الأحد، 30 سبتمبر 2018

الانتكاس بعد الالتزام ... اعرف السبب



الانتكاس بعد الالتزام ... اعرف السبب

كثير ممّن وقعوا و انتكسوا بعد التزامهم كان ذلك سببه نسبة العمل إلى النفس و الركون إليها
و الأمر ليس مقتصرا فقط على موضوع الالتزام في شهر رمضان بل قضية الالتزام عموما
فكل ملتزم يتذكّر بداياته الأولى مع الالتزام و كيف كانت أحواله
فكان دائم التضرّع إلى الله، يبكي بخشوع سائلا إيّاه و مفتقرا إليه بأن يهديه و أن يأخذ بيده و أن يصلح أحواله
فكانت حالة المسكنة و الفقر إلى الله و الحاجة إليه شديدة جدا
ثم بعد فترة طويلة من الالتزام و بعد أن ألِف الالتزام ظنّ بذلك أنه قد تمكّن من الالتزام
فتحدث حالة للبعض و هي أنه بذلك يصبح واثقا في نفسه مغرورا بعمله فيركن إليها و ينسى فضل الله عليه
فيرى أعماله و ينسبها إلى نفسه، و يرى دوما نفسه و هو يقول : أنا ملتزم، أنا أصلي، أنا أصوم، أنا أحفظ القرآن، أنا أنا أنا ...
فيبتليه الله بأن يوقعه في معصية لم يكن أبدا ليتخيّل بأنه سيقع فيها و ذلك ليكسر فيه رؤية النفس هذه و الاغترار بعمله
و عند حصول هذا الأمر ينبغي فهم إشارة الله من هذا الابتلاء بأنه بمثابة علاج حتى يستفيق من عجبه و من غروره
ثم لاينبغي أن يكون من ابتلي بالمعصية بعد الالتزام ساذجا فيبقى واقفا حائرا من أين وقع عليه البلاء
أو يرى نفسه بأنه قد ضاع و لا يمكنه العودة من جديد بعد أن كان ملتزما منذ شهور عدة أو سنين بعيدة
فينتهي به الأمر محاصرا في خندق المعاصي فيقترفها الواحدة تلو الأخرى
فمن ابتلاه الله بمعصية اقترفها و بعد أن قطع شوطا طويلا من الالتزام عليه أن يعلم بأن الله قد وكله إلى نفسه
فعندما وُكِلَ إلى نفسه وُكِلَ إلى معصية و خطيئة
ما هو الحل ؟!
و ما السبيل للعودة لتلك الحال التي كان عليها الملتزم مع بداية التزامه

الحل يكمن بأن تعود إلى الله و تركن إليه و تقول : يا رب ليس لي سواك لا هادي إلا أنت فلولاك أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
و تعود إلى حالة الفقر و الذل و المسكنة و دوام الاستغفار التي كنت عليها مع بداية التزامك
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الأمة إيماناً يظهر لله عز وجل الفاقة والحاجة
وكان من دعائه : ( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) (1)
فلا تغتر أبدا بعملك و إيّاك ثم إيّاك أن تنسب عملا لنفسك
...
اللهم ثبّت قلوبنا على دينك و أصلح لنا شأننا كله و لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين و أعنّا اللهم على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك

****************************

(1) رواه النسائي والبزار بإسناد صحيح والحاكم وقال: صحيح على شرطهما . وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق