الجمعة، 14 يونيو 2019

باب التوبة (1-4)


باب التوبة (1-4)

قال العلماء: التوبة واجبة مِنْ كل ذنب.
فإن كانت المعصية بين العبد وبين اللَّه تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط: أحدها أن يقلع عَنْ المعصية.
والثاني أن يندم عَلَى فعلها.
والثالث أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة وأن يبرأ مِنْ حق صاحبها.

فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه وإن كان حد قذف ونحوه مكنه مِنْه أو طلب عفوه وإن كانت غيبة استحله مِنْها.
ويجب أن يتوب مِنْ جميع الذنوب فإن تاب مِنْ بعضها صحت توبته عند أهل الحق مِنْ ذلك الذنب وبقى عليه الباقي.
وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة عَلَى وجوب التوبة.

قال اللَّه تعالى فى سورة النور الآية 31: {وتوبوا إِلَى اللَّه جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.وقال تعالى فى سورة هود الآية 3: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه}وقال تعالى فى سورة التحريم الآية 8: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إِلَى اللَّه توبة نصوحا}.

وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: (واللَّه إني لأستغفر اللَّه وأتوب إليه في اليوم أكثر مِنْ سبعين مرة) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

1- وعَنْ الأغر بن يسار المزني رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (يا أيها الناس توبوا إِلَى اللَّه واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

2 - وعَنْ أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (لله أفرح بتوبة عبده مِنْ أحدكم سقط عَلَى بعيره وقد أضله في أرض فلاة) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية لمسلم (لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه مِنْ أحدكم كان عَلَى راحلته بأرض فلاة فانفلتت مِنْه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس مِنْ راحلته فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال مِنْ شدة الفرح: اللَّهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ مِنْ شدة الفرح).

3 - وعَنْ أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (إن اللَّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس مِنْ مغربها) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

4 - وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (من تاب قبل أن تطلع الشمس مِنْ مغربها تاب اللَّه عليه) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

5 - وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وقال حديث حسن.

6 - وعَنْ زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أسأله عَنْ المسح عَلَى الخفين فقال: ما جاء بك يا زر؟

فقلت: ابتغاء العلم.
فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب.

فقلت: إنه قد حك في صدري المسح عَلَى الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرأ مِنْ أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فجئت أسألك هل سمعته يذكر في ذلك شيئا؟ قال: نعم كان يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا مِنْ جنابة لكن مِنْ غائط وبول ونوم.

فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئا؟
قال: نعم كنا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في سفر فبينما نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري: يا محمد.

فأجابه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نحوا مِنْ صوته (هاؤم) فقلت له: ويحك! أغضض مِنْ صوتك فإنك عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد نهيت عَنْ هذا.

فقال: واللَّه لا أغضض.
قال الأعرابي: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (المرء مع من أحب يوم القيامة).

فما زال يحدثنا حتى ذكر بابا مِنْ المغرب مسيرة عرضه أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عاما (قال سفيان أحد الرواة: قبل الشام) خلقه اللَّه تعالى يوم خلق السماوات والأرض مفتوحا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس مِنْه. رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وغيره وقال وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق