الخميس، 29 مايو 2014

فائـــــدة جليلة

فائـــــدة جليلة

روى أهل السير عن سلام بن أبي مطيع قال: ما كان يونس بأكثرهم صلاة ولا صوما ولكن لا والله ما حضر حق من حقوق الله إلا وهو متهيء له.



مامعنى هذا الكلام ؟



هذا أول معلم مميز لشخصية يونس بن عبيد هو قيامه بما اصطلح عليه بواجب الوقت، ولقد لخص ابن القيم رحمه الله الأقوال المختلفة في تحديد أفضل الأعمال، وخلص إلى أن أفضل الأعمال هو القيام بواجب الوقت.



فقال رحمه الله: إنّ أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته، فأفضل العبادات في وقت الجهاد الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد ، من صلاة الليل وصيام النهار، بل ومن ترك إتمام صلاة الفرد، كما في حالة الأمن

والأفضل في وقت حضور الضيف مثلاً القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل، والأفضل في أوقات السحَر الاشتغال بالصلاة والقرآن والدعاء والذكر والاستغفار.



والأفضل في وقت استرشاد الطالب، وتعليم الجاهل: الإقبال على تعليمه والاشتغال به.



والأفضل في أوقات الأذان: ترك ما هو فيه من ورده، والاشتغال بإجابة المؤذن.



والأفضل في أوقات الصلوات الخمس: الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أول الوقت، والخروج إلى الجامع.



والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه، أو بالبدن، أو المال: الاشتغال بمساعدته، وإغاثة لهفته، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك.



والأفضل في وقت الوقوف بعرفة: الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف عن ذلك.

والأفضل في أيام عشر ذي الحجة: الإكثار من التعبد، لاسيما التكبير والتهليل والتحميد، فهو أفضل من الجهاد غير المتعين.



والأفضل في العشر الأواخر من رمضان: لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم، حتى إنَّه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم، وإقرائهم القرآن، عند كثير من العلماء.



والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته: عيادته، وحضور جنازته وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك.



والأفضل في وقت النوازل وإذاء الناس لك: أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم، دون الهرب منهم؛ فإنّ المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم، أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه.



فالأفضل في كل وقت وحال: إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه. وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق، والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيد، فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه؛ يرى نفسه كأنَّه قد نقص وترك عبادته، فهو يعبد الله على وجه واحد.



وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت، فمدار تعبده عليها، فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية، كلما رفعت له منزلة؛ عمل على سيره إليها، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أُخرى، فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره، فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العُبَّاد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم، وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم.





منقول بتصرف




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق