السبت، 27 مارس 2021

إنما الحلم بالتحلم

أخوة الإسلام

السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

موضوع الخُلُق: من الموضوعات الإسلامية المهمَّة

التي عليها يدور نجاح حياة المسلم

فكيف ينجح العالم في وظيفته إذا لم يكن على خُلقٍ؟

وكيف ينجح الزَّوج في حياته إذا لم يكن على خُلقٍ؟

وكيف ينجح الدَّاعية في حياته إذا لم يكن على خُلقٍ؟

وكيف ينجح الأخ مع إخوانه إذا لم يكن على خُلقٍ؟

فالأخلاق عليها مدار نجاح الإنسان

في هذه الحياة

حتى قال بعض العلماء:

"إن الدِّين كُلُّه هو الخُلقُ"

وأقول: إنَّ الموضوع بحقٍّ: موضوعٌ مهمٌّ للغاية

وأكثر ممَّا قد يتصوَّر البعض

وبعض الأخلاق لها جوانبٌ فقهيةٌ وتتعلَّق بها أحكام

كما لو طرق -مثلاً- موضوع العدل

فإنَّك ستُلاحظ فيه أحكاماً في العدل بين الأولاد

والعدل بين الزَّوجات ونحو ذلك


أمَّا الخلق: "فالخليقة هي: الطبيعة"

كما قال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب

: "وفي التَّنزيل: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].

والجمع: أخلاقٌ، ولا يكسَّر على غير ذلك

والخُلْق والخُلُق: السَّجية، والخُلُق: هو الدِّين

والطَّبع والسَّجية، وحقيقته أنَّه لصورة الإنسان الباطنة -

وهي نفسه- وأوصافها ومعانيها المختصَّة بها

بمنزلة الخلق لصورته الظَّاهرة وأوصافها ومعانيها

ولهما أوصاف حسنة وقبيحة"


[لسان العرب10/85].

وقال القرطبي رحمه الله تعالى في المفهم:

"الأخلاق: أوصاف الإنسان التي يعامل بها غيره،

وهي محمودةٌ ومذمومةٌ

فالمحمودة على الإجمال: أن تكون مع غيرك على نفسك

فتنصف منها ولا تنصف لها

وعلى التَّفصيل: العفو، والحلم، والجود، والصَّبر، والرَّحمة

والشَّفقة، والتَّودُّد، ولين الجانب، ونحو ذلك

والمذموم منها ضدُّ ذلك كُلُّه"


[المفهم19/45].

وقال ابن حجر -رحمه الله-

في شرح كتاب الأدب من صحيح البخاري قال الرَّاغب:

"الخَلق والخُلق في الأصل بمعنى واحد

كالشَرب والشُرب

لكن خُصَّ الخلق الذي بالفتح بالهيئات والصُّور المدركة بالبصر

وخُصَّ الخُلق الذي بالضَّم بالتَّقوى والسَّجايا المدركة بالبصيرة

فالشَّكل والصُّورة التي تدرك بالبصر هذا خلقٌ

والسَّجايا والطَّبائع التي تدرك بالبصيرة تسمى خُلقاً"


[فتح الباري10/456].

وموضوع الأخلاق: موضوعٌ كبيرٌ

يتعلَّق بمنهج أهل السُّنَّة والجماعة

وليس كما يتصوَّر البعض أنَّه موضوعٌ منفصل

عن المنهج أو أنَّه شيءٌ أدنى منزلةً أو جانبا


كلا! بل هو من صلب المنهج.

ومما يؤيِّد أهمية الجانب الأخلاقي في منهج السَّلف:

تضمين علمائهم هذه الجوانب فيما كتبوه

من أصول أهل السُّنَّة والجماعة جوانب الأخلاق

كـالعقيدة الواسطية، والطَّحاوية وغيرها

ومن أمثلة ذلك:

قول الإمام الصَّابوني في تقريره لعقيدة السَّلف:

"ويتواصون بقيام الليل للصَّلاة بعد المنام

وبِصِلة الأرحام على اختلاف الحالات

وإفشاء السَّلام وإطعام الطَّعام

والرَّحمة على الفقراء والمساكين والأيتام

والاهتمام بأمور المسلمين

والتَّعفف في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمصرف

والسَّعي في الخيرات، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر

والبدار في فعل الخيرات أجمع

واتِّقاء عاقبة الطَّمع، ويتواصون بالحقِّ والصَّبر


[عقيدة السلف أصحاب الحديث1/34].

وموضوع الأخلاق موضوع خطير

لأنَّه يمكن أن يُقدِّم بحسن الأخلاق منهجاً مسموماً

كما يمكن أن يعرض النَّاس بسوء الخلق عن المنهج السَّليم.


فإذاً -أيُّها الإخوة-

لابُدَّ من التَّركيز على هذا الموضوع

لأنَّه -كما قلنا- من أهم عوامل النَّجاح

و قد سبق موضوع


حُسْنُ الْخُلُقِ

و بخصوص الأحلاق المذمومة

و هي على الضَّدِّ: كالكذب، والغِش، والقسوة، ونحوها

من الأخلاق الرديئة

وسيكون مدار الدُّروس القادمة


وحكمة الله البالغة اقتضت

أن يجعل في هذه الحياة أخلاقاً عاليةً

وكذلك هناك في البشر أخلاق سافلة

وعند المقارنة يظهر حسن هذا وقبح ذاك

لأنَّ الضَّدَّ يظهر حسنه الضَّدِّ، وبضدِّها تعرف الأشياء

فلولا الظَّلام ما عرفت فضيلة النُّور

ولولا أنواع البلايا ما عرفت قيمة العافية

ولولا خلق الشَّياطين والهوى والنَّفس الأمارة بالسُّو

لما حصلت عبودية الصَّبر والمجاهدة

وترتب الأجر والجنَّة عليهما.


وكما قلنا: فإنَّ العلماء رحمهم الله اهتمَّوا

بقضية جمع محاسن الأخلاق

وكذلك اهتمُّوا بجمع مساوئ الأخلاق للتَّحذير منها

واهتمُّوا كذلك بالكلام عن حقيقة الخُلُق

وكيف تعالج الأخلاق الرَّديئة

وكيف يتخلَّص الإنسان من الأخلاق الرَّديئة

كانت هذه مقدمة عن الأخلاق

ونعريف الأخلاق وأهميتها.


و لنا عودة إن شاء الله لمزيد من الاستفادة

و يسمح بالمناقشة و الإضافةِ لزيادة الإفادة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق