الجمعة، 1 مايو 2020

هنيـــــــــــــــــــــــــــــئا



هنيئا لصائم عرَف فضل وقدر رمضان: شهر الخير والإحسان، والتجارة الرابحة مع الكريم الرحمن، فحرَص أن تكون جميع أعماله قربةً لله، فإن صام بالنهار أو قام في الليل، فعَل ذلك طاعةً للرحمن، لا محاكاة وتقليدًا للأهل والخِلان؛ قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه” متفق عليه، وإن أكل أو شرِب أو نام، نوى بذلك تقويةَ بدنه على الصيام والقيام، يرجو بذلك الثواب من الله.

وهنيئا لصائم صام الصيام الصحيح، فصامت جوارحه الظاهرة عما حرَّم الله، فامتنع لسانه من الكلام الفاحش من كذبٍ وغيبةٍ ولغو، وغضَّ بصرَه عن النظر إلى الحرام، وصمَّ أذنيه عن سماع ما لا يحل، فصامت الأذن والعين واللسان قبل البطن والفرج؛ لأنه يعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك الشهوات المباحة في غير الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرَّمه الله في كل حال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يدَع قولَ الزور والعملَ به، فليس لله حاجة في أن يدعَ طعامه وشرابه” أخرجه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: “ربَّ صائمٍ حظُّه من صيامه الجوعُ والعطشُ، وربَّ قائمٍ حظُّه من قيامه السهر” أخرجه أحمد. وطوبى أكثر وأكثر لمن أدرك أن الحكمة من الصيام هي تقوى الرحمن؛ قال سبحانه وتعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” البقرة: 183، فوطَّن نفسه أن يكون صيام الجوارح طبيعةً له وسجيةً بعد رمضان، لا يخرم ذلك إلا سهو ونسيان!

وهنيئا لصائم اجتهد في الصيام والقيام وصالح الأعمال منذ بداية الشهر، فلما دخلت العشر، زاد اجتهاده، ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر، شدَّ مئزرَه وأحيا ليلَه وأيقظ أهله، وفي رواية لمسلم عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق