الثلاثاء، 26 فبراير 2019

فضل الصدقه..

أصبحنا في زمن يكاد الجار الغني لا يعلم عن جاره الفقير شيئا بل يكاد القريب الغني لا يعلم عن قريبه الفقير المحتاج شيئا فكيف بالله عليكم بالبعيد المسكين. حديثنا عن الصدقة , فهل فكرت أخي أن تكون من أهلها؟! وهل تفكرت يوماً في ثوابها وأثرها العجيب إن الصدقة! كنزٌ لا تصل إليه الأيدي.. وذُخرٌ لا تُخاف عليه حوادث الأيام! قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( إن استطعت أن تجعل كنزك حيث لا يأكله السوس، ولا تناله اللصوص؛ فافعل بالصدقة! ). أخي المسلم: فضل الصدقة عظيم.. وخيرها واصل لأصحابها في الدنيا والآخرة.. ولا تنسى أن ما يصلك من خير الصدقة؛ أكثر مما يصل ذلك الذي تصدقت عليه! فلا تظنن أن المسكين هو المنتفع بالصدقة وحده، فإنّ من ظنّ ذلك فهو جاهل بثواب الصدقة العظيم.. قال الشعبي : (من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته؛ فقد أبطل صدقته؛ وضرب بها وجهه! ). وكان سفيان الثوري ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه، ويقول : ( مرحباً بمن جاء يغسل ذنوبي! ). وكان الفضيل بن عيّاض يقول : ( نعم السائلون؛ يحملون أزوادنا إلى الآخرة بغير أجرة! حتى يضعوها في الميزان بين يدي الله تعالى! ). هكذا كان فهم العلماء الربانيين للصدقة؛ فإياك أن يغيب عنك هذا المعنى! واسأل نفسك: هل دار في فكرك هذا المعنى في يوم من الأيام؟! فإن الكثيرين يتصدقون، ولا يتذكرون مثل هذه المعاني.. وكان من الأحسن أن يعيشوا لحظات هذا العمل الجليل بقلوبهم؛ حتى يجدوا حلاوة العمل الصالح.. فإنّ الصدقة؛ بركة.. وتوفيق.. وخير.. وذخر.. وأصحابها هم أهل المعروف؛ وأسعدهم بها؛ هو أصدقهم نيه.. فاسأل نفسك أخي الكريم ما هو نصيبك من هذا الفضل؟! وكم فاتك منه؟! ولا يفوتنّك أن تتأمل فيما جاء في فضلها من النصوص الشرعيه ليكون ذلك حافزاً لك أن تكون من أهل الصدقة.. ومن المسارعين إليها.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: { الساعي على الأرملة والمسكين؛ كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار.. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أفضل الأعمال أن تُدخل على أخيك المؤمن سروراً، أوتقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً } أخي المسلم: إن الصدقة إذا كانت لله تعالى؛ فلا تستحقرنّ منها ش يئا .. فإن الله كريم.. يضاعف الحسنات.. فلا تنسى وأنت تتصدق أنك تتعامل مع الله تعالى.. المتفرّد بالأمر! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما تصدق أحد بصدقة من طيّب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربُو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل! كما يُربِّي أحدكم فَلُوّه أو فصيله } قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( إن رجلاً عَبَدَ الله سبعين سنة، ثم أصاب فاحشة، فأحبط عمله، ثم مر بمسكين فتصدق عليه برغيف، فغفر الله له ذنبه، ورد عليه عمل السبعين سنة! ). ويقال: إن الحسن مرّ به نخاس ومعه جارية، فقال للنخاس: ( أترضى في ثمنها الدرهم والدرهمين؟! ) قال: لا! قال: ( فاذهب فإن الله عز وجل رضى في الحور العين بالفلس واللقمة! ). فتصدّق أخي المسلم.. وثق بموعود الله تعالى.. فإنه لا يخلف الميعاد.. واعلم أنك ما من شيء تُخرجه لله تعالى؛ إلا وجدته أمامك مدّخراً.. فتصدق.. وأنفق،، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : { اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة } قال يحيى بن معاذ: ( ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا من الصدقة! ). فأيقظ همتك أخي.. واطرد الشحّ والحرص من قلبك وابذل المعروف للمحتاج؛ فإنك لا تدري متى ترحل من الدنيا؟! فهل يسرّك أن ترحل بغير زاد؟!! فإنّ قليلاً تقدّمه اليوم؛ خير لك من كثير تخلفه! فقدّم لنفسك قبل الممات.. وكثرة الحسرات! قال تعالى {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ... وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} فكم من أناس رحلوا من الدنيا بغير زاد! بعد أن تركوا الأموال.. وودّعوا النعيم! رحلوا بالحسرات.. ولزمتهم التبعات! فلا المال ليوم معادهم قدّموه.. ولا رحلوا به؛ بل لأهل الميراث تركوه!! فكأنك غداً خبرٌ من الأخبار تتناقلها الألسن . . ولا تقولن أخيّ إني إذا أنفقت افتقرت! فإن ذلك من وسواس الشيطان، . فإن الصدقة؛ خير وبركة؛ فإنك كلما أخرجت شيئاً لله تعالى، عوّضك الله خيراً منه، مع ما ادّخره لك من الحسنات والثواب العظيم.. واستمع إلى وصية النبي صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه.. فقد وصّاه بقوله: { أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { ما من يوم يُصبح العباد فيه؛ إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعْط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعْط ممسكاً تلفاً } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ما نقصت صدقة من مال.. } ولتعلم أخي؛ أنك لكي تكون من المتصدقين؛ لا يشترط أن تكون كثير المال؛ بل إن كل ما جادت به يداك فهو صدقة، وإن لقمة واحدة تطعمها لجائع.. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن خير الصدقة صدقة رجل قليل المال! عن أبي هريرة أنه قال: ( يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ ) قال: { جُهدُ المُقلّ، وابدأ بمن تَعُول } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { سبق درهم مائة ألف! } قالوا: يا رسول الله وكيف؟! قال: { رجل له درهمان؛ فأخذ أحدهما فتصدّق به، ورجلٌ له مالٌ كثير، فأخذ من عُرْض ماله مائة ألف، فتصدق بها } وعن أم بُجيد رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئاً أُعطيه إياه. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن لم تجدي إلا ظِلْفاً محرّفاً، فادفعيه إليه في يده } فتصدّق أخي المسلم ولو بأقل القليل.. وارج ثواب الله تعالى.. فإن القليل إذا أخرجته بنية صادقة؛ فهو خير من كثير يخرجه صاحبه بنية ضعيفة.. فكم من جائع اللقمة عنده أفضل مما الدنيا وما فيها وكم من عار الثوب عنده أفضل من كل شئ.. وإن من أبواب الخير العظيمة؛ أن يكون لك دين على أخيك؛ فتمهله حتى يتيسر له قضاؤه، أو تضع عنه بعضه، أو تتصدق عليه بجميعه.. فإن الكثيرين ينسون هذا الباب من الخير؛ فيفرّطوا في ثواب كثير! قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من سرّه أن يُظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ فليُيسر عن مُعسر، أو ليضع عنه } فإن ذلك من أسباب دخول الجنة.. فلا يفوتنّك هذا الخير العظيم! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً، فتجاوز عنه، لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه } فحاسب نفسك أيها العاقل: أين أنت من ثواب الصدقة! ذلك الذُخر العظيم.. والثواب الكبير! ثم لا بد أن تعلم أن فضائل الصدقة كثيرة وعظيمة.. وهي ثمار يجنيها المتصدقون! فإليك فضائل وفوائد الصدقة؛ حتى تقف على شرفها.. أولاً: أنها تطفىء غضب الله سبحانه وتعالى وتدفع المكروه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السِّر تُطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر } قال ابن أبي الجعد: ( إن الصدقة لتدفع سبعين باباً من السوء! ). ثانياً: أنها تمحو الخطيئة، وتذهب نارها كما في قوله صلى الله عليه وسلم : { والصدقة تطفىء الخطيئة كما تطفىء الماء النار } ثالثاً: أنها وقاية من النار كما في قوله صلى الله عليه وسلم : { فاتقوا النار، ولو بشق تمرة }. رابعاً: أن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما في حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله يقول: { كل امرىء في ظل صدقته، حتى يُقضى بين الناس }. قال يزيد: ( فكان أبو مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة )، قد ذكر النبي أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: { رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه } [في الصحيحين]. خامساً: أن في الصدقة دواء للأمراض البدنية كما في قوله صلى الله عليه وسلم: { داووا مرضاكم بالصدقة }سادساً: إن فيها دواء للأمراض القلبية كما في قوله صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه قسوة قلبه: { إذا إردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم } سابعاً: أن الله يدفع بالصدقة أنواعاً من البلاء كما في وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل: ( وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم. . . فالصدقة لها تأثير عجيب في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجرٍ أو ظالمٍ بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض مقرون به لأنهم قد جربوه. ثامناً: أن العبد إنما يح صل حقيقة البر بالصدقة كما جاء في قوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} تاسعاً: أن المنفق يدعو له الملك كل يوم بخلاف الممسك وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : { ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً } [في الصحيحين]. عاشراً: أن صاحب الصدقة يبارك له في ماله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: { ما نقصت صدقة من مال }


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق