الاثنين، 26 فبراير 2018

كلام بديع للإمام ابن القيم في الفوائد نفيس المقام يقتضي التذكير به :"فائدة التوكل على الله نوعان:

بسم الله الرحمن الرحيم

هنا كلام بديع للإمام ابن القيم في الفوائد نفيس المقام يقتضي التذكير به يقول رحمه الله في كتابه هذا الفوائد قال:


"فائدة التوكل على الله نوعان:

توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية" أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية -فأنت تتوكل على الله في هذا–.

قال: "والثاني التوكل عليه في حصول ما يحبه هو ويرضاه - أي الله جل وعلا - من الإيمان واليقين والجهاد والدعوة إليه".

قال: "وبين النوعين من الفضل ما لا يحصيه إلا الله فمتى توكل عليه العبد في النوع الثاني حق توكله كفاه النوع الأول تمام الكفاية.

ومتى توكل عليه في النوع الأول دون الثاني كفاه أيضًا لكن لا يكون له عاقبة المتوكل فيما يحبه ويرضاه فأعظم التوكل عليه التوكل في الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاد أهل الباطل.

فقال: فهذا توكل الرسل وخاصة أتباعهم، يقول: والتوكل تارة يكون توكل اضطرارٍ وإلجاء, بحيث لا يجد العبد ملجأً ولا وزرًا إلا التوكل يعني يأرز إليه كما إذا ضاقت عليه الأسباب وضاقت عليه نفسه وظن ألا ملجأ من الله إلا إليه, وهذا لا يتخلف عنه الفرج؛ لأنه توكل على الله ولم يلتفت إلى غيره فالله لن يخذله، قال: وهذا لا يتخلف عنه الفرج والتيسير البتة, وتارة يكون توكل اختيار أي دون التجاء واضطرار وذلك التوكل مع وجود السبب المفضي إلى المراد فإن كان السبب مأمورًا به ذم على تركه وإن قام بالسبب وترك التوكل ذم على تركه أيضًا فإنه واجب أي التوكل على الله جل وعلا مع فعل السبب فإنه واجب باتفاق الأمة ونص القرآن والواجب القيام بهما والجمع بينهما وإن كان السبب محرمًا حرم عليه مباشرته وتوحد السبب في حقه في التوكل فلم يبقَ سبب سواه فإن التوكل من أقوى الأسباب في حصول المراد ودفع المكروه, بل من أقوى الأسباب على الإطلاق.

وإن كان السبب مباحًا نظرت هل يضعف قيامك به بالتوكل أو لا يضعفه فإن أضعفه وفرق عليك قلبك وشتت همك فتركه أولى وإن لم يضعف فمباشرته أولى لأن حكمة أحكم الحاكمين اقتضت ربط المسبب به فلا تعطل حكمته مهما أمكنك القيام بها ولاسيما إذا فعلته عبوديةً فتكونُ قد أتيت بعبودية القلب بالتوكل وعبودية الجوارح بالسبب المنْوِيّ به القُربى والذي يُحقق التوكل القيام بالأسباب المأمور بها، فمن عطّلها لم يصح توكله كما أن القيام بالأسباب المفضية إلى حصول الخير يحقق رجاءه فمن لم يقم بها كان رجاؤه تمنيًا كما أن من عطّلها كان توكله عجزًا وعجزُه توكلًا".


من درس الشيخ:
عبد الله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله.
الوسوم: الفوائد
© موقع ميراث الأنبياء 2017 جميع الحقوق محفوظة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق