الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

فضائل معاوية رضي الله عنه خصوصاً من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام

وى الترمذي في فضائل معاوية أنه لما تولى أمر الناس كانت نفوسهم لا تزال مشتعلة عليه ، فقالوا كيف يتولى معاوية و في الناس من هو خير مثل الحسن و الحسين . قال عمير و هو أحد الصحابة : لا تذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اجعله هادياً مهدياً و اهد به . رواه الإمام أحمد في المسند (4/216) و صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/236) وقال في الصحيحة ( 4 / 615 ) بعد أن ذكر طرقه : رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، فكان حقه أن يصحح .. وقال : وبالجملة فالحديث صحيح وهذه الطرق تزيده قوة على قوة ، و زاد الإمام الآجري في كتابه الشريعة (5/2436-2437) لفظة : ( ولا تعذبه ) .

وقد اعتبر ابن حجر الهيتمي هذا الحديث من غرر فضل معاوية وأظهرها ، ثم قال : ومن جمع الله له بين هاتين المرتبتين كيف يتخيل فيه ما تقوّله المبطلون ووصمه به المعاندون . تطهير اللسان ( ص 14 ) .

و أخرج الإمام أحمد ، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان ، قال : ( هلموا إلى الغداء المبارك ) ، ثم سمعته يقول : ( اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب ) . فضائل الصحابة (2/913) إسناده حسن لغيره .

وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب ، فجاء فحطأني حطأة وقال : اذهب وادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت هو يأكل ، قال : ثم قال لي : اذهب فادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال : لا اشبع الله بطنه .

قال الحافظ الذهبي في التذكرة (2/699) : لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة و رحمة .

وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (16/156) : قد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه ، فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاءً له .

قلت : وهذا الحديث أخرجه مسلم تحت الأحاديث التي تندرج تحت باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه ، وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاة وأجراً و رحمة .

وقد كان لمعاوية رضي الله عنه شرف قيادة أول حملة بحرية ، وهي التي شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملوك على الأسرة ..

أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان قالت : نام النبي صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ، ثم استيقظ يبتسم ، فقلت : ما اضحكك ؟ قال : ( أناس من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة ) ، قالت : فادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها ، ثم نام الثانية ، ففعل مثلها ، فقالت قولها ، فأجابها مثلها ، فقالت : ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال : ( أنت من الأولين ) ، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين ، فنزلوا الشام ، فَقُرِّبت إليها دابة لتركبها ، فصرعتها فماتت . البخاري مع الفتح ( 6 / 22 ) .

قال ابن حجر معلقاً على رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوله : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة .. ) يشعر بأن ضحكه كان إعجاباً بهم ، وفرحاً لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة .

وأخرج البخاري أيضاً من طريق أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ) ، قالت أم حرام : قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : ( أنت فيهم ) . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أول جيش من أمتي يغزن مدينة قيصر – أي القسطنطينية – مغفور لهم ) ، فقلت : أنا فيهم يارسول الله ؟ قال : ( لا ) . البخاري مع الفتح ( 6 / 22 ) . ومسلم ( 13 / 57 ) .

ومعنى أوجبوا : أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة . قاله ابن حجر في الفتح ( 6 / 121 ) .

قال المهلب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي ( ت 435هـ ) معلقاً على هذا الحديث : في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر . انظر الفتح ( 6 / 120 ) .

ومن المتفق عليه بين المؤرخين أن غزو البحر وفتح جزيرة قبرص كان في سنة ( 27هـ ) في إمارة معاوية رضي الله عنه على الشام ، أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه . انظر تاريخ الطبري ( 4 / 258 ) و تاريخ الإسلام للذهبي عهد الخلفاء الراشدين ( ص 317 ) .

ومن فضائله : ما قاله الخلال : أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لأحمد بن حنبل : أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي ) ؟ قال : بلى ، قلت : وهذه لمعاوية ؟ قال : نعم ، له صهر ونسب ، قال : وسمعت ابن حنبل يقول : مالهم ولمعاوية ، نسأل الله العافية . السنة للخلال برقم ( 654 ) وإسناد الحديث حسن .

وقد عد ابن حجر الهيتمي ذلك من أبرز فضائله فقال في تطهير الجنان ( ص 17 – 18 ) : ومنه فوزه بمصاهرته صلى الله عليه وسلم ، فإن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها أخته .. فلعلك تنكف أو تكف غيرك عن الخوض في عرض أحد ممن اصطفاهم الله لمصاهرة رسوله .

كما وأن اتفاق كل من عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما وهما من هما في الفضل والصحبة ولهما المكان الأعلى والأمثل من الورع والدين والتقى وسداد الرأي وحسن الفكر وتمام النظر ، على تأمير معاوية رضي الله عنه على الشام ، لهو أكبر دليل على فضل معاوية و استحقاقه لهذه المنزلة .. فأي فضل بعد هذا ؟‍‍!!

وأما عن ثناء الصحابة رضوان الله عليهم على معاوية رضي الله عنه ..

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تذكروا معاوية إلا بخير . البداية والنهاية لابن كثير (8/125 ) .

و ذكر الطبري في تاريخه ( 5 / 331 ) والبلاذري في أنساب الأشراف ( 4 / 147 ) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام ، فرأى معاوية في موكب يتلقاه ، فقال له عمر : يا معاوية ، تروح في موكب وتغدو في مثله ؛ وبلغني أنك تصبح في منزلك وذوو الحاجات ببابك ! قال : يا أمير المؤمنين ، إن العدو بها قريب منا ، ولهم عيون وجواسيس ، فاردت يا أمير المؤمنين أن يروا للإسلام عزاً ؛ فقال له عمر : إن هذا لكيد رجل لبيب ، أو خدعة رجل أريب ، فقال معاوية : يا أمير المؤمنين ، مرني بما شئت أصر إليه ؛ قال : ويحك ! ما ناظرتك في أمر أعيب عليك فيه إلا تركتني ما أدري آمرك أم أنهاك ! .

وعن علي رضي الله عنه أنه قال بعد رجوعه من صفين : أيها الناس لا تكرهوا إمارة معاوية ، فإنكم لو فقدتموها ، رأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل . ابن كثير في البداية ( 8 / 134 ) .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود - من السيادة – من معاوية ، فقيل : ولا أبوك ؟ قال : أبي عمر رحمه الله خير من معاوية ، وكان معاوية أسود منه . الخلال في السنة ( 1 / 443 ) والذهبي في السير ( 3 / 152 ) وابن كثير في البداية (8/ 137 ) .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية ، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب ، و لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب . رواه عبد الرزاق في المصنف (برقم 20985) بسند صحيح . وابن كثير في البداية ( 8 / 137 ) .

وفي صحيح البخاري برقم ( 3765 ) أنه قيل لابن عباس : هل لك في أمير معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة ، قال : إنه فقيه .

وعن عبد الله بن ال***ر رضي الله عنه أنه قال : لله در ابن هند – يعني معاوية رضي الله عنه – إنا كنا لَنَفْرَقه – من الفَرَق : وهو الخوف والفزع – وما الليث على براثنه بأجرأ منه ، فيتفارق لنا ، وإن كنا لنخادعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه ، فيتخادع لنا ، والله لوددت أنا مُتعنا به مادام في هذا الجبل حَجَر ، وأشار إلى أبي قبيس . أورده ابن كثير في البداية ( 8 / 138 ) .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق