بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
«صلاة الفاتح لِمَا أُغلق»
السؤال:
ما حكم «صلاة الفاتح» ....؟
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمِنَ المؤاخذات التي تُلاحَظ على وِرْدِ «صلاة الفاتح لِمَا أُغلق»(١) .. ما جاء في «جواهر المعاني» الذي قام بجمعه عليُّ بن حَرَازِم:
«إنَّ المرَّة الواحدة من صلاة الفاتح تَعْدِلُ كلَّ تسبيحٍ وقع في الكون، وكلَّ ذِكْرٍ، وكلَّ دعاءٍ كبيرٍ أو صغيرٍ، وتعدلُ تلاوةَ القرآن
ستَّةَ آلاف مرَّةٍ».
ولا يخفى ضلالُ هذا القول بجعل «صلاة الفاتح» أفضل من ذكرٍ واحدٍ مأثورٍ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم
فضلاً عن سائر الأذكار التي وقعت في الكون، بل تفوق تلاوةَ القرآن أجرًا ومثوبةً
وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال:
«أَفْضَلُ مَا قُلْتُهُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدْيرٌ»(٢).
ومن هذه الاعتقادات الفاسدة قولهم: «مَنْ لم يعتقدْ -أي: صلاةَ الفاتح- من القرآن لم يُصِبِ الثوابَ فيها»، وقال في
«الدُّرَّة الخَرِيدة، شرح الياقوتة الفريدة» للسُّوسي: «إنَّ هذه الصلاة هي من كلام الله تعالى بمنزلة الأحاديث القُدُسية»
«وأنَّ مَن قرأها كُفِّرت به ذُنوبُه، وَوُزِنَتْ له ستَّةُ آلافٍ من كلِّ تسبيحٍ ودعاءٍ وذِكْرٍ وَقَعَ في الكون»، «وأنَّ من تلا الفاتحَ عشرَ مرَّاتٍ
كان أكثرَ ثوابًا من العارف الذي لم يذكرها، ولو عاش ألفَ ألفِ سنةٍ».
وجاء في «جواهر المعاني» -أيضًا-: «إنَّ هذا الوِرْدَ ادَّخره لي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولم يعلِّمه لأحدٍ من أصحابه
… لِعِلْمِهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بتأخير وقته، وعدمِ وجود من يُظهره اللهُ على يديه»، وقد نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم
أحمدَ التيجاني عن التوجُّه بالأسماء الحسنى، وأمره بالتوجُّه ﺑ«صلاة الفاتح لِمَا أُغلق».
ولا يغيب عن كلِّ ذي عقلٍ ما فيه من اتِّهام النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بكتمان العلم وخيانته للأمانة، وهو محالٌ على الأنبياء
والرسل،
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة: ٦٧]
ثمَّ إنَّ أَمْرَهُ له بعدم التوجُّه إلى الله تعالى بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلْيَا مخالفٌ لصريح قوله تعالى:
﴿وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠].
فهذا غَيْضٌ من فَيْضٍ مِنْ معتقَد في «صلاة الفاتح لِمَا أُغلق» فضلاً عن الأفكار البدعية والمعتقدات الشركية التي تعتقد:
كإيمانهم بوحدة الوجود، وإيمانهم بالفَناء الذي يُطلقون عليه اسم «وحدة الشهود»، وتقسيم الغيب إلى: غيبٍ مُطْلَقٍ استأثر الله
بعلمه، وغيبٍ مُقيَّدٍ وهو ما غاب عن بعض المخلوقين وعَلِمَه أربابُ الأحوال من مشايخ المكاشفات بإظهار المضمَرات والإخبار
بالمغيَّبات والعلم بعواقب الحاجات وما يترتَّب عليها من المصالح والآفات وغير ذلك من الأمور الواقعات…
فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
(١) صيغة «صلاة الفاتح لِمَا أُغلق» التي يدَّعي أحمد التيجاني أنه تعلَّمها من النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في لقاءٍ مباشرٍ في اليقظة حسيٍّ ومادِّيٍّ ما يلي: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الفَاتِحِ لِمَا أُغْلِقَ، وَالخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، نَاصِرِ الحَقِّ بِالحَقِّ، الهَادِي إِلَى صِرَاطِكَ المُسْتَقِيمِ، وَعَلَى آلِهِ حَقَّ قَدْرِهِ وَمِقْدَارِهِ العَظِيمِ».
(٢) أخرجه الطبراني في: «فضل عشر ذي الحجَّة» (١٣/ ٢) كما في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٦)، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي في «الأربعين» كما في «كنز العمَّال» للمتَّقي الهندي (١/ ٨٣٦)، من حديث عليٍّ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» برقم (١٥٠٣).
بتصرف من الوقع الرسمي
للشيخ محمد علي فركوس الجزائري
حفظه الله
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
«صلاة الفاتح لِمَا أُغلق»
السؤال:
ما حكم «صلاة الفاتح» ....؟
وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمِنَ المؤاخذات التي تُلاحَظ على وِرْدِ «صلاة الفاتح لِمَا أُغلق»(١) .. ما جاء في «جواهر المعاني» الذي قام بجمعه عليُّ بن حَرَازِم:
«إنَّ المرَّة الواحدة من صلاة الفاتح تَعْدِلُ كلَّ تسبيحٍ وقع في الكون، وكلَّ ذِكْرٍ، وكلَّ دعاءٍ كبيرٍ أو صغيرٍ، وتعدلُ تلاوةَ القرآن
ستَّةَ آلاف مرَّةٍ».
ولا يخفى ضلالُ هذا القول بجعل «صلاة الفاتح» أفضل من ذكرٍ واحدٍ مأثورٍ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم
فضلاً عن سائر الأذكار التي وقعت في الكون، بل تفوق تلاوةَ القرآن أجرًا ومثوبةً
وقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال:
«أَفْضَلُ مَا قُلْتُهُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدْيرٌ»(٢).
ومن هذه الاعتقادات الفاسدة قولهم: «مَنْ لم يعتقدْ -أي: صلاةَ الفاتح- من القرآن لم يُصِبِ الثوابَ فيها»، وقال في
«الدُّرَّة الخَرِيدة، شرح الياقوتة الفريدة» للسُّوسي: «إنَّ هذه الصلاة هي من كلام الله تعالى بمنزلة الأحاديث القُدُسية»
«وأنَّ مَن قرأها كُفِّرت به ذُنوبُه، وَوُزِنَتْ له ستَّةُ آلافٍ من كلِّ تسبيحٍ ودعاءٍ وذِكْرٍ وَقَعَ في الكون»، «وأنَّ من تلا الفاتحَ عشرَ مرَّاتٍ
كان أكثرَ ثوابًا من العارف الذي لم يذكرها، ولو عاش ألفَ ألفِ سنةٍ».
وجاء في «جواهر المعاني» -أيضًا-: «إنَّ هذا الوِرْدَ ادَّخره لي رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولم يعلِّمه لأحدٍ من أصحابه
… لِعِلْمِهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بتأخير وقته، وعدمِ وجود من يُظهره اللهُ على يديه»، وقد نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم
أحمدَ التيجاني عن التوجُّه بالأسماء الحسنى، وأمره بالتوجُّه ﺑ«صلاة الفاتح لِمَا أُغلق».
ولا يغيب عن كلِّ ذي عقلٍ ما فيه من اتِّهام النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بكتمان العلم وخيانته للأمانة، وهو محالٌ على الأنبياء
والرسل،
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة: ٦٧]
ثمَّ إنَّ أَمْرَهُ له بعدم التوجُّه إلى الله تعالى بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلْيَا مخالفٌ لصريح قوله تعالى:
﴿وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠].
فهذا غَيْضٌ من فَيْضٍ مِنْ معتقَد في «صلاة الفاتح لِمَا أُغلق» فضلاً عن الأفكار البدعية والمعتقدات الشركية التي تعتقد:
كإيمانهم بوحدة الوجود، وإيمانهم بالفَناء الذي يُطلقون عليه اسم «وحدة الشهود»، وتقسيم الغيب إلى: غيبٍ مُطْلَقٍ استأثر الله
بعلمه، وغيبٍ مُقيَّدٍ وهو ما غاب عن بعض المخلوقين وعَلِمَه أربابُ الأحوال من مشايخ المكاشفات بإظهار المضمَرات والإخبار
بالمغيَّبات والعلم بعواقب الحاجات وما يترتَّب عليها من المصالح والآفات وغير ذلك من الأمور الواقعات…
فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٠ فبراير ٢٠٠٧م
الموافق ﻟ: ٢٠ فبراير ٢٠٠٧م
(٢) أخرجه الطبراني في: «فضل عشر ذي الحجَّة» (١٣/ ٢) كما في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٦)، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي في «الأربعين» كما في «كنز العمَّال» للمتَّقي الهندي (١/ ٨٣٦)، من حديث عليٍّ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» برقم (١٥٠٣).
بتصرف من الوقع الرسمي
للشيخ محمد علي فركوس الجزائري
حفظه الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق