الجمعة، 30 مايو 2014

العذر بالجهل مسألة خلافية -وليست مسألة ولاء وبراء

هذا سؤال وجه للشيخ مقبل رحمه الله تعالى جاء فيه: ذكرتم في إجابتكم هذه عن العذر بالجهل، وهي مشكلة مصر الأولى بين الإخوة:



العذر بالجهل وعدم العذر بالجهل حتى يصل الأمر بإخواننا إلى درجة الضرب أو الإهانة أو يبدعون بعضًا أو يفسقون بعضًا،



فما الحكم في هذه القضية وما يطلق على المخالف؟







جواب الشيخ مقبل – رحمه الله-: " قد اختلف أهل السنة أنفسهم في هذه القضية في شأن العذر بالجهل في التوحيد، والذي يظهر أنه يعذر بالجهل



لقوله عز وجل: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) ( (الإسراء:15)، ولقول الله عزوجل حاكيًا عن الحواريين حيث قالوا:((هَلْ يَسْتَطِيْعُ رَبُّك



أَنْ ينزل عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَـاء)) (المائدة:112)، فَمَـا قَال لهم عيسى: إِنَّكُمْ قَدْ كَفَرْتُمْ!، ولكن قال:((اتَّقُوا الله إِنْ كُنْتُم مُؤْمِنِيْن)) (المائدة:112)،



وَكَقَوْلِه تَعَالـى في شأن أصحاب موسى: ((اجْعَل لَنَا إِلَـهًا كَمَـا لَـهُم آلهة قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَـجْهَلُوْنَ )) (الأعراف:138). وفي الصَّحِيْحِ- وهو مَرْوِي



من حديث جـمـاعة من الصحابة-(( أَنَّ رَجُلًا قال لِبَنِيْهِ: أَيّ أَب كُنْتُ لَكُمْ؟ قالوا: نِعْم الأب، قال: فإذا مِتّ فاحرقوني ثم ذروني فوالله لئن قدر الله عليَّ



ليعذبني عذابا لا يعذبه أَحَدًا مِنَ العَالَـمِيْن، فَلَمَّـا فَعَلوا ما أوصاهم به، ثم أَمَرَ الله البحر أن يجمع ما فيه، والبر أن يجمع ما فيه، وأحياه الله فقال له:



ما حَـمَلَكَ على ما صَنَعْتَ؟ قال: مَـخَافَتُكَ يَا رب، قال فَإِنِّـي قَدْ غَفَرْتُ لَك))، وهذا رجل يَشُكُّ في قُدْرَةِ الله، كَمَـا أَنَّ الحواريين شَكُّوا في قدرة الله.







فهذه الأدلة تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعْذَرُ بالجهل، والذين لا يقولون بالعذر بالجهل ليس لهم أدلة ناهضة، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا حديث أبي هريرة والأسود بن سريع كَمَـا



في ((مسند الإمام أحمد)) أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (( أَرْبعة يختبرون يوم القيامة: الأبله والأصم وصاحب الفترة- ولا أستحضر الرابع-، فيقال



لهم في عرصات القيامة - ويخرج لهم عنق من النار- اقتحموه، فمن اقتحمه منهم كان بردًا عليه وسلامًا،ومن لم يقتحمه فيقول الله له: أنتم الآن عصيتموني



فأنتم لرسلي أشد عصيانًا)).







وَأَنْصَحُ بقراءة ما كتبه الشيخ الشَّنقيطي رحمه الله تعالى في تفسيره عند تفسير قول الله عزوجل: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِيْنَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُوْلًا)) (الإسراء:15)، أو عند



قوله تعالى:(( وَمَا كَانَ الله لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَـهُمْ مَا يتقون)) (التوبة:115).



فَبِمَـا أَنَّ الـمَسْأَلَــةَ خِلاَفِيَّـة بَيْـنَ أَهْلِ السُّنَّةِ فَالـمُخَالِفُ لاَ يُـحْكَمُ عَلَيْهِ لَكِن الرَّاجِحَ أَنَّــهُ يُعْذَرُ بِالـجَهْلِ."



انْتَهَى من كِتَاب غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة (2/ 447- 448 )




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق