السبت، 13 أبريل 2019

رمَضان مُنْطَلَق وليس مُناسبَة مَحْدودة

(يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ
عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (183)البقرة

{شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ
وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ
مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ
بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ
عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(185) (وَإِذَا سَأَلَكَ
عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }(
186)سورة البقرة

من تأمل آيات الصيام وجد فيها

( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)و(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)و(لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)

فمن صامه اتقى ربه،ومن اتقاه دعاه ليرشد،وتلك لعمرالله نعم توجب الشكر.

/ سعود الشريم

قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ )، ولم يقلْ: فُرِض،
والاختيار دليلُ الحِكمة، والحِكمة هي في اختيار لفظ [كُتِب]؛ أنَّ الصيام
عبادةٌ شاقة، فهي امتناعٌ عن أمور محبوبة وضروريَّة للبدن، والنَّفْس في
فِطرتها تنفر مِن المنع إلى الإباحة، فكان المقام أن تُذكَر الفرضية بلفظ
"كتب"؛ لأنَّ الكتابة في معنَى التكليف أوْثَق وأقوى مِن لفظ "فرض"، ألاَ
ترَى أنَّ مديرًا ما لو كَلَّف موظفًا عندَه بأمر ما شفهيًّا، فإنَّ ذلك
سيكون أقل حتميةً مِن أن يكتُب له التكليف رسميًّا؟ والكتابة في اللُّغة
بمعنى الجمْع والتثبيت؛ قال ابن فارس: "الكاف والتاء والباء: أصلٌ صحيح
واحد يدلُّ على جمْع شيءٍ إلى شيءٍ"؛ [مقاييس اللغة].

( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

( كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصيام ... لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

إنْ لم يَزِدْ صيامك في تُقاك ، فإنما هو إنهاك لِقواك . إبراهيم العقيل

التقوى هي غاية الصيام العظمى ومناطه الأسمى فشهر رمضان فرصة كبرى لتصفية النفس،وتخليتها من كل شائبة تكدر الصفو وتعوق مسيرة التقوى

الحِكمة العُليا من فرْض الصيام تحقيقُ مقام إيماني عالٍ. إنَّه التقوى.

وانظر
إلى هذا المعنَى العظيم: لما حرَمناالله تعالى في الصِّيام من الزاد
المادي أعْطانا زادًا خيرًا منه: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ
التَّقْوَى [البقرة: 197].

ويَكفي أن لا إله إلا الله هي "كلمة التقْوى".

إنَّ التقيَّ لن يَظلم ولن يَكذب، ولن يَنظر لحرام، ولن يسبَّ ولن يؤذي، حتى ولو كان كلُّ ذلك في صغير هيِّن.

فالتقوى
زاد المؤمنين في حياتِهم الآخرة كما أنَّ الطعام زادُ حياتهم الدنيا،
والتقوى التي يحقِّقها الصيام هي ميزانُ معادن الناس عندَ الله تعالى: (
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) [الحجرات: 13].

وتقوى القلوب متحققة فى الصيام من عدة وجوه ،

فالصوم
تعظيم لشعائر الله (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا
مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج :32. كما أنه يخلومن الرياء ، وهذا ما أكدت
عليه عدة أحاديث قدسية

(إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به))

عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصلوات
الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان؛ مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت
الكبائر)) رواه مسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ((إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم
القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه
أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق، فلم يدخل منه أحد))رواه البخاري. وفي رواية:
((من دخل شرب، ومن شرب لم يظمأ أبداً)) رواه النسائي.

حين

ذكر السعدي ما يحققه الصومُ من صور التقوى قال:ومنها: أن الصائم يدرب نفسه
على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع
الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم
مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الغني إذا
ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال
التقوى.

إن

النفوس بلا تقوى تصبح خواء, لا ترتدع عن معصية ولا تنشط لطاعة, وزاد
التقوى خير زاد يدفع المرء ليقبل على الطاعة بنشاط وليراقب الله في كل
أموره, وذلك ينال إذا أخذ الناس شهادة التقوى من مدرسة الصيام

يتبع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق