الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا يجوز لأحد أن يتكلّم في تفسير القرآن إلاَّ بِعِلْم ؛ لأن الْمُتكلِّم في تفسير القرآن يَكشِف عن مُراد الله .
ولذا كان السلف يُشدِّدون في تفسير القرآن .
قال الإمام مالك بن أنس : لا أُوتي بِرَجُلٍ غير عالم بِلُغَاتِ العَرَب يُفَسِّر كِتاب الله إلاَّ جَعَلْتُه نَكَالاً .
ولَمَّا كَان القُرْآن الكَرِيم نَزَل بِلُغَة العَرَب ، (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) ، كَان مِن شُرَوط الْمُفَسِّر أن يَكُون على دِرَاية باللغَة العَرَبية .
روى عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري عن ابن عباس قولَه : تَفْسِير القُرآن على أرْبَعَة وُجُوه :
تَفْسِيرٌ تَعْلَمه العُلَمَاء ، وتَفْسِيرٌ تَعْرِفُه العَرَب ، وتَفْسِيرٌ لا يُعْذَر أحَد بِجَهَالَته - يَقول : مِن الْحَلال والْحَرَام - وتَفْسِيرٌ لا يَعْلَم تَأويلَه إلاَّ الله ، مَن ادّعَى عِلْمه فهو كَاذِب .
قال الزركشي : وهذا تَقسْيِم صَحِيح . فأمَّا الذي تَعْرِفُه العَرَب فهو الذي يُرْجَع فيه إلى لِسَانِهم ، وذلك شَأن اللغَة والإعْرَاب .
فأمَّا اللغَة فَعَلَى الْمُفَسِّر مَعْرِفَة مَعَانِيها ومُسَمَّيَات أسْمَائها " . اهـ .
إلاَّ أنَّ القَول بِتَفْسِير القُرآن بِلغُة العَرَب لا بُدَّ له مِن قَيد ، وهو أنْ يَجْرِي على أصُول الْمُفُسِّرِين ، وأن لا يَكون نَتِيجَة مُسَارَعَة في تَفْسِير القُرآن بِظَاهِر العَرَبِيَّة .
" فَمَن لَم يُحْكِم ظَاهِر التَّفْسِير وبَادَر إلى اسْتِنْبَاط الْمَعَاني بِمُجَرَّد فَهْم العَرَبية كَثُر غَلَطُه ، ودَخَل في زُمرَة مَن فَسَّر القُرآن بالرَّأي ، والنَّقْل والسَّمَاع لا بُدّ لَه مِنه في ظَاهِر التَّفْسِير أوَّلاً لِيَتّقِي به مَواضِع الغَلَط ، ثم بعد ذلك يَتَّسِع الفَهْم والاسْتِنْبَاط " . قاله القرطبي .
وعلى هذا يُحْمَل مَا جَاء عن السَّلَف مِن كَرَاهة تَفْسِير القُرْآن بْمُقْتَضَى اللغَة وحدها .
وقد وضع العلماء شُروطا للمفسِّر .
قال الزركشي في البرهان : للناظر في القرآن لِطلب التفسير مآخذ كثيرة ، أمهاتها أربعة :
الأول : النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطراز الأول لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع فإنه كثير ..
الثاني : الأخذ بقول الصحابي ، فإن تفسيره عندهم بِمَنْزِلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ...
الثالث : الأخذ بمطلق اللغة ، فإن القرآن نزل بلسان عربي مبين ...
الرابع : التفسير بالمقتضى من معنى الكلام والمقتضب من قوة الشرع ...
ومن ذلك :
صِحّة اعتقاد المفسِّر ؛ لأن للعقيدة تأثيرا على التفسير .
وأن يعرِف الناسخ والمنسوخ ، والخاص والعام ، وغيرها من أفانين القرآن ، التي تُعين المفسِّر على تفسير القرآن تفسيرا صحيحا من غير أن يخرج عن دلالة القرآن .
قال الإمام الشاطبي : فإن القرآن والسنة لما كانا عربيين لم يكن لينظر فيهما إلاَّ عربي ، كما أن من لم يعرف مقاصدهما لم يَحِلّ له أن يتكلم فيهما ، إذ لا يصح له نَظر حتى يكون عالِمًا بهما ، فإنه إذا كان كذلك لم يختلف عليه شيء مِن الشريعة . اهـ .
وقد ذكر السيوطي في " الإتقان " شروط المفسِّر وآدابه .
وفيها رسائل علمية .
*************************************
قال تعالى : (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) .
وأن لا نبني أحكامنا على أحكام وتَصَوّرات مُسْبَقَة !
وسبق :
مَن هو المخَوّل والذي يَحِقّ له تفسير القرآن الكريم ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=73809
وبالله تعالى التوفيق .
الشيخ
عبد الرحمن السحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا يجوز لأحد أن يتكلّم في تفسير القرآن إلاَّ بِعِلْم ؛ لأن الْمُتكلِّم في تفسير القرآن يَكشِف عن مُراد الله .
ولذا كان السلف يُشدِّدون في تفسير القرآن .
قال الإمام مالك بن أنس : لا أُوتي بِرَجُلٍ غير عالم بِلُغَاتِ العَرَب يُفَسِّر كِتاب الله إلاَّ جَعَلْتُه نَكَالاً .
ولَمَّا كَان القُرْآن الكَرِيم نَزَل بِلُغَة العَرَب ، (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) ، كَان مِن شُرَوط الْمُفَسِّر أن يَكُون على دِرَاية باللغَة العَرَبية .
روى عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري عن ابن عباس قولَه : تَفْسِير القُرآن على أرْبَعَة وُجُوه :
تَفْسِيرٌ تَعْلَمه العُلَمَاء ، وتَفْسِيرٌ تَعْرِفُه العَرَب ، وتَفْسِيرٌ لا يُعْذَر أحَد بِجَهَالَته - يَقول : مِن الْحَلال والْحَرَام - وتَفْسِيرٌ لا يَعْلَم تَأويلَه إلاَّ الله ، مَن ادّعَى عِلْمه فهو كَاذِب .
قال الزركشي : وهذا تَقسْيِم صَحِيح . فأمَّا الذي تَعْرِفُه العَرَب فهو الذي يُرْجَع فيه إلى لِسَانِهم ، وذلك شَأن اللغَة والإعْرَاب .
فأمَّا اللغَة فَعَلَى الْمُفَسِّر مَعْرِفَة مَعَانِيها ومُسَمَّيَات أسْمَائها " . اهـ .
إلاَّ أنَّ القَول بِتَفْسِير القُرآن بِلغُة العَرَب لا بُدَّ له مِن قَيد ، وهو أنْ يَجْرِي على أصُول الْمُفُسِّرِين ، وأن لا يَكون نَتِيجَة مُسَارَعَة في تَفْسِير القُرآن بِظَاهِر العَرَبِيَّة .
" فَمَن لَم يُحْكِم ظَاهِر التَّفْسِير وبَادَر إلى اسْتِنْبَاط الْمَعَاني بِمُجَرَّد فَهْم العَرَبية كَثُر غَلَطُه ، ودَخَل في زُمرَة مَن فَسَّر القُرآن بالرَّأي ، والنَّقْل والسَّمَاع لا بُدّ لَه مِنه في ظَاهِر التَّفْسِير أوَّلاً لِيَتّقِي به مَواضِع الغَلَط ، ثم بعد ذلك يَتَّسِع الفَهْم والاسْتِنْبَاط " . قاله القرطبي .
وعلى هذا يُحْمَل مَا جَاء عن السَّلَف مِن كَرَاهة تَفْسِير القُرْآن بْمُقْتَضَى اللغَة وحدها .
وقد وضع العلماء شُروطا للمفسِّر .
قال الزركشي في البرهان : للناظر في القرآن لِطلب التفسير مآخذ كثيرة ، أمهاتها أربعة :
الأول : النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطراز الأول لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع فإنه كثير ..
الثاني : الأخذ بقول الصحابي ، فإن تفسيره عندهم بِمَنْزِلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ...
الثالث : الأخذ بمطلق اللغة ، فإن القرآن نزل بلسان عربي مبين ...
الرابع : التفسير بالمقتضى من معنى الكلام والمقتضب من قوة الشرع ...
ومن ذلك :
صِحّة اعتقاد المفسِّر ؛ لأن للعقيدة تأثيرا على التفسير .
وأن يعرِف الناسخ والمنسوخ ، والخاص والعام ، وغيرها من أفانين القرآن ، التي تُعين المفسِّر على تفسير القرآن تفسيرا صحيحا من غير أن يخرج عن دلالة القرآن .
قال الإمام الشاطبي : فإن القرآن والسنة لما كانا عربيين لم يكن لينظر فيهما إلاَّ عربي ، كما أن من لم يعرف مقاصدهما لم يَحِلّ له أن يتكلم فيهما ، إذ لا يصح له نَظر حتى يكون عالِمًا بهما ، فإنه إذا كان كذلك لم يختلف عليه شيء مِن الشريعة . اهـ .
وقد ذكر السيوطي في " الإتقان " شروط المفسِّر وآدابه .
وفيها رسائل علمية .
*************************************
قال تعالى : (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) .
وأن لا نبني أحكامنا على أحكام وتَصَوّرات مُسْبَقَة !
وسبق :
مَن هو المخَوّل والذي يَحِقّ له تفسير القرآن الكريم ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=73809
وبالله تعالى التوفيق .
الشيخ
عبد الرحمن السحيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق