذه الحروب لا تقتصر على النزاعات بين المسلمين وغيرهم، بل حتى على الحروب التي كانت تدور بين الكفار. فقد قال الطبري: إِنَّمَا أَقَرَّ (يقصد محمد) الْيَهُودِيَّ (سيدُ سلمان الفارسي) عَلَى تَصَرُّفِهِ فِي سَلْمَانَ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ سَلْمَانُ عَلَى هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَحُكْمُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى نَفْسِ غَيْرِهِ أَوْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنِ الْمَغْلُوبُ فِيمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْغَالِبِ.
هذا يعني أن أي حرب تدور في العالم هي منبع شرعي للرقيق. وما اكثر تلك الحروب في تلك الايام، ناهيك عن غزوات المسلمين المستمرة على بلاد الكفر والكفرة.
هذا كله على اعتبار أن الحرب المشروعة هي فعلا المنبع الوحيد للرق، ولكن ماذا عن التجارة؟ هل يحرم الاسلام الاتجار بالرقيق؟ بالطبع لا. كان المسلمون يبيعون ويشترون الرقيق من غير المسلمين، دون السؤال عن الطريقة التي استرق بها العبد. وقد قبل محمد من المقوقس مارية القبطية ومعها اختها سيرين، ورجلا يقال له مأبور، كهدية. هذا يعني أن التجارة ايضا كانت مصدرا مشروعا للرقيق في الاسلام.
مصدر آخر للرقيق هو استرقاق ولد الأمة، فولدها من العبد يسترق، كذا ولدها من كل حر غير سيدها، وإن كان زوجها. لو منع الاسلام استرقاق اولاد الاماء كما فعلت اوروبا مثلا بقوانين "الارحام الحرة" لخفف من عدد العبيد شيئا ما.
أما عن مصارف العبيد المتعددة، وهي فك الرقاب ككفارة لذنوب معينة، فلا اجد أنها تخفف من الرق بل على العكس تشجعه وتنميه.
الاسلام لم يشترط على المسلم الباحث عن الغفران من ذنب معين، أن يحرر عبدا او أمة له، وبالتالي لو أذنب مسلم ذنباً يقتدي كفَّارةً بالعتق، سيذهب الى السوق ليشتري عبدا بأقل ثمن ممكن ويعتقه. فليس من المعقول أن يتخلى عن عبد له علمه وهذبه، وعوَّده على العمل في تجارته أو صنعته، أو عن أمة أنِسها وألِفها مدة، إن لم يٌلزمه الشرع بذلك. وعليه فإن أسباب شراء الرقيق في بلاد الاسلام، تزيد عن غيرها سببا واحدا وهو تكفير الذنوب. هذا يصب في مصلحة تجار الرقيق الذين تزدهر تجارتهم في بلاد المسلمين، وقد يستقدموا العبيد من الخارج لتغطية حاجة السوق لهم. هذا يشجع على إستعباد المزيد والمزيد من الناس، في بلاد المسلمين وخارجها.
ما دامت منابع الرق الأساسية وهي الحرب والتجارة وتناسل الرقيق مشروعة، ففك الرقاب لن يحد من أعدادهم، فمقابل كل عبد يطلق، يٌسْتَرَقُ غيره في مكان ما ليعود ويباع في بلاد المسلمين، ويحصِّل كبار تجار الرقيق ثروات طائلة من وراء كل هذا، مما يزيد من قوتهم ونفوذهم، أو يزيد من أعدادهم إن لم تُستحكر من قبل قلة من الناس، وفي الحالتين هذا سيزيد من صعوبة الحد من هذه التجارة وإستئصالها إذا ما اراد الناس ذلك في يوما ما.
هل الاسلام احسن معاملة العبيد؟
قد يُقال أن الاسلام على الاقل احسن معاملة العبيد، فمن وصايا محمد للمسلمين أن يطعمو عبيدعم مما يأكلون، ويلبسونهم مما يلبسون، ولا يحملوهم ما لا طاقة لهم به وإن فعلو يعينوهم على ذلك. ووصى ايضا بان
ينادوهم بفتاي وفتاتي بدل عبدي وامتي.
كل هذا جميل، ولكن كيف يبدو لنا هذا الكلام، لو أخذنا به ليس وحده، ولكن مع كل ما جاء من أحكام للرق في الاسلام، إضافة الى الأفعال التي قام بها محمد، والتي تعتبر سنَّة لجميع المسلمين ليعملوا بها؟
تأمل معي السيناريو الآتي:
رجل مسن يوصي إبنه العازم على الجهاد في سبيل الله فيقول: "صفي النية لوجه الله يا بني، وقاتل في سبيله طلبا للجنة وحور العين، فللشهيد سبعون حورية، مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فان لاقيت الكفار فاضرب الرقاب وإضرب منهم كل بنان ولا تذر منهم أحدا. ولكن تجنب النساء والأطفال، فهم غنائم للمسلمين، ولا تقطع شجر ولا تخرب بيتا، فكل ذلك مما أفاء الله علينا من أموالهم. وإن قُسِمَ لك من السبي سريَّة، فهي حلال لك تطؤها كما تشاء، ولا تتحرج من ذلك وإن كان لها زوج، فذلك مما أوسع الله على هذه الأمَّة."
ويتابع فيقول: "وفي رأيي بعد عودتك من الجهاد، إذهب بها الى سوق النخاسة، وإعرضها للبيع، وتذكر يا بني أن لا تقول هذه أمتي بل قل هذه فتاتي، فهذا مما وصى به نبينا الكريم. ولا تتحرج من الكشف على جسمها ما عدا ما بين سرتها وركبتها. فمن سماحة الاسلام، ومن باب تيسيره لأمور الناس وتشريع ما فيه صلاح معيشتهم، أن جعل من حق الشاري تقليب بضاعته وتفحصها كما شاء، حتى لا يحدث غش وتدليس في البيع. ولا تنسى أن تذكِّر أخاك المسلم إن أنت بعته أمَتَكَ، أن يشتري لها ثياب من نفس جودة ما يلبس ويطعها مما يأكل، ولا يطؤها الا بعد إستبراء رحمها بحيضة فلربما كانت قد حملت منك. هذه جميعا من وصايا نبينا العظيم، والأمر بالمعروف والتذكير به واجب لقوله تعالى "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين".
ثم يردف قائلا: "وأرى يا بني أن تشتري بثمنها جارية صغيرة، بنتُ ستٍ أو سبعٍ أو ما قارب ذلك، فتستمتع بها ما شاء الله، فإن وافتك المنية تبقى هذه لولدك من بعدك، يبيعها وهي لا تزال في صباها وذروة جمالها، فيصيب بها مالا يعينه على قضاء حوائجه. "
ما أريد إيصاله هنا هو أن الشعارات الرنانة البراقة، لا تصمد أمام الواقع المظلم.
أن يغتصب محمد صفية بنت حيي بعد قتله أباها وأخاها وزوجها ومعظم أبناء عشيرتها، ثم يناديها بفتاتي بدل أمتي لن يخفف من آلامها، ولن يغير من واقعها البائس شيئا.
لا يصح المَنّ على العبيد بإطعامهن وكسوتهم، بعد أن كان المسلمون قد نهبوا اموالهم وثرواتهم، وقتلوا أهلهم وأحبائهم، وأخرجوهم من ديارهم وسلبوهم حريتهم.
وأي عدل وأي إحسان قد يتوقعه عبد لا حرمة لدمه ولا عرضه؟ كيف يمكن ذكر العدل أصلا عندما نتحدث بشأن إنسان قد حُرم حريته؟
يقتل العبد عمدا ولا يقتص من قاتله، ولا يسمح له بالزواج إلا بإذن سيده وسيدها، فإن رفض أحدهما فزنى جُلِد. وإن تزوج وأنجب ولد يسترق، وإبنته تستحل لسيدها يطأها ما إن تبلغ سن تحتمل فيه ذلك. قد يكون ذلك في السادسة أو السابعة من عمرها. أي كرامة يدّعي المسلمون أن دينهم حفظها للرقيق؟
العتق في الاسلام: نظرة فاحصة
رغم كل ما ذكرنا، تبقى الآيات والأحاديث التي تحث على العتق كثيرة بعض الشيئ. هذا يدعو الباحث الى التسائل عن سبب ذلك، خصوصا أن الاسلام شرَّع وقنَّن الرق، ومارسه على مدى قرون. كيف يشرِّع الاسلام الرق ويحث على العتق في الوقت ذاته؟
الاسلام يتمحور حول القرآن والسنة، وكلاهما، من وجهةِ نظرٍ محايدة، كلام محمد. هذه الأقاويل أخذت عنه على مدى 23 عاما من حياته كنبي. وليس من الغريب أن يبدل الإنسان مواقفه وآرائه وإتجاهاته بتبدل الأحوال بما يتوافق مع مصالحه.
عتق العبيد كان مهما جدا في المرحلة المكية من الدعوة، والتي إمتدت 13 سنة. معظم المؤمنين بمحمد وقتها كانوا من الفقراء والمساكين أو العبيد. وقد أنفق أبو بكر الصديق معظم أمواله في عتق من كان يؤمن منهم بدعوة محمد. ذُكر ممن أعتق أبو بكر بلال إبن رباح، وعامر بن فهيرة، وأم عبس، وزبيرة، والنهدية وأبنة لها. ويروى أنه مر بجارية بني مؤمل حي من بني عدي بن كعب، وكانت مسلمة وعمر بن الخطاب يعذبها لتترك الإسلام وهو يومئذ مشرك وهو يضربها، حتى إذا مل، قال: إني أعتذر إليك أني لم أتركك إلا ملالة، فإبتاعها أبو بكر وأعتقها.
فلربما كان الحث على العتق، والدعوة للاحسان الى الرقيق كان بسبب أن عدد ممن أسلم في بدايات الدعوة كانو عبيد.
فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة [عبس 11,12,13]
في هذه الآيات حث على العتق (فك الرقاب). ولكن هذه الآيات نزلت في مكة، فسورة عبس مكية، وذلك كان قبل الغزوات التي سبى فيها المسلمون الآلاف من نساء وذراري أعدائهم. كيف يشرع الاسلام للمسلمين استرقاق اعدائهم، ثم يحثهم بعد ذلك على عتقهم؟
كما أن من يبحث في الأحاديث الواردة عن العتق، يجد عدد كبيرا منها يحث على تحرير الرقاب المسلمة تحديدا، وفي ذلك إشارة الى أن الهدف ليس بالضرورة الحد من العبيد او العبودية بالمطلق، ولكن الحد من العبيد المسلمين.
العبودية هي مفهوم امتلاك انسان لآخر، واعتباره من المال والمتاع، وسلبه معظم الحقوق التي كان يتمتع بها كحر. الاتجار بالعبيد كان مشروعا في العصور القديمة الى وقت قريب، فقد كانت معروفة عند الحضارات الغابرة فنجدها عند السومريين والاكاديين والمصريين القدماء، وعند الاغريق والرومان والفرس وغيرهم.
لمَّا أتى محمد بالديانة الجديدة، كانت العبودية مفهوماً راسخاً ومشروعاً لدى شعوب العالم كلها، فأخذ كل ما كان يتعلق بها من قوانين وأعراف وعادات وأدخلها ودمجها في شريعة الاسلام. رافقت العبودية الخلافة السلامية في جميع مراحلها، منذ نشأتها وحتى أواخر أيامها.
أما ما ورد في هذا الباب، في القرآن والسنة والآثار، فمعظمه كان يتعلق بالإماء، لما لهن من أحكام خاصة دون العبيد، وفيما يلي بعض هذه الأحكام:
وطئ ملك اليمين:
قوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون 5-6]
في تفسير الطبري: (لِفُرُوجِهم) عَنَى بِالْفُرُوجِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فُرُوجَ الرِّجَالِ. (حَافِظُونَ) يَحْفَظُونَهَا مِنْ إعْمَالِهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْفُرُوجِ. ) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) إِلَّا مِنْ أَزْوَاجِهِمُ اللَّاتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّهُ لِلرِّجَالِ بِالنِّكَاحِ. (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) يَعْنِي بِذَلِكَ إِمَاءَهُمْ.
في تفسير القرطبي: خَاطَبَ بِهَا الرِّجَالَ خَاصَّةً دُونَ الزَّوْجَاتِ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي الْآيَةِ فَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ يَطَأَهَا مَنْ تَمْلِكُهُ إِجْمَاعًا مِنَ الْعُلَمَاءِ.
في تفسير ابن كثير: أَيْ: وَالَّذِينَ قَدْ حَفِظُوا فُرُوجَهُمْ مِنَ الْحَرَامِ ، فَلَا يَقَعُونَ فِيمَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ زِنًا أَوْ لِوَاطٍ ، وَلَا يَقْرَبُونَ سِوَى أَزْوَاجَهُمُ الَّتِي أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُمْ ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ مِنَ السَّرَارِيِّ.
(مَلَكَاتُ اليمين) و (الإمَاء) يعني الإناث من الرقيق. (السَّرَارِيِّ) هن المسبيات، اي النساء المسترقات من العدو، إذا ما إستحللن. (الجَوَارِي) هن الصغيرات من النساء، تطلق عادة على المملوكات.
ليس للمملوكة حقوق كالزوجة:
الأمة إن استحلت لا تعد بمثابة الزوجة، فوطئ ملك اليمين لا يكون بعقد زواج، وانما بحكم انها ملكٌ لسيدها. وعليه فليس لها حق في القَسَمِ مع زوجاته بالمأكل والمشرب والكسوة والمأوى وغيره. وبطبيعة الحال، الأمة لا ترث سيدها كما ترث الزوجة زوجها، بل تُوَرَّثُ لأهله بعد موته. كما انه ليس هناك في الشرع ما يمنع بيعَ الرجلِ أمةً وطئها مدة، الا أن تكون أم لولد له، فلا يحق له بيعها ولا تُوَرَّثُ.
الاماء لا يفرض عليهن الحجاب، كما سنوضح ونفصل لاحقا، وبالتالي تختلف الاماء عن الزوجات بان الزوجة تستتر وتحتجب من الرجال الاجانب بخلاف الاماء. وكان صحابة محمد يميزون زوجاته عن امائه بهذه الطريقة.
في الآية التالية من سورة النساء دلالة على استحلال وطئ الرجل لأمة يملكها، كما انها تبيين ان الامة لا قسمة لها.
قوله: وَإنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [النساء 3]
في تفسير القرطبي: أَيْ إِنْ خَافَ أَلَّا يَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَلَّا حَقَّ لِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْوَطْءِ وَلَا الْقَسْمِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فِي الْقَسْمِ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَجَعَلَ مِلْكَ الْيَمِينِ كُلَّهُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلْإِمَاءِ حَقٌّ فِي الْوَطْءِ أَوْ فِي الْقَسْمِ. إِلَّا أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ فِي الْعَدْلِ قَائِمٌ بِوُجُوبِ حُسْنِ الْمَلَكَةِ وَالرِّفْقِ بِالرَّقِيقِ.
في تفسير الطبري: قِيلَ: إِنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، إِمَّا مَثْنَى إِنْ أَمِنْتُمُ الْجَوْرَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فِيمَا يَجِبُ لَهُمَا عَلَيْكُمْ وَإِمَّا ثَلَاثٌ ، إِنْ لَمْ تَخَافُوا ذَلِكَ وَإِمَّا أَرْبَعٌ ، إِنْ أَمِنْتُمْ ذَلِكَ فِيهِنَّ .
يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً لِأَنَّ الْمَعْنَى: فَإِنْ خِفْتُمْ فِي الثِّنْتَيْنِ فَانْكِحُوا وَاحِدَةً . ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تَعْدِلُوا أَيْضًا فِي الْوَاحِدَةِ ، فَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .
وَعَلَى النَّحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَنَذْكُرُ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ:
عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: فَإِنْ خِفْتَ أَنْ لَا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ ، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ.
عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: السَّرَارِي.
عَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: فَإِنْ خِفْتَ أَنْ لَا تَعْدِلَ فِي وَاحِدَةٍ ، فَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ .
في تفسير ابن كثير: وَقَوْلُهُ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَيْ: فَإِنْ خَشِيتُمْ مِنْ تَعْدَادِ النِّسَاءِ أَلَّا تَعْدِلُوا بَيْنَهُنَّ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النِّسَاءِ 129]فَمَنْ خَافَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقْتَصِرُ عَلَى وَاحِدَةٍ ، أَوْ عَلَى الْجَوَارِي السَّرَارِي ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ قَسْمٌ بَيْنَهُنَّ.
سبي الذراري واستحلال السراري:
يحلل الإسلام إسترقاق ذراري الأعداء في الحرب، ويبيح وطئ المسبيات، وورد ذكر ذلك في القرآن، وقام بذلك محمد وصحبه، كما تبيِّن الأحاديث الواردة في هذا الباب.
قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب 50]
في تفسير القرطبي: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى السَّرَارِيَّ لِنَبِيِّهِ وَلِأُمَّتِهِ مُطْلَقًا ، وَأَحَلَّ الْأَزْوَاجُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُطْلَقًا ، وَأَحَلَّهُ لِلْخَلْقِ بِعَدَدٍ . وَقَوْلُهُ: مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَيْ رَدَّهُ عَلَيْكَ مِنَ الْكُفَّارِ . وَالْغَنِيمَةُ قَدْ تُسَمَّى فَيْئًا ، أَيْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ مِنَ النِّسَاءِ بِالْمَأْخُوذِ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ .
في تفسير الطبري: وَقَوْلُهُ: وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ يَقُولُ: وَأَحْلَلْنَا لَكَ إِمَاءَكَ اللَّوَاتِي سَبَيْتَهُنَّ، فَمَلَكْتَهُنَّ بِالسِّبَاءِ، وَصِرْنَ لَكَ بِفَتْحِ اللَّهِ عَلَيْكَ مِنَ الْفَيْءِ.
وَقَوْلُهُ : وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ، يَقُولُ: قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَزْوَاجِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنْهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ، فَإِنَّ جَمِيعَهُنَّ إِذَا كُنَّ مُؤْمِنَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ، لَهُمْ حَلَالٌ بِالسِّبَاءِ وَالتَّسَرِّي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ .
في تفسير ابن كثير: وَقَوْلُهُ: وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَيْ: وَأَبَاحَ لَكَ التَّسَرِّي مِمَّا أَخَذْتَ مِنَ الْمَغَانِمِ ، وَقَدْ مَلَكَ صَفِيَّة وَجُوَيْرِيَةَ فَأَعْتَقَهُمَا وَتَزَوَّجَهُمَا. وَمَلَكَ رَيْحَانَةَ بِنْتَ شَمْعُونٍ النَّضْرِيَّةَ ، وَمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةَ أُمَّ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَكَانَتَا مِنَ السَّرَارِي ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .
ووردت عدَّت احاديث تُأكِّد أن محمد وأصحابه سبو نساء أعدائهم ومنها:
[2539] حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، ذَكَرَ عُرْوَةُ ، أَنَّ مَرْوَانَ ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ ؟ فَقَالَ : إِنَّ مَعِي مَنْ تَرَوْنَ ، وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، إِمَّا الْمَالَ ، وَإِمَّا السَّبْيَ ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا . [صحيح البخاري، كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية]
[2541] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ ، " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ " . حَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ. [صحيح البخاري، كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية]
(غارون) غافلون أي أخذهم على غرة وبغتة. (مقاتلتهم) البالغين الذين هم على استعداد للقتال. (سبى ذراريهم) أخذهم سبْيَاً ووزعهم على الغانمين بعد أن ضَرَبَ عليهم الرق. والذَّراري جمع ذرِّيَّة وهي ههنا النساء والأولاد غير البالغين. (أصاب يومئذ جويرية) أي كانت في السبي.
[2542] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَسَأَلْتُهُ ، فَقَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ. [صحيح البخاري، كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية]
(العزل) منع الماء عن أرحام النساء
[7409] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا مُوسَى هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا ، فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلَا يَحْمِلْنَ فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْلِ؟ ، فَقَالَ : مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ ، عَنْ قَزَعَةَ ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ ، فَقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا. [صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله هو الله الخالق البارئ المصور]
[1730] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَر،َ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ قَالَ يَحْيَى أَحْسِبُهُ قَالَ جُوَيْرِيَةَ أَوْ قَالَ الْبَتَّةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ، وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِي ذَاكَ الْجَيْشِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَقَالَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَلَمْ يَشُكَّ. [صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم الإعلام بالإغارة]
يقول النووي في شرحه: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ عَرَبٌ مِنْ خُزَاعَةَ ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
[1365] حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ ،عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ قَالَ فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ فَرَكِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ فَأَجْرَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ وَإِنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْحَسَرَ الْإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ قَالَ وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً وَجُمِعَ السَّبْيُ فَجَاءَهُ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ فَقَالَ اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ قَالَ ادْعُوهُ بِهَا قَالَ فَجَاءَ بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذْ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ غَيْرَهَا قَالَ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ نَفْسَهَا أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنْ اللَّيْلِ فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرُوسًا فَقَالَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ قَالَ وَبَسَطَ نِطَعًا قَالَ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْأَقِطِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمْرِ وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمْنِ فَحَاسُوا حَيْسًا فَكَانَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها]
يقول النووي في شرحه: قَوْلُهُ: (مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ) هوَ الْجَيْشُ. سُمِّيَ خَمِيسًا لِأَنَّهُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ : مُقَدِّمَةٌ وَسَاقَةٌ وَمَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ وَقَلْبٌ. قَوْلُهُ: (وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً ) أَيْ قَهْرًا لَا صُلْحَاً.
[2235] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا ، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الرَّوْحَاءِ حَلَّتْ ، فَبَنَى بِهَا ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ ، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ. [صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها]
(سد الروحاء) موضع قريب من المدينة. (حلت) طهرت من حيضتها. (فبنى بها) دخل بها والبناء الدخول بالزوجة والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج بإمرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها فيقال بنى الرجل على أهله. (الإستبراء) استبراء الرحم من الحمل ويكون ذلك بعد ان تحيض المرأة حيضة وتطهر.
[5159] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ وَلَا لَحْمٍ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَأُلْقِيَ فِيهَا مِنْ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ. [صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب البناء في السفر]
[1365] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ ح وَحَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ حَيَّانَ وَاللَّفْظُ لَهُ حَدَّثَنَا بَهْزٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ: صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ فِي مَقْسَمِهِ وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيَقُولُونَ مَا رَأَيْنَا فِي السَّبْيِ مِثْلَهَا قَالَ فَبَعَثَ إِلَى دِحْيَةَ فَأَعْطَاهُ بِهَا مَا أَرَادَ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّي فَقَالَ أَصْلِحِيهَا قَالَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَحَتَّى إِذَا جَعَلَهَا فِي ظَهْرِهِ نَزَلَ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا الْقُبَّة. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها]
[1365] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ :كُنْتُ رِدْفَ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدَمِي تَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَتَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتْ الشَّمْسُ وَقَدْ أَخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ وَخَرَجُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ وَمُرُورِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ قَالَ وَهَزَمَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تُصَنِّعُهَا لَهُ وَتُهَيِّئُهَا قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا وَهِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها]
[6838] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيُّ الْعَدْلُ ، ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَنْبَأَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ بِصَفِيَّةَ ، بَاتَ أَبُو أَيُّوبَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ ، وَمَعَ أَبِي أَيُّوبَ السَّيْفُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَانَتْ جَارِيَةً حَدِيثَةَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ ، وَكُنْتُ قَتَلْتُ أَبَاهَا ، وَأَخَاهَا ، وَزَوْجَهَا ، فَلَمْ آمَنْهَا عَلَيْكَ ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ لَهُ : "خَيْرًا". [المُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذِكْرُ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
وذكر في السيرة: وَلَمَّا بَنَى بِهَا بَاتَ أبو أيوب لَيْلَتَهُ قَائِمًا قَرِيبًا مِنْ قُبَّتِهِ، آخِذًا بِقَائِمِ السَّيْفِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أبو أيوب حِينَ رَآهُ قَدْ خَرَجَ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكَ يَا أبا أيوب؟ فَقَالَ لَهُ: أَرِقْتُ لَيْلَتِي هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا دَخَلْتَ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ، ذَكَرْتُ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَبَاهَا وَأَخَاهَا وَزَوْجَهَا وَعَامَّةَ عَشِيرَتِهَا، فَخِفْتُ أَنْ تَغْتَالَكَ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهُ مَعْرُوفًا. [زاد المعاد في هدي خير العباد، مكتبة المنار الإسلامية – الكويت 1994، ج 3 ص 291]
وفي غزوة بني قريظة: وَوَقع للنَّبِي من سَبْيهمْ رَيْحَانَة بنت عَمْرو بْن خناقة إِحْدَى بني عَمْرو بْن قُرَيْظَة، فَلم تزل عِنْده إِلَى أَن مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [الدرر في اختصار المغازي والسير، دار المعارف، الطبعة الثانية، صفحة 182]
يجوز وطئ المسبية وإن كان لها زوج:
قوله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء 24]
في تفسير القرطبي: قوله: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ . وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ تَحَرُّجِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَنْ وَطْءِ الْمَسْبِيَّاتِ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَوَابِهِمْ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ . وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
في تفسير الطبري: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ فَهِيَ عَلَيْكَ حَرَامٌ ، إِلَّا أَمَةً مَلَكْتَهَا وَلَهَا زَوْجٌ بِأَرْضِ الْحَرْبِ ، فَهِيَ لَكَ حَلَالٌ إِذَا اسْتَبْرَأْتَهَا .
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: إِذَا سَبَيْتَ الْمَرْأَةَ وَلَهَا زَوْجٌ فِي قَوْمِهَا ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تَطَأَهَا .
عَنْ ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ مُحْصَنَةٍ لَهَا زَوْجٌ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ ، إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِنَ السَّبْيِ وَهِيَ مُحْصَنَةٌ لَهَا زَوْجٌ ، فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْكَ بِهِ. قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ.
في تفسير ابن كثير: وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَيْ: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمُ الْأَجْنَبِيَّاتُ الْمُحْصَنَاتُ وَهُنَّ الْمُزَوَّجَاتُ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ يَعْنِي: إِلَّا مَا مَلَكْتُمُوهُنَّ بِالسَّبْيِ ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَكُمْ وَطْؤُهُنَّ إِذَا اسْتَبْرَأْتُمُوهُنَّ. انتهى.
(الإستبراء) استبراء الرحم من الحمل ويكون ذلك بعد ان تحيض المرأة حيضة وتطهر.
وأخرج مسلم في صحيحه:
[1456] حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ،عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ،عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أَوْطَاسَ فَلَقُوا عَدُوًّا فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا فَكَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَيْ فَهُنَّ لَكُمْ حَلَالٌ إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ. [صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي]
يقول النووي في شرحه: قَوْلُهُ : (أَوْطَاسَ) مَوْضِعٌ عِنْدَ الطَّائِفِ. ( تَحَرَّجُوا ) خَافُوا الْحَرَجَ وَهُوَ الْإِثْمُ مِنْ غِشْيَانِهِنَّ أَيْ مِنْ وَطْئِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُنَّ زَوْجَاتٌ وَالْمُزَوَّجَةُ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِبَاحَتَهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا الْمُزَوَّجَاتُ ، وَمَعْنَاهُ وَالْمُزَوَّجَاتُ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ إِلَّا مَا مَلَكْتُمْ بِالسَّبْيِ ، فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجِهَا الْكَافِرِ وَتَحِلُّ لَكُمْ إِذَا انْقَضَى اسْتِبْرَاؤُهَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ أَيِ اسْتِبْرَاؤُهُنَّ ، وَهِيَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ عَنِ الْحَامِلِ ، وَبِحَيْضَةٍ مِنَ الْحَائِلِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ .
الأمة تكاد تشترى للوطئ فحسب:
قد يقول البعض أن الرقيق في السابق كانو أشبه بالعمال، وبما أن الاسلام يطالب الأسياد بالاحسان الى عبيدهم، يكون اطعامهم وإسكانهم بمثابة مقابل لهم على أعمالهم.
وعلى ذلك فهم يقولون أن السبب الرئيسي لشراء الاماء، هو الحاجة لهم للقيام باعمال المنزل ومساعدة الزوجة (او الزوجات). ولكن الحقيقة، أنهن وإن كن يقمن بذلك، كان السبب الرئيسي لشرائهن هو الاستمتاع بهن جنسيا. فلو قرأنا كتب الفقه، نرى أن قيمة الأمة تكاد تعتمد بشكل كلي على جمالها وصباها وصلاحها للمتعة.
من كتاب: المغني لابن قدامة:
كُلُّ تَدْلِيسٍ يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ، مِثْلُ أَنْ يُسَوِّدَ شَعْرَ الْجَارِيَةِ، أَوْ يُجَعِّدَهُ، أَوْ يُحَمِّرَ وَجْهَهَا، أَوْ يُضْمِرَ الْمَاءَ عَلَى الرَّحَا، وَيُرْسِلَهُ عِنْدَ عَرْضِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، يُثْبِتُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ بِمَا يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهِ فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ. [فَصْلٌ التَّدْلِيس فِي الْبَيْع]
إنْ كَانَ الْمَبِيعُ جَارِيَةً ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، فَلَهُ رَدُّهَا، وَلَيْسَ مَعَهَا شَيْءٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ.
[فَصْلٌ كَانَ الْمَبِيع جَارِيَة ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمه بِالْعَيْبِ]
وَالْوَاجِبُ رَدُّ مَا نَقَصَ قِيمَتَهَا بِالْوَطْءِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا بِكْرًا عَشَرَةً، وَثَيِّبًا ثَمَانِيَةً، رَدَّ دِينَارَيْنِ؛ لِأَنَّهُ بِفَسْخِ الْعَقْدِ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، بِخِلَافِ أَرْشِ الْعَيْبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي.
[مَسْأَلَةٌ الْأَمَة الْبِكْر إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظُهْر عَلَى عَيْب فَرَدَّهَا]
وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً، فَحَمَلَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا، فَالْحَمْلُ عَيْبٌ فِي الْآدَمِيَّاتِ دُونَ غَيْرِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَيُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ. [فَصْلٌ كُلّ مَبِيع كَانَ مَعِيبًا ثُمَّ حَدَّثَ بِهِ عِنْد الْمُشْتَرِي عَيْب آخَر قَبْلَ عِلْمه بِالْأَوَّلِ]
نرى هنا النهى عن تجعيد شعر الجارية او تغيير لونه او تحمير وجهها بغرض تجميلها وتحسينها. ولم يكن التجار ليلجأو لذلك لولا علمهم بان الجمال في الجارية هو اهم ما يبحث عنه الشراة، فالمتعة الجنسية هي الحاجة الاساسية لهم بها. ونرى ايضا إشارة واضحة الى أن قيمة الثيب أقل من قيمة البكر. والحامل لا توطئ مدة حملها، لذلك تنقص قيمتها، لانه لا يُستفاد منها مدة الحمل، وفي ذلك تأكيد على ان المنفعة فيها تكاد تنحصر تماما بالوطئ.
يُحِلُ الإسلام الإستمتاع بالقاصرات:
قوله: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق 4]
في تفسير القرطبي: قَوْلُهُ تَعَالَى : وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ يَعْنِي الصَّغِيرَةَ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ.
في تفسير الطبري: وَجَعَلَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَيْضًا لِلَّتِي لَمْ تَحِضِ - الصَّغِيرَةِ - ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ .
وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ يَقُولُ: كَذَلِكَ عِدَدُ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ مِنَ الْجَوَارِي لِصِغَرٍ إِذَا طَلَّقَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ بَعْدَ الدُّخُولِ.
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِه: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ يَقُولُ: الَّتِي قَدِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ قَالَ: الْجَوَارِي .
عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ هُنَّ الْأَبْكَارُ الَّتِي لَمْ يَحِضْنَ، فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. عَنْ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ: لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ، وَقَدْ مُسِسْنَ، عِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةٌ.
في تفسير ابن كثير: يَقُولُ تَعَالَى مُبَيِّنًا لِعِدَّةِ الْآيِسَةِ - وَهِيَ الَّتِي قَدِ انْقَطَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ لِكِبَرِهَا - : أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ، عِوَضًا عَنِ الثَّلَاثَةِ قُرُوءٍ فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ آيَةُ " الْبَقَرَةِ " وَكَذَا الصِّغَارُ اللَّائِي لَمْ يَبْلُغْنَ سِنَّ الْحَيْضِ أَنَّ عِدَّتَهُنَّ كَعِدَّةِ الْآيِسَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ; وَلِهَذَا قَالَ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ.
وفي صحيح الاحاديث:
[3896] حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَفَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. [صحيح البخاري، كتاب مناقب الانصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها]
[5133] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا. [صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب إنكاح الرجل ولده الصغار]
[1422] حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سَبْعِ سِنِينَ وَزُفَّتْ إِلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ وَلُعَبُهَا مَعَهَا وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة]
[3894] حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. [صحيح البخاري، كتاب مناقب الانصار، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها]
[1422] حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ قَالَتْ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَوُعِكْتُ شَهْرًا فَوَفَى شَعْرِي جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَأَنَا عَلَى أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا وَمَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَوْقَفَتْنِي عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ هَهْ هَهْ حَتَّى ذَهَبَ نَفَسِي فَأَدْخَلَتْنِي بَيْتًا فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَغَسَلْنَ رَأْسِي وَأَصْلَحْنَنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى فَأَسْلَمْنَنِي إِلَيْهِ. [صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة]
يقول النووي في شرحه: هَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِ الْأَبِ الصغيرة بغير اذنها لِأَنَّهُ لَا إِذْنَ لَهَا وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَنَا، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ تزويجه بنته الْبِكْرَ الصَّغِيرَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَإِذَا بَلَغَتْ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي فَسْخِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ. وَأَمَّا وَقْتُ زِفَافِ الصَّغِيرَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَالدُّخُولُ بِهَا فَإِنِ اتَّفَقَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ عَلَى شَيْءٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الصَّغِيرَةِ عُمِلَ بِهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ دُونَ غَيْرِهَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ حَدُّ ذَلِكَ أَنْ تُطِيقَ الْجِمَاعَ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِهِنَّ وَلَا يُضْبَطُ بِسِنٍّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. انتهى كلامه.
لا يحل الزواج من الإماء الا للضرورة:
قوله: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء 25]
في تأويل هذه الآية كلام طويل، تجدون تفصيله عند القرطبي اختصره في ما يلي:
هذا الزواج يكون بأمة الغير، ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز له أن يتزوج أمة نفسه، ولكن يحق له وطئها. ولا يُفَضِّلُ الإسلام الزواج من المملوكة لأن ولدها يسترق، ولأن الأمة لا تفرغ للزوج على الدوام لأنها مشغولة بخدمة المولى.
المملوكة لا تُنْكَحُ إلا بإذن سيدها، ويدفع المهر له على قول الشافعي، ولها على قول مالك. والعبد أيضا لا يَنْكِحُ إلا بإذن سيده، لأن العبد لا أمر له، وبدنه كله مُسْتَغْرَقٌ. وهناك قول بأن للسيد الحق بطلاق امته من زوجها.
يُحِلُّ الإسلام الزواج بأمة للضَّرورة بشرطين: الأول عدم السعة، أي عدم القدرة على دفع مهر الحرة، والثاني الخوف من العَنَتَ (الزنى)، وهذا رأي الائمة الأربعة عدا أبو حنيفة، والذي يرى جواز النكاح وإن كان ميسور الحال، ولم يشترط خوف العنت إذا لم تكن تحته حرة. اذا توفر الشرطان له ان يتزوج بأربع إماء، على قول مالك وأبو حنيفة، وواحدة فقط على قول الشافعي وأحمد، لان شرط الخوف من العنت يزول بواحدة.
وهناك خلاف على الرجل يتزوج الحرة على الأمة، فقال بعضهم يثبت زواج الأمة، وقال آخرون للحرة الحق في فسخ زواجها، وهناك قول بأن الزواج يفسخ لأنه أمر أبيح للضرورة كالميتة ، فإذا ارتفعت الضرورة ارتفعت الإباحة.
عورة الأمة:
قوله: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الاحزاب 59]
في تفسير القرطبي: أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَهُنَّ بِإِرْخَاءِ الْجَلَابِيبِ عَلَيْهِنَّ إِذَا أَرَدْنَ الْخُرُوجَ إِلَى حَوَائِجِهِنَّ ، وَكُنَّ يَتَبَرَّزْنَ فِي الصَّحْرَاءِ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الْكُنُفُ - فَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ ، فَتُعْرَفُ الْحَرَائِرُ بِسِتْرِهِنَّ ، فَيَكُفُّ عَنْ مُعَارَضَتِهِنَّ مَنْ كَانَ عَزَبًا أَوْ شَابًّا .
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ أَيِ الْحَرَائِرُ ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالْإِمَاءِ ; فَإِذَا عُرِفْنَ لَمْ يُقَابَلْنَ بِأَدْنَى مِنَ الْمُعَارَضَةِ مُرَاقَبَةً لِرُتْبَةِ الْحُرِّيَّةِ ، فَتَنْقَطِعُ الْأَطْمَاعُ عَنْهُنَّ . وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تُعْرَفَ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُعْلَمَ مَنْ هِيَ . وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا رَأَى أَمَةً قَدْ تَقَنَّعَتْ ضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ ، مُحَافَظَةً عَلَى زِيِّ الْحَرَائِرِ.
في تفسير الطبري: لَا يَتَشَبَّهْنَ بِالْإِمَاءِ فِي لِبَاسِهِنَّ إِذَا هُنَّ خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ لِحَاجَتِهِنَّ ، فَكَشَفْنَ شُعُورَهُنَّ وَوُجُوهَهُنَّ . وَلَكِنْ لِيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ; لِئَلَّا يَعْرِضَ لَهُنَّ فَاسْقٌ ، إِذَا عَلِمَ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ ، بِأَذًى مِنْ قَوْلٍ .عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الْحُرَّةُ تَلْبَسُ لِبَاسَ الْأَمَةِ فَأَمَرَ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ . وَإِدْنَاءُ الْجِلْبَابِ : أَنْ تَقَنَّعَ وَتَشُدَّ عَلَى جَبِينِهَا.
وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ يَقُولُ: إِدْنَاؤُهُنَّ جَلَابِيبَهُنَّ إِذَا أَدْنَيْنَهَا عَلَيْهِنَّ أَقْرَبُ وَأَحْرَى أَنْ يُعْرَفْنَ مِمَّنْ مَرَرْنَ بِهِ، وَيَعْلَمُوا أَنَّهُنَّ لَسْنَ بِإِمَاءٍ فَيَتَنَكَّبُوا عَنْ أَذَاهُنَّ بِقَوْلٍ مَكْرُوهٍ ، أَوْ تَعَرُّضٍ بِرِيبَةٍ .
في تفسير ابن كثير: يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا ، أَنْ يَأْمُرَ النِّسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ - خَاصَّةً أَزْوَاجَهُ وَبَنَاتِهِ لِشَرَفِهِنَّ - بِأَنْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ، لِيَتَمَيَّزْنَ عَنْ سِمَاتِ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَسِمَاتِ الْإِمَاءِ .
عن يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : وَسَأَلْنَاهُ يَعْنِي : الزُّهْرِيَّ - : هَلْ عَلَى الْوَلِيدَةِ خِمَارٌ مُتَزَوِّجَةٌ أَوْ غَيْرُ مُتَزَوِّجَةٍ ؟ قَالَ : عَلَيْهَا الْخِمَارُ إِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً ، وَتُنْهَى عَنِ الْجِلْبَابِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُنَّ أَنْ يَتَشَبَّهْنَ بِالْحَرَائِرِ إِلَّا مُحَصَّنَاتٍ .
وَقَوْلُهُ : ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ أَيْ: إِذَا فَعَلْنَ ذَلِكَ عُرِفْنَ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ ، لَسْنَ بِإِمَاءٍ وَلَا عَوَاهِرَ.
[3589] حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمُزَنِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ ، فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ. [سنن ابي داود، كتاب اللباس، باب في قوله عز وجل وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن]
ممَّا ورد في كتب الفقه:
في المذهب الشافعي: "أَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَجَمِيعُ بَدَنِهَا عَوْرَةٌ إِلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ ؛ ظَهْرُهُمَا وَبَطْنُهُمَا إِلَى الْكُوعَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ بَعْضَهَا رَقِيقًا ، فَأَصَحُّ الأقْوَالِ أنَّ عَوْرَتُهَا كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ ". [روضة الطالبين وعمدة المفتين، كتاب الصلاة، الباب الخامس في شروط الصلاة والمنهي عنه فيها]
في المذهب الحنبلي: الشرط الثالث: سترالعورة بما لا يصف البشرة وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة. [العدة شرح العمدة، باب شروط الصلاة]
في المذهب المالكي: يقول الصاوي في الحاشية: وَعَلَى هَذَا فَيَرَى الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ - إذَا كَانَتْ أَمَةً - أَكْثَرَ مِمَّا تَرَى مِنْهُ لِأَنَّهَا تَرَى مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَقَطْ، وَهُوَ يَرَى مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، لِأَنَّ عَوْرَةَ الْأَمَةِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ . [الشرح الصغير على اقرب المسالك الى مذهب الامام مالك، باب الصلاة، فصل شروط الصلاة: عورة المرأة الأمة والرجل]
كما ورد في الآثار أن الصحابة كانو يكشفون عن الأمة في الأسواق لتَفَحُّصِهَا قبل أن يشتروا، نجد 12 أثر في مصنف عبد الرزاق من رقم 13198 الى 13209 نذكر منها:
[13202] عبد الرزاق عن معمر هن عمرو بن دينار عن مجاهد قال: مرَّ ابن عمر على قوم يبتاعون جارية، فلما رأوه وهم يقلبونها امسكو عن ذلك، فجاءهم ابن عمر فكشف عن ساقها، ثم دفع في صدرها، وقال: اشتروا، قال معمر: وأخبرني ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: وضع ابن عمر يده بين ثدييها، ثم هزَّها.
[13208] عبد الرزاق عن ابن جريح قال: اخبرني أصدق عمن قال علياً يسأل عن الأمة تباع، أينظر الى ساقها، وعجزها، والى بطنها؟ قال: لا بأس بذلك، لا حرمة لها، إنما وُقفت لنساومها.
[13209] عبد الرزاق عن الثوري عن عبيد المكتب عن ابراهيم عن بعض أصحاب عبد الله أنه قال في الأمة تباع: ما أبالي إياها مسست أو الحائط.
شراء وبيع وهبة الرقيق:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَبَاعَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَاشْتَرَى أَبُو الشَّحْمِ الْيَهُودِيُّ أَهْلَ بَيْتٍ، عَجُوزاً وَوَلَدَهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبَايَا أَثْلَاثًا، ثُلُثًا إلَى تِهَامَةَ وَثُلُثًا إلَى نَجْدٍ وَثُلُثًا إلَى طَرِيقِ الشَّامِ فَبِيعُوا بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالْإِبِلِ وَالْمَالِ. [الام للشافعي، كتاب اللقيط]
من يُسْئَلُ من المسلمين عن عدالة حكم سبي نساء واطفال بني قريظة، يقولون إن ذلك خيرٌ من الموت، وأنهم لَقَو معاملة حسنة من المسلمين، وربما أسلم الكثير منهم وعاشو حياة عزيزة بين المؤمنين.
حتى لو صح أن المسلمين كانو يحسنون معاملة عبيدهم، فهذا لا يبرر استرقاق نساء واطفال لم يكن لهم يد في خيانة محمد وصحبه، فالقرار ليس لهم، ولا بيدهم، بل حتى رجال القبيلة لم يكن جميعهم متواطئين بالخيانة، فالقرار يعود لثلة قليلة من اسياد العشيرة. وعلى ذلك فإن نحن قارنا بين القتل والسبي، فذلك يستدعي السؤال هل كان النساء والاطفال يستحقون القتل حتى نقول أن محمداً كان رفيقا بهم فسباهم؟
من هذه الرواية (وغيرها كثير في كتب السيرة) نرى أن سَبْيَ بني قريظة لم يظلوا عند المسلمين حتى يلقو المعاملة الحسنة المفترضة، بل بيعو مقابل المال والسلاح والعتاد، ولا يدري أحد كيف كانت المعاملة التي لَقَوها لدى أسيادهم الجدد. كما أن هذا يشير الى أن الحكم عليهم بالسبي بدل القتل إنما كان في مصلحة محمد والمسلمين معه حتى يستفيدوا من الإتجار بهم.هذا الأمر يدعونا للتساؤل عن الدافع الحقيقي حول النهي عن قتل النساء والأطفال في المعارك، أكان رفقاً بهم أم لأسباب أخرى؟
في وهب الرقيق ورد التالي:
[2592] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي قَالَ أَوَفَعَلْتِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ. [صحيح البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج]
[6873] حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَالَوَيْهِ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ
الْحَرْبِيُّ ، ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ: ثُمَّ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ مَارِيَةَ بِنْتَ شَمْعُونَ ، وَهِيَ الَّتِي أَهْدَاهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، وَأَهْدَى مَعَهَا أُخْتَهَا سِيرِينَ ، وَخَصِيًّا يُقَالُ لَهُ : مَأْبُورٌ ، فَوَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ سِيرِينَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ. [المُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذِكْرُ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
[6885] قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: وَكَانَتْ مِنْ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ سَمْعُونَ ، مِنْ بَنِي النَّضِيرِ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَكَانَتْ تَكُونُ فِي النَّخْلِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ يَقِيلُ عِنْدَهَا أَحْيَانًا ، وَكَانَ سَبَاهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : وَهُنَّ أَرْبَعٌ : مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ ، وَرَيْحَانَةُ ، وَجُمَيْلَةُ أَصَابَهَا فِي السَّبْيِ ، فَكَادَتْ نِسَاؤُهُ خِفْنَ أَنْ تَغْلِبَهُنَّ عَلَيْهِ ، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ أُخْرَى نَفِيسَةً وَهَبَتْهَا لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ، وَقَدْ كَانَ هَجَرَهَا فِي شَأْنِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ ذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَصَفَرَ ، فَلَمَّا كَانَ شَهْرُ رَبِيعٍ الأَوَّلِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، رَضِيَ عَنْ زَيْنَبَ ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : مَا أَدْرِي مَا أُجْزِيكَ ، فَوَهَبَتْهَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ. [المُسْتَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ، كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذِكْرُ سَرَارِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
لا يقتص من الحر اذا قتل عبداً
لا يقتص من الحر إذا تعدَّى على عبد، فلا يقتل بقتله وإن كان عمدا، ولا يقطع طرفه بقطعه طرفه، بخلاف لو كان قد فعل ذلك بِحُرٍّ مثله. وأما الديَّة، فهي تقدَّر بقيمة العبد، على خلاف المعتاد في قيمة الديَّات في الاسلام والتي تحمل قيمة ثابتة، لا تختلف باختلاف الاشخاص، وانما يختلف قدرها بين مسلم وكتابي ومجوسي وذكر وانثى وغيره، فكانت هذه الديَّة -أي ديَّة العبد- أشبه ما تكون بتعويض مادي للسيد الذي خسر من ماله، فيدفع له بقيمة العبد.
في المغني لابن قدامة، كتاب الجراح، يقول ابن قدامة المقدسي:
فَصْل: (وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ) وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَلَنَا، مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْتَلَ حُرٌّ بِعَبْدٍ» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. وَلِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ بِطَرَفِهِ مَعَ التَّسَاوِي فِي السَّلَامَةِ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، كَالْأَبِ مَعَ ابْنِهِ، وَلِأَنَّ الْعَبْدَ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ، فَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ الْحُرُّ. وَلَا يُقْتَلُ السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
ويقول ابن قدامة في الحديث عن قَتَادَةُ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ: " فَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ، فَلَمْ يَثْبُتْ. قَالَ أَحْمَدُ: الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَمُرَةَ، إنَّمَا هِيَ صَحِيفَةٌ.
وَقَالَ عَنْهُ أَحْمَدُ: إنَّمَا سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ سَمُرَةَ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ، لَيْسَ هَذَا مِنْهَا. وَلِأَنَّ الْحَسَنَ أَفْتَى بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ. "
ويقول: وَلَا يُقْطَعُ طَرَفُ الْحُرِّ بِطَرَفِ الْعَبْدِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ بَيْنهمْ، وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ، وَيُقْتَلُ بِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُتِلَ بِمِثْلِهِ، فَبِمَنْ هُوَ أَكْمَلُ مِنْهُ أَوْلَى، مَعَ عُمُومِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
ويقول: مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَدِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ بَلَغَتْ دِيَاتٌ) أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ فِي الْعَبْدِ، الَّذِي لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ دِيَةَ الْحُرِّ، قِيمَتَهُ. وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ دِيَةَ الْحُرِّ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهَا، فَذَهَبَ أَحْمَدُ، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إلَى أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ، بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ بَلَغَتْ دِيَاتٍ، عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً.
هل سعى الاسلام الى الحد من الرق؟
يقول الشيخ الشعراوي: الاسلام جاء الى المنابع المتعددة للرق فوحدها والى المصرف الواحد فعدده، فحصر منابع الرق بالحرب المشروعة، وجاء الى المصرف الواحد وهو ارادة السيد فعدده. ويحتج بهذا ليقول أن الاسلام أتى مشرعا للعتق لا للرق وأتى لينهي العبودية ولكن بشكل تدريجي. (مصدر هذا القول على الأغلب هو سيد قطب من كتابه شبهات حول الاسلام)
على إعتبار أن الاسلام دين ربّاني، اتت تعاليمه من الله العليم الخبير، اذاً إن اتبع المسلمون نهجه فيما يتعلق بالرق، ستختفي العبودية من العالم الاسلامي وتندثر. ولكننا نرى أنَّ الإسلام، طوال أكثر من ثلاثة عشر قرناً، لم ينهي العبودية، ولم يخفف من وطئتها في بلاده، وعندما حُرِّمَت في عهد سلطان الدولة العثمانية عبد الحميد الثاني عام 1882م، لم يكن إلَّا بضغط كبير من بريطانيا العظمى، فأتى هذا التحريم كنتيجة جانبية للحركة الغربية، التي أتت في وقت كانت الدولة العثمانية ضعيفة هزيلة، ولم يكن لها الامر في ذلك. وبعد تفككها إستُعمرت بلادها فأخذت من الغرب قوانينهم، وأنشئت الدساتير على أعرافهم.
بدأت حركة تحرير العبيد الأخيرة، والتي أدت في نهايتها الى القضاء على الإستعباد عالميا بشكل كامل، في مطلع القرن الثامن عشر، الذي شهد مجموعة من الإجراءات والقوانين، منها ما حرَّم العبودية بالمطلق وحرر العبيد، واخرى كان الهدف منها الحد من العبودية والتدرج في محوها، فكان منها زيادة الضرائب على ملَّاك العبيد، وضع حد اقصى من العبيد الذي يحق لكل عائلة امتلاكه، تحرير اولاد العبيد (قوانين الارحام الحرة) ، تحريم الاتِّجار بالعبيد، وغيرها. كانت ابرز الدول اللتي قامت بهذه الاجراءات الدنمارك والنرويج، الولايات المتحدة المريكية، بريطانيا، روسيا والصين، بينما تأخرت في هذا المجال فرنسا التي حرَّمتها سنة 1794 ثم اعادها نابليون سنة 1802.
تمييزالقرن التاسع عشر بإنتشار واسع لهذه الإجراءات حتى شملت معظم دول أوروبا وشرق آسيا والأمريكيتين، وبدأت القوانين التي تحرّم الاسترقاق بأخذ مفعولها التام كما جرى في بريطانيا حيث حُرِّر اكثر من 760 الف مما تبقى من العبيد سنة 1834، بالإضافة الى قرارات عتق العبيد وأشهرها الأمر الرئاسي الذي أصدره رئيس الولايات المتحدة أبراهام لينكون سنة 1863، كما شهد العالم عدة معاهدات منها المعاهدة الخماسية سنة 1841 التي وقعتها بريطانيا، فرنسا، روسيا، بروسيا والنمسا.
بينما كان العالم يسعى بحثاثة إلى إنهاء العبودية، كانت الدولة العثمانية لا تزال متمسكة به، على أساس أن نصا صريحا بحرمته لم يوجد في القرآن أو السنة، ولم تتحرك إلا تحت ضغط من بريطانيا فكان أول إجراء لها على الإطلاق بهذا الخصوص سنة 1847 فأصدرت فرماناً بتحريم الإتِّجار بالزنج من إفريقيا، ولم يأتي ما يحرم العبودية بالمطلق حتى سنة 1882.
بغض النظر عن العوامل التي ادّت الى تلك الحركة المناهضة للعبودية، بكل ما قد تنطوي عليه من تفاصيل، تبقى الحقيقة الهامّة بما يخص موضوع بحثنا، هو أن الخلافة الإسلامية لم تسعى الى انهاء الرق.
إن كانت تعاليم الاسلام بالفعل تهدف الى انهاء العبودية او الحد منها، فقد فشلت فشلاً ذريعاً في ذلك. حال العالم اليوم، الذي يعتبر تحريم العبودية من المسلَّمات، ويعتبر إسترقاق البشر من أفظع الجرائم، لم يكن للإسلام أي دور فيه.
نخلص من هذا الى نتيجتين: إما أن الاسلام لم يهدف الى إنهاء العبودية أساساً، او أنه أراد ذلك ولكن فشل، وفي الحالتين هذا يعني أن شريعته ليست ربّانية.
قد يقول قال: المشكلة ليس بالاسلام وتعاليمه، المشكلة هي فشل المسلمين في تطبيقها. نقول إن هذا ليس عذرا ابداً. إن كان جميع المسلمين الذين عاشوا في دول اسلامية مختلفة على مر اكثر من 13 قرنا قد فشلوا في انهاء نظام الرق، اذاً كيف يقع اللوم عليهم؟ الم يعلم الله انهم لن يستطيعوا العمل بتعاليم دينه؟ ألَم يستطع اخبارهم بوضوح وصراحة ان استرقاق البشر عمل سيئ ويبيِّن أن من أهداف الاسلام نشر العدل والمساوات بين الناس، وعلى المسلمين السعي الى تحقيق تلك الغاية؟
على كل حال لنفترض جدلا أن المشكلة ليس بالشريعة نفسها. إن نظرنا الى الخطة المفترض بها التدرج في القضاء على العبودية، سنجد أنها اصلا لا تصلح لذلك، فالمنبع الوحيد الذي يدعيه الشعراوي (او سيد قطب) وهو الحرب المشروعة، هو أهم منبع على الاطلاق، فالحروب كانت تاتي بأعداد هائلة من الرقيق، ولا أجد من داع لذكر أمثلة فهي كثيرة جدا في كتب التاريخ، فكل حرب كانت ترجع على المنتصر بآلاف مؤلفة من العبيد. هذه الحروب لا تقتصر على النزاعات بين المسلمين وغيرهم، بل حتى على الحروب التي كانت تدور بين الكفار. فقد قال الطبري: إِنَّمَا أَقَرَّ (يقصد محمد) الْيَهُودِيَّ (سيدُ سلمان الفارسي) عَلَى تَصَرُّفِهِ فِي سَلْمَانَ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ سَلْمَانُ عَلَى هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَإِنَّمَا كَانَ قَدْ تَنَصَّرَ وَحُكْمُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنَ الْكُفَّارِ عَلَى نَفْسِ غَيْرِهِ أَوْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنِ الْمَغْلُوبُ فِيمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْغَالِبِ.
هذا يعني أن أي حرب تدور في العالم هي منبع شرعي للرقيق. وما اكثر تلك الحروب في تلك الايام، ناهيك عن غزوات المسلمين المستمرة على بلاد الكفر والكفرة.
هذا كله على اعتبار أن الحرب المشروعة هي فعلا المنبع الوحيد للرق، ولكن ماذا عن التجارة؟ هل يحرم الاسلام الاتجار بالرقيق؟ بالطبع لا. كان المسلمون يبيعون ويشترون الرقيق من غير المسلمين، دون السؤال عن الطريقة التي استرق بها العبد. وقد قبل محمد من المقوقس مارية القبطية ومعها اختها سيرين، ورجلا يقال له مأبور، كهدية. هذا يعني أن التجارة ايضا كانت مصدرا مشروعا للرقيق في الاسلام.
مصدر آخر للرقيق هو استرقاق ولد الأمة، فولدها من العبد يسترق، كذا ولدها من كل حر غير سيدها، وإن كان زوجها. لو منع الاسلام استرقاق اولاد الاماء كما فعلت اوروبا مثلا بقوانين "الارحام الحرة" لخفف من عدد العبيد شيئا ما.
أما عن مصارف العبيد المتعددة، وهي فك الرقاب ككفارة لذنوب معينة، فلا اجد أنها تخفف من الرق بل على العكس تشجعه وتنميه.
الاسلام لم يشترط على المسلم الباحث عن الغفران من ذنب معين، أن يحرر عبدا او أمة له، وبالتالي لو أذنب مسلم ذنباً يقتدي كفَّارةً بالعتق، سيذهب الى السوق ليشتري عبدا بأقل ثمن ممكن ويعتقه. فليس من المعقول أن يتخلى عن عبد له علمه وهذبه، وعوَّده على العمل في تجارته أو صنعته، أو عن أمة أنِسها وألِفها مدة، إن لم يٌلزمه الشرع بذلك. وعليه فإن أسباب شراء الرقيق في بلاد الاسلام، تزيد عن غيرها سببا واحدا وهو تكفير الذنوب. هذا يصب في مصلحة تجار الرقيق الذين تزدهر تجارتهم في بلاد المسلمين، وقد يستقدموا العبيد من الخارج لتغطية حاجة السوق لهم. هذا يشجع على إستعباد المزيد والمزيد من الناس، في بلاد المسلمين وخارجها.
ما دامت منابع الرق الأساسية وهي الحرب والتجارة وتناسل الرقيق مشروعة، ففك الرقاب لن يحد من أعدادهم، فمقابل كل عبد يطلق، يٌسْتَرَقُ غيره في مكان ما ليعود ويباع في بلاد المسلمين، ويحصِّل كبار تجار الرقيق ثروات طائلة من وراء كل هذا، مما يزيد من قوتهم ونفوذهم، أو يزيد من أعدادهم إن لم تُستحكر من قبل قلة من الناس، وفي الحالتين هذا سيزيد من صعوبة الحد من هذه التجارة وإستئصالها إذا ما اراد الناس ذلك في يوما ما.
هل الاسلام احسن معاملة العبيد؟
قد يُقال أن الاسلام على الاقل احسن معاملة العبيد، فمن وصايا محمد للمسلمين أن يطعمو عبيدعم مما يأكلون، ويلبسونهم مما يلبسون، ولا يحملوهم ما لا طاقة لهم به وإن فعلو يعينوهم على ذلك. ووصى ايضا بان
ينادوهم بفتاي وفتاتي بدل عبدي وامتي.
كل هذا جميل، ولكن كيف يبدو لنا هذا الكلام، لو أخذنا به ليس وحده، ولكن مع كل ما جاء من أحكام للرق في الاسلام، إضافة الى الأفعال التي قام بها محمد، والتي تعتبر سنَّة لجميع المسلمين ليعملوا بها؟
تأمل معي السيناريو الآتي:
رجل مسن يوصي إبنه العازم على الجهاد في سبيل الله فيقول: "صفي النية لوجه الله يا بني، وقاتل في سبيله طلبا للجنة وحور العين، فللشهيد سبعون حورية، مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فان لاقيت الكفار فاضرب الرقاب وإضرب منهم كل بنان ولا تذر منهم أحدا. ولكن تجنب النساء والأطفال، فهم غنائم للمسلمين، ولا تقطع شجر ولا تخرب بيتا، فكل ذلك مما أفاء الله علينا من أموالهم. وإن قُسِمَ لك من السبي سريَّة، فهي حلال لك تطؤها كما تشاء، ولا تتحرج من ذلك وإن كان لها زوج، فذلك مما أوسع الله على هذه الأمَّة."
ويتابع فيقول: "وفي رأيي بعد عودتك من الجهاد، إذهب بها الى سوق النخاسة، وإعرضها للبيع، وتذكر يا بني أن لا تقول هذه أمتي بل قل هذه فتاتي، فهذا مما وصى به نبينا الكريم. ولا تتحرج من الكشف على جسمها ما عدا ما بين سرتها وركبتها. فمن سماحة الاسلام، ومن باب تيسيره لأمور الناس وتشريع ما فيه صلاح معيشتهم، أن جعل من حق الشاري تقليب بضاعته وتفحصها كما شاء، حتى لا يحدث غش وتدليس في البيع. ولا تنسى أن تذكِّر أخاك المسلم إن أنت بعته أمَتَكَ، أن يشتري لها ثياب من نفس جودة ما يلبس ويطعها مما يأكل، ولا يطؤها الا بعد إستبراء رحمها بحيضة فلربما كانت قد حملت منك. هذه جميعا من وصايا نبينا العظيم، والأمر بالمعروف والتذكير به واجب لقوله تعالى "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين".
ثم يردف قائلا: "وأرى يا بني أن تشتري بثمنها جارية صغيرة، بنتُ ستٍ أو سبعٍ أو ما قارب ذلك، فتستمتع بها ما شاء الله، فإن وافتك المنية تبقى هذه لولدك من بعدك، يبيعها وهي لا تزال في صباها وذروة جمالها، فيصيب بها مالا يعينه على قضاء حوائجه. "
ما أريد إيصاله هنا هو أن الشعارات الرنانة البراقة، لا تصمد أمام الواقع المظلم.
أن يغتصب محمد صفية بنت حيي بعد قتله أباها وأخاها وزوجها ومعظم أبناء عشيرتها، ثم يناديها بفتاتي بدل أمتي لن يخفف من آلامها، ولن يغير من واقعها البائس شيئا.
لا يصح المَنّ على العبيد بإطعامهن وكسوتهم، بعد أن كان المسلمون قد نهبوا اموالهم وثرواتهم، وقتلوا أهلهم وأحبائهم، وأخرجوهم من ديارهم وسلبوهم حريتهم.
وأي عدل وأي إحسان قد يتوقعه عبد لا حرمة لدمه ولا عرضه؟ كيف يمكن ذكر العدل أصلا عندما نتحدث بشأن إنسان قد حُرم حريته؟
يقتل العبد عمدا ولا يقتص من قاتله، ولا يسمح له بالزواج إلا بإذن سيده وسيدها، فإن رفض أحدهما فزنى جُلِد. وإن تزوج وأنجب ولد يسترق، وإبنته تستحل لسيدها يطأها ما إن تبلغ سن تحتمل فيه ذلك. قد يكون ذلك في السادسة أو السابعة من عمرها. أي كرامة يدّعي المسلمون أن دينهم حفظها للرقيق؟
العتق في الاسلام: نظرة فاحصة
رغم كل ما ذكرنا، تبقى الآيات والأحاديث التي تحث على العتق كثيرة بعض الشيئ. هذا يدعو الباحث الى التسائل عن سبب ذلك، خصوصا أن الاسلام شرَّع وقنَّن الرق، ومارسه على مدى قرون. كيف يشرِّع الاسلام الرق ويحث على العتق في الوقت ذاته؟
الاسلام يتمحور حول القرآن والسنة، وكلاهما، من وجهةِ نظرٍ محايدة، كلام محمد. هذه الأقاويل أخذت عنه على مدى 23 عاما من حياته كنبي. وليس من الغريب أن يبدل الإنسان مواقفه وآرائه وإتجاهاته بتبدل الأحوال بما يتوافق مع مصالحه.
عتق العبيد كان مهما جدا في المرحلة المكية من الدعوة، والتي إمتدت 13 سنة. معظم المؤمنين بمحمد وقتها كانوا من الفقراء والمساكين أو العبيد. وقد أنفق أبو بكر الصديق معظم أمواله في عتق من كان يؤمن منهم بدعوة محمد. ذُكر ممن أعتق أبو بكر بلال إبن رباح، وعامر بن فهيرة، وأم عبس، وزبيرة، والنهدية وأبنة لها. ويروى أنه مر بجارية بني مؤمل حي من بني عدي بن كعب، وكانت مسلمة وعمر بن الخطاب يعذبها لتترك الإسلام وهو يومئذ مشرك وهو يضربها، حتى إذا مل، قال: إني أعتذر إليك أني لم أتركك إلا ملالة، فإبتاعها أبو بكر وأعتقها.
فلربما كان الحث على العتق، والدعوة للاحسان الى الرقيق كان بسبب أن عدد ممن أسلم في بدايات الدعوة كانو عبيد.
فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة [عبس 11,12,13]
في هذه الآيات حث على العتق (فك الرقاب). ولكن هذه الآيات نزلت في مكة، فسورة عبس مكية، وذلك كان قبل الغزوات التي سبى فيها المسلمون الآلاف من نساء وذراري أعدائهم. كيف يشرع الاسلام للمسلمين استرقاق اعدائهم، ثم يحثهم بعد ذلك على عتقهم؟
كما أن من يبحث في الأحاديث الواردة عن العتق، يجد عدد كبيرا منها يحث على تحرير الرقاب المسلمة تحديدا، وفي ذلك إشارة الى أن الهدف ليس بالضرورة الحد من العبيد او العبودية بالمطلق، ولكن الحد من العبيد المسلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق