الاثنين، 18 مارس 2019

الله حبيبي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



الإخبار عن الله بلفظ "الحبيب"

فيقول المسلم مثلا: الله حبيبي.

هذا الإخبار مشروع

لأن المؤمن يحبّ الله تعالى، والله يحب المؤمنين.

روى الطبري في تفسيره (24 / 283 - 284) بسنده عن ابْنِ عَبَّاسٍ: ( قَوْلُهُ -تعالى-: ( الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) يَقُولُ: الْحَبِيبُ ).

وعلّقه البخاري بصيغة الجزم، فقال:

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ( ( المَجِيدُ ): الكَرِيمُ، وَ ( الوَدُودُ ): الحَبِيبُ ). "

فتح الباري" (13 / 403).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" و"الوَدُودُ": المتودِّدُ إلى عباده بِنعَمِه، الذي يَوَدُّ من تاب إليه وأَقْبلَ عليه.

وهو "الودود" -أيضًا- أي: المحبوب.

قال البخاري في "صحيحه": "الودود: الحبيب".

والتحقيقُ: أنَّ اللفظ يدلُّ على الأمرين؛ على كونه وادًّا لأوليائه، مودُودًا لهم، فأحدهما بالوَضْع، والآخر باللزوم. فهو الحبيبُ المُحِبُّ لأوليائه، يحبُّهم ويحبُّونه. قال شعيب عليه السلام: ( إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ).

وما ألطف اقتران اسم "الودود" بـ"الرحيم" وبـ"الغفور"، فإنَّ الرجل قد يغفر لمن أساء إليه ولا يحبُّه

وكذلك قد يرحم من لا يحبُّه. والرَّبُّ -تعالى- يغفر لعبده إذا تاب إليه، ويرحمه، ويحبُّه مع ذلك، فإنَّه يحبُّ التوَّابين، وإذا تاب إليه عبدُهُ أحبَّهُ ولو كان منه ما كان "

انتهى. "التبيان" (145 - 146).


ثانيا :

ينبغي التنبه، أن هذا اللفظ من باب الإخبار، ولا نعتقده اسما لله تعالى

كالرحيم والغفور والودود وغيرها من أسماء الله الحسنى؛ لأنه لا يُعلم نص من الوحي يخبر أن من أسماء الله تعالى "الحبيب"، وأسماء الله توقيفية لا يثبت منها إلا ما أثبته الوحي.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها:

وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص

لقوله تعالى: ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )

وقوله: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) .

ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه ، أو إنكار ما سمّى به نفسه : جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص "

انتهى، من "القواعد المثلى" (ص 16).


ثالثا:

من تمام الأدب في الدعاء : أن ندعو الله تعالى كما علّمنا وأرشدنا.

والذي أرشدنا الله تعالى إليه؛ هو أن ندعوه بأسمائه الحسنى.

قال الله تعالى: ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف (180).

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء، ويدع ما سواه، ولا يقول: أختار كذا؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه، وعلمهم كيف يدعون "

انتهى. "تفسير القرطبي" (5 / 355).

ودعاء الله تعالى بلفظ "يا حبيبي!" ليس هو من الدعاء باسم من أسماء الله تعالى الحسنى، فالأولى استبدالها باسم من أسمائه تعالى كـ "الودود".

لكن لوا استعملها إنسان في دعائه : فلا حرج في ذلك ، خاصة مع ظهور أن المراد بذلك رب العالمين ، إما بنفس صيغة الدعاء ، أو بقرينة تدل على المراد .

سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" سؤالا قريبا من هذا:

" هل يجوز قول الإنسان عند الاستعانة مثلا بالله عز وجل: يا معين، يا رب، أو عند طلب التيسير في أمر: يا مسهل، أو يا ميسر يا رب، وما الضابط في ذلك؟ وما حكم من يقول ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا؟

فأجابت: يجوز لك أن تقول ما ذكرت؛ لأن المقصود من المعين والمسهل والميسر في ندائك هو الله سبحانه وتعالى؛ لتصريحك بقولك: يا رب، آخر النداء، سواء قلت ذلك ناسيا أو جاهلا أو متعمدا.

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز "

انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 / 94).

والله أعلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق