السبت، 15 يونيو 2019

الدمقراطية الجزء الرابع (المساواة والآليات )

بإسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :

نواصل بإذن الله تعالى ما بدأنا به في الأجزاء السابقة والموضوع هذه المرة المساواة في الدمقراطية .

إن الدمقراطية تساوي بين المسلم والكافر على أساس المواطنة ، فكل مواطن بغض النظر عن عقيدته له حق الترشح وله حق الإنتخاب ويكون الولاء والبراء للأفراد على أساس الوطن وهذا مصادم للعقيدة التي جاء بها الأنبياء والمرسلون والتي تجعل الولاء والبراء على أساس العقيدة

قال الله تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ
من سورة الممتحنة

وقال الله تعالى : لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)

فالمسلم لا يوالي إلاّ المسلمين ولا يعادي ولا يتبرأ إلا من الكفار المشركين وهذا أصل متين في العقيدة ، بينما في الدمقراطية يكون الولاء للمواطنين بغض النظر عن دينهم

وإن الرابطة الإيمانية بين الإنسان والملائكة جعلت حملت العرش يدعون للمؤمنين بدعاء عظيم

قال الله تعالى : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ ۚ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)

سبحان الله ، رغم بعد الملائكة وأي ملائكة فإن الأية تتكلم عن حملة العرش ، رغم بعد المسافة التي بينها وبين هؤلاء البشر المؤمنين دعوا لهم بهذا الدعاء العظيم ، فرابطة الإيمان لا تخضع للمسافات مهما كبرت فضلا عن حدود وضعها أعداء الله ورسوله .

ومن جهة أخرى تخالف الدمقراطية الإسلام في مسألة تولية الكافر على المسلمين ، فلا يجوز إطلاقا أن يتولى كافر الإمارة أو الحكم ، فالكافر غير مؤتمن على نفسه وليس له دين فكيف يؤتمن على أمة مسلمة وعلى دينها !!!!!! إن هذا لشيء عجاب


ولكن في الدمقراطية يستطيع الكافر أن يصل إلى الحكم بسهولة وبأصوات مسلمين ، لأن المترشح لن يكشف عن دينه ولا المصوّت سيسأل عن دينه في ظل غياب المعيار الشرعي

قال الله تعالى : قال الله تعالى: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141].

قال القاضي ابن العربيِّ: "إنَّ الله سبحانه لا يَجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً بالشَّرع، فإن وجد فبِخلاف الشرع"[3 "أحكام القرآن" (1/ 641)، وانظر: تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 421).




وقال الله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59]، فدلَّ بقوله: ﴿ مِنْكُمْ ﴾ على أنَّ أولي الأمر يجب أن يكونوا من المسلمين المؤمنين؛ لأنَّ الخِطاب متوجِّه إليهم من بداية الآية.

وقال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118].

قال القرطبيُّ: "نَهى الله المؤمنين بِهذه الآية أن يَتَّخِذوا من الكُفَّار واليهود وأهل الأهواء دُخلاءَ ووُلَجاء يُفاوضونهم في الآراء، ويُسندون إليهم أمورَهم" تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (4/ 179).





فكيف باتِّخاذهم حكامًا وولاةً للأمور؟!

وقال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 144].

قال ابن كثير: "يَنهى تعالى عباده المؤمنين عن اتِّخاذ الكافرين أولياءَ من دون المؤمنين؛ يَعني: مصاحبَتَهم، ومُصادقتهم، ومناصحتهم، وإسرارَ المودَّةِ إليهم، وإفشاءَ أحوال المؤمنين الباطنةِ إليهم" "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (1/ 867).

وقال القرطبيُّ: "أيْ: لا تجعلوا خاصَّتَكم وبِطانتكم منهم" تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 425).



فإن كانت مصادقتُهم وإفشاءُ أحوال المؤمنين الباطنةِ إليهم، وجعْلُهم من الخَواصِّ - من صور الموالاة التي نَهت عنها الآية، فلا ريب أنَّ توليتهم أمْرَ المسلمين، وجعْلَهم حكامًا عليهم من أظهر صُوَر الموالاة لهم وأشَدِّها تحريمًا.

يتبع ..............


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق