نتائج اقتران الإيمان بالاستقامة ؟
قال الله عز وجل : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97 .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى :
" هَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا وَهُوَ الْعَمَلُ المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنْ بَنِي آدَمَ وَقَلْبُهُ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
بِأَنْ يُحْيِيَهُ اللَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً فِي الدُّنْيَا، وَأَنْ يَجْزِيَهُ بِأَحْسَنِ مَا عَمِلَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ . وَالْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ تَشْمَلُ وُجُوهَ الرَّاحَةِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ فَسَّرُوهَا بِالرِّزْقِ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ فَسَّرَهَا بِالْقَنَاعَةِ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عباس : أنها هي السَّعَادَةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ : هِيَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ وَالْعِبَادَةُ فِي الدُّنْيَا، وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَيْضً ا: هِيَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ وَالِانْشِرَاحُ بِهَا
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ تَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ "
انتهى من تفسير ابن كثير (4/ 516).
وقال تعالى : ( وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ )غافر/ 40
وقال تعالى : ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ) الإسراء/ 19
وقال جل وعلا : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ) طه/ 112 .
فدلت هذه الآيات الكريمة على أن العبد إذا آمن بالله تعالى ، وأخلص العمل لربه ، فلم يشرك بعبادته أحدا ، واستقام على شرع الله ، ولم يخرج عن ذلك : أن له سعادة الدارين
وفلاح الأولى والآخرة ، ومن أعظم ما يناله من نعيم الدنيا : أن يرزقه طمأنينة النفس وانشراح الصدر
وصلاح البال ، والإقبال على طاعة الله بإيمان وإيقان ، بلا تشويش
بل يمن عليه بصلاح قلبه ، وصلاح قوله ، وصلاح عمله ، ويكفيه الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .
فإذا مات على ذلك : أنجاه من فتنة القبر ، فإذا بعثه هوَّن عليه الحساب ، ووفَّى له أجره مضاعفا
وبدل سيئاته حسنات ، ثم يدخله الجنة برحمته ، فيسعد فيها فلا يشقى أبدا ، ويحيا فيها فلا يموت أبدا ، ويجد فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت/30-32 .
والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق