الاثنين، 25 مايو 2020

أقسام المحبة

السلام1




أقسام المحبة خمسة:

الأول: محبة الله، ولا تكفي وحدها للنجاة من النار والفوز بالجنة، فإنَّ المشركين يحبون الله.



والثاني: محبةُ ما يحبُّه الله، وهذه المحبة التي تدخل في الإسلام وتخرج من الكفر، وأحبُّ الناس إلى الله أقومُهم بهذه المحبة.



الثالث: محبةٌ في اللهِ وللهِ، وهي فرض، كمحبة أوليائه وبغض أعدائه، وهي من مكملات محبَّةِ الله ومن لوازمها، فالمحبة التامة مستلزمة لموافقة المحبوب في محبوبه ومكروه وولايته وعداوته، ومن المعلوم أن من أحبَّ الله المحبة الواجبة فلابد أن يبغض أعداءه ويحب أولياءه.



قال الشيخ - رحمه الله - على قوله تعالى: ﴿ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 22] فأخبر أنك لا تجد مؤمنًا يواد المحادين لله ورسوله فإن نفس الإيمان ينفي موادته كما ينفي أحد الضدين الآخر فإذا وُجد الإيمان انتفى ضده وهو موالاة أعداء الله، فإذا كان الرجل يوالي أعداء الله بقلبه كان ذلك دليلًا على أن قلبه ليس فيه الإيمان الواجب.



ومثله قوله تعالى في الآية الأخرى: ﴿ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [المائدة: 80]، فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وُجد الشرط وجد المشروط بحرف لو التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط فقال: ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ [المائدة: 81] فدل على أن الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي صلى الله عليه وسلم، وما أنزل إليه.



ومثله قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51] فإنه أخبر في تلك الآيات أن متوليهم لا يكون مؤمنًا وأخبر هنا أن متوليهم هو منهم فالقرآن يصدق بعضه بعضًا. اهـ



وقال ابن القيم:

أتَحِبُّ أَعداءَ الحبيبِ وتَدَّعِي
حبًّا له ما ذاك في إِمْكانِ
وكذا تُعادي جاهِدًا أَحبابَه
أينَ المحبَّةُ يا أَخا الشَّيطانِ
ليس العبادةُ غيرَ توحيدِ المحبَّةِ
مع خضوعِ القلبِ والأركانِ
والحُبُّ نَفْس وِفَاقِه فيما يُحِـ
ـبُّ وبُغْضُ ما لا يَرْتَضِي بِجَنَانِ



الرابع: المحبة مع الله، وهي المحبة الشركيَّة، وهي المستلزمة للخوف والتعظيم والإجلال فهذه لا تصلح إلا لله، ومتى أحبَّ العبد بها غير الله فقد أشرك الشرك الأكبر.



الخامس: المحبة الطبيعية، وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه كمحبة المال والولد ونحو ذلك، فهذه لا تُذمُّ إلا إذا أشغلتْ وألهتْ عن طاعة الله.



قال الشيخ: حبُّ الإنسان للأمور الدنيوية لا يلام العبد عليه، ولا يعاقب إلا إذا دعا إلى معصية الله، أو تضمن ترك واجب، وجامع المال إذا قام فيه بالواجبات ولم يكتسبه من الحرام لا يعاقب عليه، لكن إخراج الفضل والاقتصار على الكفاية أفضل وأسلم وأفرغ للقلب، وأجمع للهم، وأنفع للدنيا والآخرة.



وقال الشيخ: ومطالب النفوس وأغراضها نوعان، منها: ما هو محتاج إليه كما يحتاج إلى طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه ونحو ذلك فهذا يطلبه من الله ويرغب إليه، فيكون المال عنده يستعمله في حوائجه بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، بل بمنزلة الكنيف الذي يقضي حاجته فيه، من غير أن يستعبده فيكون هلوعًا، إذا مسَّه الشَّرُ جزوعًا، وإذا مسه ا لخير منوعًا، ومنها: ما لا يحتاج إليه العبد فهذا لا ينبغي أن يعلق قلبه بها، فإذا تعلق قلبه بها كان مستعبدًا لها وربما صار معتمدًا على غير الله فيها فلا يبقى معه حقيقة العبادة ولا حقيقة التوكل عليه بل فيه شعبة من العبادة لغير الله وشعبة من التوكل على غير الله. اهـ


منقول من المصدر: «الكواشف الجلية عن معاني الواسطية»

الخاتمة1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق