الاثنين، 24 يوليو 2017

التكافل والإغاثة مع غير المسلمين

حين يكون الضعف البشري، وحين يكون الإحساس بالعجز، وحين يكون التأوُّه والتوجُّع والأنين، حينها لا تجد للشريعة الإسلامية السَّمْحة حدودًا تحدُّها، حتى لتراها وقد غمرت رعاياها، ودونما تمييزٍ بين عرقٍ أو دينٍ أو جنس، بكلِّ ما يُمكن أن يُسرِّي عن نفوسهم ويُخفِّفُ عن كاهلهم.

إنَّه التشريع الإسلامي الذي يكفل لكلِّ من يعيش تحت مظلَّته -مسلمًا كان أو غير مسلم- التعايش، والتكافل، والحياة الآمنة، والرضا الاجتماعي، ويعمل على أن يقيه نوائب الدهر وصروف الزمن، وذلك في إطار الأسس والمبادئ التي أَقَرَّها الدين الحنيف، التي ترعى مصالح الناس جميعًا، على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ومعتقداتهم.



التكافل والإغاثة مع غير المسلمين

كما وضَّحنا سابقًا، فدين الإسلام دين الرحمة، ورسوله نبيُّ الرحمة للعالمين، وقد جاءت أوامر الإسلام بالرحمة عامَّةً، فقال صلى الله عليه وسلم: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"[1]. ثم قال صلى الله عليه وسلم محذرًا: "لاَ يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ"[2].

وقد قال ابن بطال[3] في شرح الحديث الأخير: "فيه الحضُّ على استعمال الرحمة لجميع الخلق, فيدخل المؤمن والكافر والبهائم المملوك منها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والسقي"[4].

بل إنَّ الأمر قد يتجاوز الرحمة والتراحم، ومجرَّد السعي لتحصيل الثواب، ليبلغ درجةً أخرى في المعاملة والتعامل، وهي درجة الإحسان، وذلك -أيضًا- مع كلِّ البشر!!

ففي قوله عز وجل: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]. يقول أبو جعفر، وعطاء بن أبي رباح[5]: "للناس كلِّهم"[6]. وقد روى عبد الملك بن أبي سليمان[7] قال: سألت عطاء بن أبي رباح عن قول الله جل ثناؤه: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]. قال: من لقيت من الناس فقل له حسنًا من القول[8].

ولا ريب أن في التكافل مع غير المسلمين وإغاثتهم عند الحاجة والعوز إنما يُعدّ جانبًا حقيقيًّا من جوانب الرحمة والإحسان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ"[9]. وقال -أيضًا-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ"[10]، بتنكير كلِّ الذي يأكل؛ لتدلَّ مرادفاتها على السعة والعموم والشمول.

وفي تقرير ذلك نزلت آيةٌ كريمةٌ صريحةٌ لتردَّ على تحرُّج بعض المسلمين من برِّ ومساعدة أقاربهم المشركين؛ إذ نزل قوله عز وجل يحثُّ المسلمين ويلزمهم بالإحسان والبر في معاملة من لا يعتدي عليهم: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]. فقال عامة المفسرين في تفسيرها: "وهذه الآية رخصة في صلة الذين لم ينصبوا الحرب للمسلمين وجواز بِرِّهم، وإن كانت الموالاة منقطعةً منهم"[11]. وقال القرطبي: "هذه الآية رخصةٌ من الله عز وجل في صلة الذين لم يُعادوا المؤمنين ولم يُقاتلوهم"[12].

وإنَّ هذه الصلة وذاك البر إنَّما هما في الأمور الطبيعيَّة وأمور الحياة العامَّة، فما البال إِذَن وما الخطب حين نزول الكوارث وحلول المصائب والبلايا؟! لا شَكَّ أنَّ الأمر سيُقدَّر بحجمه وقدره، وهو ما أصَّله الشرع الإسلامي، وما قام به المسلمون في كلِّ عهودهم السابقة على نحو ما سنرى.

وقد فصَّل الإمام القرافي[13] في شرحه للبرِّ والعدل المأمور به في معاملة غير المسلمين فقال: "وأمَّا ما أمر به من برِّهم من غير مودَّةٍ باطنيَّة؛ فالرفق بضعيفهم، وسدِّ خَلَّة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم، وصون أموالهم، وعيالهم، وأعراضهم، وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يُعانوا على دفع الظلم عنهم، وإيصالهم لجميع حقوقهم..."[14]، وذلك بالمصطلح العصري الحديث يشمل التكافل والإغاثة الإنسانيَّة بكلِّ صورهما.

وإذا كان جُلُّ المفسرين على أنَّ المقصود بـ "القسط" في الآية السابقة هو العدل، وإذا كان العدل في حدِّ ذاته واجبًا على المسلم تجاه الجميع، أعداء كانوا أو أصدقاء؛ لقوله عز وجل:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]. فإن القسط هنا قد أخذ اعتبارًا آخر وهو الإحسان بالمال، الذي غالبًا ما يكون في أوقات الشدَّة والكوارث والأزمات. قال ابن العربي: {وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} [الممتحنة: 8]: أي تعطوهم قسطًا من أموالكم على وجه الصلة، وليس يريد به العدل؛ فإن العدل واجبٌ فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل"[15].

وقد جاء ذلك صريحًا في آيةٍ أخرى، حيث قال عز وجل:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36].

فهو سبحانه يأمر بالإحسان مع كلِّ هؤلاء، ومن بينهم (الجار الجنب)، الذي قال الطبري في تفسيره بعد أن عرض لرأيين متغايرين فيه: "وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال معنى الجنب في هذا الموضع: الغريبُ البعيد، مسلمًا كان أو مشركًا، يهوديًّا كان أو نصرانيًّا"[16].

ومن هنا فإنَّ الأصل في المعاملة بين المسلمين وغيرهم -المسالمين- إنَّما تقوم على الرحمة والبر والإحسان بهم، بما يعنيه ذلك من التكافل معهم، وإغاثتهم في شدَّتهم.



التكافل والإغاثة مع غير المسلمين في التشريع الإسلامي

لم تقتصر كفالة المجتمع المسلم والدولة الإسلامية للمحتاجين والمعوزين على المسلمين فقط دون غيرهم، وإنَّما شملت كذلك غير المسلمين ممن يعيشون على أرضها؛ إذ إنَّهم من رعاياها ومن حقِّها عليهم أن ترعاهم، وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"[17].

وفي تأصيل ذلك كانت المطالب الآتية:

التأصيل من القرآن:

أمر القرآن الكريم بالصدقة على غير المسلمين ورغَّب فيها، وفي ذلك فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما أن بعض المسلمين كان لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير، وكانوا يتقون[18] أن يتصدقوا عليهم؛ يريدوهم أن يُسلموا، فنزلت الآية[19]:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272].

وفي سبب نزولها -أيضًا- يحكي قتادة[20] فيقول: "ذكر لنا أنَّ رجالًا من أصحاب نبيِّ الله قالوا: أنتصدَّق على من ليس من أهل ديننا؟ فأنزل الله في ذلك القرآن"}§øŠ©9 šø‹n=tã óOßg1y‰èd[21].

وفي تفسيرها يقول الطبري: "يعني تعالى ذكره بذلك: ليس عليك -يا محمد صلى الله عليه وسلم- هدى المشركين إلى الإسلام، فتمنعهم صدقة التطوُّع، ولا تُعطيهم منها ليدخلوا في الإسلام حاجةً منهم إليها، ولكن الله هو يهدي من يشاء من خلقه إلى الإسلام فيُوفِّقهم له، فلا تمنعهم الصدقة"[22].

وفي معنى "وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ" يقول ابن كثير: "إن المتصدق إذا تصدق ابتغاء وجه الله فقد وقع أجرُه على الله، ولا عليه في نفس الأمر لمن أصاب: ألِبَرٍّ أو فاجر أو مستحق أو غيره؟ هو مثابٌ على قصده، ومستَنَدُ هذا تمام الآية: "وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ"[23].

التأصيل من السنة:

وقد طبق ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم تطبيقًا عمليًّا حين خصص صدقة لبيت يهودي ظلت مستمرة حتى بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فروى أبو عبيد[24] عن سعيد بن المسيب[25] أنَّه قال: "إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدَّق بصدقةٍ على أهل بيتٍ من اليهود فهي تجري عليهم"[26].

التأصيل من سيرة الصحابة والسلف:

ووفق هذا الهدي، وفي ظلِّ هذه المعاني الإسلامية الكريمة، سار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، ثم ولاة الأمور وقادة المسلمين؛ "فأحاطوا غير المسلمين بالرعاية والعناية، وأشركوهم مع المسلمين في كفالة بيت المال عند العجز والحاجة"[27].

ففي عهد أبي بكر الصديق كتب خالد بن الوليد[28] صلحًا لأهل الحيرة بالعراق، وكانوا من النصارى، جاء فيه: "وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طُرحت جزيته، وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله"[29]، ولم يُنقل إنكار على ذلك.

وهذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب أروع الأمثلة في التكافل مع غير المسلمين، التي تُعبِّر عن مدى توفير الرعاية الاجتماعية لهم، وانتشالهم من أزماتهم؛ فقد روى القاضي أبو يوسف[30] في كتابه (الخراج) أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ بباب قومٍ وعليه سائلٌ يهوديٌّ يقول: شيخٌ كبيرٌ ضريرُ البصر. فقال له عمر: ما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: الحاجة والجزية. فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله، فرضخ له بشيءٍ ممَّا في المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال له: انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شيبته ثم نخذله عند الهِرم {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60]. والفقراء هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب. ووضَع عنه الجزية وعن ضربائه"[31].

كما روى البلاذري[32] أنَّ عمر بن الخطاب -أيضًا- عند مقدمه الجابية من أرض دمشق مرَّ بقومٍ مجذومين من النصارى، فأمر أن يُعطوا من الصدقات، وأن يُجرى عليهم القوت[33].

وقد روى أبو عبيد في كتابه (الأموال) أنَّ أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب إلى عدي بن أرطاة[34] عامله على البصرة: "أمَّا بعد، فانظر من قِبلكَ من أهل الذمَّة، مَن قد كَبُرَتْ سنُّه وضعفت قوَّتُه، وولَّت عنه المكاسب، فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه..."[35].

وبهذا تقرَّر التكافل الاجتماعي في الإسلام، باعتباره "مبدأً عامًّا" يشمل أبناء المجتمع جميعًا، مسلمين وغير مسلمين، ولا يجوز أن يبقى في المجتمع المسلم إنسانٌ محرومٌ من الطعام أو الكسوة أو المأوى أو العلاج؛ فإنَّ دفع الضرر عنه واجبٌ ديني، مسلمًا كان أو ذميًّا[36].



هل تُعدُّ الزكاة من مصادر تكافل وإغاثة غير المسلمين؟

الصدقة والوقف والكفارات والنذور وغيرها، لم يختلف المسلمون في أن يكون لغير المسلمين من غير المحاربين في كلٍّ منها نصيبٌ؛ وإنَّما كان الاختلاف في الزكاة المفروضة على المسلمين، فهل تجوز كفالة غير المسلم وإغاثته من زكاة المسلمين؟!

والحقيقة أنَّ ثَمَّة اختلاف بين فقهاء المسلمين في الجواب عن هذا السؤال بين المنع والإجازة، وتوضيح ذلك كما في المطالب التالية:

الممانعون:

وهم الجمهور، وقد عبر عنهم ابن قدامة الحنبلي صاحب المغني بقوله: "لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن زكاة الأموال لا تُعطى لكافر ولا مملوك. قال ابن المنذر[37]: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئًا، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ[38]: "فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ...[39]"[40].

حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بردِّ الزكاة في فقراء من تؤخذ من أغنيائهم، وهم -بالطبع- المسلمون، وعليه فلا يجوز أن تخرج في غيرهم.

المجوِّزون:

ولهم أدلةٌ أيضًا، فمنها ما رواه ابن أبي شيبة بسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله عز وجل:إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60]. قال: هم زَمْنَى أهل الكتاب[41].

وقد علَّق صاحب الروض النضير (من متأخِّري الزيدية) على ذلك فقال: "ففيه دلالةٌ أنَّ مذهب عمر جواز صرفها في أهل الكتاب"[42].

وقد أكد ذلك ما مرَّ بنا من صنيع عمر رضي الله عنه نفسه حين فرض للشيخ اليهودي ما يصلحه من بيت مال المسلمين، مستدلًا -أيضًا- بالآية السابقة، ثم قال: "وهذا من مساكين أهل الكتاب".

وبالإضافة إليه فقد روى الطبري عن عكرمة[43] في قوله عز وجل:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60]. قوله: "لا تقولوا لفقراء المسلمين "مساكين"؛ إنَّما المساكين مساكين أهل الكتاب"[44].

ومن ثَمَّ فقد نُقل عن ابن سيرين[45] والزهري[46] أنَّهما جوَّزا صرف الزكاة إلى الكفار[47]. كما ذكر السرخسي[48] أنَّ زفر[49] صاحب أبي حنيفة يُجيز إعطاء الزكاة للذمي، قال السرخسي: وهو القياس؛ لأنَّ المقصود إغناء الفقير المحتاج عن طريق التقرُّب، وقد حصل. وإن كان ردَّ على قول زفر بحديث معاذ الذي ذُكر سابقًا[50].

الترجيح:

كما الظاهر فالمسألة خلافيَّة، والجمهور على المنع، يُؤيِّدهم حديث معاذ رضي الله عنه، وقلَّةٌ من الفقهاء على الجواز، يؤيِّدهم عموم آية الصدقات، وما رُوي عن عمر وعكرمة رضي الله عنهما.

وفي مناقشة أدلَّة الفريقين فإنَّ الحديث الذي استدلَّ به الجمهور هو حديثٌ صحيح، رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم، وهو عن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا رضي الله عنه إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: "ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ"[51].

لكن هذا الحديث لا يدلُّ دلالةً قاطعةً على ما ذهبوا إليه، وهو وجوب أن ترد الزكاة في فقراء من تؤخذ من أغنيائهم، وهم المسلمون، وعدم جواز خروجها عنهم؛ إذ الحديث "يحتمل أنَّ الزكاة تؤخذ من أغنياء كلِّ إقليمٍ وتُرَدُّ على فقرائه، وهم باعتبار الإقليميَّة والمواطنة والجوار يُعدُّون من الفقراء المنسوبين إلى أولئك الأغنياء"[52].

وفضلًا عن هذا فإنَّ أدلَّة المجوِّزين قويَّة، ويُعضِّدها ويشهد لها الآية التي ذكرناها، وهي قوله عز وجل: {وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].

وفي ذلك فإنهم قالوا: إن ظاهر هذا النص يقتضي جواز صرف الزكاة إليهم؛ لأنَّ أداء الزكاة بِرٌّ بهم، لولا ما دلَّ عليه حديث معاذ[53].

يقول الدكتور القرضاوي مرجحًا: "وقد تبيَّن لنا أنَّ دلالة حديث معاذ لا تقاوم عموم النصوص الأخرى، وما فهم عمر رضي الله عنه في آية "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ" من شمولها للمسلمين وغير المسلمين"[54].

وعليه، فالذي يُمكن أن نُثبته هنا هو: أنَّ فقراء المسلمين مقدَّمون على الذميِّين في إخراج الزكاة إليهم طالما كان هناك مستحقٌّ لها، أمَّا إذا كان في الزكاة سعةٌ فلا ضير في أن يُعطَى منها الذميُّون الفقراء والمحتاجون، ولا شَكَّ أنَّ ذلك كلَّه بدافع التكافل والتسامح، ورعايةً للمعنى الإنساني الذي من أجله كرَّم الله عز وجل الإنسان، تلك الدرجة التي لم يرتقِ إليها دينٌ ولا نظامٌ من قبل ولا من بعد.



التكافل والإغاثة مع غير المسلمين خارج المجتمع المسلم

ما ذكرناه كان خاصًّا بالتكافل والإغاثة مع غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، ولكن ماذا عن التكافل والإغاثة مع غير المسلمين خارج المجتمع الإسلامي؟ وتُرى ما هو موقف الإسلام منها؟

والحقيقة أنَّ الذي دفعنا إلى إثارة تلك النقطة ما رواه الإمام محمد بن الحسن[55] صاحب أبي حنيفة من أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث إلى أهل مكَّة مالًا لمـَّا قحطوا ليُوزَّع على فقرائهم[56]، والعجيب أنَّ أهل مكة آنذاك لم يكونوا ذميِّين؛ وإنَّما كانوا مشركين حربيِّين!!

ومثل ذلك -أيضًا- ما جاء في تفسير قوله سبحانه وتعالى: {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 11]. فقد روى البخاري ومسلم عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إنَّما كان هذا لأنَّ قريشًا لمـَّا استعصوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحطٌ وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل الله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان: 10، 11]. قال فأُتِي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: يا رسول الله استسق الله لمضر فإنَّها قد هلكت قال: "لِمُضَرَ!! إِنَّكَ لَجَرِيءٌ. فَاسْتَسْقَى لَهُمْ، فَسُقُوا..."[57].

وليس هذا بجديد؛ فإن القرآن الكريم يحكي لنا كيف أن قوم موسى عليه السلام طلبوا منه أن يدعو ربه ليكشف عنهم ما أحل بهم من البلاء، فقال تعالى يقص ذلك: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: 134].

وبالفعل دعا لهم موسى عليه السلام واستجاب الله دعاءه، لكنَّهم ما لبثوا أن أخلفوا وعدهم ونكثوا عهدهم كما هو حالهم، يصور ذلك سبحانه وتعالى، فيقول في الآية التالية مباشرة: فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الأعراف: 135].

وفي السيرة -أيضًا- وقع شيءٌ قريبٌ من ذلك، وكان مع ثمامة بن أثال رضي الله عنه؛ إذ كان من سادات بني حنيفة، ومن كبار تجار القمح فيها، وعندما أسلم أقسم ألَّا تصل حبَّة حنطةٍ منه إلى المشركين في مكَّة؛ لأنَّهم آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلَّا أنْ يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ثمامة: لا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبَّة حنطةٍ حتى يأذن فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم[58]. وبلغ الجهد بقريش، فمكة -كما هو معروف- بلادٌ جبليَّةٌ صحراويَّة ليس فيها إمكانيَّات الزراعة، وتعتمد اعتمادًا كليًّا على ما كان يأتيها من ثمامة بن أثال رضي الله عنه، وصمدت مكَّة حينًا، ولكنَّها ما لبثت أن انهارت، وأسرعت تجري إلى المدينة المنورة، متنازلةً عن كبريائها وغطرستها، راجيةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأذن لثمامة بن أثال في أن يبيع لهم الحنطة. قال زعماء مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّك تأمر بصلة الرحم. فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثمامة أن يُخَلِّيَ بينهم وبين الحمل إليهم[59]!!

وإن كان من استنباط فإنَّما هي تلك النظرة الإسلاميَّة السويَّة السمحة لعموم الإنسانيَّة وعموم أهل الأرض، وخاصَّةً حين تنزل الكوارث وتحلُّ المصائب والنوازل.



[1] أبو داود عن عبد الله بن عمرو: كتاب الأدب، باب في الرحمة (4941)، والترمذي (1924)، وقال: حديث حسن صحيح. وأحمد (6494)، والحاكم في المستدرك، وصححه الذهبي، والطبراني في المعجم الأوسط (9013)، وابن أبي شيبة في مصنفه (25355)، والبيهقي في شعب الإيمان (11048)، وقال الألباني: صحيح. انظر صحيح الجامع (3522).

[2] البخاري عن جرير بن عبد الله: كتاب التوحيد، باب قول الله عز وجل: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} برقم (6941)، ومسلم بلفظ "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله" كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك (2319).

[3] ابن بطال: هو علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، ويعرف -أيضًا- بابن اللجام، كان من أهل العلم والمعرفة والفهم، مليح الخط، حسن الضبط. شرح صحيح البخاري في عدة مجلدات، وتوفي سنة تسع وأربعين وأربع مائة. الذهبي: سير أعلام النبلاء 18/47، والزركلي: الأعلام 4/85.

[4] ابن حجر: فتح الباري 10/440.

[5] عطاء بن أبي رباح، الإمام شيخ الإسلام، مفتي الحرم، ولد في خلافة عثمان، ونشأ بمكة، حدث عن عائشة، وأم سلمة، وأم هانئ، وأبي هريرة، وابن عباس وكان ثقة، فقيهًا، عالمًا، كثير الحديث، مات عطاء سنة 114هـ، وقيل 115هـ. الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/78- 88، وابن خلكان: وفيَات الأعيان 3/261.

[6] الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن 2/297.

[7] عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي الكوفي الحافظ الكبير حدث عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح، وغيرهم كثير، وكان من الحفاظ الأثبات، وقال أحمد بن حنبل: ثقة. وكذا وثقه النسائي، توفي سنة خمس وأربعين ومائة. الذهبي: تذكرة الحفاظ 1/155.

[8] الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن 2/629.

[9] البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: كتاب المساقاة، باب فضل سقي الماء (2234)، ومسلم: كتاب السلام: باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها (2244).

[10] البخاري عن أنس: كتاب المزارعة، باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه (2195)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب فضل الغرس والزرع (1553).

[11] انظر: ابن الجوزي: زاد المسير 6/19.

[12] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 18/59.

[13] القرافي: هو أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي (626هـ - 684هـ) من علماء المالكية، نسبته إلى قبيلة صنهاجة (من بربر المغرب)، وإلى القرافة (المحلة المجاورة لقبر الإمام الشافعي) بالقاهرة، وهو مصري المولد والوفاة. من مؤلفاته: الفروق، والإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام، وغيرها. انظر: الزركلي: الأعلام 1/94، وإسماعيل البغدادي: هدية العارفين ص52.

[14] القرافي: الفروق 3/15 الفرق التاسع عشر والمائة.

[15] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 18/59.

[16] الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن 8/339.

[17] البخاري: كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق (2416)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر (1829).

[18] أي: يمتنعون.

[19] الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن 5/588.

[20] قتادة السدوسي (60- 117وقيل 118هـ) هذه النسبة إلى سدوس بن شيبان، وهي قبيلة كبيرة كثيرة العلماء وغيرهم، كان تابعيًّا وعالمًا كبيرًا. قال أبو عبيدة: ما كنا نفقد في كل يوم راكبًا من ناحية بني أمية ينيخ على باب قتادة فيسأله عن خبر أو نسب أو شعر، وكان قتادة أجمع الناس. توفي بواسط. ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/85، 86، والذهبي: تذكرة الحفاظ 1/122، 123.

[21] الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن 5/588.

[22] السابق: 5/587.

[23] ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/704.

[24] أبو عبيد الهروي (157-224هـ) القاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي بالولاء، الخراساني البغدادي، من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه. من أهل هراة، ولد وتعلم بها، وكان مؤدبًا. من أهم مؤلفاته كتاب الأموال. الذهبي: سير أعلام النبلاء 10/491، وابن النديم: الفهرست 1/78، والزركلي: الأعلام 5/176.

[25] هو سعيد بن المسيب المخزومي القرشي، أبو محمد، وُلِدَ سنة 13هـ، سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وأقضيته، حتى سُمِّي راوية عمر. توفي بالمدينة سنة 94هـ. انظر: ابن خلكان: وفيات الأعيان 2/375، والزركلي: الأعلام 3/102.

[26] أبو عبيد: الأموال ص613.

[27] عبد الكريم زيدان: أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام ص87، 88.

[28] خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي، يُكَنَّى أبا سليمان، كان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وكان إليه أَعِنَّة الخيل فيها، وشهد مع قريش الحروب إلى الحديبية، ثم أسلم في سنة سبع، وكان على أحد الجيوش الأربعة التي فتحت مكة، وقد نجَّى الله به المسلمين في معركة مؤتة بعد أن قُتِل الأمراء الثلاثة، وسماه الرسول صلى الله عليه وسلم سيف الله المسلول، ثم كانت له اليد الطُّولى في فتح فارس والشام. توفي سنة 21هـ. ابن الأثير: أسد الغابة 1/673، وابن عساكر: تاريخ دمشق 16/211-282، وابن حجر: الإصابة 2/23-27.

[29] أبو يوسف: الخراج ص144.

[30] القاضي أبو يوسف (113-182هـ) يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري البغدادي: صاحب الإمام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه. كان فقيهًا علامة، من حفاظ الحديث، ولد بالكوفة، وتفقه بالحديث والرواية، وهو أول من دعي قاضي القضاة. من أهم كتبه الخراج. الذهبي: تذكرة الحفاظ 1/292، 293، والزركلي: الأعلام 8/193، ومعجم المطبوعات 1/488.

[31] أبو يوسف: الخراج ص144.

[32] أحمد بن يحيى البلاذري (000-279هـ): مؤرخ، جغرافي، نسَّابة، له شعر، من أهل بغداد، جالس المتوكل العباسي، ومات في أيام المعتمد، وله في المأمون مدائح، وكان يجيد الفارسية وترجم عنها كتاب عهد أزدشير. من كتبه فتوح البلدان، وأنساب الأشراف. الذهبي: سير أعلام النبلاء 13/162، وابن كثير: البداية والنهاية 11/65، والزركلي: الأعلام 1/267.

[33] البلاذري: فتوح البلدان ص177.

[34] هو أبو واثلة عدي بن أرطاة الفزاري: أمير من أهل دمشق. كان من العقلاء الشجعان. ولاه عمر بن عبد العزيز على البصرة سنة 99هـ، فاستمر إلى أن قتله معاوية بن يزيد بن المهلب بواسط، في فتنة أبيه (يزيد) بالعراق، وذلك سنة 102هـ. انظر الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/53، والزركلي: الأعلام 4/219.

[35] أبو عبيد: الأموال ص45، 46.

[36] القرضاوي: غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ص 17.

[37] ابن المنذر محمد بن إبراهيم النيسابوري (242-319هـ): فقيه مجتهد، من الحفاظ، كان شيخ الحرم بمكة، قال الذهبي: ابن المنذر صاحب الكتب التي لم يصنف مثلها، منها المبسوط في الفقه، والأوسط في السنن. الذهبي: تذكرة الحفاظ 3/782، وسير أعلام النبلاء 14/490، والزركلي: الأعلام 5/294.

[38] معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاري، الإمام المقدَّم في علم الحلال والحرام، شَهِدَ المشاهدَ كُلَّها، وكانت وفاته بالطاعون في الشام سنة 17هـ أو التي بعدها وهو قول الأكثر، وعاش أربعًا وثلاثين سنة. ابن الأثير: أسد الغابة 4/400، وابن حجر: الإصابة الترجمة (8037).

[39] مسلم واللفظ له: كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (19).

[40] ابن قدامة: المغني 2/653، 654.

[41] مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الزكاة، باب ما قالوا في الصدقة في غير أهل الإسلام (10406).

[42] السياغي: الروض النضير 2/426.

[43] عكرمة البربري (25 - 105 هـ) مولى عبد الله بن عباس: تابعي، كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي، طاف البلدان، وروى عنه زهاء ثلاثمائة رجل، منهم أكثر من سبعين تابعيًّا، وكانت وفاته بالمدينة هو وكثير عزة في يوم واحد، فقيل: مات أعلم الناس وأشعر الناس. الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/12-15، وتذكرة الحفاظ 1/95.

[44] الطبري: جامع البيان في تأويل آي القرآن 14/308.

[45] محمد بن سيرين البصري (33 - 110 هـ): الأنصاري بالولاء، إمام وقته في علوم الدين بالبصرة، تابعي، من أشراف الكتاب، نشأ بزازًا، في أذنه صمم، وتفقه وروى الحديث، واشتهر بالورع وتعبير الرؤيا. ابن خلكان: وفيات الأعيان 4/181، والذهبي: تذكرة الحفاظ 1/78، والزركلي: الأعلام 6/154.

[46] محمد بن مسلم بن شهاب الزهري (58-124هـ) من بني زهرة بن كلاب، من قريش، أول من دون الحديث، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء، تابعي، من أهل المدينة، كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: عليكم بابن شهاب، فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة منه. الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/326، وتذكرة الحفاظ 4/1311، والزركلي: الأعلام 7/97.

[47] النووي: المجموع 6/228.

[48] محمد بن أحمد بن سهل السرخسي (000-483هـ)، شمس الأئمة: قاضٍ، من كبار الأحناف، مجتهد، من أهل سرخس في خراسان، كان حنفي المذهب في الفروع، معتزليًّا في الأصول، أشهر كتبه المبسوط. الزركلي: الأعلام 5/315.

[49] هو زفر بن الهذيل بن قيس، من أصحاب أبي حنيفة، كان متقنًا، حافظًا، قليل الخطأ، وكان أقيس أصحابه وأكثرهم رجوعًا إلى الحق إذا لاح له، مات بالبصرة سنة 158هـ. انظر الثقات لابن حبان 6/339، والجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي 3/608.

[50] السرخسي: المبسوط 2/202.

[51] البخاري واللفظ له: كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة (1331)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (19).

[52] القرضاوي: فقه الزكاة ص475.

[53] انظر الكاساني: البدائع 2/49، والقرضاوي: فقه الزكاة ص475.

[54] القرضاوي: فقه الزكاة ص475.

[55] محمد بن الحسن الشيباني (131 - 189 هـ) إمام بالفقه والأصول، وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، أصله من قرية حرستة، في غوطة دمشق، وولد بواسط ونشأ بالكوفة، فسمع من أبي حنيفة وغلب عليه مذهبه وعُرف به، ومن كتبه المبسوط. الذهبي: سير أعلام النبلاء 9/134، وابن خلكان: وفيات الأعيان 4/184، والزركلي: الأعلام 6/80.

[56] السرخسي: شرح السير الكبير 1/144.

[57] البخاري: كتاب التفسير، سورة حم الدخان (4544)، ومسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب الدخان (2798).

[58] البخاري: كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال (4114)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه (1764).

[59] ابن كثير: السيرة النبوية 4/92، وابن سعد: الطبقات الكبرى 5/550.



المصدر:

كتاب رحماء بينهم، للدكتور راغب السرجاني.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق