السلام عليكم
المُحْسِن
سبحانه هو الذي له كمال الحُسن في أسمائه وصفاته وأفعاله، كما قال تعالى في كتابه: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه:8] .. فلا شيء أكمل ولا أجمل من الله، فكل كمال وجمال في المخلوق من آثار صنعته، وهو الذي لا يُحَد كماله ولا يوصَف جلاله، ولا يحصي أحدٌ من خلقه ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه ..
ليس في أفعاله عبث ولا في أوامره سفه، بل أفعاله كلها لا تخرج عن الحكمة والمصلحة والعدل والفضل والرحمة .. إن أعطى فبفضله ورحمته، وإن منع أو عاقب فبعدله وحكمته، وهو الذي أحسن كل شيء خلقه فأتقن صنعه وأبدع كونه وهداه لغايته وأحسن إلى خلقه بعموم نعمه وشمول كرمه وسعة رزقه على الرغم من مخالفة أكثرهم لأمره ونهيه ..
وأحسن إلي المؤمنين فوعدهم الحسني وعاملهم بفضله، وأحسن إلى من أساء فأمهله ثم حاسبه بعدله.
الدليل على ثبوت الاسم في السُّنَّة النبويـة
اسم الله المحسن لم يرد في القرآن الكريم ولكنه ورد في السنة النبوية مطلقًا يفيد المدح والثناء على الله بنفسه، فقد ورد عند الطبراني وصححه الألباني من حديث أنس : أن رسول الله قال "إذا حكمتم فاعدلوا وإذا قتلتم فأحسنوا؛ فإن الله محسنٌ يحب المحسنين" [السلسلة الصحيحة (469)].
وكذلك ورد من حديث شداد بن أوس أنه قال: حفظت من رسول الله اثنتين قال "إن الله محسنٌ يحب الإحسان، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ثمَّ لْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الجامع (1824)]
معنى الإحســان في اللغة والاصطلاح
الحُسْنُ نقيض القُبْح، وحَسَّنتُ الشيء تحسِينًا، أي: زيَّنْتُه وأحْسنتُ إليه وبه.
والإحسان يدورحول ثلاثة معاني:
1) التزيين ..
2) الإنعام على الغيــر .. كما يُقال: أحْسَنَ إلى فلان.
3) الإحســان في الفعل .. وذلك إذا عَلِمَ عِلْمًا حَسنًا، أو عَمِلَ عملاَ حسنًا.
وعلى هذا قول أمير المؤمنين علي "الناسُ أبناء ما يحسنون"، أي: مَنسوبون إلى ما يَعْلمون ويَعْملون من الأفعال الحسنة.
والإحسانُ: أن يُعطي أكثر مما عليه، ويأخذ أقلَّ مما له،،
قال المناوي: "الإحسان: إسلامٌ ظاهِر، يقيمه إيمانٌ باطن، يكمله إحسانٌ شهوديِ" [التوقيف على مهمات التعاريف (1:40)]
فمنزلة الإحسان أعلى من منزلة الإسلام والإيمان .. وتتحقق بأن يستشعر المرء وجود الله سبحانه وتعالى وقُربه منه في جميع أعماله، أو أن يستشعر رؤية الله له وهي منزلة المراقبة.
قال أبو البقاء الكفوي في كتابه (الكليات) "الإحسان: هو فعل (الإنسان) ما ينفع غيره بحيث يصير الغير حسنًا به كإطعام الجائع، أو يصير الفاعل به حسنًا بنفسه" [الكليات (1:60)]
ويقول الفيروزآبادي "الإِحسان من أَفضل منازل العبوديّة؛ لأَنه لبّ الإِيمان ورُوحُه وكمالُه. وجميع المنازل منطويةٌ فيها .. قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم "الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّك تَرَاهُ" [رواه مسلم]" [بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (2:465)]
درجـــات الإحســان
وقد لخَّص الإمام ابن القيم الإحسان في ثلاث درجات:
1) الإحسان في القصد .. 2) والإحسان في الأحوال .. 3) والإحسان في الوقت ..
الدرجة الأولى : الإحسان في القصد .. بتهذيبه علمًا، وإبرامه عزمًا، وتصفيته حالاً ..
أي: الإحسان في النية، بتنقيتها من الشوائب بألا يكون هناك للنفس أي حظ من عمله .. ويجعل قصده رضــا ربِّه فقط ..
ولن تتمكَّن من إصلاح نيتك إلا بالعلم، الذي يكون من خلال:
1) علمٌ بالله سبحانه وتعالى .. 2) علمٌ بصحة الطريـــق .. 3) علمٌ بالجزاء عند ربِّ العالمين ..
وبعد أن تتعلَّم تلك الأمور، التي تُمَثِل الدافع لك للسير على الدرب والإحسان فيه ..
يصدق في العزم على القيـــام بالأعمال الصالحة .. لينال ثوابها، ويهدد نفسه لأن لم تفعل المطلوب ليكونن لها بالمرصــاد ..
وعلامة العزيمة الصادقة: النشاط في العمل .. أما الفتور فهو دليل على عدم الصدق،،
وتصفيــة الحــال .. بتنقية القلب من شوائبه وآفـاته عن طريــق الإكثــار من الاستغفــار.
فإذا أردت أن تصل إلى هذه المنزلة العظمى عند الله تعالى وتصير من المحسنين: عليك أن تراعي تصفيـــة حالك ونيتك ..
وإذا وجدت الأمور تتعثر، فاتهم نيتك .. فإنما يتعثر من لم يُخْلِص،،
الدرجة الثانية: الإحسان في الأحوال .. وهو أن تراعيها غيرةً، وتسترها تظرفًا، وتصححها تحقيقًا .. يريد بمراعاتها: حفظها وصونها غيرةً عليها أن تحول، فإنها تمرُّ مرَّ السحاب، فإن لم يرع حقوقها حالت ..
فتغــار على قلبك أن يتلف أو يفسد بعد أن وصل إليه الإيمان؛ لأنه لو تقلَّب بعدما ذاق ربما ينتكس إنتكاسة لا يعود بعدها أبدًا .. وتستر أحوالك الإيمانية عن الناس، ولا تريد أن يطلِّع عليها أحدًا سوى الله سبحانه وتعالى ..
ويصحح أحواله بحيث يتحقق بأنه على الدرب الصحيح؛ لأن الأحوال مواهب وقد تكون من تلبيس إبليس على النفس في بعض الأحيان .. كالذي يبكي في الصلاة ويظن أن بكاءه كان من خشية الله، ثمَّ فور إنتهاءه من الصلاة يعود لمعاصيه ولا يراعي نظر الله تعالى إليه .. فحينها يعلم أنه كان حال مغرور، أما الحــال الصادق فسيورث صاحبه الخشية.
الدرجة الثالثة: الإحسان في الوقت .. وهو أن لا تزايل المشاهدة أبدًا ولا تخلط بهمتك أحدًا، وتجعل هجرتك إلى الحق سرمدًا.
المعنى: أن تعلق همتك بالحق وحده ولا تعلق همتك بأحدٍ غيره .. أي تحافظ على وقتك؛ لأن وقتك هو رأس مالك وستُسأل عنه .. فتَغيِر أن يضيع هذا الوقت دون الوصول.
معنى الاسم في حق الله تعالى
قال القرطبي عن اسم الله المُحْسِن أن "معناه راجعٌ إلى معنى المُفْضِل وذي الفَضل والمنَّان والوهَّاب" [الكتاب الأسنى (2:414)]
وقال المُناوي في قوله "إن الله محسنٌ .."، أي "الإحسان له وصفٌ لازمٌ، لا يخلو موجودٌ عن إحسانه طَرْفةَ عين، فلابدَّ لكل مُكوَّن من إحسانه إليه بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد" [فيض القدير (2:264)]
فالله سبحانه وتعالى أحسنَ إلى جميع الخلق بنعمة الإيجـاد والإمداد، وأنعم على المؤمنين بنعمة أخرى وهي نعمة الهدايـــة،،
والمؤمن يستشعر إحسان الله سبحانه وتعالى به عندما يخرجه من سجن الشهوات إلى عز الطاعة ..
ومن سجن الخطايا إلى فرج التوبة ..
مصداقًا لقوله على لسان نبيه يوسف {.. وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ..} [يوسف: 100]
المُحْسِن
سبحانه هو الذي له كمال الحُسن في أسمائه وصفاته وأفعاله، كما قال تعالى في كتابه: {اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه:8] .. فلا شيء أكمل ولا أجمل من الله، فكل كمال وجمال في المخلوق من آثار صنعته، وهو الذي لا يُحَد كماله ولا يوصَف جلاله، ولا يحصي أحدٌ من خلقه ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه ..
ليس في أفعاله عبث ولا في أوامره سفه، بل أفعاله كلها لا تخرج عن الحكمة والمصلحة والعدل والفضل والرحمة .. إن أعطى فبفضله ورحمته، وإن منع أو عاقب فبعدله وحكمته، وهو الذي أحسن كل شيء خلقه فأتقن صنعه وأبدع كونه وهداه لغايته وأحسن إلى خلقه بعموم نعمه وشمول كرمه وسعة رزقه على الرغم من مخالفة أكثرهم لأمره ونهيه ..
وأحسن إلي المؤمنين فوعدهم الحسني وعاملهم بفضله، وأحسن إلى من أساء فأمهله ثم حاسبه بعدله.
الدليل على ثبوت الاسم في السُّنَّة النبويـة
اسم الله المحسن لم يرد في القرآن الكريم ولكنه ورد في السنة النبوية مطلقًا يفيد المدح والثناء على الله بنفسه، فقد ورد عند الطبراني وصححه الألباني من حديث أنس : أن رسول الله قال "إذا حكمتم فاعدلوا وإذا قتلتم فأحسنوا؛ فإن الله محسنٌ يحب المحسنين" [السلسلة الصحيحة (469)].
وكذلك ورد من حديث شداد بن أوس أنه قال: حفظت من رسول الله اثنتين قال "إن الله محسنٌ يحب الإحسان، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ ثمَّ لْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ" [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الجامع (1824)]
معنى الإحســان في اللغة والاصطلاح
الحُسْنُ نقيض القُبْح، وحَسَّنتُ الشيء تحسِينًا، أي: زيَّنْتُه وأحْسنتُ إليه وبه.
والإحسان يدورحول ثلاثة معاني:
1) التزيين ..
2) الإنعام على الغيــر .. كما يُقال: أحْسَنَ إلى فلان.
3) الإحســان في الفعل .. وذلك إذا عَلِمَ عِلْمًا حَسنًا، أو عَمِلَ عملاَ حسنًا.
وعلى هذا قول أمير المؤمنين علي "الناسُ أبناء ما يحسنون"، أي: مَنسوبون إلى ما يَعْلمون ويَعْملون من الأفعال الحسنة.
والإحسانُ: أن يُعطي أكثر مما عليه، ويأخذ أقلَّ مما له،،
قال المناوي: "الإحسان: إسلامٌ ظاهِر، يقيمه إيمانٌ باطن، يكمله إحسانٌ شهوديِ" [التوقيف على مهمات التعاريف (1:40)]
فمنزلة الإحسان أعلى من منزلة الإسلام والإيمان .. وتتحقق بأن يستشعر المرء وجود الله سبحانه وتعالى وقُربه منه في جميع أعماله، أو أن يستشعر رؤية الله له وهي منزلة المراقبة.
قال أبو البقاء الكفوي في كتابه (الكليات) "الإحسان: هو فعل (الإنسان) ما ينفع غيره بحيث يصير الغير حسنًا به كإطعام الجائع، أو يصير الفاعل به حسنًا بنفسه" [الكليات (1:60)]
ويقول الفيروزآبادي "الإِحسان من أَفضل منازل العبوديّة؛ لأَنه لبّ الإِيمان ورُوحُه وكمالُه. وجميع المنازل منطويةٌ فيها .. قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم "الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّك تَرَاهُ" [رواه مسلم]" [بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (2:465)]
درجـــات الإحســان
وقد لخَّص الإمام ابن القيم الإحسان في ثلاث درجات:
1) الإحسان في القصد .. 2) والإحسان في الأحوال .. 3) والإحسان في الوقت ..
الدرجة الأولى : الإحسان في القصد .. بتهذيبه علمًا، وإبرامه عزمًا، وتصفيته حالاً ..
أي: الإحسان في النية، بتنقيتها من الشوائب بألا يكون هناك للنفس أي حظ من عمله .. ويجعل قصده رضــا ربِّه فقط ..
ولن تتمكَّن من إصلاح نيتك إلا بالعلم، الذي يكون من خلال:
1) علمٌ بالله سبحانه وتعالى .. 2) علمٌ بصحة الطريـــق .. 3) علمٌ بالجزاء عند ربِّ العالمين ..
وبعد أن تتعلَّم تلك الأمور، التي تُمَثِل الدافع لك للسير على الدرب والإحسان فيه ..
يصدق في العزم على القيـــام بالأعمال الصالحة .. لينال ثوابها، ويهدد نفسه لأن لم تفعل المطلوب ليكونن لها بالمرصــاد ..
وعلامة العزيمة الصادقة: النشاط في العمل .. أما الفتور فهو دليل على عدم الصدق،،
وتصفيــة الحــال .. بتنقية القلب من شوائبه وآفـاته عن طريــق الإكثــار من الاستغفــار.
فإذا أردت أن تصل إلى هذه المنزلة العظمى عند الله تعالى وتصير من المحسنين: عليك أن تراعي تصفيـــة حالك ونيتك ..
وإذا وجدت الأمور تتعثر، فاتهم نيتك .. فإنما يتعثر من لم يُخْلِص،،
الدرجة الثانية: الإحسان في الأحوال .. وهو أن تراعيها غيرةً، وتسترها تظرفًا، وتصححها تحقيقًا .. يريد بمراعاتها: حفظها وصونها غيرةً عليها أن تحول، فإنها تمرُّ مرَّ السحاب، فإن لم يرع حقوقها حالت ..
فتغــار على قلبك أن يتلف أو يفسد بعد أن وصل إليه الإيمان؛ لأنه لو تقلَّب بعدما ذاق ربما ينتكس إنتكاسة لا يعود بعدها أبدًا .. وتستر أحوالك الإيمانية عن الناس، ولا تريد أن يطلِّع عليها أحدًا سوى الله سبحانه وتعالى ..
ويصحح أحواله بحيث يتحقق بأنه على الدرب الصحيح؛ لأن الأحوال مواهب وقد تكون من تلبيس إبليس على النفس في بعض الأحيان .. كالذي يبكي في الصلاة ويظن أن بكاءه كان من خشية الله، ثمَّ فور إنتهاءه من الصلاة يعود لمعاصيه ولا يراعي نظر الله تعالى إليه .. فحينها يعلم أنه كان حال مغرور، أما الحــال الصادق فسيورث صاحبه الخشية.
الدرجة الثالثة: الإحسان في الوقت .. وهو أن لا تزايل المشاهدة أبدًا ولا تخلط بهمتك أحدًا، وتجعل هجرتك إلى الحق سرمدًا.
المعنى: أن تعلق همتك بالحق وحده ولا تعلق همتك بأحدٍ غيره .. أي تحافظ على وقتك؛ لأن وقتك هو رأس مالك وستُسأل عنه .. فتَغيِر أن يضيع هذا الوقت دون الوصول.
معنى الاسم في حق الله تعالى
قال القرطبي عن اسم الله المُحْسِن أن "معناه راجعٌ إلى معنى المُفْضِل وذي الفَضل والمنَّان والوهَّاب" [الكتاب الأسنى (2:414)]
وقال المُناوي في قوله "إن الله محسنٌ .."، أي "الإحسان له وصفٌ لازمٌ، لا يخلو موجودٌ عن إحسانه طَرْفةَ عين، فلابدَّ لكل مُكوَّن من إحسانه إليه بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد" [فيض القدير (2:264)]
فالله سبحانه وتعالى أحسنَ إلى جميع الخلق بنعمة الإيجـاد والإمداد، وأنعم على المؤمنين بنعمة أخرى وهي نعمة الهدايـــة،،
والمؤمن يستشعر إحسان الله سبحانه وتعالى به عندما يخرجه من سجن الشهوات إلى عز الطاعة ..
ومن سجن الخطايا إلى فرج التوبة ..
مصداقًا لقوله على لسان نبيه يوسف {.. وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ..} [يوسف: 100]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق