مظاهر تكريم الإسلام للمرأة
د. جيهان الطاهر محمد عبد الحليم
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله.
المراجعد. جيهان الطاهر محمد عبد الحليم
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله.
فالمنهج الإسلامي يتسم بالشمول والكمال ، ويبتعد عن الجزيئية في النظرة إلي الحياة والمخلوقات، كما يهتم بالإنسان باعتباره المخلوق المميز الذي وقع عليه عبء الخلافة في هذه الأرض، ومن هذين الاعتبارين الشمول، و الاستخلاف تأخذ المرأة مكانها باعتبارها شريكاً للرجل في مهمة الخلافة، إذ لا يقوم العمران، وتمتد الحياة إلا بهما متعاونين متكاملين، وما أجمل خطاب القرآن في ذلك إذ يقول: : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً "( النساء:1).[1]
فالإسلام ينظر إلى الخليقة البشرية على أنها وحدة إنسانية متكاملة في التكوين الجسدي، والطبائع، والمشاعر، والإحساسات، والتطلعات، والآلام، والآمال، والحاجات، والضرورات فهو لا ينظر إلى نزعة عنصرية، ولا فوارق لونية، ولا سلالات بشرية، أو فوارق جنسية، أو نـزعات عرقية، وطائفية، وحينئذ فهذه الوحدة تقتضي تقرير مبادئ المساواة، والحرية
والإخاء، والعدالة في كل شيء[2] ، و مبدأ المساواة من المبادئ التي دعا إليها الإسلام ضمن مختلف الأحكام الشرعية المتعلقة بشؤون الناس وتصريف أمورهم[3] وهو دعامة أساسية ومحور ارتكاز بالنسبة لكل ما سنه للناس من عقائد، ونظم، وتشريع من النواحي السياسية والمدنية، والدينية، و الاجتماعية، فعن عقبة بن عامر الجهنى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمَسَبَّةٍ عَلَى أَحدٍ، كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ، طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِدِينٍ أَوْ تَقْوَى، وَكَفَى بِالرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ بَذِيًّا بَخِيلًا فَاحِشًا "[4] فالبشرية متساوون في الإسلام، وليس ثمة ما يبرر أن يدعي بعضهم السمو على بعض بالجنس أو الأصل، وإن اختلفوا أجناساً وألواناً أو تفرقوا مكاناً أو زماناً ، فالقياس في التفاضل واحد هو التقوى فقط لأي جنس كان[5] .ومن هنا نظر الإسلام للمرأة وفق أساس هذا المبدأ العام من قاعدتين :
الأولى : تحديد العلاقة بين الرجل والمرأة في نظام الإسلام على أساس المساواة الكاملة في التكوين، ووحدة الخلق، والإيجاد، والأصل، والمنشأ ، وهذا ما يقرره[6] قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " ( النساء:1) ، وهو ما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - :" إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ [7] ".[8]
الثانية : الأخوة المقررة بين الرجل والمرأة, ذلك أن المرأة تنتسب هي، والرجل إلى أصل واحد [9] كما قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " ( الحجرات: 13) ، وكما قال جلا وعلا : " هُـوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَـلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " ( الأعراف : 189) ، فهذان النصان[10]يوضحان تقرير نسبة الزوجة وهي حواء أم البشر إلى نفس المصدر، الذي نسب إليه بنوها جميعاً،فالجميع داخلون في التقويم الإنساني المستمد من خصائص نفس واحدة، وحينئذ فهذه الأخوة توجد رابطة بين الرجال والنساء ليسعد كل بالآخر، ويشد يده بيده ليتعاون الجميع في التغلب على مشكلات الحياة المتنوعة المستمرة، ويتعاونوا لدفع دفة هذه الحياة لكل خير، وصلاح، وسعادة لجميع بني البشر. وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : " لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" [11]
إذا تقرر ذلك الأصل العام، وما تفرع عنه من قاعدتين فرعيتين، فإني أسوق الملامح الجزئية، والصور الفردية التي هي عبارة عن ضوابط متفرعة من تلك القاعدة العامة، والأصل الجامع والمرتبط به ارتباطاً منطقياً، فنعرض ذلك فيما يلي:
1- مساواة المرأة بالرجل في المطالبة بالتكاليف الشرعية، وفيما يترتب عليها من ثواب، وعقاب، وهذا ما يسمى ( بمبدأ وحدة التكليف ) فالتساوي في التكاليف الشرعية، والواجبات المفروضة، والجزاءات المقررة ثواباً وعقاباً هو الظاهرة العامة في الخطابات التشريعية في القرآن والسنة معاً ، فقد قررا مبدأ تكليف الذكر والأنثى على السواء تكليفاً متساوياً ، لكل ما يتصل بشؤون الدين والدنيا، و لمبدأ ترتيب نتائج سعى كل منهما ، وفقا للفعل الذي يصدر عنه [12]قال تعالى: "وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى إِنّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى" (الليل:3-10)، وقال سبحانه: " وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا " (النساء: 124)،وقال عز شأنه: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ" (النحل :97). [13]
ولهذا كله فقد قرر الإسلام تقريراً عاماً لمركز المرأة فيه، ومساواتها مع الرجل في مجال الشؤون العامة، والخاصة، إلا ما دعت الضرورة البشرية والطبيعة الجبلية التفريق فيه ، قال تعالى : "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " (الأحزاب:72) ، فالإنسان يشمل الذكر والأنثى وهما متساويان في حمل الأمانة، التي فسرها جمهور المفسرين بالتكاليف الشرعية[14] .
ويعلن الإسلام مبدأ التكريم للإنسان من حيث هو ذكراً أم أنثى، فيقول الله جل وعلا : " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " (الإسراء:70) .[15]
2- المساواة بين الرجل والمرأة في الأهلية، فهي كالرجل في أهليتها الاجتماعية والمالية ونحوها؛لأن مناط تلك الأهلية العقل والتكليف، فحينئذ هي كالرجل في ذلك، وسيتضح لنا ذلك في بيان وإيضاح مكانة المرأة الاجتماعية، ومكانتها الاقتصادية، فيما سأعرضه مفصلاً ، وسأورد فيما يلي مثالين هما كالقاعدة في التمثيل للنواحي التي ذكرناها آنفا، ففي مجال الناحية الاجتماعية، يقرر جل وعلا قاعدة عامة في الحقوق فيقول سبحانه:" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة :228 ). قاعدة قرآنية تعني أن كل ما يحق للزوج طلبه، وانتظاره من زوجته من أمور مشروعة من طاعة وأمانة , وعفة وإخلاص , وحسن معاشرة، وطيب معاملة, ومودة ، واحترام, وثقة، وتكريم, وبر، ومراعاة مزاج، ورعاية مصلحة[16]، وقضاء حاجات، وعدم مشاكسة, وعدم عنفٍ وبذاءةٍ , ومضارةٍ ومضايقةٍ, وأذى وسوءِ خلقٍ , وتكبرٍ وتجبرٍ , وازدراء، وتكليف مالا يطاق، فيحق للزوجة طلبه وانتظاره من زوجها.
وأما في مجال الحقوق المالية، فإن لها ذمتها المالية المستقلة عن ذمة الزوج أو بقية الأسرة، فتملك ما تشاء، وتتصرف في مالها بما تشاء[17]، قال تعالى: " لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا " (النساء:7) .
3- عناية الشرع بحقوق المرأة العامة :
من يتأمل النصوص الشرعية يجد عناية عظيمة بشأن المرأة, وحثاً بالغاً في رعاية حقوقها , وتحذير شديداً من ظلمها والتعدي عليها , فقد أمر الإسلام بالتعامل مع المرأة في حدود الإحسان، وفق حدود عظيمة وضوابط قويمة , وحذر من ظلمها أو تعدي حدود الله في التعامل معها ، ففي سياق آيات الطلاق [18] يقول الله عز وجل :"{ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (البقرة: 229) [19]ويقول سبحانه:" ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ" (البقرة :232).
هذه قواعد عامة وضوابط مهمة في بيان أصل عظيم في الإسلام وهو حفظ كرامة المرأة، وإعلاء قدرها ، وشأنها ، وفي فروع ، وجزئيات توجيهات أحكام الشريعة الإسلامية الكثير والكثير، مما يبين عظيم مكانة المرأة في الإسلام، ورفعة شأنها ، وكبير منزلتها .
و لقد كَرَّمَ الله تعالى المرأة، وشَرَّفها بالكثير منَ الخصال الحميدة، والمناقبالشريفة، والأدوار الرئيسة في المجتمع التي لا يصلح للقيام بها إلا المرأة، فمنتشريف الله تعالى للمرأة:
أن منَّ الله تعالى علىالمرأة بالمرتبة المساوية للرجل في إقامة الأسرة؛ لأنَّ المرأة هي الركنُ الثاني فيالزَّواج، فبهما قوام الأسرة التي هي نواة المجتمع، والذي به تَتَكَوَّن البشريَّةوتعمر الأرض؛ قال تعالى: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(الروم: 21).
وقال - جلَّ وعلا - مُبَينًا نعمته علىخلقه في هذا المقام قال تعالي: " وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ" (النحل: 72)، وبيَّن النبي- صلى الله عليه وسلم -أهمية المرأة في الحياة فقال: "الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ".
و حَثَّ الشرعُ الزوج على القيام بدوره تجاهها بالعدل والقسط والإحسان[20]؛ كما في قوله تعالي: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْكَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِخَيْرًا كَثِيرًا"(النساء: 19)، وفي ذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا [21]"، ويقول - صلى الله عليه وسلم -"" : أَطْعِمُوهُنَّ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُنَّ مِمَّا تَكْتَسُونَ، وَلَا تَضْرِبُوهُنَّ، وَلَا تُقَبِّحُوهُنَّ[22]".
بل حتى عند استحالة العيش بين الرجلوالمرأة واللجوء إلى الطلاق، حَذَّر الشرعُ من بخس المرأة حقها، أو استرداد صداقها،ما لم يَكُنْ خُلعًا أو تنازلًا على ما في كُتُب الفقه من تفاصيل، ولكن المهم هناحماية الشرع لحق المرأة عند الطلاق[23]؛ قال تعالى: "وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا" (النساء: 20). و لقد خَصَّ الشرعُ الحنيف الأمَّ بالمكانة العظيمة، والمنزلةالرفيعة، وجَعَلَ طاعتها - ولو كانتِ الأم على غير الإسلام، ما لم تأمرْ بمعصية - مناطَ الثواب والعقاب، وسبيلاً للجنَّة أو النار.
فحثَّ الإسلامُ على برِّالوالدين، وأشار القرآن إلى معاناة الأم خصوصًا، والتي لم يشاهدها الإنسان حينالحمل، ولم يُدرك مشقتها حين تربيته في صغره، فلمَّا بلغ أشده و استوي، أخبره اللهتعالى في غير ما آية ليعلم فضل الأم عليه، فيعمل جاهدًا على طاعتها وبرِّها، وماهذا إلا لفضل المرأة في الإسلام، ورفيع مكانتها[24]، ففي ذلك قال تعالى" وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (لقمان: 14، 15).
و أخرج البخاري عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول اللّه، مَن أحقّ النَّاس بحُسن صحابتي؟ قال:أمُّك، قال: ثُمَّ مَن؟ قال: ثمَّ أمّك)، قال: ثمَّ مَن؟ قال: ((ثمَّ أمّ)، قال: ثمَّ مَن؟ قال: (ثُمّ أبوك"[25]، وحَذَّرَ النبيُّ - صلى اللهعليه وسلم - في غير ما حديث من عقوق الأمهات؛ كما في حديث البخاري، عن المغيرة بنشعبة، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ اللَّه حرَّم عليكم عقوقَ الأمَّهَاتِ،وَمَنعًا وَهَاتِ، وَوَأدَ البَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكم قِيلَ وَقَالَ، وَكَثرَةَالسّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ"[26].
و لقد اهتمَّ الشرعُ بالمرأة من حين ولادتها إلى أن تُسلمَ إلى زوجها، وجعلها في كفالة أبويها، يقومان بشأنها، ويصلحان أمرها، فضلاً عن إبطال الشرع الحنيف مأساة وأد البنات في المجتمع الجاهلي؛ بل جَعَلَ ذلك منَ الذنوب العظام التي تستجلب سخط الله تعالى لما فيه منقتل النفس بغير حق.
وتكريمًا للمرأة خَصَّ الشارعُ تربية البنات بالفضل والثواب؛ كما في الحديث الذي أخرجه مسلم، باب "فضل الإحسان إلى البنات": أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: جاءتني امرأةٌ ومعها ابنتان لها، فسألتني،فلم تجد عندي شيئًا غير تمرةٍ واحدةٍ، فأعطيتها إياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها،ولم تأكل منها شيئًا، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فحدثته حديثها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ [27]".
فبعد هذه الإطلالة السريعة على مكانة المرأة فيالإسلام، لا يشك عاقل مُنصف في مرتبة المرأة في الإسلام، وعلوّ شأنها، وعليه؛ فمَنكان هذا قدره، عُلم أنه كما له حقوق عليه واجبات.
وهذه الواجباتهي الواجبات الفطرية التي أَوْجَبَهَا اللهُ تعالى على المرأة، وَفَطَرَها عليها،وَجَعَل خَلْقها وخُلُقها معينًا على ذلك، فلا تخرج المرأة عن أحد قسمين رئيسينلدورها في الحياة:-
الأول الدور الرئيس: وهذا يَتَمَثَّل في كون المرأة لاتخرج عن كونها أمًّا أو زوجةً أو ابنة.
فتعزيز دور الأمومة:في ضوء الشريعة الإسلامية جعل لها دورعظيمٌ في تربية الأبناء وصلاحهم وتوفير سبل تحقيق الوحدة الوطنية، وعدم قيامِها بذلك ينعكس على الأبناء، فالأمُّ هيالقائمة على حاجة الأبناء البَدَنيَّة والنَّفسيَّة، وهي المراقبة لهم ولسلوكياتهمفي الأعمِّ الأغلب، لما عُلم وتقرر من أن الرجال يقضون أغلب ساعات اليوم خارجالمنزل لكَسْب العيش، والمرأة تمكث في البيت للقيام بدورها العظيم الذي لا يصلح الرجل للقيام به.
فالأمُّ هذا المخلوق الرقيق الذي يبث الحنان والعاطفة في الأولاد، الأم التي تناقِش أبناءها، وتستمع لمشاكلهم، الأم التي تقوم على إصلاح شأنهم، وتدبير أُمُورهم، الأم التي توفِّر لهم الجوَّ المناسب الذي ينشئون فيه نشأة إسلامية على كتاب الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فتراقب أقوالهم وأعمالهم والتزامهم بأوامرالشرع، وتُراقب أخلاقهم، وتعطيهم من رعايتها ما تروي به عطش النفس الإنسانية للرعاية والاهتمام، والأحاسيس الجميلة الخالصة، التي لا تُكَدِّرها الشوائبُ.
فبالفعل لا تجد أحدًا أحرص على مصلحة أحد، كحرص الوالدين على مصلحة أبنائهم، وهي في هذا ممتثلة أمر [28]الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" (التحريم: 6)،وممتثلة لأمر[29] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» قَالَ: - وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ – "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ [30]".
أما دور الزوجية: هذا منَ الأدوارالعظيمة للمرأة التي خَصَّها الله تعالى بها فجعلها عونا لزوجها ناصحة له ومشيرة عليه لمصلحة المجتمع والوطن؛ كما في قوله تعالى " أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إليها " (الروم: 21)،فهذا رعاية الجانب النفسي في حياة الرجل، والذي يشكل الجانب الداخلي لآثار سُلُوكه الخارجي.
فإذا سكن الرجل إلى زوجته وحصلت الأُلْفَة، تَرَتَّبَ على ذلك العديد من المصالح التي لا يعلمها إلا الله ؛ مما يكون دافعًا للرجل وللمرأة على السَّيْر في الحياة، بعد إشباع الجانب النفسي لكلِّ منهما[31].
وكذلك مارَسَمَهُ القرآن في قوله تعالى: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" (البقرة: 187)، في الكناية عن السكون والجماع، وهذا يحصل بهمن المصالح ما لا يحصره إلا الله تعالى، من غضٍّ للبصر، وقضاء الوطر، والعفَّة ، وطلب الولد، وهدوء النفس ، وإعطائها حقَّها ، مما جبلت عليه من الحاجة للجنس الآخر، بالإضافة لصفاء الذهن، وهدوء النفس؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ"[32].ويبيِّن دور المرأة في حياة الزوجية قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المرأة الصالحة" إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ [33]".بالإضافة إلى تدبير شؤون المنزل ، والقيام على حاجته بما هو معروف .
أما دور البنوة: فللمرأة دور عظيم في تحقيق التعاون وتقديم المساعدة الداعية إلي هدوء النفس واستقرار الأسر المؤدي للوحدة الوطنية، وهذا ما نراه ونلحظه في الواقع المشاهَد؛ ولذلك حَثَّ الشرعُ على رعاية الآباء والإحسان إليهما[34]؛ قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا" (الإسراء: 23 – 25").
وأما دور المرأة الكفائى: فالقصد منه الإشارة إلى ما قد يحتاجه المجتمعُ المسلمُ مِن وجود للمرأة في الأعمال المعينة التي تَتَنَاسَب مع الشرع من ناحية، وتَتَنَاسَب مع طبيعة المرأة من ناحية، وكذلك بأن يصدق احتياج المجتمع لهذا الأمر.
وهذا الدور دور كفائي؛ لأنه يجب أن يقوم به بعضالنساء اللواتي بهن يسقط الإثم عن مجتمع المسلمات، وتُشبع حاجة المجتمع، وتُسد خلَّته ، مما سيترتب عليه تحقيق الوحدة الوطنية.
فإذا كان هذا دور المرأة في الحياة، وكذلك هو دورالمرأة شرعًا، فهل يُمكن للمرأة المسلمة أن تَتَصَوَّرَ ما الذي يُمكن أن يَتَرَتَّبَ على تخلِّي المرأة عن دورها في المجتمع وخدمة الوطن؟ هل يُمكن للمرأة أن تَتَصَوَّر مغبة تركها للدور المنوط بها، وخروجها خارج المنزل، وتركها الثغر الذي تقف عليه للبحث عن دور زائف يجر بخيام الحسرة والخسارة في الدنيا والآخرة؟!
إنَّ الأبناء في حاجة للرعاية والمُراقبة والمتابَعة، والتقويم والعاطفة، والاحتواء والركن الذي يسكنون إليه بمشاكلهم، فإذا تركت المرأة دور الأمبأيَّة صورة، ولأيِّ سبب، وقعتْ في التفريط والتضييع للأمانة التي وكِلت إليها منناحية، وعرَّضت نفسها لغَضَب الله تعالى وسخطه.
ومن ناحية أخرى، فإن الأبناء يتجهون لإشباع حاجتهم عند مَن قد يلبي لهم رغباتهم، ولذلك قد يجنحون إلى المورد الذي يستقون منه الإشباع، فيظهر منحرف ملحد ، أو إرهابي متطرف أو علماني ومشرك.
وينشأ جيلٌ ضائع يخرِّب بدلاً مِن أن يعمِّرَ، وَيَتَخَلَّى عن دوره في قيادة العالَم، إلاَّ أن ينخرطَ في العالَم، وتذوب هُويته في ظُلُمات السُّبُل الكالحة، التي يعج بها وجه العالَم في حال غياب ضوء الإسلام وهَدْيه.
بل إنَّ فجوة كبيرة تحدُث بين الولد والأم، لا تظهر آثارها إلاَّ عندما ينضج الولد، وتشعر الأم منه بالجفاء والقسوة والغلظة، ولا يلزم من هذا أن يبدوَ منه الفحش في القول والعمل، ولكن يكفي عدم الشعور بالاهتمام والانتماء لها . وما هذا إلا ردُّ فعلٍ متأخِّر لما زرعتْه الأمُّ في الولد بغيابها عنه في أشد الأوقات حاجة إليها[35]، فسبحان القائل:" تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ" (آل عمران: 140)، ولا عاصم للابن منَ الانسياق خلف آثار صنيع أمه إلا الله تعالى والالتزام بشرعه، فنحن نرى ونسمع ما الذي يَتَرَتَّب على تخلِّي الأم عن دورها في ظلِّ غياب الإسلام عن الأُسَر والمجتمعات.
وأما الزوجة فإذا قَصَّرَتِ المرأةُ في حقِّ زوجها لحقها أحد شقي[36] قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ "[37]، وبالتأكيد المفرطة ليست بمطيعة لتدخل الجنة عن طريق الزوج.
ولحقها مفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة" ، فما بالهالومات وهو عليها ساخط ؟! ويؤيده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا [38]"؛ لما جعل الله لهم عليهن من الحق. بل إن المرأة بتقصيرها في إشباع رغبة زوجها تدفعه لعدم الشعور بالاكتفاء والعفة، مما يدفعه للسَّعي في تحصيل حاجته، فإن كان صالحًا فبالزواج الثاني، وقد يَتَسَبَّب تقصيرها في حقِّه في تطليقها أيضًا، وإن كان ضعيف الإيمان حاول إشباع حاجته بالطرق المحرمة، والمرأة شريكته في الإثم في ذلك ؛ لذا ترتبت على هجرها الفراش عقوبة عظيمة ؛ كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -": "إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ، هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ"[39] فالمرأةُ المقصِّرة في حقِّ زوجها بتفضيل الأدوارالأخرى على دورها كزوجة، تُعَرِّض نفسها للخسران في الدنيا والآخرة، وتخلع لباس الفطرة وجلباب الواجب الشرعي، فلا تلومنَّ إلا نفسها[40].
وأما دور البنوة فإذا قَصَّرَت البنت في حقِّ والديها، فإنه عقوق وكبيرة من الكبائر العظام التي لا تُرضي الله تعالى؛ بل هو في العُرف البشري نكران للجميل، وجحود للمعروف.وكثيرًا ما سَمِعْنا عنِ الأبناء الذين يُرسلون آباءهم إلى دُور المسنين في نوعٍ منَ التَّخَلِّي عنهم من أبنائهم، بصورة لا يرضى الله تعالى عنها، وكيف يرضيه وقد تواتَرَ وُجُوب حق الوالدين على الأبناء؟!
وأما الدور الكفائى فإنَّ تفريط المرأة في هذا الأمر سببا من أسباب عدم الاستقرار في الوطن مما يترتب علي تركه من الأمور العظيمة ، و سببا في إثْم القادرات على سدِّ حاجة المسلمين من ناحية مجالات مهمَّة؛ مثل: الطب، والتعليم، ونحوها من المجالات المشروعة التي يحتاج إليها النساء والرجال، وبالطبع ليس أفضل من قيام المرأة بالتعامل مع امرأة مثلها في ظلِّ الضوابط الشرعية ، بل إنَّ الأمرَ في بعض الأحيان يَتَعَيَّن على المسلمات للقيام به، خصوصًا في مسائل الولادة وأمراض النِّساء . فالمسلمة مطالبة وجوبًا مع القدرة على سدِّ هذه الفجوة ؛ درءً الشر انكشاف العورات، ودرءًا لمنح أعدائنا فرصة علاجنا بما قد يكون مفسدًا لنا في ديننا أو أبداننا.وكذلك أمر التعليم؛ فإن وجود المرأة في هذا القطاع مهم ، خصوصًا في مراحل التعليم الثانوي والجامعي، لما في هذا السن منَ التغييرات التي يتعرض لها الفتيات، فيحسن قيام المرأة على تعليمهن ورعايتهن ومناقشتهن؛ بل إنه من الأهمية بمكان، خُصُوصًا في الدول التي يعمل غير المسلمين فيها في قطاع التعليم.إذن فقد رفع الإسلام من كرامة المرأة ، ومحاولة إخفاء هذا التكريم فرصة تسمح للأعداء بمدِّ جُسُور المحبَّة على حطام الولاء و البراء، وإفساد عقيدة المسلمين.كما أن الآثار المترتِّبة على تخلي المرأة عن دورها ، وعدم القيام بما عليها من حقوق - لَنَذير شؤم ؛ جزاءً وفاقًا على التفريط. ــــــــ
فالإسلام ينظر إلى الخليقة البشرية على أنها وحدة إنسانية متكاملة في التكوين الجسدي، والطبائع، والمشاعر، والإحساسات، والتطلعات، والآلام، والآمال، والحاجات، والضرورات فهو لا ينظر إلى نزعة عنصرية، ولا فوارق لونية، ولا سلالات بشرية، أو فوارق جنسية، أو نـزعات عرقية، وطائفية، وحينئذ فهذه الوحدة تقتضي تقرير مبادئ المساواة، والحرية
والإخاء، والعدالة في كل شيء[2] ، و مبدأ المساواة من المبادئ التي دعا إليها الإسلام ضمن مختلف الأحكام الشرعية المتعلقة بشؤون الناس وتصريف أمورهم[3] وهو دعامة أساسية ومحور ارتكاز بالنسبة لكل ما سنه للناس من عقائد، ونظم، وتشريع من النواحي السياسية والمدنية، والدينية، و الاجتماعية، فعن عقبة بن عامر الجهنى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمَسَبَّةٍ عَلَى أَحدٍ، كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ، طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِدِينٍ أَوْ تَقْوَى، وَكَفَى بِالرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ بَذِيًّا بَخِيلًا فَاحِشًا "[4] فالبشرية متساوون في الإسلام، وليس ثمة ما يبرر أن يدعي بعضهم السمو على بعض بالجنس أو الأصل، وإن اختلفوا أجناساً وألواناً أو تفرقوا مكاناً أو زماناً ، فالقياس في التفاضل واحد هو التقوى فقط لأي جنس كان[5] .ومن هنا نظر الإسلام للمرأة وفق أساس هذا المبدأ العام من قاعدتين :
الأولى : تحديد العلاقة بين الرجل والمرأة في نظام الإسلام على أساس المساواة الكاملة في التكوين، ووحدة الخلق، والإيجاد، والأصل، والمنشأ ، وهذا ما يقرره[6] قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " ( النساء:1) ، وهو ما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - :" إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ [7] ".[8]
الثانية : الأخوة المقررة بين الرجل والمرأة, ذلك أن المرأة تنتسب هي، والرجل إلى أصل واحد [9] كما قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " ( الحجرات: 13) ، وكما قال جلا وعلا : " هُـوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَـلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا " ( الأعراف : 189) ، فهذان النصان[10]يوضحان تقرير نسبة الزوجة وهي حواء أم البشر إلى نفس المصدر، الذي نسب إليه بنوها جميعاً،فالجميع داخلون في التقويم الإنساني المستمد من خصائص نفس واحدة، وحينئذ فهذه الأخوة توجد رابطة بين الرجال والنساء ليسعد كل بالآخر، ويشد يده بيده ليتعاون الجميع في التغلب على مشكلات الحياة المتنوعة المستمرة، ويتعاونوا لدفع دفة هذه الحياة لكل خير، وصلاح، وسعادة لجميع بني البشر. وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : " لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" [11]
إذا تقرر ذلك الأصل العام، وما تفرع عنه من قاعدتين فرعيتين، فإني أسوق الملامح الجزئية، والصور الفردية التي هي عبارة عن ضوابط متفرعة من تلك القاعدة العامة، والأصل الجامع والمرتبط به ارتباطاً منطقياً، فنعرض ذلك فيما يلي:
1- مساواة المرأة بالرجل في المطالبة بالتكاليف الشرعية، وفيما يترتب عليها من ثواب، وعقاب، وهذا ما يسمى ( بمبدأ وحدة التكليف ) فالتساوي في التكاليف الشرعية، والواجبات المفروضة، والجزاءات المقررة ثواباً وعقاباً هو الظاهرة العامة في الخطابات التشريعية في القرآن والسنة معاً ، فقد قررا مبدأ تكليف الذكر والأنثى على السواء تكليفاً متساوياً ، لكل ما يتصل بشؤون الدين والدنيا، و لمبدأ ترتيب نتائج سعى كل منهما ، وفقا للفعل الذي يصدر عنه [12]قال تعالى: "وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنْثَى إِنّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى" (الليل:3-10)، وقال سبحانه: " وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا " (النساء: 124)،وقال عز شأنه: " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَاكَانُواْ يَعْمَلُونَ" (النحل :97). [13]
ولهذا كله فقد قرر الإسلام تقريراً عاماً لمركز المرأة فيه، ومساواتها مع الرجل في مجال الشؤون العامة، والخاصة، إلا ما دعت الضرورة البشرية والطبيعة الجبلية التفريق فيه ، قال تعالى : "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " (الأحزاب:72) ، فالإنسان يشمل الذكر والأنثى وهما متساويان في حمل الأمانة، التي فسرها جمهور المفسرين بالتكاليف الشرعية[14] .
ويعلن الإسلام مبدأ التكريم للإنسان من حيث هو ذكراً أم أنثى، فيقول الله جل وعلا : " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " (الإسراء:70) .[15]
2- المساواة بين الرجل والمرأة في الأهلية، فهي كالرجل في أهليتها الاجتماعية والمالية ونحوها؛لأن مناط تلك الأهلية العقل والتكليف، فحينئذ هي كالرجل في ذلك، وسيتضح لنا ذلك في بيان وإيضاح مكانة المرأة الاجتماعية، ومكانتها الاقتصادية، فيما سأعرضه مفصلاً ، وسأورد فيما يلي مثالين هما كالقاعدة في التمثيل للنواحي التي ذكرناها آنفا، ففي مجال الناحية الاجتماعية، يقرر جل وعلا قاعدة عامة في الحقوق فيقول سبحانه:" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة :228 ). قاعدة قرآنية تعني أن كل ما يحق للزوج طلبه، وانتظاره من زوجته من أمور مشروعة من طاعة وأمانة , وعفة وإخلاص , وحسن معاشرة، وطيب معاملة, ومودة ، واحترام, وثقة، وتكريم, وبر، ومراعاة مزاج، ورعاية مصلحة[16]، وقضاء حاجات، وعدم مشاكسة, وعدم عنفٍ وبذاءةٍ , ومضارةٍ ومضايقةٍ, وأذى وسوءِ خلقٍ , وتكبرٍ وتجبرٍ , وازدراء، وتكليف مالا يطاق، فيحق للزوجة طلبه وانتظاره من زوجها.
وأما في مجال الحقوق المالية، فإن لها ذمتها المالية المستقلة عن ذمة الزوج أو بقية الأسرة، فتملك ما تشاء، وتتصرف في مالها بما تشاء[17]، قال تعالى: " لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا " (النساء:7) .
3- عناية الشرع بحقوق المرأة العامة :
من يتأمل النصوص الشرعية يجد عناية عظيمة بشأن المرأة, وحثاً بالغاً في رعاية حقوقها , وتحذير شديداً من ظلمها والتعدي عليها , فقد أمر الإسلام بالتعامل مع المرأة في حدود الإحسان، وفق حدود عظيمة وضوابط قويمة , وحذر من ظلمها أو تعدي حدود الله في التعامل معها ، ففي سياق آيات الطلاق [18] يقول الله عز وجل :"{ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (البقرة: 229) [19]ويقول سبحانه:" ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ" (البقرة :232).
هذه قواعد عامة وضوابط مهمة في بيان أصل عظيم في الإسلام وهو حفظ كرامة المرأة، وإعلاء قدرها ، وشأنها ، وفي فروع ، وجزئيات توجيهات أحكام الشريعة الإسلامية الكثير والكثير، مما يبين عظيم مكانة المرأة في الإسلام، ورفعة شأنها ، وكبير منزلتها .
و لقد كَرَّمَ الله تعالى المرأة، وشَرَّفها بالكثير منَ الخصال الحميدة، والمناقبالشريفة، والأدوار الرئيسة في المجتمع التي لا يصلح للقيام بها إلا المرأة، فمنتشريف الله تعالى للمرأة:
أن منَّ الله تعالى علىالمرأة بالمرتبة المساوية للرجل في إقامة الأسرة؛ لأنَّ المرأة هي الركنُ الثاني فيالزَّواج، فبهما قوام الأسرة التي هي نواة المجتمع، والذي به تَتَكَوَّن البشريَّةوتعمر الأرض؛ قال تعالى: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(الروم: 21).
وقال - جلَّ وعلا - مُبَينًا نعمته علىخلقه في هذا المقام قال تعالي: " وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ" (النحل: 72)، وبيَّن النبي- صلى الله عليه وسلم -أهمية المرأة في الحياة فقال: "الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ".
و حَثَّ الشرعُ الزوج على القيام بدوره تجاهها بالعدل والقسط والإحسان[20]؛ كما في قوله تعالي: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْكَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِخَيْرًا كَثِيرًا"(النساء: 19)، وفي ذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا [21]"، ويقول - صلى الله عليه وسلم -"" : أَطْعِمُوهُنَّ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُنَّ مِمَّا تَكْتَسُونَ، وَلَا تَضْرِبُوهُنَّ، وَلَا تُقَبِّحُوهُنَّ[22]".
بل حتى عند استحالة العيش بين الرجلوالمرأة واللجوء إلى الطلاق، حَذَّر الشرعُ من بخس المرأة حقها، أو استرداد صداقها،ما لم يَكُنْ خُلعًا أو تنازلًا على ما في كُتُب الفقه من تفاصيل، ولكن المهم هناحماية الشرع لحق المرأة عند الطلاق[23]؛ قال تعالى: "وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا" (النساء: 20). و لقد خَصَّ الشرعُ الحنيف الأمَّ بالمكانة العظيمة، والمنزلةالرفيعة، وجَعَلَ طاعتها - ولو كانتِ الأم على غير الإسلام، ما لم تأمرْ بمعصية - مناطَ الثواب والعقاب، وسبيلاً للجنَّة أو النار.
فحثَّ الإسلامُ على برِّالوالدين، وأشار القرآن إلى معاناة الأم خصوصًا، والتي لم يشاهدها الإنسان حينالحمل، ولم يُدرك مشقتها حين تربيته في صغره، فلمَّا بلغ أشده و استوي، أخبره اللهتعالى في غير ما آية ليعلم فضل الأم عليه، فيعمل جاهدًا على طاعتها وبرِّها، وماهذا إلا لفضل المرأة في الإسلام، ورفيع مكانتها[24]، ففي ذلك قال تعالى" وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (لقمان: 14، 15).
و أخرج البخاري عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ إلى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول اللّه، مَن أحقّ النَّاس بحُسن صحابتي؟ قال:أمُّك، قال: ثُمَّ مَن؟ قال: ثمَّ أمّك)، قال: ثمَّ مَن؟ قال: ((ثمَّ أمّ)، قال: ثمَّ مَن؟ قال: (ثُمّ أبوك"[25]، وحَذَّرَ النبيُّ - صلى اللهعليه وسلم - في غير ما حديث من عقوق الأمهات؛ كما في حديث البخاري، عن المغيرة بنشعبة، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ اللَّه حرَّم عليكم عقوقَ الأمَّهَاتِ،وَمَنعًا وَهَاتِ، وَوَأدَ البَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكم قِيلَ وَقَالَ، وَكَثرَةَالسّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ"[26].
و لقد اهتمَّ الشرعُ بالمرأة من حين ولادتها إلى أن تُسلمَ إلى زوجها، وجعلها في كفالة أبويها، يقومان بشأنها، ويصلحان أمرها، فضلاً عن إبطال الشرع الحنيف مأساة وأد البنات في المجتمع الجاهلي؛ بل جَعَلَ ذلك منَ الذنوب العظام التي تستجلب سخط الله تعالى لما فيه منقتل النفس بغير حق.
وتكريمًا للمرأة خَصَّ الشارعُ تربية البنات بالفضل والثواب؛ كما في الحديث الذي أخرجه مسلم، باب "فضل الإحسان إلى البنات": أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: جاءتني امرأةٌ ومعها ابنتان لها، فسألتني،فلم تجد عندي شيئًا غير تمرةٍ واحدةٍ، فأعطيتها إياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها،ولم تأكل منها شيئًا، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فحدثته حديثها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ [27]".
فبعد هذه الإطلالة السريعة على مكانة المرأة فيالإسلام، لا يشك عاقل مُنصف في مرتبة المرأة في الإسلام، وعلوّ شأنها، وعليه؛ فمَنكان هذا قدره، عُلم أنه كما له حقوق عليه واجبات.
وهذه الواجباتهي الواجبات الفطرية التي أَوْجَبَهَا اللهُ تعالى على المرأة، وَفَطَرَها عليها،وَجَعَل خَلْقها وخُلُقها معينًا على ذلك، فلا تخرج المرأة عن أحد قسمين رئيسينلدورها في الحياة:-
الأول الدور الرئيس: وهذا يَتَمَثَّل في كون المرأة لاتخرج عن كونها أمًّا أو زوجةً أو ابنة.
فتعزيز دور الأمومة:في ضوء الشريعة الإسلامية جعل لها دورعظيمٌ في تربية الأبناء وصلاحهم وتوفير سبل تحقيق الوحدة الوطنية، وعدم قيامِها بذلك ينعكس على الأبناء، فالأمُّ هيالقائمة على حاجة الأبناء البَدَنيَّة والنَّفسيَّة، وهي المراقبة لهم ولسلوكياتهمفي الأعمِّ الأغلب، لما عُلم وتقرر من أن الرجال يقضون أغلب ساعات اليوم خارجالمنزل لكَسْب العيش، والمرأة تمكث في البيت للقيام بدورها العظيم الذي لا يصلح الرجل للقيام به.
فالأمُّ هذا المخلوق الرقيق الذي يبث الحنان والعاطفة في الأولاد، الأم التي تناقِش أبناءها، وتستمع لمشاكلهم، الأم التي تقوم على إصلاح شأنهم، وتدبير أُمُورهم، الأم التي توفِّر لهم الجوَّ المناسب الذي ينشئون فيه نشأة إسلامية على كتاب الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فتراقب أقوالهم وأعمالهم والتزامهم بأوامرالشرع، وتُراقب أخلاقهم، وتعطيهم من رعايتها ما تروي به عطش النفس الإنسانية للرعاية والاهتمام، والأحاسيس الجميلة الخالصة، التي لا تُكَدِّرها الشوائبُ.
فبالفعل لا تجد أحدًا أحرص على مصلحة أحد، كحرص الوالدين على مصلحة أبنائهم، وهي في هذا ممتثلة أمر [28]الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ" (التحريم: 6)،وممتثلة لأمر[29] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» قَالَ: - وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ – "وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ [30]".
أما دور الزوجية: هذا منَ الأدوارالعظيمة للمرأة التي خَصَّها الله تعالى بها فجعلها عونا لزوجها ناصحة له ومشيرة عليه لمصلحة المجتمع والوطن؛ كما في قوله تعالى " أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إليها " (الروم: 21)،فهذا رعاية الجانب النفسي في حياة الرجل، والذي يشكل الجانب الداخلي لآثار سُلُوكه الخارجي.
فإذا سكن الرجل إلى زوجته وحصلت الأُلْفَة، تَرَتَّبَ على ذلك العديد من المصالح التي لا يعلمها إلا الله ؛ مما يكون دافعًا للرجل وللمرأة على السَّيْر في الحياة، بعد إشباع الجانب النفسي لكلِّ منهما[31].
وكذلك مارَسَمَهُ القرآن في قوله تعالى: "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" (البقرة: 187)، في الكناية عن السكون والجماع، وهذا يحصل بهمن المصالح ما لا يحصره إلا الله تعالى، من غضٍّ للبصر، وقضاء الوطر، والعفَّة ، وطلب الولد، وهدوء النفس ، وإعطائها حقَّها ، مما جبلت عليه من الحاجة للجنس الآخر، بالإضافة لصفاء الذهن، وهدوء النفس؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ"[32].ويبيِّن دور المرأة في حياة الزوجية قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المرأة الصالحة" إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ [33]".بالإضافة إلى تدبير شؤون المنزل ، والقيام على حاجته بما هو معروف .
أما دور البنوة: فللمرأة دور عظيم في تحقيق التعاون وتقديم المساعدة الداعية إلي هدوء النفس واستقرار الأسر المؤدي للوحدة الوطنية، وهذا ما نراه ونلحظه في الواقع المشاهَد؛ ولذلك حَثَّ الشرعُ على رعاية الآباء والإحسان إليهما[34]؛ قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا" (الإسراء: 23 – 25").
وأما دور المرأة الكفائى: فالقصد منه الإشارة إلى ما قد يحتاجه المجتمعُ المسلمُ مِن وجود للمرأة في الأعمال المعينة التي تَتَنَاسَب مع الشرع من ناحية، وتَتَنَاسَب مع طبيعة المرأة من ناحية، وكذلك بأن يصدق احتياج المجتمع لهذا الأمر.
وهذا الدور دور كفائي؛ لأنه يجب أن يقوم به بعضالنساء اللواتي بهن يسقط الإثم عن مجتمع المسلمات، وتُشبع حاجة المجتمع، وتُسد خلَّته ، مما سيترتب عليه تحقيق الوحدة الوطنية.
فإذا كان هذا دور المرأة في الحياة، وكذلك هو دورالمرأة شرعًا، فهل يُمكن للمرأة المسلمة أن تَتَصَوَّرَ ما الذي يُمكن أن يَتَرَتَّبَ على تخلِّي المرأة عن دورها في المجتمع وخدمة الوطن؟ هل يُمكن للمرأة أن تَتَصَوَّر مغبة تركها للدور المنوط بها، وخروجها خارج المنزل، وتركها الثغر الذي تقف عليه للبحث عن دور زائف يجر بخيام الحسرة والخسارة في الدنيا والآخرة؟!
إنَّ الأبناء في حاجة للرعاية والمُراقبة والمتابَعة، والتقويم والعاطفة، والاحتواء والركن الذي يسكنون إليه بمشاكلهم، فإذا تركت المرأة دور الأمبأيَّة صورة، ولأيِّ سبب، وقعتْ في التفريط والتضييع للأمانة التي وكِلت إليها منناحية، وعرَّضت نفسها لغَضَب الله تعالى وسخطه.
ومن ناحية أخرى، فإن الأبناء يتجهون لإشباع حاجتهم عند مَن قد يلبي لهم رغباتهم، ولذلك قد يجنحون إلى المورد الذي يستقون منه الإشباع، فيظهر منحرف ملحد ، أو إرهابي متطرف أو علماني ومشرك.
وينشأ جيلٌ ضائع يخرِّب بدلاً مِن أن يعمِّرَ، وَيَتَخَلَّى عن دوره في قيادة العالَم، إلاَّ أن ينخرطَ في العالَم، وتذوب هُويته في ظُلُمات السُّبُل الكالحة، التي يعج بها وجه العالَم في حال غياب ضوء الإسلام وهَدْيه.
بل إنَّ فجوة كبيرة تحدُث بين الولد والأم، لا تظهر آثارها إلاَّ عندما ينضج الولد، وتشعر الأم منه بالجفاء والقسوة والغلظة، ولا يلزم من هذا أن يبدوَ منه الفحش في القول والعمل، ولكن يكفي عدم الشعور بالاهتمام والانتماء لها . وما هذا إلا ردُّ فعلٍ متأخِّر لما زرعتْه الأمُّ في الولد بغيابها عنه في أشد الأوقات حاجة إليها[35]، فسبحان القائل:" تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ" (آل عمران: 140)، ولا عاصم للابن منَ الانسياق خلف آثار صنيع أمه إلا الله تعالى والالتزام بشرعه، فنحن نرى ونسمع ما الذي يَتَرَتَّب على تخلِّي الأم عن دورها في ظلِّ غياب الإسلام عن الأُسَر والمجتمعات.
وأما الزوجة فإذا قَصَّرَتِ المرأةُ في حقِّ زوجها لحقها أحد شقي[36] قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ "[37]، وبالتأكيد المفرطة ليست بمطيعة لتدخل الجنة عن طريق الزوج.
ولحقها مفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة" ، فما بالهالومات وهو عليها ساخط ؟! ويؤيده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا [38]"؛ لما جعل الله لهم عليهن من الحق. بل إن المرأة بتقصيرها في إشباع رغبة زوجها تدفعه لعدم الشعور بالاكتفاء والعفة، مما يدفعه للسَّعي في تحصيل حاجته، فإن كان صالحًا فبالزواج الثاني، وقد يَتَسَبَّب تقصيرها في حقِّه في تطليقها أيضًا، وإن كان ضعيف الإيمان حاول إشباع حاجته بالطرق المحرمة، والمرأة شريكته في الإثم في ذلك ؛ لذا ترتبت على هجرها الفراش عقوبة عظيمة ؛ كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -": "إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ، هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ"[39] فالمرأةُ المقصِّرة في حقِّ زوجها بتفضيل الأدوارالأخرى على دورها كزوجة، تُعَرِّض نفسها للخسران في الدنيا والآخرة، وتخلع لباس الفطرة وجلباب الواجب الشرعي، فلا تلومنَّ إلا نفسها[40].
وأما دور البنوة فإذا قَصَّرَت البنت في حقِّ والديها، فإنه عقوق وكبيرة من الكبائر العظام التي لا تُرضي الله تعالى؛ بل هو في العُرف البشري نكران للجميل، وجحود للمعروف.وكثيرًا ما سَمِعْنا عنِ الأبناء الذين يُرسلون آباءهم إلى دُور المسنين في نوعٍ منَ التَّخَلِّي عنهم من أبنائهم، بصورة لا يرضى الله تعالى عنها، وكيف يرضيه وقد تواتَرَ وُجُوب حق الوالدين على الأبناء؟!
وأما الدور الكفائى فإنَّ تفريط المرأة في هذا الأمر سببا من أسباب عدم الاستقرار في الوطن مما يترتب علي تركه من الأمور العظيمة ، و سببا في إثْم القادرات على سدِّ حاجة المسلمين من ناحية مجالات مهمَّة؛ مثل: الطب، والتعليم، ونحوها من المجالات المشروعة التي يحتاج إليها النساء والرجال، وبالطبع ليس أفضل من قيام المرأة بالتعامل مع امرأة مثلها في ظلِّ الضوابط الشرعية ، بل إنَّ الأمرَ في بعض الأحيان يَتَعَيَّن على المسلمات للقيام به، خصوصًا في مسائل الولادة وأمراض النِّساء . فالمسلمة مطالبة وجوبًا مع القدرة على سدِّ هذه الفجوة ؛ درءً الشر انكشاف العورات، ودرءًا لمنح أعدائنا فرصة علاجنا بما قد يكون مفسدًا لنا في ديننا أو أبداننا.وكذلك أمر التعليم؛ فإن وجود المرأة في هذا القطاع مهم ، خصوصًا في مراحل التعليم الثانوي والجامعي، لما في هذا السن منَ التغييرات التي يتعرض لها الفتيات، فيحسن قيام المرأة على تعليمهن ورعايتهن ومناقشتهن؛ بل إنه من الأهمية بمكان، خُصُوصًا في الدول التي يعمل غير المسلمين فيها في قطاع التعليم.إذن فقد رفع الإسلام من كرامة المرأة ، ومحاولة إخفاء هذا التكريم فرصة تسمح للأعداء بمدِّ جُسُور المحبَّة على حطام الولاء و البراء، وإفساد عقيدة المسلمين.كما أن الآثار المترتِّبة على تخلي المرأة عن دورها ، وعدم القيام بما عليها من حقوق - لَنَذير شؤم ؛ جزاءً وفاقًا على التفريط. ــــــــ
[1] تفسير الطبري. المؤلف:محمد بن جرير الطبري7/ 513، دار المعارف ،الإسلام وبنـاء المجتمـــع. المؤلف:د/ أحمد محمد العسال ص 179. ط سادسة سنة 1403هـ - 1983م . دار القلم : الكـــويت.
[2] المبادئ العامة لمكانة المرأة في الإسلام. بقلم الدكتور : حسين بن عبد العزيز آل الشيخ ص 3 . ط سنة 1427 هـ، حقوق وقضايا المرأة في عالمنا المعاصر. تأليف : عبد الله مرعي بن محفوظ المحامي ص 93. ط سنة 1417هـ: جدة.
[3] المرأة في القرآن . لعباس محمود العقاد ص 105. منشورات المكتبة العصرية: صيدا – بيروت، المبادئ العامة لمكانة المرأة في الإسلام . بقلم الدكتور : حسين بن عبد العزيز آل الشيخ ص 3 .
[4]مسند الإمام أحمد بن حنبل.المؤلف: أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)28/651.حديث عقبة بن عامر. رقمه : (17446). المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون.إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي.الناشر: مؤسسة الرسالة.الطبعة: الأولى1421 هـ - 2001 م. وفيه ابن لهيعة ففيه لين وبقية رجاله ثقاة.( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد.المؤلف: أبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (المتوفى: 807هـ)8/84.كتاب : الأدب. باب: لا فضل لأحد علي أحد إلا بالتقوى. رقمه: (13077).المحقق: حسام الدين القدسيي .الناشر: مكتبة القدسي، القاهرة.عام النشر: 1414 هـ، 1994 م).
[5] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح.المؤلف: علي بن (سلطان) محمد، أبي الحسن نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ)7/3078.كتاب: الآداب . باب: المفاخرة والعصبية. رقمه : (4910).الناشر: دار الفكر، بيروت – لبنان.الطبعة: الأولى 1422هـ - 2002م.
[6] جامع البيان في تأويل القرآن للطبري7/512.
[7] مسند الإمام أحمد 43/265. مسند الصديقة عائشة . رقم: (26195) . حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف.
[8] تفسير الطبري7/ 513، تفسير البغوي. المؤلف:الحسين بن مسعود البغوي2/ 159، دار طيبة، قضايا المرأة المسلمة والطريق إلي الله ص 8، حقوق وقضايا المرأة في عالمنا المعاصر ص 93، المبادئ العامة لمكانة المرأة في الإسلام ص3-4، أضواء علي نظام الأسرة في الإسلام.المؤلف:د/ سعاد إبراهيم صالح ص 27-38. ط رابعة 1416هـ-1996م. الناشر: دار الضياء : القاهرة.
[9] تفسير البغوي7/ 347 ، تفسير القرآن العظيم . المؤلف : أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي 3/ 524.المحقق : سامي بن محمد سلامة. الناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع . الطبعة : الثانية 1420هـ - 1999 م .
[10] تفسير البغوي7/ 347 ، تفسير القرآن العظيم . المؤلف : أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي 3/ 524، المحقق : سامي بن محمد سلامة. الناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع ، الطبعة : الثانية 1420هـ - 1999 م .
[11] صحيح البخاري.المؤلف:محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي1 / 14 .كتاب:الإيمان. باب:من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، رقـم : ( 13 ). دار ابن كثير. سنة النشر: 1414هـ - 1993م ، صحيح مسلم.تأليف: مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري1 / 67 – 68 . كتاب: الإيمان . باب: الدليل علي أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير. رقم ( 45 ) . دار إحياء الكتب العربية.
[12] تفسير البغوي 8/ 446-447.
[13] حقوق وقضايا المرأة في عالمنا المعاصر ص101، المبادئ العامة لمكانة المرأة في الإسلام ص 6-7-8، معلمة الإسلام .المؤلف : أنور الجندي ص 446-447-451. ط ثانية 1400هـ -1980م . المكتب الإسلامي، المرأة المسلمة وقضايا العصر .المؤلف : د/ محمد هيثم الخياط ص 6-38. ط أولي 1428هـ -2007م . سفير الدولية للنشر: القاهرة.
[14] تفسير البغوي 6/380.
[15] المبادئ العامة لمكانة المرأة في الإسلام ص 8-9، المرأة المسلمة وقضايا العصر ص42، واجبات المرأة المسلمة في ضوء القرآن والسنة. إعداد وتصنيف: الشيخ خالد عبد الرحمن العك ص267، ط ثانية سنة1420هـ - 2000م – دار المعرفة : لبنان – بيروت.
[16] روضة الطالبين وعمدة المفتين. المؤلف: أبي زكريا يحيى بن شرف النووي7/344. المكتب الإسلامي سنة النشر: 1412هـ - 1991م ، كشاف القناع . المؤلف: منصور بن يوسف البهوتي5/184 . دار الفكر. ط سنة 1402هـ- 1982م.، حقـوق وقضايا المرأة فـي عالمنا المعاصر ص107، المبادئ العامة لمكانة المرأة في الإسـلام ص 12-13.
[17] تفسير القرآن العظيم.المؤلف : أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي(700 -774 هـ ) 2/10.المحقق:سامي بن محمد سلامة. الناشر:دار طيبة للنشر والتوزيع. الطبعة:الثانية 1420هـ -1999 م .
[18] المرجع السابق 1/ 618.
[19] المرجع السابق 1/ 632.
[20] مفاتيح الغيب = التفسير الكبير.المؤلف: أبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى : 606هـ)10/11.الناشر:دار إحياء التراث العربي – بيروت.الطبعة: الثالثة 1420 هـ.
[21] المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.المؤلف: مسلم بن الحجاج أبي الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)2/1091.رقمه : ( 1468). المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي.الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
[22] سنن أبي داود.المؤلف: أبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني (المتوفى : 275هـ)2/245. كتاب : النكاح. باب: في حق المرأة علي زوجها. رقمه : (2144) .حكم الألباني : صحيح .المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد.الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروت.
[23] تفسير الراغب الأصفهاني.المؤلف: أبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى : 502هـ)3/1154.تحقيق ودراسة: د. محمد عبد العزيز بسيوني.الناشر: كلية الآداب - جامعة طنطا.الطبعة الأولى : 1420 هـ - 1999 م.
[24] غرائب التفسير وعجائب التأويل.المؤلف: محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني، ويعرف بتاج القراء (المتوفى: نحو 505هـ)2/901.دار النشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية - جدة، مؤسسة علوم القرآن – بيروت.
[25] الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله eوسننه وأيامه = صحيح البخاري.المؤلف: محمد بن إسماعيل أبي عبد الله البخاري الجعفي8/2.كتاب : الأدب . باب: من أحق الناس بحسن صحابتي.رقمه : (5971). المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر.الناشر: دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي).الطبعة: الأولى، 1422هـ.
[26] صحيح البخاري3/120 .كتاب : المساقاة . باب: ما ينهي عن إضاعة المال.رقمه : (2408).
[27] صحيح مسلم4/2027.كتاب : البر والصلة والآداب . باب: فضل الإحسان إلي البنات. رقمه : (2629).
[28] تفسير الطبري 23/491.
[29] شرح صحيح البخاري لابن بطال.المؤلف: ابن بطال أبي الحسن علي بن خلف بن عبد الملك (المتوفى : 449هـ)2/488.كتاب : الصلاة . باب: الجمعة في القرى والمدن . رقمه(893) .الطبعة: الثانية 1423هـ - 2003م. تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم.دار النشر: مكتبة الرشد - السعودية، الرياض.الطبعة: الثانية 1423هـ - 2003م.
[30] صحيح البخاري2/5.كتاب : الجمعة . باب: الجمعة في القرى والمدن .رقمه : (893).
[31] تفسير البغوي6/266.
[32] سنن الترمذي.المؤلف: محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبي عيسى (المتوفى : 279هـ)3/457.أبواب : الرضاع . باب: في حق الزوج علي المرأة . رقمه : (1160).وقال: حديث حسن غريب. تحقيق وتعليق:محمد فؤاد عبد الباقي .الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر.الطبعة: الثانية 1395 هـ - 1975 م.
[33] سنن أبي داود2/126.كتاب : الزكاة . باب: في حقوق المال . رقمه : (1664).صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه . (المستدرك على الصحيحين.المؤلف: أبي عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد ابن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابورى المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)1/567.تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا.الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت.الطبعة: الأولى 1411 – 1990م).
[34] جامع البيان في تأويل القرآن.المؤلف: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملى، أبي جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)17/ 413.المحقق: أحمد محمد شاكر.الناشر: مؤسسة الرسالة.الطبعة: الأولى 1420 هـ - 2000 م.
[35] تفسير الماوردى = النكت والعيون.المؤلف: أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى : 450هـ)1/425.المحقق: السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم.الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان.
[36] فوائد من خطبة الوداع.المؤلف: أبي الأشبال حسن الزهيري آل مندوه المنصوري المصري4/6.مصدر الكتاب: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية.
[37] مسند الإمام أحمد بن حنبل.المؤلف : أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ)31/341.مسند الكوفيين.حديث حصين بن محصن.رقمه : (19003).المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون.إشراف : د عبد الله بن عبد المحسن التركي.الناشر:مؤسسة الرسالة.الطبعة: الأولى1421 هـ - 2001 م.حديث صحيح. (المستدرك على الصحيحين2/206. كتاب : النكاح . حديث : سالم .رقمه : ( 2769).
[38] سنن الترمذي 3/457. أبواب : الرضاع . باب : ما جاء في حق الزوج علي المرأة . وقال : حديث حسن غريب.
[39] صحيح مسلم 2/1059. كتاب: الحج. باب : امتناعها من فراش زوجها. رقمه : (1436).المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي.الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.
[40] المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج.المؤلف: أبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى : 676هـ)10/7.الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت.الطبعة: الثانية 1392هـ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق