الثلاثاء، 23 يناير 2018

حقيقة الدنيا

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله أحمده و أستعينه و استغفره ثم أما بعد:
لقد خلق الله سبحانه الناس لحكمة عظيمة فلم يخلقنا عبثا و لم يتركنا سدى و قد تكفل المولى بأرزاقنا، قال سبحانه و تعالى امن هذا الذي يرزقكم إن امسك رزقه، و قال سبحانه و في السماء رزقكم و ما توعدون، و تبدو حكمته سبحانه من التكفل بالرزق حقيقة واضحة و مراد جلي، حكمة الخلق الذي بعثنا به الله عز وجل و هو عبادته ، قال الله عز وجل و ما خلقت الانس و الجن الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق و ما اريد ان يطعمون ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين، إن هذه الدلالة تعطي تأملات عميقة للمسلم المكلف بأن يتدبر في الخلق، و يلوح بفكره في الحكمة الربانية، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه قلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء فقال: " ما لي وللدنيا ؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها " رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، إن هذا الوصف النبوي يبين أن الاسلام ليس دين تعطيل و لا دين كسل و خمول و لكنه دين الزهد في الدنيا، فهذه الحقيقة الناصعة التي تأتي من النبي الذي أمر بزراعة الفسيلة حتى و إن رأيت الساعة تقوم فقد جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) .
إن هذا الإدراك لحقيقة الإسلام الذي يحث على العمل لإحياء الأرض و عمارتها و في نفس الوقت يخفف من استمالة النفس للشهوات و الملذات حتى لا تنساق وراء كل مرغوب و تركن لكل محبوب،فتبتعد بذلك عن كل مطلوب لأن وقعه على النفس الراكنة شديد . هذه حقيقة الدنيا في الإسلام ليست سوى معبر للآخرة يروض فيها النفس الأمارة بالسوء و تقهر فيها الشهوات إرضاءا لرب الأرض و السموات، فهي دار الإمتحان و دار البلاء و الإبتلاء .و ليس العمل فيها سوى لخلافة الأرض التي استأمننا الله عليها و تركها لمن بعدنا في حلة أبهى و مقومات أزهى حتى يقوموا هم أيضا بما فرض الله عليهم .
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه أخوكم الفقير لعفو ربه أبو عبد الله لعويد مصطفى لمين غفر الله له و لوالديه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق