السبت، 25 مارس 2017

ثقافة التلبيس **مصـطـلـح الـتـسـامـح**



ثقافة التلبيس /////مصـطـلـح الـتـسـامـح//////

سليمان بن صالح الخراشي

يقول :

كثر الحديث من بعض الإعلاميين بعد أحداث العنف التي مرت بها بلادنا عن " التسامح " ، مطالبين بنشر ثقافته بين الناس بدلا عما يسمونه " ثقافة العنف والكراهية " !

والتسامح كلمة قريبة من نفوس المسلمين ، محببة إليهم ؛ لما تحمله من معانٍ سامية جاءت نصوص شرعية كثيرة بالثناء على أهلها ؛ كحديث " رحم الله عبدا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشترى سمحًا إذا تقاضى " وحديث " اسمح يُسمح لك " وحديث " دخل رجل الجنة بسماحته " .. إلى غيرها من الأحاديث الصحيحة . ( انظر : صحيح الترغيب والترهيب للألباني ، 2/326 ومابعدها ) .

ولكن : قد عودنا علماء الإسلام النابهين عند الحكم على مصطلح حمال أوجه ؛ كمصطلح " التسامح " أن نستفصل من مطلقه عما يريد به ؟ فإن أراد حقًا أيدناه ، وإن أراد باطلا رددناه عليه وبينا مغالطته وتلاعبه بالألفاظ . لا سيما إذا كان مروج هذا المصطلح من غير المأمونين على دين المسلمين وأخلاقهم ! ومن متابعي دعوات الغرب وأفكارهم .
*****************************

ومصطلح " التسامح " هذا قد كان له وهج عند الغربيين في فترة من تاريخهم القريب الحافل بالصراعات الدينية بين طائفتي " الكاثوليك و البروتستانت " على وجه الخصوص .

ثم جاءت الدعوة إلى التسامح من بعض مفكريهم لإنقاذ المجتمع الغربي من هذا الصراع الذي راح ضحيته ألوف من الفريقين .

ويعنون بالتسامح الذي دعوا إليه : نشر العلمانية اللادينية، وتقبل ما يسمونه التعددية مهما كانت ، وأن يُجعل الدين مجرد علاقة بين المرء وربه ، لادخل لها بشئون الحياة .

وقد أجاد الدكتور عبدالرحمن بدوي في مقدمته الحافلة لرسالة " جون لوك " عن التسامح في تتبع نشأة هذه الفكرة بين المفكرين الغربيين ، وأسبابها ، وملخصها . ( فليرجع إليها من يريد التوسع ص 7-61) .

فإن كان للنصارى عذر في الدعوة إلى هذه الفكرة العلمانية التي تخلصهم من تسلط رجال الدين " المحرف " وطغيانهم ، فما عذر بعض أبناء المسلمين من الكتاب والكاتبات عندما يتهافتون لترويج هذه الفكرة العَلمانية التي تعارض أحكام الإسلام خاتم الأديان الذي تكفل الله بحفظه ، وجعله صالحًا مصلحًا لأتباعه إلى يوم الدين ؟!
أقوال أهل الإسلام في مصطلح " التسامح " :


قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:"التسامح موجود في الدين الإسلامي، قال تعالى: ( ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيئ فاتباع بالمعروف وآداء إليه بإحسان ) ، (وأن تعفوا أقرب للتقوى ) الآية.

ليس التسامح خاصاً بما يُنشر عن دين المسيح عيسى ابن مريم، بل التسامح في الإسلام، لكن تسامح الإسلام تسامحٌ في حزم؛ أي أنه يُشرع التسامح في الموضع الذي يكون فيه التسامح خيراً.

أحياناً لا يكون التسامح خيراً، ولهذا قيد الله عز وجل العفو بالإصلاح فقال: ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) ؛ لأن العفو أحياناً لا يكون حميداً ، أحياناً يكون العفو سبباً لتسلط الأشخاص واستمرارهم في شرورهم، وإذا أُخذوا بالحزم وعوقبوا بما تقتضيه جرائمهم من العقوبة، كان في هذا خير كثير وكف أذى، ولهذا يجب ألا نحكم العاطفة في العفو عن الجناة في كل حال، بل يجب أن يكون لدينا رأفة ورحمة ، وأن يكون لدينا حزم وعزيمة وقوة.

ألم تسمعوا قول الله ـ عز وجل ـ : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ) فنهى الله تعالى عن الرأفة للزاني والزانية، مع أن الرأفة مطلوبة، ومن أسماء الله الرؤوف لكن الرأفة لها محل، والحزم والأخذ بالعقوبة له محل آخر). (اللقاء الشهري (11/7 ـ 8).

وقال الشيـخ محـمد بن إسمـاعيل معلقـاً علـى هذه الكلمة: "اعلم ـ أخي المسلم ـ أن بعض الناس يخلطون بين لفظة (التعصب) ولفظة (التسامح) خلطاً معيباً يؤدي إلى خلل في دينهم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فإذا سمعك أحدهم مثلاً تقول: "لا يجوز الترحم على اليهودي أو النصراني، لأنه لا يدخل الجنة"، اعتبر هذا تشدداً وتعصباً، وتشدق بأن رحمة الله واسعة، وَعدّ نفسه متمسكاً بسماحة الإسلام !!
****
يتبع باذن الله


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق