الأربعاء، 16 مارس 2022

العمل في الإسلام

أخي المسلم: لم تحث شريعة الإسلام على العمل والتكسب فحسب؛ بل وجهت الساعين في ميادين الرزق إلى التحلي بالآداب الشرعية والتزامها:

الاتقان في العمل: جاء في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"(صححه الألباني).

ومن الآداب: الأمانة؛ قال الله -تعالى-: (إن خير من استأجرت القوي الأمين) ~ [القصص: ٢٦]، (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) ~ [يوسف: ٥٥]

ولا بد أن يكون العامل بعيدا عن الغش والتحايل؛ فالغش ليس من صفات المؤمنين، يقول النبي ﷺ: "من غش فليس مني"(رواه مسلم) ~ ، ومر رسول الله ﷺ برجل يبيع طعاما"؛ فأعجبه؛ فأدخل يده فيه فرأى بللا، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام، قال: أصابته السماء أي المطر فقال -عليه الصلاة والسلام-: فهلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، "من غشنا ليس منا"(رواه مسلم).

ومنها: عدم استغلال المنصب في العمل لأجل تحقيق مصالح شخصية دون وجه حق شرعي؛ وقد أخبرنا رسول الله ﷺ بأن ذلك من الغلول فقال: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول"(رواه أبو داود) ~ .

فاشكروا ربكم -أيها المسلمون- على نعمة هذا الدين العظيم الذي شملت عنايته الدين والدنيا والآخرة..

عباد الله: وحتى ندرك أن منزلة العمل والتكسب منزلة شريفة تعالوا لنتأمل في حال سادة البشرية من الأنبياء والأعلام في العمل وبذل السبب؛ صح عن حبر الأمة عبدالله ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "كان آدم -عليه السلام- حراثا، ونوح نجارا، وإدريس خياطا، وإبراهيم كان يعمل في الزراعة، وصالح تاجرا، وداود حدادا، وموسى وشعيب ومحمد -صلوات الله -تعالى- عليهم- رعاة للأغنام، وعمل ﷺ في التجارة".

وكان لقمان الحكيم يقول لابنه: "يا بني استعن بالكسب الحلال؛ فإنه ما افتقر أحد قــط، إلا أصابه ثلاث خصــال: رقة في دينه، وضعف في عقله، وذهاب مروءته وأعظم من هذه الخصــال استخفاف الناس به".

وأثر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق"، وكان يقول: "إني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة؟ فإن قالوا: لا، سقط من عيني".

فعلى المسلم أن يسعى ويجتهد في طرق الكسب المشروعة حتى يتحصل له ما يريد وكذلك تتحقق قيمته في هذه الحياة؛ لأنه بقدر ما يبذل يسعى ينال ويكسب، وصدق الشاعر، حيث قال:

اقتباس:

بقدر الكـد تكتسـب المعـالـي *** ومن طلب العلا سهر اللـيالــي
ومن طلب العـلا من غير كــد *** أضاع العمـر في طلب المحــال
ولا شك -أيها الكرام- أن سعي خير البرية وأئمة البشرية في العمل والتكسب دليل على شرف العمل وإعفاف النفس عن السؤال والحاجة لغير الكريم المتعال، كما أن في هذا تأكيدا على سمو هذا الدين الذي حث على العمل وبين فضله وثمرته.

أيها المسلمون: هذا هو العمل في ميزان الإسلام وتلك هي أحكامه؛ فلنلتزم هذه التوجيهات الربانية والإرشادات النبوية ونحذر الظلم والبغي؛ فإن عواقب ذلك وخيمة ونتائجه أليمة في الدنيا والآخرة، ولنحذر دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب؛ فقد روى الإمام أحمد -رحمه الله- أن: "دعوة المظلوم ترفع فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الله -عز وجل- لها وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين".

اقتباس:

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا *** فالظلم آخره يفضي إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
نسأل الله -تعالى- أن يوفقنا لصالح القول والعمل وأن يكفينا بفضله عمن سواه، كما نستعيذ به من العجز والكسل والاتكال.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق