الثلاثاء، 16 يونيو 2020

ما المانع من التدرج في فتح المساجد - الشيخ العابدين بن الحنفية

السلام عليكم،

ما المانع من التدرج في فتح المساجد *
الخاطرة 265
الشيخ العابدين بن حنفية حفظه الله تعالى
14 يونيو 2020م

فتشت عن المانع لنا من التدرج في فتح المساجد كما جرينا عليه في الإدارات والشركات والأسواق والمهن ووسائل النقل وغيرها؛ فلم أجد ما أتمسك به لترتاح أنفسنا من الشعور بالتقصير، فكيف إذا كنا مطالبين بالحرص على فتحها أعظم من حرصنا على غيرها مهما كانت الدوافع؟، ومنها الأضرار الاقتصادية والخدمية وحاجة الناس إلى تحصيل أرزاقهم التي كانت وراء رفع الحجر بالتدريج .
المساجد في عرف الاقتصاديين مصنفة ضمن القطاع الثالث، وهو قطاع الخدمات غير المنتج عندهم، لولعهم بالإحصاء والأرقام ولع الناس في هذا الزمان بإحصاء المصابين والمتوفين والمتعافين من هذا الوباء، غافلين عن أعظم العبر والعظات التي يتفطن لها المتوسمون .
والإحصاء عندنا مطلوب، لكنه قد يكون سببا في رفع البركة إذا تعلق القلب به مع غفلته عن ربه الذي قال: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ (21)} –الحجر-، روى البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما في رفي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير!!، فأكلت منه حتى طال علي، فكلته ففني !!، وفي الحديث الآخر: "لا توعي فيوعي الله عليك".
نعم إن الرزق يكستب كما قال شوقي رحمه الله:
من خير الأمثال فيما أحسب ** الرزق لا يعطى ولكن يكسب
لكن أهل الإيمان موقنون بأن الفضل لله وحده، وأنه هو الرزاق، وأن البركة بيده، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، وأن إقامة الصلاة مجلبة للرزق وللبركة فيه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)} –طه-.
والمسلم يجمع بين طلب الرزق في سوقه، والصلاة لربه مع إخوانه في بيته، فيخف بذلك ضرر شر البقاع، بالفرار إلى خير البقاع، كما قال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)} –النور-.
لقد كان تعميم الإغلاق من غير فرق بين ريف وحضر، ولا بين صلاة يقل المصلون فيها كالصبح، وصلوات أخرى يكثرون فيها، ولا بين ولاية وأخرى، ومسجد يتيسر لإمامه أن يفرض فيه الانضباط وغيره؛ مجازفة وقعنا فيها من غير روية في غمرة الخشية من انتشار الوباء، وحيث وقعت وذهب عنا أثر الصدمة الأولى كان ينبغي المسارعة إلى تداركها، فما وجه تمسكنا بهذا المنع العام واستقراره هذه المدة كلها وهي ثلاثة أشهر على خلاف بقية الأعمال ؟ .
ألم يكن من المطلوب المتيسر - لو استقام النظر واتسقت الفكر - أن نفتح بعض المساجد لنجرب عليها نظام الوقاية، ونجعلها أنموذجا نستفيد منه في فتح البقية بالتدريج؟، وقد سبقتنا إلى ذلك عدة دول، فخدمت دنياها، وحافظت على أعظم شعيرة في دينها .
لو فعلنا لرجعنا إلى الحال المعتاد في مدة قياسية، ولكانت بيوت الله رافدا قويا للتوجيه المباشر وبث روح التضامن في الأمة، فنسد بذلك كثيرا من الخلل الذي لحق الناس في معاشهم لمعرفة أئمتها بالمصلين، ولقربهم منها في الغالب، وهذا أجدى من الكلمات التي دأب كثير منهم على توجيهها مع قلة المستفيدين منها .
أليست الأماكن المقفلة - والمساجد منها - أقرب إلى أن يضبط فيها نظام الإجراءات الوقائية من الأماكن المفتوحة؟، فكيف نرفع المنع عن هذه، ونبقيه على هذه ؟ .
كان الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي رحمه الله إذا ألقى أسئلة لا يجد لها جوابا؛ يجيب نفسه بهذه الجملة: لست أدري ولا المنجم يدري !! .
لا أجعل أحدا في حل من جعل هذا الذي كتبته مطية فيخرج عن الحد الذي ينبغي أن يلتزمه المسلم وهو المشار إليه في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، فمن أبى غير هذا المنهج الذي اخترته فليستقل بالكتابة . اهــ.
22 شوال 1441هـ

-----------------
*المصدر الفيسبوك الصفحة الرسمية للشيخ جزاه الله خيرا


https://www.********.com/benhanafiya...27265834058227


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق